تعالوا معي نطلب الآخرة …
الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله
الذي يحرك الإنسان المسلم لعمل الخير ومنه: حسن التعامل بين الناس هو طلب الآخرة . من أعطي الدنيا ولم يعط الإيمان كأنما لم يعط شيئا، ومن أعطي الإيمان ولم يعط الدنيا كأنما ما منع شيئا.
عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال إن الرسول عليه الصلاة والسلام قال له: ” كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل وعد نفسك من أصحاب القبور ( نعم، لأننا لسنا مخلدين في هذه الدنيا، كل واحد منا يعرف أشخاصا قد يكونوا عاشوا مئة سنة أو أقل أو ثمانين أو سبعين أو ستين أو خمسين، يعني الإنسان لا بد أن يصيبه الموت.
وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول: “إذا أمسيت (أي صار المساء) فلا تنتظر الصباح (يمكن أن لا يطلع علينا الصباح) وإذا أصبحت (أيضا) فلا تنتظر المساء وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك.”
لما في الغالب عندما يمرض الواحد منّا ماذا يتمنى؟ يتمنى الصحة، فاغتنم هذه الصحة بطاعة الله عزّ وجلّ. اغتنم هذه الصحة بطاعة ربّك سبحانه وتعالى. ثم قال مجاهدٌ – أيضا مجاهدٌ كان من التابعين، تلميذ عبد الله بن عباس رضي الله عنه – كان يقول: “اجعل دنياك جنة لدينك ( حلوٌ هذا القول ) ولا تجعل دينك جنة لدنياك ” فما معناه؟ معناه اجعل دنياك حصنا ووقاية لدينك أي احفظ دينك بدنياك، احفظ دينك بدنياك أي بمالك اصرفه بطاعة الله بذلك تحفظ دينك بدنياك بمالك أي اصرف مالك بحفظ دينك وإيّاك والعكس، إيّاك والعكس معناه لا تؤثر دنياك على دينك بل آثر دينك الأول هو الدين آثر دينك على دنياك، لماذا؟ لأن الدين يدخلك الجنة ندخل الجنة بسبب الدين والإيمان بالله ورسوله ﷺ فمن أضاع أعظم حقوق الله تعالى على عباده وهو توحيده تعالى، هذا لا يدخل الجنة.
لذلك كان أحد الصحابة رضي الله عنه اسمه صهيبٌ ، كان اسمه صهيبا الرومي رضي الله عنه وكان من أغنى تجار مكة وأراد الهجرة إلى الرسول ﷺ إلى المدينة لكن المشركين منعوه من الهجرة وقالوا له: “لا نسمح لك بالهجرة حتى تترك كل مالك في مكة، ماذا فعل صهيبٌ رضي الله عنه؟ ترك كل ماله في مكة وهاجر إلى المدينة المنورة حبا بالله ورسوله. لماذا؟ لأنه آثر دينه على دنياه، هكذا كان أصحاب الرسول ﷺ يقدمون الآخرة على الدنيا فاحذر الدنيا، لنحذر فهي تغر، الحسن البصري كذلك كان من كبار التابعين كان يقول:”الدنيا كالراحلة إذا ركبتها حملتك وإذا ركبتك قتلتك”.
فاحذر من الدنيا. روي عن الرسول عليه الصلاة والسلام:”سيأتي يومٌ على أمتي يحبون خمسة وينسون خمسة، يحبون الدنيا وينسون الآخرة ويحبون المال وينسون الحساب ويحبون الخلق وينسون الخالق ويحبون الذنب وينسون التوبة ويحبون القصور وينسون القبور. ” لو وقفنا عند هذه العبارات وعند هذه المعاني ونظر الواحد إلى نفسه، أين هو من هذه المعاني، أين هو من هذه الكلمات، فليحاسب الواحد منا نفسه قبل أن يحاسب. أحاديث الرسول صلى الله وسلم في هذا الأمر كثيرةٌ لكن نسأل الله أن يرزقنا أن نعمل بحديث رسوله ﷺ من ذلك ما أورده الحاكم في المستدرك بإسناد صحيح قال رسول الله ﷺ :”اغتنم خمسا قبل خمس (يعني الواحد يغتنم هذه الأمور الخمسة قبل أمور خمسة أخرى) ، حياتك قبل موتك ( بالفعل نحن الآن في الحياة أمورٌ نستطيع أن نفعلها الآن لكن إن أدركنا الموت انتهى ذلك) وصحتك قبل سقمك ( والمرض اليوم نسمع يكون صحيحا، يقولون مثلا في مرض الكورونا يريد خمسة أيام أو سبعة أيام ليظهر أو أكثر أو أقل الله أعلم يعني الإنسان يغتنم الصحة لأنه لا يعلم متى يفاجئه الموت، وقد يعقب المرض الموت، وقد يذهب المرض أو يموت بسبب المرض ) وشبابك قبل هرمك (يمكن تلاحظون الأيام تمضي بسرعة. كم الشباب يمر سريعا ماذا قال الشاعر؟ ألا ليت الشباب يعود يوما. ) وغناك قبل فقرك (ما حصل في لبنان مع كثير من الأغنياء وهذا فيه عبرةٌ أن يغتنم الإنسان الغنى قبل أن يصير في حال الفقر.) وفراغك قبل شغلك (الفراغ سيفٌ إن لم تقطعه قطعك، يعني إن لم تشغله بما يفيد شغلك بما لا يفيد. فاغتنم الفراغ بماذا؟ بطاعة الله تعالى.يقول بعض الصوفية: “الوقت شيءٌ عزيزٌ والله أعز الأشياء فاشغل أوقاتك بطاعة الله تعالى” وقال ﷺ:”كم من مستقبل يوما لا يستكمله” لماذا نذكر كل هذه الأشياء؟ الدافع للعمل كيف أستفيد أنا من هذا العمر ومن هذا الشباب ومن هذا الغنى، إن كان عندك من الغنى حتى يكون لك الزيادة، الازدياد في الحسنات في الآخرة. لأن هذه الدنيا دار ممر وليست دار مقر، الدنيا دار ممر وليست دار مقر. هنا يستحضرنا أيضا ما قاله من؟ أبو بكر الصديق رضي الله عنه، صاحب رسول الله ﷺ الذي كان أشد الصحابة حبا لرسول الله، نعم كان أشد الصحابة حبا لرسول الله ﷺ، ماذا قال؟ قال:” كل امرئ مصبح في أهله والموت أقرب من شراك نعله” يقولون عنا أهل بلادنا ( إنو مصبح ما ممسي) يعني الإنسان قد يدرك الصباح لكن لا يدرك المساء، المراد أن نأخذ عبرة أن نعمل للآخرة فالموت قريبٌ والعمر ساعاتٌ قليلةٌ لكن يوم القيامة توفى كل نفس ما كسبت، نسأل الله السلام فالدنيا كما قيل فيها “خائنةٌ كذابةٌ تضحك على أهلها من مال عنها سلم ومن مال إليها بلي فيها ” هي كالحية لينٌ لمسها قاتلٌ سمها أيامها تمضي كالخيال ولذاتها سريعة الزوال فاشتغل فيها بطاعة الله ولا تغفل عن حساب نفسك.
فإذا المحرك للعمل هو الآخرة حسن التعامل مع الأب للآخرة وحسن التعامل مع الأم والزوجة والأولاد ومع الجيران مطلوبٌ أن يكون كل هذا التعامل طلبا لمرضاة الله سبحانه وتعالى.
نسأل الله أن يرزقنا حسن الاتباع مع عنوان جديد في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.