الشيخ رمزي شاتيلا
تفسير سورة الزلزلة
بسمِ الله الرَّحمن الرَّحيم الحمد لله ربّ العالمين وصلَّى الله على سيدِنا محمَّد وعلى آلهِ وصَحبِهِ الطيّبين الطاهرين، سنتكلمُ إن شاء الله تعالى في تفسير سورة الزلزلة.
أعوذ بالله من الشَّيطان الرَّجيم بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
﴿إِذَا زُلزِلَت الأَرضُ زِلزَالَهَا﴾ إذا زُلزلت الأَرض، إذا حُرّكت الأرضُ حركةً شديدة، تتزلزل الأرضُ من شدةِ صوتِ إسرافيل عليهِ السَّلام حتى يَنكَسِر كلّ ما عليها من شِدَّة الزلزلة ولا تسكنُ حتى تُلقي ما على ظهرها من جبلٍ أو بناءٍ أو شَجَر ثم تتحَرَّك وتَضطرب فتخرِج ما في جوفِها.
فقالَ الله عزَّ وجلّ ﴿وَأَخرَجَت الأَرضُ أَثقَالَهَا﴾ أي ما فيها من ذَهبٍ أو فِضَةٍ أو مَيّت.
﴿وَقَالَ الإِنسَانُ مَا لَهَا﴾ ﴿ يَومَئِذٍ تُحَدّثُ أَخبَارَهَا﴾ ﴿بِأَنَّ رَبَّكَ أَوحَى لَهَا﴾ أي إنَّ الأرضَ يومَ القيامةِ تُحدّثُ أي تخبرُ بما عُمِلَ عَليها مِن خيرّ أو شَر الله يُنطِقُها فتَشهَد على العِبادِ نُطقًا بما عَمِلوا عليها فالمؤمِنونَ الأَتقياء لا تَشهَدُ عَلَيهِم إلا بالحَسَنات لأنَّ السَيّئات مُحِيَت عَنهُم وأمَّا الكافِر فإنها تَشهَدُ عَليهِ بما عَمِل من الفُجورِ والكُفر والعِصيان وليسَ لَهُ حَسَنَة في الآخرة. وأَمَّا عُصاةُ المسلمين فَهَؤلاءِ قِسمان قِسمٌ مِنهُم تَشهَدُ عَلَيهم بما عَمِلوا من السَيّئات ومن الحَسَنات وقسم مِنهُم يَستُرُهم الله تعالى فلا يُشهِدُ الأرضَ عَلَيهِم بما عَمِلوا على ظَهرِها من المعاصي.
﴿بِأَنَّ رَبَّكَ أَوحَى لَهَا﴾ أي إنَّ الأرضَ تُحدّثُ أَخبارَها بوحيِ الله وإذنِه لها أن تُخبِرَ بما عُمِلَ عَليها.
﴿يَومَئِذٍ يَصدُرُ النَّاسُ أَشتَاتًا لِيُرَوا أَعمَالَهُم﴾ أي إنَّ الناسَ ينصَرِفونَ من مَوقِفِ الحِساب أَشتاتًا أي فِرقًا ليُروا أعمالهُم أي لِيُرَوا جَزاءَ أَعمالهم والمعنى أَنَّهم يَرجِعون عن الموقِفِ فِرقًا ليَنزلوا مَنازِلهم من الجنَّة والنَّار.
ثم قال الله عزَّ وجلّ ﴿فَمَن يَعمَل مِثقَالَ ذَرَّةٍ خَيرًا يَرَهُ﴾ ﴿وَمَن يَعمَل مِثقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ أي من يعمل من المؤمنين من السُّعداء زِنةَ نملةٍ صَغيرةٍ من الخَير يرى ذَلِك في كتابِه أي يَرى جزاءهُ أما الكافرُ لا يرى خيرًا في الآخِرة لا يَكون لَهُ أيُّ حَسَنةٍ في الآخرة.
وقول الله عزَّ وجلّ ﴿وَمَن يَعمَل مِثقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ أي يرى جزاءهُ يومَ القِيامة ونبَّه بقوله مِثقال ذرّة على أن ما فوق الذرّةِ يَراهُ قليلًا كانَ أو كثيرًا، ففي الآيتينِ التَرغيبُ بقليلِ الخيرِ وكثيرِه والتَّحذيرُ من قَليل الشَّر وكَثيرِه. وفَّقَنا الله جَميعًا إلى ما يُحِبّ ويَرضى والله سبحانه وتعالى أعلم وأحكم.