fbpx

مختصر عبد الله الهرري الكافل بعلم الدين الضروري – الدرس 1

شارك هذا الدرس مع أحبائك

مُقَدّمَةٌ الحمدُ لله ربِّ العالمينَ الحيِّ القيومِ المدبِّر لجميعِ المخلوقينَ، وبعد فهذا مختصرٌ جامعٌ لأغلبِ الضروريّاتِ التي لا يجوزُ لكلِّ مكلّفٍ جهلها مِنَ الاعتقادِ، ومسائلَ فقهيّةٍ مِنَ الطهارةِ إلى الحجِّ، وشىءٍ من أحكامِ المعاملاتِ على مذهبِ الإِمامِ الشافعيِّ، ثمّ بيانُ معاصي القلبِ والجوارحِ كاللسانِ وغيرِهِ. الأصلُ لبعضِ الفقهاءِ الحضرميّين وهو عبد الله بنُ حسين بنِ طاهر ثمّ ضُمِّن زياداتٍ كثيرةً من نفائسِ المسائلِ معَ حذفِ ما ذكرَهُ في التصوّف وتغييرٍ لبعض العباراتِ مما لا يؤدِّي إلى خلافِ الموضوعِ. وقدْ نذكرُ ما رجّحَه بعضٌ منَ الفقهاءِ الشافعيينَ كالبُلْقِينيِّ لتضعيفِ ما في الأصلِ فينبغي عنايتُهُ بِهِ ليُقبَلَ عملُهُ أسمينَاهُ مختصرَ عبدِ الله الهرريِّ الكافلَ بِعلمِ الدينِ الضَّروريّ ضَرورياتُ الاعتقادِ فصلٌ يجبُ على كافةِ المكلّفينَ الدخولُ في دينِ الإِسلامِ والثبوتُ فيه على الدوامِ والتزامُ ما لزمَ عليه من الأحكامِ. فممّا يجبُ علمُهُ واعتقادُهُ مطلقًا والنطقُ به في الحالِ إن كان كافرًا وإلا ففي الصلاةِ الشهادتانِ وهما أشهدُ أنْ لا إِلـه إِلا الله وأشهدُ أنَّ محمّدًا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم. ومعنى أشهدُ أنْ لا إِلـه إِلا الله أعلمُ وأعتقدُ وأعترفُ أنْ لا معبودَ بحقٍّ إِلا الله الواحدُ الأحدُ الأولُ القديمُ الحيُّ القيّومُ الدائم الخالقُ الرازقُ العالِمُ القديرُ الفعَّالُ لِمَا يُريد، ما شاء الله كان وما لم يشأْ لم يكن، الذي لا حول ولا قوَّة إِلا به الموصوفُ بكل كمالٍ يليق به المنزَّهُ عن كل نقصٍ في حقِّه. {...لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ *} ، فهو القديمُ وما سواهُ حادثٌ وهوَ الخالقُ وما سواهُ مخلوقٌ. فكل حادث دخل في الوجود من الأعيان والأعمال من الذرة إلى العرش، ومن كل حركة للعباد وسكون والنوايا والخواطر فهو بخلق الله لم يخلقه أحدٌ سوى الله، لا طبيعة ولا علّة بل دخوله في الوجود بمشيئة الله وقدرته، بتقديره وعلمه الأزليّ لقول الله تعالى {...وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ... *} [سورة الفرقان] أي أحدثه من العدم إلى الوجود فلا خلق بهذا المعنى لغير الله، قال الله تعالى {...هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ... *} [سورة فاطر] قال النسفيّ: فإذا ضرب إنسانٌ زجاجًا بحجر فكسرهُ، فالضرب والكسر والانكسار بخلق الله تعالى، فليس للعبد إلا الكسب، وأمّا الخلق فليس لغير الله قال الله تعالى {...لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} [سورة البقرة] . وكلامُهُ قديمٌ كسائِرِ صفاتِهِ لأنَّه سبحانَهُ مباينٌ لجميعِ المخلوقاتِ في الذّاتِ والصِّفاتِ والأَفعالِ سبحانَهُ وتعالى عمَّا يقولُ الظالمونَ عُلُوًّا كبيرًا. فيتلخص من معنى ما مضى إثبات ثلاث عشرة صفة لله تعالى تكرر ذكرها في القرءان إما لفظًا وإما معنًى كثيرًا وهي: الوجود والوحدانية والقِدم أي الأزلية والبقاء وقيامه بنفسه والقدرة والإِرادة والعلم والسمع والبصر والحياة والكلام وتنزهه عن المشابهة للحادث. فلما كانت هذه الصفات ذكرها كثيرًا في النصوص الشرعيّة قال العلماء: يجب معرفتها وجوبًا عينيًّا، فلما ثبتت الأزلية لذات الله وجب أن تكون صفاته أزليّة لأن حدوث الصفة يستلزم حدوث الذات. ومعنى أشهدُ أنَّ محمدًا رسولُ الله أعلمُ وأعتقدُ وأعترفُ أنَّ محمدَ بنَ عبدِ الله بنِ عبد المطلبِ بن هاشمِ بنِ عبدِ منافٍ القرشيَّ صلى الله عليه وسلم عبدُ الله ورسولُهُ إلى جميعِ الخلق، ويتبعُ ذلك اعتقادُ أَنَّه وُلِدَ بمكّةَ وبُعثَ بها وهاجرَ إلى المدينةِ ودفنَ فيها، ويتضمّنُ ذلك أَنَّه صادقٌ في جميعِ ما أخبَرَ بهِ وبلَّغَهُ عن الله فمن ذلك: عذابُ القبرِ ونعيمُهُ وسؤالُ الملكين منكرٍ ونكيرٍ والبعثُ والحشرُ والقيامةُ والحسابُ والثوابُ والعذابُ والميزانُ والنارُ والصِّراطُ والحوضُ والشفاعةُ والجنّةُ والرؤيةُ لله تعالى بالعين في الآخرة بِلا كيفٍ ولا مكانٍ ولا جهةٍ لا كما يُرى المخلوق، والخلودُ فيهما. والإِيمانُ بملائكةِ الله ورسلِهِ وَكُتُبِهِ وبالقدرِ خيرِهِ وشرِّهِ وأَنَّه صلى الله عليه وسلم خاتمُ النبيّين وسيدُ ولد ءادمَ أجمعينَ. ويجبُ اعتقادُ أَنَّ كلَّ نبيٍّ منْ أنبياءِ الله يجبُ أَنْ يكونَ متّصفًا بالصدقِ والأمانةِ والفطانةِ، فيستحيلُ عليهم الكذبُ والخيانةُ والرذالةُ والسفاهةُ والبلادةُ؛ وتجبُ لهم العصمةُ منَ الكفرِ والكبائرِ وصغائرِ الخسَّة قَبلَ النبوّة وبعدَهَا، ويجوزُ عليهِم ما سوى ذلكَ مِنَ المعاصي لكنْ يُنبّهونَ فورًا للتوبةِ قبلَ أن يقتديَ بهمْ فيها غيرُهُمْ. فمِنْ هنا يعلمُ أن النبوّةَ لا تصحُّ لإِخوةِ يوسفَ الذينَ فعلوا تلكَ الأفاعيلَ الخسيسةَ وهمْ مَنْ سوى بِنيامينَ. والأسباطُ الذينَ أنزلَ عليهمُ الوحيُ همْ مَنْ نُبِّىءَ منْ ذريتِهِمْ. فصلٌ يجبُ على كلِّ مسلمٍ حفظُ إسلامِهِ وصونُهُ عمَّا يفسدُهُ ويبطلُهُ ويقطعُهُ وهوَ الرِّدةُ والعيَاذُ بالله تعالى، قالَ النوويُّ وغيرُهُ: «الردّةُ أفحشُ أنواعِ الكفر». وقد كثُرَ في هذا الزمانِ التساهلُ في الكلامِ حتى إِنَّهُ يخرجُ منْ بعضهمْ ألفاظٌ تُخرجُهُمْ عن الإِسلامِ ولا يَرَوْنَ ذلك ذنبًا فَضْلاً عنْ كونِهِ كُفرًا، وذلكَ مصداقُ قولِهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ العبدَ ليتكلّم بالكلمة لا يرى بها بأسًا يهوي بها في النارِ سبعينَ خريفًا» أَيْ مسافةَ سبعين عامًا في النزولِ وذلكَ منتَهَى جهنَّمَ وهو خاصٌّ بالكفارِ. والحديثُ رواهُ الترمذيُّ وحسَّنَهُ، وفي معناه حديثٌ رواهُ البخاريُّ ومسلمٌ. وهذا الحديثُ دليلٌ على أنّه لا يُشترطُ في الوقوع في الكفرِ معرفةُ الحُكْمِ ولا انشراحُ الصَدْرِ ولا اعتقادُ مَعنى اللَّفْظِ كما يقولُ كتابُ «فِقه السُّنَّةِ». وكذلك لا يُشترطُ في الوقوعِ في الكفر عدمُ الغضبِ كما أشارَ إلى ذلكَ النوويُّ، قال: «لو غَضِبَ رجلٌ على ولدِهِ أو غلامِهِ فضربَهُ ضرْبًا شديدًا فقال له رجلٌ: أَلستَ مُسلمًا؟ فقال: لا، متعمدًا كفر» وقاله غيره من حنفيةٍ وغيرهم. والردّةُ ثلاثةُ أقسام كما قسَّمَها النوويُّ وغيرُه من شافعيّةٍ وحنفيةٍ وغيرِهم: اعتقاداتٌ وأفعالٌ وأقوالٌ وكلٌّ يتشعَّب شعبًا كثيرة. فمن الأولِ: الشكُّ في الله أو في رسولِهِ أو القرءان أو اليوم الآخرِ أو الجنّةِ أو النارِ أو الثوابِ أو العقابِ أو نحو ذلك مما هو مُجمعٌ عليه، أو اعتقادُ قِدَمِ العالم وأَزليّتِهِ بِجنسِهِ وتركيبِهِ أو بجنسِهِ فقط، أو نفيُ صفةٍ من صفاتِ الله الواجبةِ له إجماعًا ككونِهِ عالِمًا أو نسبةُ ما يجب تنزيهُهُ عنهُ إجماعًا كالجسمِ أو تحليلُ محرَّمٍ بالإِجماعِ معلومٍ مِنَ الدينِ بالضَّرورة مما لا يخفى عليه كالزِّنى واللواطِ والقتلِ والسرقةِ والغصبِ. أو تحريمُ حلالٍ ظاهر كذلكَ كالبيعِ والنكاحِ، أو نفيُ وجوبِ مجمعٍ عليه كذلكَ كالصلواتِ الخمسِ أو سجدةٍ منها والزكاةِ والصومِ والحجِّ والوضوء. أو إيجابُ ما لم يجبْ إجماعًا كَذَلِكَ. أو نَفْيُ مشروعيةِ مجمعٍ عليهِ كَذَلكَ. أو عَزَمَ على الكفرِ في المستقبلِ أو على فعلِ شىء مما ذكرَ أو تردَّد فيهِ، لا خطورُهُ في البالِ بدونِ إرادةٍ. أو أنكرَ صحبةَ سيدِنا أبي بكرٍ رضي الله عنه أو رسالةَ واحدٍ مِنَ الرُّسلِ المجمعِ على رسالتِهِ أو جحَدَ حَرْفًا مجمَعًا عليهِ مِنَ القرءانِ، أو زادَ حرفًا فيه مجمعًا على نفيهِ معتقدًا أنّه منهُ عِنادًا أو كذَّبَ رسولا أو نقَّصَهُ أو صغَّرَ اسمَهُ بقصدِ تحقيرِهِ أو جَوَّزَ نُبوّةَ أحدٍ بعدَ نبِيّنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم. والقسمُ الثاني الأفعالُ: كَسُجودٍ لصنمٍ أو شمسٍ أو قمرٍ وكذلك السجودُ لمخلوقٍ ءاخرَ على وجهِ عبادتِه. أما السُّجودُ لإنسانٍ تحيةً فإنهُ يَحرمُ في شَرعِنا وكانَ جائزًا في شرعِ مَنْ سبقَ من الأنبياءِ كسجودِ الملائكةِ لآدمَ فإنَّه كانَ على وجهِ التَّحيةِ. أما السجودُ للصَّنمِ والشمسِ والقمرِ فهو كفرٌ مطلقًا وكذلكَ سجودُ بعضِ النَّاسِ الذين يتعلمونَ السحرَ للشيطانِ كفرٌ مطلقًا.