fbpx

الدرة البهية – الدرس 2

شارك هذا الدرس مع أحبائك

الشيخ طارق اللحام النص (تكملة) وتسخير الريح والجنّ والطير لسليمان، وتسبيح الجبال وتليين الحديد لداود، وخروج الناقة من الصخرة لصالح، وإحياء الموتى لعيسى، وانشقاق القمر ونبع الماء من بين الأصابع وكلام الشاة المسمومة وشهادة الذئب وتسبيح الطعام في الكف لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى جميع إخوانه الأنبياء والمرسلين فكلهم دعوا إلى توحيد الله بدليل قوله تعالى {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ} [سورة الأنبياء] . وقوله «مُعْتَقِدِينَ» فيه نفي للنفاق وتحقيقٌ للإيمان لأن النفاق يجتمع مع الاعتراف اللفظي لكن لا يكون مقترنًا بالاعتراف القلبي على وجه الجزم، فالإيمان والتصديق والاعتقاد يكون كل ذلك بالقلب، قال تعالى فيمن أقرَّ باللسان دون القلب {قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ} [سورة المائدة] وفي قوله «مُعْتَقِدِينَ» بيان أن القول وحده لا يكفي عند الله بدون اعتقاد، فمن نطق بالشهادتين ولم يُذعن في نفسه بمعناهما فهو عندنا مسلم أما عند الله فليس بمسلم. وقوله «بِتَوْفِيقِ الله» لأن الوصول إلى توفيق الله يكون بتوفيق الله وهدايته وهو مذهب أهل السنة والجماعة على ما قال ربنا عزَّ وجلَّ {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [سورة العنكبوت] أي إلى توفيقنا وهدايتنا. ومعنى «الواحد» في حق الله تعالى أنه الذي لا شريك له في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله. قال المؤلف رحمه الله: ولا شَىءَ مِثلُهُ. الشرح لا يوجد شىء يماثله من جميع الوجوه أو بعض الوجوه لأن المماثلة إما أن تكون من جميع الوجوه وإما مِنْ بعض الوجوه، فقد يقال مثلاً فلان مثل فلان ويُراد به أنه يماثله في بعض الوجوه وهذه مماثلة جزئية، وقد يقال إنه مثله بمعنى أنه يَسُدُّ مسدَّه وهذه مماثلة مطلقة. وهذا بالنسبة للمخلوق، أما بالنسبة للخالق فلا يقال الله يماثل كذا في كذا. أما الاتفاق باللفظ فليس ذلك مماثلة، فليس من المماثلة أن يقال عن الله حي وعن المخلوق حي، أو الله موجود وفلان موجود، فالله تعالى وجوده ليس كوجودنا الحادث، وجوده بذاته لا يحتاج إلى شىء وكل شيء يحتاج إليه. فالمثلية المنفية عن الله المثلية في المعنى، فبطل قول الفلاسفة إنه لا يقال عن الله حيٌّ ولا دائمٌ ولا قادرٌ ولا سميعٌ ولا بصيرٌ ولا متكلمٌ وإن زعم بعضهم أن هذا يقتضي المماثلة لأن هذا ليس مماثلة بل اتفاق باللفظ، فالله تعالى يطلق عليه هذه العبارة موجودٌ حيٌّ سميعٌ بصيرٌ متكلمٌ مريدٌ عالِمٌ، ويطلق هذا اللفظ على غيره لأن هذا اتفاق في اللفظ لا في المعنى فلا يقتضي المماثلة والمشاركة. تنبيه المِثلان أي في اصطلاح علماء الكلام هما الأمران الذي يَسُدُّ كل واحد منهما مَسَدَّ الآخر، وهذا في الإطلاق الغالب، فإذا كان هناك عالِمان وكل منهما يقوم مقام الآخر يقال عنهما مِثلان. فائدة: علمُ التوحيد يقال له علم الكلام وذلك لأن أكثر ما بُحث فيه في الماضي مسألةُ الكلام فصارت معاركُ كبيرة بين أهل السنة وبين المعتزلة، حتى إن بعض الخلفاء العباسيين أخذ بكلامهم فصار يقول القرءان مخلوق ومن لم يقل القرءان مخلوق يُعذبه وذلك مما أخذه من المعتزلة ولكنه لم يأخذ عنهم أقوالهم الكفرية كالقول بخلق الأفعال.