fbpx

الأربعون النووية – الدرس 33

شارك هذا الدرس مع أحبائك

قال الشيخ سمير القاضي حفظه الله: الحمد لله ربّ العالمين له النّعمة وله الفضل وله الثنّاء الحسن صلوات ربّ وسلامه على سيدنا محمد وعلى ءاله وصحبه الطيبين الطاهرين. كلامنا إن شاء الله تعالى على الحديث التاسع والعشرين من الأربعين النووية قال إسماعيل حلاق: التاسع والعشرون الشرح: يعني هذا الحديث التاسع والعشرون قال إسماعيل حلاق: عن معاذ رضي الله عنه أنه قال الشرح: هو معاذ بن جبل رضي الله عنه روي الحديث عنه من طرق قال إسماعيل حلاق: قال قلت يا رسول الله الشرح: قال إلى آخره قلت أي في غزوة تبوك كان معاذ في غزوة تبوك فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذا الأمر قال إسماعيل حلاق: قال قلت يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة الشرح: يعني بلا سابق عذاب أدخل به الجنة بلا عذاب قال إسماعيل حلاق: ويباعدني من النار الشرح: فلا أدخلها بالمرة وفي بعض طرق هذا الحديث أن معاذًا قال للنبي عليه الصلاة والسلام يا رسول الله إني أريد أن أسألك عن كلمة قد أمرضتني واسقمتني وأحرقتني قال سل عن ما شئت وهذا يدل على مبلغ اهتمام معاذ بأمر الدين وتعلمه ومعرفة أحكامه حتى يعمل به. وفي الحديث أيضًا أنه قال دلني على عمل أو أخبرني بعمل يدخلني الجنة في هذا الحديث دليل على أن الأعمال سبب لدخول الجنة الأعمال الصالحة سبب لدخول الجنة على خلاف ما قاله ملاحدة المتصوفة الذين يقولون لا عبرة بالأعمال العبرة بصفاء النفس وعلى خلاف ما قاله المعتزلة من أن الأعمال الصالحة على زعمهم توجب على الله أن يثيب فاعلها أما نحن أهل السنة فنقول الأعمال سبب لدخول الجنة من غير أن توجب على الله شيئًا فالله تعالى بفضله وكرمه يثيب العامل عليها. قال رسول الله: لقد سألت عن عظيم الشرح: لقد سألت عن أمر عظيم النبي عليه الصلاة والسلام قال في جوابه لمعاذ لقد سألت عن أمر عظيم. قال رسول الله: وإنه ليسير على من يسره الله تعالى عليه الشرح: وهو هين على من هون الله عليه هذا الأمر وسهل له اكتسابه ولم يجبه فورًا إنما قدم له بهذه الجملة تشويقًا له تشويقًا لمعاذ وترغيبًا له في أن يفعل ما سيقول قال رسول الله: أن تعبد الله لا تشرك به شيئًا الشرح: يعني أن تعبد الله ولا تشرك به شيئًا ومعنى عبادة الله أن تتذلل لله تعالى نهاية التذلل أن تخضع لله أقصى درجات الخضوع والخشوع العبادة هي نهاية التذلل أعظم درجات الخضوع والخشوع هذه هي العبادة ليست العبادة مجرد الخوف ليست مجرد الرجاء ليست مجرد الطلب ليست مجرد الاستعانة ليست مجرد الاستغاثة العبادة هي التذلل بالقلب نهاية التذلل إلى أقصى درجات الخشوع والخضوع هكذا فسرها أئمة اللغة الفراء والراغب الأصفهاني والسبكي وغيرهم كثير والزبيدي وغيرهم كلهم فسروها بهذا هذه هي العبادة نهاية التذلل ليس كما قال بعض المبتدعة العبادة هي الخوف والرجاء والنداء والاستعانة إنما قالوا هذا حتى يتخذوا هذا وسيلة لتكفير المسلمين إذا قال واحد يا رسول الله يقولون كفرت إذا قال واحد يا أبا بكر يقولون كفرت كيف تنادي من قد مات كيف تنادي من هو بعيد قد جاء في الشرع الإذن بمثل ذلك يقولون أنت عبدته من أين جاءوا بهذا المعنى للعبادة هذا معنى مبتدع ما سبقهم إليه أحد ما قال أحد من السلف ولا ممن تبعهم بإحسان إن العبادة هي مجرد النداء أو الاستغاثة أو نحو ذلك. قال رسول الله: وتقيم الصلاة الشرح: فإذًا تعبد الله لا تشرك به شيئًا لا تعبد معه غيره وتقيم الصلاة أي الصلاة المكتوبة تصليها وتداوم عليها الشرح: وتؤدي الزكاة أي تدفع الصدقة المفروضة عليك إذا وجبت عليك تدفعها قال رسول الله: وتصوم رمضان الشرح: أي تصوم أيام شهر رمضان قال رسول الله: وتحج البيت الشرح: أي إن استطعت إليه سبيلا قال إسماعيل حلاق: ثم قال ألا أدلك على أبواب الخير الشرح: النبي عليه الصلاة والسلام أراد أن يزيده في الفائدة قال ألا أدلك على الطرق المؤدية للازديادة من الخير قال رسول الله: الصوم جُنة الشرح: ثم بدأ يذكر له عليه الصلاة والسلام الصوم يريد صلى الله عليه وسلم صوم النفل لأن صوم الفرض ذكره قبل الصوم أي نفلا وتطوعًا جُنة أي وقاية الصوم يعنيك في الوقاية من المعاصي وإذا وقاك من المعاصي يقيك بذلك من نار جهنم فالصوم جنة أي وقاية كما روى النسائي الصيام جنة ما لم تخرقها الصيام مثل الدرع يحفظك إلا إذا أنت خرقت الدرع إذا خرقت الدرع بالغيبة إذا خرقت الدرع بالنمينة ونحو ذلك من الأفعال والكلام عند ذلك لا يعود جُنة يقيك وإلا فالصوم وقاية تقي الإنسان من المعاصي وهذا مؤداه ومقتضاه وقايته من نار جهنم. قال رسول الله: والصدقة تطفئ الخطيئة الشرح: أيضًا المقصود بالصدقة هنا الصدقة النافلة والصدقة النافلة تطفئ الخطيئة الصغيرة التي لا تعلق لها بحقوق العباد معناها تمحو أثرها وتبعتها قال رسول الله:كما يطفئ الماء النار الشرح: كما أن الماء يمحو النار ويطفئها ويذهب بأثرها كذلك الصدقة النافلة تمحو الصغيرة وتذهب بأثرها لكن هذا لا يتعلق بحقوق العباد حقوق العباد لا تمحوها الصدقة إذا كان لإنسان عليك حق إذا تصدقت لا يذهب حقه لا تمحو الصدقة حقه الصدقة تمحو الذنب الصغير عنك لكن يبقى حق هذا العبد برقبتك إذا كان له حق عليك. ثم إخفاء الصدقة من حيث الإجمال أفضل من إظهارها لأنه أبعد عن الرياء قال ربنا عزّ وجلّ {إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ} وروى ابن زنجويه عن علي بن الحسين علي زين العابدين رضي الله عنهما أنه كان يحمل الخبز على ظهره في الليل يتبع به المساكين في ظلمة الليل ويقول:” إن الصدقة في ظلام الليل تطفئ غضب الربّ عزّ وجلّ” يعني تذهب أثار غضب الله تبارك وتعالى يريد في الليل أي سرًا. قال رسول الله: وصلاة الرجل من جوف الليل الشرح: كذلك النبي عليه الصلاة والسلام قال وهذا أيضًا يطفئ الخطيئة صلاة الرجل في جوف الليل وهذا شعار الصالحين وعادتهم الصلاة في جوف الليل وأفضلها صلاة الليل النافلة في الليل أفضلها صلاة الوتر وهي أفضل من صلاة التراويح ومن كل النوافل التي لا تسن فيها الجماعة. وروى الترمذي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:”عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم وإن قيام الليل قربة إلى الله عزّ وجلّ فيه ثواب يقربك من الله تعالى ومنهاة عن الإثم يعينك على تجنب معصية الله تبارك وتعالى وتكفير للسيئات بهذه الصلاة يُمحى عنك من السيئات التي فعلتها ومطردة للداء عن الجسد”. ويعين هذا على أن يصح جسدك قيام الليل يُذهب عن جسدك وبدنك الداء ويحصل فضل قيام الليل بركعتين إذا قام الإنسان في الليل فصلى ركعتين يكفي هذا لحصول فضل قيام الليل. أما أفضله فهو صلاة سيدنا داود عليه السلام كان ينام نصف الليل ثم يصلي ثلثه يقوم ثلثه ثم ينام سدسه وهكذا كان النبي عليه الصلاة والسلام يفعل في كثير من أحواله إذا صاح الديك في منتصف الليل قام فتوضأ وصلى إلى أن يمضي ثلث الليل تقريبًا بعد ذلك يستلقي ثم يقوم بعد ذلك لصلاة الصبح. قال رسول الله: ثم تلا الشرح: تلا يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إسماعيل حلاق: ثم تلا {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} حتى بلغ يعملون. الشرح: نعم تلا قول الله تبارك وتعالى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ (يعني عن المفارش عن أمكنة النوم معناه يتركون النوم) يَدْعُونَ رَبَّهُمْ (يعني يعبدون ربهم عزّ وجلّ) خَوْفًا وَطَمَعًا (خوفًا من عقابه وسخطه سبحانه وطمعًا في رضاه ورحمته) وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (يعني في سبيل مرضاة الله عزّ وجلّ}{فلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} قرأ عليه الصلاة والسلام هذا كله معناه الأتقياء الأصفياء الذين يقومون الليل ويتركون نومه ويفعلون ما جاء في هذه الآية طمعًا برضى الله تبارك وتعالى خوفًا من عذابه عزّ وجلّ هؤلاء لهم الثواب الموعود به في الآية الذي لا تعلم نفس ما هو هذا الثواب لهم ثواب عظيم أخفاه الله تبارك وتعالى عن عباده حتى رضوان خازن الجنة لا يعلم ماذا أعد الله تبارك وتعالى لهؤلاء الأتقياء من النّعيم الخاص في الجنة النعيم العام الذي يكون لهم ولغيرهم معروف أما النّعيم الخاص الذي أعده الله تبارك وتعالى لهؤلاء فلا يعلم به أحد ما أطلع الله تبارك وتعالى عليه أحدًا أسأل الله أن يجعلنا منهم. قال إسماعيل حلاق: ثم قال الشرح: يعني قال النبي عليه الصلاة والسلام قال رسول الله: ألا أخبرك برأس الأمر الشرح: هذا الأمر الذي أنت سألت عنه ألا تريد أن أخبرك برأسه وعاموده الذي يعتمد عليه عاموده المتين الذي يعتمد عليه قال رسول الله: ألا أخبرك برأس الأمر وعاموده وذروة سنامه الشرح: ذِروة سنامه أو ذُورة سنامه بكسر الذال وضمها أي أعلى هذا الأمر السنام هو هذا الجزء المرتفع من الجمل الذي يلي رقبته أي ما تريد أن أخبرك برأس هذا الأمر الذي أنت سألت عنه وبعموده المتين الذي يعتمد عليه وبأعلاه. قال إسماعيل حلاق: قلت بلى يا رسول الله الشرح: قال بلى يا رسول الله أخبرني قال إسماعيل حلاق: قال رأس الأمر الإسلام الشرح: قال رأس الأمر الإسلام فهذا الأمر رأسه الإسلام إذا لم يوجد لا يوجد هذا الأمر كله لا ينفعك لا ينفع الإنسان من العمل الصالح شىء إذا لم يوجد هذا الشىء الذي هو رأسه الذي هو الإقرار بالشهادتين شبهه عليه الصلاة والسلام بالرأس لأنه بمثابة الرأس من سائر الأعضاء إذا قطع رأس الإنسان سائر أعضائه لا يكون لها حركة وكذلك لا ينتفع بها وكذلك إذا لم يكن إسلام لم يتصف الإنسان بالإسلام لا ينفعه عمل صالح يعمله. قال رسول الله: وعاموده الصلاة الشرح: وعاموده الصلاة شبه الصلاة بعمود الخيمة لأن قيام الدين بالصلاة إذا حصّل الإنسان الإسلام حصّل الأصل ثم قيام دينه إنما يكون بالصلاة هي عماد الدين كما جاء في حديث البيهقي وغيره “من أقامها فقد أقام الدين ومن هدمها فقد هدم الدين” وهي أفضل الأعمال بعد الإيمان بالله ورسوله فرضها أفضل الفروض ونفلها أفضل النوافل. قال رسول الله: وذروة سنامه الجهاد الشرح: وأعلى الأمر ذروة سنامه الجهاد أعلى هذا الأمر الذي سألت عنه الجهاد في سبيل الله لأن به حماية بيضة الدين يعني حماية جماعة الدين جماعة أهل الإسلام به رفعة أهله به سلامة بلادهم وقد قرن الله تبارك وتعالى بالجهاد الهداية فقال في سورة العنكبوت:{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} وبيّن نبينا عليه الصلاة والسلام رفعته كما جاء في صحيح البخاري أنّ رجلا قال يا رسول الله دلني على عمل يعدل الجهاد قال لا أجد أي عمل من الأعمال النوافل لا تعدل الجهاد قال: هل تستطيع إذا خرج المجاهد أن تدخل مسجدك فتقوم ولا تفتر وتصوم ولا تفطر”. تصلي من غير أي راحة تصوم لا تفطر أبدًا قال ومن يستطيع ذلك؟ هذا يدل على عظيم محل الجهاد في سبيل الله. والمقصود الجهاد الذي أذن به ربّا تبارك وتعالى ليس قتل الناس بغير حق كما يفعل كثير من هؤلاء الغُلاة الذين يقتلون ولا يميزون بين بريء وغيره لا يميزون بين معتد وغير معتد لا يميزون بين من له آمان ومن ليس له آمان لا يميزون بين حربي وغير حربي إنما يقتلون الناس بغير تمييز ليس المراد هؤلاء الذي يقتلون الأطفال والنساء وغيرهم ليس هذا المراد ليس المراد القتال الذي يجلب الضرر على المسلمين والذي لا تحفظ معه العهود والمواثيق إنما المراد الجهاد الذي شرعه الله تبارك وتعالى في دينه للمسلمين حفاظًا على الدين وحفاظًا على جماعة المسلمين وغير ذلك من الأمور التي بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم. والحاصل أن العبد إذا لم يقر بالشهادتين لم يكن له شىء من آثار السعادة فإذا أقر بالشهادتين حصل له أصل الدين فإذا أقام الصلاة بعد ذلك صار له زيادة قوة في اليقين مثل البيت إذا لم يكن له عامود متين لا يكون له قوام فإذا صلى وداوم على الصلاة كان لهذا البيت قوام كان له عامود يقوم عليه فإذا جاهد حصل له الرفعة والعزة بخلاف ما لو أهمل الناس ذلك أنظر في زماننا أكثر الناس أهملوا تعلم العقائد تعلم أصول الدين فلذلك صارت فتنتهم أمرًا سهلا أكثر الناس أهملوا تعلم أحكام الصلاة أهملوا تعلم كيف تصح الطهارة وكيف تفسد كيف تصح الصلاة وكيف تفسد ما الذي على الإنسان أن يفعله لتصح صلاته بل كثير كثير من الناس أهملوا أداء الصلاة أصلا من المسلمين فرّق دينهم ثم أهمل الناس أسباب الاستعداد بالقوة فاستضعفوا واستذلوا أنظر إلى حال المسلمين اليوم يصدق عليهم ما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم:” كيف بك يا ثوبان إذا تداعت عليكم الأمم يعني اجتمعت عليكم الأمم تداعيكم على قصعة الطعام تصيبون منه هذا يأخذ من هنا لقمة هذا يأخذ لقمة هذا يأخذ لقمة قال: ومن قلة نحن يومئذ يا رسول الله نحن قليلون قال: لا بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل يعني هذا الذي يحمله السيل يكون فوقه من الزبد والوسخ هذا هو الغثاء ولينزعن الله من صدور عدوكم المهباة منكم وليقذفن الله في قلوبكم الوهن فقال قائل: يا رسول الله وما الوهن؟ قال: حب الدين وكراهية الموت”. يعني ترك الاستعداد والجهاد في سبيل الله تبارك وتعالى ثم قال: ألا أخبرك بملاك ذلك كله الشرح: يصح كسر الميم وفتحها بِملاك ومَلاك قال عليه الصلاة والسلام ألا أقول لك ما هو الأمر الذي يقوم به كل ما تقدم ما ذكرت لك من العبادات وتتم به أحكامها قال معاذ بن جبل: قلت بلى يا رسول الله الشرح: أخبرني قال إسماعيل حلاق: فأخذ بلسان وقال كف عليك هذا الشرح: كف عليك هذا حثه عليه الصلاة والسلام على جهاد النفس بإمساك لسانه عما لا يجوز وعما لا ينبغي كف عليك هذا كف عليك لسانك وجهاد النفس ورد في بعض الأحاديث أنه الجهاد الأكبر فإن لم تفعل هذا إن لم تكف عليك لسانك أوردك لسانك المهالك فإنه صغير الجرم حجمه صغير لكن جُرمه كبير قد يأتي الإنسان بلسانه بجريمة عظيمة دل عليه حديث الترمذي أن النبي عليه الصلاة والسلام قال:” أكثر ما يُدخل الناس النار الأجوفان الفم والفرج أكثر ما يُدخل الناس النار الأجوفان الفم والفرج”. وأخذ عبد الله بن مسعود يومًا لسانه أمسك لسانه ثم قال: “يا لسان قل خيرًا تغنم واسكت عن شر تسلم من قبل أن تندم إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:” أكثر خطاي ابن من لسانه” الخطايا تشمل الكفر وتشمل الكبائر وتشمل الصغائر والأمر كما قال عليه الصلاة والسلام أكثر المعاصي التي يقع فيها الإنسان إنما هي من لسانه الله تعالى يحمينا من ذلك. قلت: يا نبي الله الشرح: معاذ يعني قال قلت يا رسول الله وإنّا لموآخذون بما نتكلم الشرح: يريد الزيادة في التأكد ما نقوله نحن نؤآخذوا به يا رسول الله قال رسول الله: ثكلتك أمك الشرح: هذه عبارة يقولوها العرب بمعارض مختلفة أصل ثكلتك أمك معناه فقدتك أمك معناه دعاء عليه بالموت هذا أصل الكلمة لكن العرب استعملتها وجرت عادتها أن يأتوا بها عند التعجب عند التحريض على التنبه عند التأنيب أو للستعظام يأتون بمثل هذه الكلمة وهذا المراد بها هنا على حسب المقام ليس مراد النبي عليه الصلاة والسلام هنا أن يدعو على معاذ بالموت قال رسول الله: وهل يكب الناس في النار على وجوههم الشرح: على وجوههم هذا للتأكيد لأن الكب لا يكون إلا على الوجه لكن هذا لتأكيد لا أقول هذا مجازًا لنفي المجاز على الحقيقة الناس يكبون وهل يكب النّاس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم إلا ما أتت به ألسنتهم إلا خطايا ألسنتهم قال إسماعيل حلاق: أو قال على مناخرهم الشرح: شك الراوي كيف هي الراوية على وجوههم أو على مناخرهم قال رسول الله: إلا حصائد ألسنتهم الشرح: إلا حصائد السنتهم إلا ما يُحصد بألسنتهم حصائد جمع حصيدة بمعنى محصودة يعني على وزن فعيلة بمعنى مفعولة يعني الذي يكب الناس في النار على وجوههم هو ما تحصده ألسنتهم شبه اللسان بالمنجل وشبه الكلام السيء المحرم الذي يلتقطه اللسان بما يحصد بهذا المنجل وشبه الإنسان الذي يتكلم بغير مراقبة للسانه يتكلم بالخبائث بلسانه من غير مراقبة له بالحاصد الذي يحصد ويجمع في حصاده الشوك مع القمح أو غيره مما زرعه الزرع مع الشوك يخلط هذا بهذا وهذا من شدة من علو فصاحة النبي عليه الصلاة والسلام وجوامع الكلم الذي أؤتيه الذي لا يبلغ إليه عربي من العرب. وهذا الكلام كما هو ظاهر استفهام تقرير يعني ليس أن النبي عليه الصلاة والسلام يسأل معاذًا ينتظر جوابًا لا إنما يسأله حتى يقرر الأمر أن الذي يكب الناس في النار على وجوههم حصائد ألسنتهم كأنه قال لا يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم. قال إسماعيل حلاق: رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح الشرح: وأخرجه أحمد وابن ماجه وغيرهما وطرقه يتقوى بعضهاببعض وله شواهد ثابتة عن أبي هريرة وأبي أيوب وغيرهما. وهذا التفسير المذكور الذي فسره رسول الله صلى الله عليه وسلم برأس الأمر وعاموده وذروة سنامه ساقط من الأربعين النووية موجود في الترمذي وغيره ولكن في الأربعين التي جمعها النووي ساقط وكذلك في كتابه الأذكار هذه الجملة التي هي تفسير النبي عليه الصلاة والسلام برأس الأمر وعاموده وذروة سنامه أيضًا ساقطة وذلك لأن النسخة التي كانت عند النووي رحمه الله من سنن الترمذي كانت هذه العبارة ساقطة منها كما قال الحافظ العراقي فإذا نظر ناظر في الأربعين النووية فلم يجد هذه العبارة وجدنا قد بيّنها فليعلم أنها موجودة في أصل الحديث لكنها ساقطة عند النووي لأنها ساقطة في نسخة الترمذي التي كانت عنده. واله تبارك وتعالى أعلم وأحكم.