fbpx

الوجيز في تفسير كتاب الله العزيز – سورة العلق

شارك هذا الدرس مع أحبائك

الشيخ رمزي شاتيلا تفسير سورة العلق بسم الله الرَّحمن الرَّحيم الحمد لله ربّ العالمين وصلَّى الله على سيدِنا محمَّد وعلى آلهِ وصَحبِهِ الطيّبين الطاهرين، سنتكلم إن شاء الله تعالى في تفسير سورة العلق. هذه السورة نزل أوَّل خمس آياتٍ منها على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وبقية السورة نزل بعد ذلك بزمان. أعوذ بالله من الشيطان الرَّجيم بسم الله الرَّحمن الرَّحيم ﴿اقرَأ بِاسمِ رَبّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾ أَي اذكُرِ اسمَهُ سُبحانَهُ وتَعالى مُستَفتِحًا بِهِ قِراءتَكَ وهُوَ الَّذي خَلَقَ الخَلائِقَ. ﴿خَلَقَ الإِنسَانَ مِن عَلَقٍ﴾ أَي إِنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ خَلَقَ ابنَ آدَمَ مِن عَلَقٍ، والعَلَقُ جَمعُ عَلَقَة، والعَلَقَةُ هِيَ الدَّمُ الجامِدُ الَّذي لَم يَيبَس. ﴿اقرَأ وَرَبُّكَ الأَكرَمُ﴾ اللهُ تَعالى هُوَ الكَريمُ الأَكرَمُ الَّذي لا يَلحَقُهُ نَقصٌ. ﴿الَّذِي عَلَّمَ بِالقَلَمِ﴾ أَي عَلَّمَ الكِتابَةَ بالقَلَمِ. ﴿عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَم يَعلَم﴾ أَي مِنَ الخَطّ والصَّنائِعِ وغَيرِ ذلِكَ. ثُمَّ قالَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ ﴿كَلَّا إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطغَى﴾ ” كَلّا” هِيَ كَلِمَةُ رَدعٍ وزَجرٍ لِمَن كَفَرَ وطَغى والعِياذُ بِاللهِ، والطُّغيانُ مُجاوَزَةُ الحَدّ بالعِصيانِ. ثُمَّ قالَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ ﴿أَن رَآهُ استَغنَى﴾ أَي رَأَى نَفسَهُ أَنَّهُ استَغنى فَأَعرَضَ عَنِ الإيمانِ وطَغى والعِياذُ بِاللهِ. ثُمَّ قالَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ ﴿إِنَّ إِلَى رَبّكَ الرُّجعَى﴾ أَيِ المرجِعُ، وهذا فيهِ وَعيدٌ لِلطّاغي المستَغني وتَحقيرٌ لِما هُوَ فيهِ حَيثُ إِنَّ مَآلَهُ إِلى البَعثِ والحِسابِ والجَزاءِ على طُغيانِهِ. ثُمَّ قالَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ ﴿أَرَأَيتَ الَّذِي يَنهَى﴾ ﴿عَبدًا إِذَا صَلَّى﴾ كانَ أَبو جَهلٍ يَنهى رَسولَ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيهِ وسلَّمَ عَن الصَّلاةِ في المسجِدِ فَأَنزَلَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ ﴿ أَرَأَيتَ الَّذِي يَنهَى﴾ ﴿عَبدًا إِذَا صَلَّى﴾. ثُمَّ قالَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ ﴿أَرَأَيتَ إِن كَانَ عَلَى الهُدَى﴾ ﴿أَو أَمَرَ بِالتَّقوَى﴾ أَي أَرَأَيتَ يا أَبا جَهلٍ إِن كانَ مُحَمَّدٌ عَلَيهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ عَلى هذِهِ الصّفَةِ، أَلَيسَ ناهيهِ عَنِ التَّقوى والصَّلاةِ هالكًا؟ ﴿أَرَأَيتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى﴾ الَّذي كَذَّبَ وتَوَلّى هُوَ أَبو جَهلٍ. ﴿أَلَم يَعلَم بِأَنَّ اللهَ يَرى﴾ إِنَّ أَبا جَهلٍ كَذَّبَ رَسولَ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ، وكَذَّبَ بِكِتابِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ، وأَعرَضَ عَنِ الإيمانِ، واللهُ عالِمٌ بِذلِكَ لا يَخفى عَلَيهِ شَيءٌ، فَهذا فيهِ تَوبيخٌ لِأَبي جَهلٍ. ثُمَّ قالَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ ﴿كَلَّا لَئِن لَم يَنتَهِ لَنَسفَعًا بِالنَّاصِيَةِ﴾ “كَلّا” كَلِمَةُ رَدعٍ وزَجرٍ. ﴿لَئِن لَم يَنتَهِ﴾ أَي لَئِن لَم يَنتَهِ أَبو جَهلٍ عَمّا يَفعَلُهُ، ﴿لَنَسفَعًا بِالنَّاصِيَةِ﴾ أَي لَنَأخُذَنَّ بِناصِيَتِهِ أَخذَ إِذلالٍ، النّاصِيَةُ شَعرُ مُقَدَّمِ الرَّأسِ، ومَعنى سَفَعتُ بِالشَّيءِ إِذا قَبَضتُ عَلَيهِ وجَذَبتُهُ جَذبًا شَديدًا، فَالملائِكَةُ يَومَ القِيامَةِ يَأخُذونَ الكافِرَ مِن مُقَدَّمِ شَعرِ رَأسِهِ ويَجُرّونَهُ كَما قالَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ ﴿يُعرَفُ المجرِمونَ بِسيماهُم فَيُؤخَذُ بِالنَّواصي والأَقدامِ﴾ أَيِ المَلائِكَةُ يَقبِضونَ نَواصِيَهُم ويَجُرّونَهُم مِنها. ثُمَّ قالَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ ﴿نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ﴾ أَي إِنَّ صاحِبَها كاذِبٌ خاطِئ. ثُمَّ قالَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ ﴿فَليَدعُ نَادِيَهُ﴾ أَي لِيَدعُ أَبو جَهلٍ أَهلَ مَجلِسِهِ وَليَدعُ عَشيرَتَهُ فَليَستَنصِر بِهِم، هذا عَلى سَبيلِ التَّهَكُّمِ بِهِ. أَخرَجَ التّرمِذِيُّ وغَيرُهُ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُما قالَ: “كانَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ يُصَلّي، فَجاءَ أَبو جَهلٍ، فَقالَ أَلَم أَنهَكَ عَن هذا، فَزَجَرَهُ رَسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَليهِ وسَلَّمَ، فَقالَ أَبو جَهلٍ لِرَسولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيهِ وسلَّمَ إِنَّكَ لَتَعلَمُ ما بِها نادٍ أَكثَرَ مِنّي”، فَنَزَلَت الآيَةُ ﴿ فَليَدعُ نَادِيَه﴾ ﴿سَنَدعُ الزَّبَانِيَةَ﴾ أَيِ الملائِكَةَ الغِلاظَ الشّدادَ. ﴿كَلَّا لَا تُطِعهُ وَاسجُد وَاقتَرِب﴾ “كَلّا” أَي لَيسَ الأَمرُ عَلى ما يَظُنُّهُ أَبو جَهلٍ، فَلا تُطِعهُ أَي لا تُطِعهُ فيما دَعاكَ إِلَيهِ مِن تَركِ الصَّلاةِ واسجُد للهِ عَزَّ وجَلَّ واقترب أَي تَقَرَّب إِلى اللهِ عَزَّ وجَلَّ يا مُحَمَّدُ بِالطّاعَةِ والعِبادَةِ. واللهُ سُبحانَهُ وتَعالى أَعلَمُ وأَحكَمُ .