fbpx

الوجيز في تفسير كتاب الله العزيز – سورة البلد

شارك هذا الدرس مع أحبائك

الشيخ رمزي شاتيلا تفسير سورة البَلَد بسم الله الرَّحمن الرَّحيم الحمد لله ربّ العالمين وصلَّى الله على سيدِنا محمَّد وعلى آلهِ وصَحبِهِ الطيّبين الطاهرين، سنتكلم إن شاء الله تعالى في تفسير سورة البَلَد. أعوذ بالله من الشيطان الرَّجيم بسم الله الرَّحمن الرَّحيم ﴿لَا أُقسِمُ بِهَذَا البَلَدِ﴾ مَعناهُ أُقسِمُ بهذا البَلد والمرادُ بالبَلد هُنا مَكّة. ثم قال الله عزّ وجلّ ﴿وَأَنتَ حِلٌّ بِهَذَا البَلَدِ﴾ أي وأنت مُقيمٌ به يا محمَّد. ﴿وَوَالِدٍ وَمَا وَلَد﴾ هو إقسامٌ بآدم والصالحين من ذريته وفيهم الأنبياءُ والدُّعاة إلى الله. ﴿لَقَد خَلَقنَا الإِنسَانَ فِي كَبَدٍ﴾ إلى هنا انتهاءُ القَسَم وهذا جوابُه لقد خَلقَنا الإنسان في كَبَد ومعنى في كَبَد أي في شِدَة في نَصَب. ﴿أَيَحسَبُ أَن لَن يَقدِرَ عَلَيهِ أَحَد﴾ قولُه تعالى أيَحسَبُ المعنى أيَظُنُّ الإنسانُ القويّ الشديدُ من كفارِ قُريشٍ أنه لشدَّتِه لا يَقدِرُ أحد على بَعثِه ومُعاقَبَتِه. ﴿يَقُولُ أَهلَكتُ مَالًا لُبَدًا﴾ أي يقول هذا الكافر أنفقتُ مالًا كثيرًا مجتمعًا، لُبَدًا أي مجتمعًا في عداوة محمَّد. ﴿أَيَحسَبُ أَن لَم يَرَهُ أَحَدٌ﴾ أيظن هذا الكافر أن الله لم يره، الله سبحانه وتعالى لا يخفى عليه شئ ﴿ألا يَعلَمُ من خَلَقَ وهو اللَّطيفُ الخَبير﴾ سُبحانه وتعالى، ثمَّ إنَّه تعالى بعدما حَكى عن أقوياءِ قريشٍ ما تقدّمَ من أقوالهم وردّها، أقام الدِلالة على كمالِ قدرتِه ُمعددًا بعضَ نِعمه سبحانه وتعالى على الإنسان. فقال: ﴿أَلَم نَجعَل لَهُ عَينَينِ﴾ أي جَعلنا لهُ عَينينِ يُبصِر بهما. ﴿وَلِسَانًا وَشَفَتَينِ﴾ أي جعلنا لهُ لِسانًا يَنطِقُ به وشَفتينِ يُطبِقُهما على فيه ويستعين باللّسان والشَفتينِ على الأكلِ والشُربِ وغيرِ ذلك، والمعنى أَلَم يخلق الله لهذا الإنسان ما يدلّه على أن الله عزَّ وجلّ قادرٌ على بعثه بعد موته؟ ﴿وَهَدَينَاهُ النَّجدَينِ﴾ أي إن الله تعالى بيّنَ للإنسانِ طريقَ الخير وطريقَ الشر. ثم قال الله عزَّ وجلّ ﴿فَلَا اقتَحَمَ العَقَبَةَ﴾ لم يقتحِم العقبة أو فهلّا اقتحم العقبة، العقبة الأمر الشاقُّ على النَّفس من تحمُّل عِظام الأمور والمراد بذلك هلّا خالَف نفسَه وهواه وآمَن بالله ورسوله وأدَّى الواجبات واجتنب المحرّمات فقال الله عزَّ وجلّ ﴿فَلَا اقتَحَمَ العَقَبَةَ﴾ ﴿وَمَا أَدرَاكَ مَا العَقَبَةُ﴾. قوله تعالى ﴿وَمَا أَدرَاكَ مَا العَقَبَةُ﴾ أي وما أعلَمَك ما اقتِحام العقبة تعظيمًا لشأنها وهذا تعظيمٌ لالتزام أمر الدّين. ﴿فَكُّ رَقَبَةٍ﴾ أي تحريرُها من الرِقّ بأن يُعتِقَها. ﴿أَو إِطعَامٌ فِي يَومٍ ذِي مَسغَبَةٍ﴾ المسغَبة المجاعة، السّغَبُ معناه الجوع، فإطعام الطعام فضيلة وهو مع السّغب الذي هو الجوع أَفضل. ﴿يَتِيمًا ذَا مَقرَبَةٍ﴾ أي ذا قرابة فيكون له أجر الصّدقةِ وأجرُ صِلَة الرّحم. ﴿أَو مِسكِينًا ذَا مَترَبَةٍ﴾ وهو المطروح على التّراب لشدّة فقره. ﴿ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوا بِالصَّبرِ وَتَوَاصَوا بِالمَرحَمَةِ﴾ قوله تعالى ﴿ثم كان من الذين آمنوا﴾ معناه وكان من الذين آمنوا أي عند فكّ الرقبة وعند الإطعام إذ إن شرط قبول الطاعات هو الإيمان بالله ورسوله وقوله تعالى ﴿وتواصوا بالصبر﴾ أي أوصى بعضُهم بعضًا بالصبر على الطاعة وأوصى بعضهم بعضًا بالصّبر عن المعصية. وقوله تعالى ﴿وتواصوا بالمرحمة﴾ أي بالتَّعاطُف والتَّراحم. ﴿أُولَئِكَ أَصحَابُ المَيمَنَةِ﴾ أي إن الموصوفين بهذه الصفات يؤتَون كتبهم بأَيمانهم جعلنا الله تعالى منهم. ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا هُم أَصحَابُ المَشأَمَةِ﴾ أي إن الذين كفروا بالقُرآن يأخذون كُتبهم بشَمائِلهم. ﴿عَلَيهِم نَارٌ مُؤصَدَةٌ﴾ أي إن أبواب جهنّم مُطبقةٌ عليهِم ومُغلَقة لا يُفتحُ لهُم باب. نسأل الله عزّ وجلّال السَّلامة والله سُبحانه أَعلَم وأحكم.