fbpx

حلية البشر – الدرس 6

شارك هذا الدرس مع أحبائك

برنامج حلية البشر للشيخ طارق اللحام اسم المادة: حلية البشر الرقم: 0006 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أهلا ومرحبًا بكم في هذا البرنامج الطيب في هذه الصفحة المباركة أخلصوا النوايا لله تبارك وتعالى. بِسم الله والحمدُ لله وصلى الله وسلم على رسولِ الله بَابُ مَا جَاءَ فِي الِاسْتِغْفَار رَوَى النَّسَائِيُّ فِي عَمَلِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنَهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: “إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ“. النَبُّي عَلَيْهِ الصلاةَ والسَلام مع عُلوِ شَأْنِهِ وَقَدْرهِ فهو سيّدُ السادات، سيدُ العالمين كانَ يَستغفرُ في اليوم مِائةَ مَرة هذا بالإضافة إلى غَيرِها من الأَوراد، فانظروا كَم مُهِمٌ أَن يواظبَ الواحِدُ مِنا على الاستغفار. وهذا اللفظُ من النبيِّ ﷺ لا يعني أنهُ وَقَعَ في ذَنبٍ َمِائةَ مَرة، حاشا، فإنَّ النبيَّ ﷺ وإخوانَهُ الأنبياء مَعصومونَ منَ الكُفر ومنَ الكبائِر ومِن صَغائِر الخِسَّة قَبلَ النُبوةِ وبعدَها. قد يَقعُ نبيٌ مِنَ الأنبياءِ في مَعصيٍة صغيرٍة ما فيها خِسةٌ ولا دَناءةٌ ولا سَفاهةٌ لكن يتوبُ منها فَورًا إنَّما هَذا اللفظُ ليسَ دائِما يَكونُ لِطَلَبِ مَحوِ الذنْب. كلمةُ الاستغفار أحيانا تأتي لمحوِ الذَنب يعني أن يَطْلُبَ مِنَ الله أَنْ يمَحوَ ذَنْبَهُ. وأحيانًا تأتي لِرفعَةِ الدرجة أَو لِمَحْوِ أَثَرٍ قبَيح كما نَقولُ إذا صلينا على طِفْلٍ مَيِتٍ نقول:” اللهُّمَ لا تَحْرِمْنا أَجْرَه ولا تَفْتِنا بَعدَه واغفِر لنا ولَه” مع أَنَهُ غَير مُكَلَف هُنا لا يعني أنَّ عليهِ ذُنوبًا وإنما لمحوِ الآثارِ القبيحةِ التي هي دونَ الذُنوب. وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما أنهُ قَالَ: كُنَّا لَنَعُدُّ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي الْمَجْلِسِ يَقُولُ: “رَبِّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَتُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّاب“ بِقَدْرِ مِائَةِ مَرَّةٍ. انظروا إلى هَذا اللَفظ فيه وَتُبْ عَلَيَّ. فإذًا استعمال لَفظ التَوبة على ما ذكرتُ لَكُم. وأمّا بالنِسبةِ للنبيّ ﷺ فلا يُقالُ هَكَذا مُنْفَرِدًا اللهُّمَ ارحَمْهُ أَو اللهُّمَ اغْفِر لَهُ لأنَّهُ يوهِمْ أَنَهُ لمْ يُرْحَمْ أو أَنَّهُ قَدْ لا يُرْحَم، أَو أَنَّهُ قَدْ لَم يُغْفَرْ لَه، فلِذَلِك قالَ العُلَماء لا تُقال هَكَذا مُنفَرِدا وإنما يُقال مَثلا الصَلواتُ والبرَكاتُ والرحماتُ عليكَ يا رَسولُ الله. هذا جائِزٌ لا بأسَ، هذا السياق لا يوهمُ ما يوهِمْ إفراد اللهُ يَرحَمُهُ عنِ النَبيّ ﷺ. وَرَوَى النَّسَائِيُّ فِي عَمَلِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ وَالطَّبَرَانِيُّ عَنِ الأَغَرِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: “أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى رَبِّكُمْ فَوَاللهِ إِنِّي لأَتُوبُ إِلَى رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ“. الحَثُّ على التوبة أمرٌ عظيم والتائبُ من الذَنبْ كمن لا ذَنبَ لَه. التائِب هذا يُحِبُهُ الله، اللهُ يُحِبُ منا أَنْ نَتوب، والتوبةُ النَصوح هوَ أَنْ يَقَعَ الإنسانُ في ذَنبٍ ثمّ يَرجِع عَنْ هَذا الذنب بالتوبة ولا يعود إلى مِثلِ هذا الذَنب. هذا يُقالُ لهُ تابَ توبةً نَصوحة. هَذا الذي يُحِبُّهُ اللهُ تَعالى مِنّا. فَلِذلكَ النبيُّ ﷺ حثَّ الصحابةَ على التَوبةِ إلى الله. وأنا أُذَكِرُ نَفْسي وَأُذَكِركُم بِحَديث النَبيّ عَليهِ الصلاةُ والسلام حيثُ قَال: ‏”‏ أَتَدْرُونَ مَن الْمُفْلِسُ‏؟‏ قَالُوا مَنْ ليس معه دينارٌ ولا دِرْهَم يا رسولَ الله‏.‏ قَالَ ‏”‏الْمُفْلِس هو الذي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ ومعه حسناتٌ كالجِبال ولكنه آذى هَذَا وظلمَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا فيؤخَذُ مِنْ حَسَنَاتِهِ وتوضَعْ للمظلومين“. ماذا سماهُ الرسولَ عليه الصلاة والسلام؟ مُفلِسًا. فإيّاكُم وأَن تكونوا منَ المُفلِسين. الله يَرحَمُنا. وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ وَالْحَاكِمُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: “مَنْ قَالَ: أسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ ثَلاثًا غُفِرَتْ ذُنُوبُهُ وَإِنْ كَانَ فَارًّا مِنَ الزَّحْفِ“ الفِرارُ منَ الزَحف هذا أَنْ يَحْضُرَ في أرضِ المعركة ويَهْرُب من صَفِّ القِتال بلا عُذر شَرعي. هذا حَرام، هذا يورثُ الوَهنَ والجُبنَ والخوفَ في قُلوبِ من مَعَهُ منَ المُقاتِلين. هذا مِنَ الكبائِر. الرسولُ ﷺ عَلَّمَنا هذا الاستغفار وَثَوابُهُ أَن يُغفَرَ لكَ ذُنوبُكَ، وحتى لو كانَ بَينَها كبائِر، قالَ اسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيَّ الْقَيُّومَ أو الْحَيُّ الْقَيُّومُ والضَمُّ أَقْوى في الإعراب. وتِتِمَةُ اللفظ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ. كم مرة؟ ثَلاثًا كم تَأخُذ مَعكَ منَ الوَقت؟ اشغَلْ نَفْسَك بهذِهِ الأذْكار. قالَ غُفِرَتْ ذُنُوبُهُ وَإِنْ كَانَ فَارًّا مِنَ الزَّحْفِ. وهذا الفِرار مِن أكبَر الكَبائِر. فإذًا يا أحباب أيضًا أُنَبِهُ إلى أَمر. هُنا هذا اللَفْظ وأَلْفاظ في أحاديث كثيرَة ثَبتَتْ عن رسول الله عليه الصلاة والسلام فيها لَفظ أستغفرُ الله. إذًا لَيسَ كما في مَجلة ِما يُسَمى الأمان، هَذِهِ التي لِحزبِ الإخْوان والعياذُ باللهِ تعالى حَرّموا عَلينا أَنْ نَقولَ استغفرُ الله، بَل المؤلف كاتِبْ المقال قالَ إنَّ أستَغْفَرَ الله هي كَمُكاء الكُفار والتَصدية التي كانوا يَفعَلونَها حَولَ الكَعبة. كانوا يطوفونَ بلا ثياب، يُصفِقونَ ويُصَفِرون. شَبَّهَ قَولَ استغفرُ الله بِفِعلِ المشركين. أَعوذُ بالله، النبيُّ كانَ يَقولُ أستغفرُ الله. وَروى مُسلِمٌ أنَّ النبَّي عليه الصلاة والسلام كان يَستغفرُ ثلاثًا بَعدَ صَلاتِه. سُئِلً الإمامُ الأَوْزاعي وهو من التابعين رضي الله عنه وأرضاه ماذا كانَ يَقولُ عَليهِ الصلاة والسلام؟ فَقال استَغْفِرُ الله استَغفِرُ الله. فإذًا، قول أستغفر الله معناه ربّ اغفر لي هذا مثل هذا فلا بأس بها. وَرَوَى الْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ فِي عَمَلِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمْ عَنْ شَدَّادِ بنِ أَوْسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: “سَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ” مَعناهُ هذا أَعْظَمُ لَفظٍ في الاستِغْفار “أَنْ يَقُولَ الْعَبْدُ: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ” المرأَةُ تَقول وَأنا أَمَتُك. هذا اللفظ إن كان ذكرًا يقول وأنا عبدك أما المرأة تقول وأنا أمتك “اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ”. ولاحَظْتُم حَتى في الأذكارِ تَوحيد. يُعَلّمٌ النَبّي تَنزيهَ الله. فاللهُ مالكُ الملك. هذا مَعنى رَبي مالِكُني. لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ لا خَالقَ إلا أَنْتَ يا لله. “خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي فَإِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ” أَبُوءُ لَكَ يعني أَعتَرِف. أنا أُقِرُ لَكَ يا الله بِنِعْمَتِكَ عَليّ وَنِعَمْ الله لا نُحْصيها، نِعَمْ اللهِ لا تُحْصى، وَأَعْظَمُ نِعْمَةٍ يُؤتاها العَبْدُ في الدُنيا الإسْلام. قَالَ شَيخُنا رَحِمَهُ الله: “مَنْ أُعْطِيَ الإسْلام وَفَقَدَ الدُنيا ما كَأنَّهُ فَقَدَ شَيئا، وَمَنْ أُعطي الدُنيا وَفَقَدَ الإسلام هَذا ما كَأَنَّهُ أُعْطيَ شَيْئا”. الله يُثَبِتُني وَإياكُم على الإسلام. وَأَما أَفْضَلُ نِعمَة لِلْمُسْلِم يَومَ القيامة هيَ رُؤيةُ اللهِ تَعالى بِلا كَيف وَلا مَكان. المؤمِنُ في الجَنَّة يَرى اللهَ بِلا كَيفٍ ولا مَكانٍ وَلا جِهَةٍ لا كما يُرى المَخْلوق. هَكذا قالَ الشيخُ عبد ُالله الهَرريُ رَحِمَهُ الله في كِتابِهِ المُخْتَصَرْ. قالَ فَإِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، اللهُ وَحْدَهُ غَفارُ الذُنوب، لِذَلكَ كَفَرَ بَعضُ الناس حينَ يأتونَ إلى رُؤوسِهم يَطلُبونَ مِنْهُم مَغْفِرَةُ الذَنْب. الذُنوبُ يَغفِرها الله. وأما الذي جاءَ في الحديث: ” إذا ظُلِمَ (المؤمِنَ الكامِلَ) إذا ظُلِمَ فَغَفَرْ. ما مَعنى فغفرْ؟ سامَحَ. أنا أُسامِح مَنْ ظَلَمَني، هَذا لي، أَما مَحو الذَنْب، هَذا يكونُ لله تَبارَكَ وتَعالى، فلا يَغْفِرُ الذُنوب إلا الله، هذا اللفظُ يُقالُ لَهُ سَيدُ الاستغفار. قَالَ عَليهِ الصلاةُ والسَلام: “وَمَنْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا –مُصَدِقا- فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِيَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجنة. اللهُ يُدْخِلُني الجَنّة وإياكُم. آمين. وَمَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ». بَابٌ فِي فَضْلِ الصَّلاَةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللهُ تَعَالَى: {إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} صلى الله عليك يا سَيدي يا رَسولَ الله. كُلَما سَمِعْتُم اسمَ النَبيَّ ﷺ صَلّوا عَليهِ. هَذا شَيءٌ عَظيم برَكاتُهُ عَظيمة، وَالصَلاةُ مِنَ الله على النبيِّ ﷺ تَعظيمٌ وَرِفْعَة يَعني نَطْلُبُ مِنَ الله أَنْ يُعَظّمَ أَنْ يَزيدَ نَبيَنا عَظَمَةً، رفعّةً، قَدرًا، شَرَفًا. وَأَما الصَّلاَةُ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ دُعاءٌ مَعْناهُ يَطْلُبونَ مِنَ الله أَنْ يَزيدَ نَبيَنا صلى اللهُ عَليهِ وَسَلّم شَرَفًا وَرِفْعَةَ وَقَدْرا، لَيسَ الصَلاة مِنَ الله كَما أَنا أُصَلي، هَكَذا البَعْضُ يَظُنْ، لا. الصَلاةُ مِنَ اللهِ عَلى النَبّي لَيسَ مَعناها هَذا، هَذا صِفَةُ المَخْلوق. هَذا أَمرٌ عَظيم. بَيانُهُ للإنسانْ الجَديدْ أو الجاهِل الذي قَدْ يَتَوَهَم ما لا يَليقُ بالله. رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَأَحْمَدُ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: “رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ” ﷺ. إِنْ كُنْتَ في مَجْلِس وَذُكر النَبيُّ مَراتْ ﷺ حَتى تَخْرُجَ مِنَ الكَراهة صَلِّ عَليهِ وَلَو مَرَة وَسَلّم عَلَيهِ، أَما إنْ خَرَجْتَ مِنَ المجَلِس وَلَمْ تُصَل عَليهِ وَلم تُسَلّمْ عَليه وَقَعْتَ في كَراهةٍ شَديدةٍ، لَيْسَ حَرامًا. الصلاةُ على النَبّيِ في بَعضِ الحَالاتِ ﷺ هِيَ فَرضْ مِثْل الصَلاة بَعدَ التَشَهُدْ، بَعْدَ التَحيات ماذا نَقرأ؟ اللَهُمّ صَل عَلى مُحَمّدْ، هَذا فَرض رُكنٌ مِنْ أَرْكان الصَلاة، وكَذَلِكَ الخَطيبُ عَلى المِنْبَرِ يَقول: الحمدُ لله والصلاةُ على مُحَمّد رَسولُ الله، هَذا فَرضٌ رُكنٌ مِنْ أَرْكان الخِطبتين. فإذًا في حَالاتْ تَكونُ الصَلاة على النَبّي ﷺ واجِبَةً. وَأَما هُنا نَتَكَلَمُ عَنِ السُنّة، فَمَنْ تَرَكَ الصَلاةَ على النَبّي ﷺ هَذا وَقَعَ في كَراهَةٍ شَديدة والنَبّي مَاذا قَال؟ “رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ” ﷺ يعني رَغِمَ أَنْفُ فُلاَنٍ. ما مَعنى رَغِمَ أنفُ فلان؟ أولا الرَّغَامِ هُوَ التُّرَابُ، وَضَعَ أَنْفَهُ في التُراب، هذا الأَصلْ، أَصلُ مَعناهَا في لُغَةِ العَرَب لَكِن صَارَت العَرَب تَقولُ هَذِهِ العِبارَة للتَنْبيه وَليسَ مُرادُهُم الدُعاء عَليه أو شَتيمة. كَذلكَ إذا قيل َثَكَلَتْكَ أُمُك، هَذا في الأَصل مَعناهُ أَنْ تَموتَ أَنْتَ وَأُمُكَ تَبْكي عَليك. في الأصل في لُغَةِ العَرَب مَعناها الدُعاء على الشخص صارَتْ بَعدَ ذلِكَ تُستَعمَلُ للتَنبيه فَليسَت دُعاء، النبيُّ ﷺ استَعمَلها لَكِنْ لَم يَدْعُ على المسلِم هَكذا لأنَّ الدُعاءَ على المُسلِم بِغيِر حَق بِما فيه ضَرر أَو أَن يَموتَ ليسَ لَنا. فالنَبّي استَعمَلَها كعادةِ العرب رَغِم أنفُ أي فاتَهُ خَيْرٌ كَثِير، فَوَّتَ على نَفسِهِ خَيْرًا عَظيما، مَن ذُكِرَ النَبيُّ عِندَه وَلَم يُصَل عَليه ﷺ. وَرَوَى الْبُخَارِيُّ فِي الأَدَبِ الْمُفْرَدِ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُمْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: “مَنْ صَلَّى عَلَيَّ وَاحِدَةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ عَشْرًا”. الله، الله لَكَ عَشرُ حَسنَات بِصلاةٍ واحِدَة عَلى النَبيّ عَليه الصلاة والسلام لكَ عَشَر حَسَنات، لَكنْ انتَبِهوا لا بُدَّ أنْ يَكونَ اللفظ صحيحا. هُناك عِبارات وَضَعها عُلَماء في صِيَغٍ لِلصلاةِ على النبّيِ عليه الصلاة والسلام لا بَأسَ بها. وَلَكِن البَعض انحرَف فَصاروا يَذكرونَ عِبارات تُخالفُ ما كانَ عليهِ الرسولُ ولا يَقبَلُ بِهِ الرَسولُ ﷺ. يَعني مَثلا والعياذُ بالله من الضَلالِ والشِركِ وهذا فاسدٌ يُخْرِجُ مِنَ الدينِ انتَبِهوا البَعضُ يَقول الصلاةُ على رسولِ الله عَينِ ذاتِكَ المرضية أَو يَقولون اللهمَّ صَلِ عَلى مُحَمَّدٍ عَينِ ذاتِكَ. يعني كأنَهُم يَقولونَ مُحَمّد هُوَ الله. هذا مَعناهُ. لا معنى لهُ آخر. فإذًا هذِهِ عِبارة شِركيه، هَذا ضِدُّ عَقيدةُ المسلمين. وَبَعْضُهُم يَستعمِلُ عباراتٍ أُخرى، انتبهوا يا أحباب الصيغَةُ في الصلاةِ على النبيّ ﷺ لا بُدَّ أَن تَكونَ مُوافقةً لما كانَ عَليه الرسولُ عليهِ الصلاة والسلام، مِثلُ صيغَةِ طَيبَةٍ مُبارَكة سُميَت بِصيغة الصلاةِ الفاتِح، هَذِهِ صيغةٌ مباركةٌ طيبة لَكِنْ بَعضُ مَنْ انتَسبَ لِلطريقةِ التجّانية قالوا عَن هَذهِ الصيغة عِبارة فاسِدة ضِدّ الدين، قالوا عن هَذه الصيغة أَفضَلُ مِن ْسِتَةِ آلافِ خَتمةٍ مِنَ القُرآن. أَعوذُ بِالله، هَذا يُعارض الإسلام. أَما الصيغة فلا بَأسَ بها. الَلهُمَّ صَلِ عَلىَ مُحَمَّدٍ الفاتِحِ لمِا أُغْلِق الخاتِم لمِا سَبَقْ ناصِرِ الحَقْ بالحَقْ إلى آخره، عِباراتٌ صَحيحة ما فيها بَأسٌ لَكِن اعتِقادُ بَعضِهِم فيها هذا الذي يُعارضُ الشَرع. وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ وَأَحْمَدُ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُول َ اللهِ ﷺ قَالَ: “مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إِلاَّ رَدَّ اللهُ عَلَيَّ رُوحِي حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلاَمَ”. هذا مَعْنَاهُ قَدْ رُدَّتْ رُوحِي قَبْلَ ذَلِكَ. لماذا فَسَرَّها العُلَماءُ هَكذا؟ تَوفيقاً بَينَ هَذِهِ الرواية وَبَيْنَ حَدِيثِ: “الأَنْبِيَاءُ أَحْيَاءٌ فِي قُبُورِهِمْ يُصَلُّونَ” هَذا رَوَاهُ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ وَالْبَزَّارُ وَغَيْرُهُمَا. فإذًا الأنْبياءُ أحياءٌ في قُبورِهم. هَذا مَعناهُ وَقَد رُدَتْ إليَّ روحي قَبلَ ذَلِكَ فَأرُدُ عَليهِ السَلام. لَيسَ كَما قالَ الألبانيُ بِأَنَّ النَبيَّ ﷺ لا يَسمَعُ مَنْ يُصَلي وَيُسَلم عَليهِ كَلامُهُ هَذا مَردود. ماذا قَالَ هو؟ مِنَ الشُبَه؟ قَالَ فَإنَّ الملائِكَةَ تُبَلِغُهُ، طَيِب نَقولُ لَهُ أَلَم يَسْمَعَ تَبْليغَ الملائِكةِ بِحَسَبِ قَوْلِكْ؟ إذا سَمِعَ الملائكة فَهَو حَيٌّ، رَدَّ على نَفْسِهِ بِنَفْسِه، هَكذا شَأْنُهُ مُتَذَبْذِبْ، هَذا الإنسان حَرَّمَ الصلاةَ على النَبّي بَعْدَ الآذانِ جَهرًا، عِندَهُ عَداء لِلْنَبّي ﷺ يَقولُ حَرام أن تَمدَحَ رَسولَ الله، حَرّمَ المَديح. قَالَ فُرادًا، جَماعةً، ذُكورًا، إناثًا، في المسجِد، خارِجَ المسجِد، وَلَو بِأَلفاظٍ صحيحة أَعوذ ُبالله. انظُروا إلى حِقدِهم على رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم. إذا ما مَعنى إِلاَّ رَدَّ اللهُ عَلَيَّ رُوحِي حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلاَمَ. أي وَقَدْ رُدَتْ إليَّ روحي فَأَرُدَّ عَلى مَن سَلَّمَّ عَليَّ السَلام. وَهَذا المرُادُ بِهِ لِمَن كانَ عِندَ قَبرِهِ عليه الصَلاة والسلام. وأَمّا مَن كانَ بَعيدا عَنهُ الملائِكةُ تُبَلِغُه. وَرَدَ في حَديث: “من صَلى عَليَّ عِنْدَ قَبرْي سَمِعْتُه، وَمَنْ صَلى عَليَّ نائيًا بَعيدًا بُلِّغْتُ”. هُناكَ ملائكة تُبَلِغُهُ السلامُ مِنّا ﷺ. وَرَوَى النَّسَائِيُّ وَأَحْمَدُ وَابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُمْ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: “إِنَّ للهِ مَلاَئِكَةً سَيَّاحِينَ فِي الأَرْضِ يُبَلِّغُونِي عَنْ أُمَّتِي السلام”. مَعناهُ هُناكَ مَلائكةٌ وَظيفَتُهُم يَنْقُلونَ السَّلامَ إلى رَسولِ الله ﷺ. الملائِكَةُ لَهُم وَظائِف مِنها هَذِهِ الوَظائِف. وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَه عَنْ أَوْسِ بنِ أَوْسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: “إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلاَةِ فِيهِ فَإِنَّ صَلاَتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ”. يَومُ الجُمعَة أَفْضَلُ أَيامِ الأُسبوع، أَما أَفضلُ يَومٍ في السنَة فَهوَ يَومُ عَرفَة. هذا اليوم يومُ الجُمُعَة تَستَطيع أَنْ تَبْدَأ بالإكثارِ مِنَ الصلاةِ عَلى النَبّي مِنَ الليلة يعني الخَميس لَيلا، لَيلة الجُمعة تَبدأ هذا قاَلَ فإنَّ صَلاتَكُم مَعْروضَة عَليَّ. فإذًا تُعْرَضُ عَليهِ صَلاتُنا ﷺ. لِذَلكَ يا أحباب عَليكُم بالإكثار بالصلاةِ على النبي ﷺ. وَقَد وَرَدَ خُصوصًا في عَصْرِ يَومِ الجُمعة مَن صَلى عَليهِ ﷺ ثمانينَ مَرة غُفِرَتْ لَهُ ذُنوبُ ثمَانينَ سَنة. يَعني إن ْكانَ عَليه ذُنوبٌ تُغْفَر لَه. هَذا مَعْناهُ يا أَحْباب سِرٌها عَظيم. فَلا تُفَوِتوا على أَنْفُسِكُم الإكثارَ مِنَ الصَلاةِ على النَبي ﷺ. ومِنَ الصِيَغِ الطيبةِ المُبارَكة “اللهُمَّ صَلِ عَلى مُحَمَّدٍ طِبِّ القُلوبِ وَدوائِها، وَعافيةِ الأَبْدانِ وَشِفائِها وَنورِ الأبْصارِ وَضيائِها“. هَذا يا أحباب الواحِدُ مِنا إنْ أَكْثَرَ منه أَو بِما وَرَدَ كالصيغةِ التي هي مَشهورةٌ عن رَسول الله ﷺ وعُرِفَتْ بالصلاةِ الإبراهيميّةِ فَأكثِروا مِنَ الصَلاةِ عَليه ﷺ.