fbpx

الأربعون النووية – الدرس 30

شارك هذا الدرس مع أحبائك

الشيخ سمير القاضي شرح الأربعين النووية الحديث السادس والعشرين بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ربّ العالمين أحمده تعالى وأسأله الهداية والسداد وحسن الختام وأصلي وأسلم على سيدنا محمد وعلى ءاله وصحبه الطيبين الطاهرين. كلامنا إن شاء الله تعالى يكون على الحديث السادس والعشرين من الاربعين النووية أشرع بارك الله فيك. إسماعيل حلاق: الحديث السادس والعشرون عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “كل سلامى” الشرح: كل سُلامى بضم السين وتخفيف اللام وجمعه سلاميات أي كل الأعضاء والمفاصل هذا المراد كل سُلامى أي كل عِضوٍ ومفصِل من مفاصل الإنسان ومجموعها ثلاثمائة وستون كما ثبت في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:”خلق الله ابن ءادم على ستين وثلاثمائة مفصل فمن ذكر الله وحمد الله وهلل الله وسبّح الله وعزل حجرًا عن طريق المسلمين أو عزل شوكة أو عزل عظمًا أو أمر بمعروف أو نهى عن منكر عدد تلك الستين والثلاثمائة السُلامى أمسى من يومه وقد زحزح نفسه عن النار” وعند البزار وغيره على كل مِيسم من الإنسان صدقة والميسم العضو هذه الكلمة مأخوذةٌ من الوسم الوسم معناه العلامة وذلك لأن كل عظم وكل عرق وكل عصب من الإنسان عليه أثر صنع الله تبارك وتعالى ولذلك سُمي مِيسما إذًا كل سلامى. قال رسول الله: كل سُلامى من الناس الشرح: أي من مال الناس كل سلامى من مال الناس نعم قال رسول الله: كل سلامى من الناس عليه صدقة الشرح: يعني على كل واحدٍ صدقةٌ بعدد كل مفصل وعضوٍ لهذا الإنسان ينبغي لكل إنسان أن يعمل صدقاتٍ كل يوم بعدد ما له من المفاصل والأعضاء ثلاثمائة وستين أن يعمل ثلاثمائة وستين فاللائق لأن العبد قد جعل الله تعالى له هذه المفاصل والأعضاء نِعمًا أنعمها الله تبارك وتعالى عليه فيليق بالعبد أن لا يترك واحدًا منها إلا وقد عمل صدقةً عمل خير مقابله شكرًا لله تبارك وتعالى على ما منّ بهِ عليه لأن هذه الأعضاء مما يُسأل العبد في الآخرةِ عن شكرها يُسأل يوم القيامة عن شكرها {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} فهذه من نِعم الله تبارك وتعالى يُسأل العبد هل قام بشكرها أو لم يقم بشكرها. قال رسول الله: كل يومٍ تطلع فيه الشمس. الشرح: يعني كل يومٍ يعيشه الإنسان من أيام الدنيا قال رسول الله: يعدل بين الاثنين صدقة الشرح: إذا عدل فيه بين اثنين متخاصمين أو متحاكمين أو متهاجرين بصلحٍ جائز لا يحل حرامًا ولا يحرم حلالًا يكون له بذلك صدقة بل هذا من أفضل الصدقات أن يصلح بين المسلمين لأن فساد ذات البين جاء في الحديث هي الحالقة الحالقة التي تحلق الدين أعاذنا الله تعالى من ذلك. قال رسول الله: ويعين الرجل في دابته الشرح: يعين الرجلُ الرجلَ في دابته كيف نعم قال رسول الله: فيحمله عليها الشرح: مثلًا يركبه عليها يحتاج إلى إعانة ليركبها يعينه على ذلك قال رسول الله: أو يرفع له عليها متاعه صدقه الشرح: أو يرفع له عليها متاعه صدقة يعني أو يعينه لرفع متاعه على دابته هذا يكون له فيه صدقة وكذلك ما شابهه في أيامنا نعم ويدل على أن الفضل موجود في إعانة الأقارب وفي إعانة الأباعد لأنه جاء في الحديث يعين الرجل رجلًا أي رجل هنا المراد بالرجل أي رجلٍ لله تعالى. قال رسول الله: والكلمة الطيبة صدقة الشرح: وهذا سبق الكلام فيه نعم قال رسول الله: وبكل خطوة يمشيها إلى الصلاة صدقة الشرح: الخطوة بفتح الخاء أسمٌ للمرة الواحدة وبضم الخاء أسمٌ لما بين القدمين يجوز هنا الفتح والضم يجوز أن يقال وبكل خَطوة وبكل خُطوة كلاهما صحيح يمشيها يمشي بها يعني إلى الصلاة ونحو ذلك من سائر الطاعات صدقة وجاء في صحيح مسلم أن بني سَلِمة كانوا في ناحية من المدينة أرادوا أن يقتربوا أن ينقلوا بيوتهم مساكنهم إلى ناحيةٍ أقرب إلى المسجد فأنزل الله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي المَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآَثَارَهُمْ} فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه وقال لهم: “أدياركم تكتب آثاركم” إلزموا دياركم حيث أنتم حتى تكتب خطواتكم إلى المسجد حيث أنتم خطواتكم أكثر فيكون لكم ثوابٌ أكبر في ذهابكم إلى المسجد فلزموا حيث هم عند ذلك ولم ينتقلوا إلى حيث أرادوا نعم قال رسول الله: ويميط الأذى عن الطريق صدقة الشرح: يميط الأذى يزيل الأذى ما يؤذي المسلمين من الطريق من شوكة حجر نجاسة أو غير ذلك يكون له صدقة وهذه الخصلة ذكرت بعدما قبلها لأن ما قبلها أفضل منها بيانًا لكون ما قبلها أفضل منها ويدل على ذلك حديث مسلم:”الإيمان بِضعٌ وسبعون شعبه أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق” وأولى من إماطة الأذى عن الطريق إماطة الظالم من طريق الحق عند الاستطاعة كما لا يخفى. إسماعيل حلاق: رواه البخاري ومسلم الشرح: هذا الحديث أخرجه الشيخان البخاري ومسلم وفي روايةٍ لمسلم:” يصبح على كل سُلامى من أحدكم صدقة وأمرٌ بالمعروف صدقة ونهي عن المنكر صدقة ويجزأ عن ذلك ركعتان يركعهما من الضحى” معناه إذا صلى الإنسان في الضحى ركعتين لوجه الله تعالى قام ذلك مقام هذه الصدقات كلها عن كل هذه الأعضاء والمفاصل لماذا لأن الإنسان في الصلاة تتحرك مفاصله وأعضائه كلها في طاعة الله عزّ وجلّ فتقوم هاتان الركعتان مقام هذه الصدقاتِ التي تقدم كلها وما جاء في الحديث ما تقدم في الحديث ليس المراد به أن الصدقات محصورة فيما سمي بل هذا لتنبيه لتنبيه على أن أبواب الصدقة كثيرة ولتنبيه على أن الإنسان ينبغي أن يشكر ربّه تبارك وتعالى بفعل هذه الصدقات المتنوعة كل يوم يشكر ربّه على ما أنعم الله تبارك وتعالى عليه. والشكر نوعان درجتان شكرٌ واجب وشكرٌ مندوب أما الشكر الواجب فهو أن يستعمل نعم الله في طاعة الله ويمتنع عن أستعمال نعم الله في معصيته تبارك وتعالى هذه الدرجة من الشكر لابد منها لكل إنسان كل مكلف لابد أن يكون على هذا لا يستعمل أعضائه ومفاصله إلا في طاعة الله عزّ وجلّ ولا يستعمل شيئًا منها في معصيته تبارك وتعالى وأما من لم يفعل ذلك بل شكر الله بلسانه قال مثلًا الشكر لله الحمد لله مع عدم قيامه بالشكر بسائر الأعضاء أي مع عصيانه لله تبارك وتعالى بباقي أعضائه فحاله كما قال أبو حازمٍ الزاهد رحمه الله قال: “هذا مثل إنسان أخذ ثوبًا فأمسكه بفمه” أي فلم يستر به عورته ولا ستر به جسده ولا اتقى به الحر ولا اتقى به البرد وهكذا الإنسان الذي يقول بلسانه الشكر لله الحمد لله مع عصيانه لله تبارك وتعالى ووقوعه في معصية الله عزّ وجلّ بيده وبرجله وبفمه وبعينيه وببطنه ونحو ذلك فإن هذا لا يكون قد أدى الشكر الواجب لله تبارك وتعالى وإنما هذا الإنسان مقصرٌ غاية التقصير مقصرٌ تقصيرًا كبيرًا في شكر الله تبارك وتعالى إنما الشكر الواجب أن لا يستعمل نعم الله إلا في طاعة الله أن لا يستعملها في معصيته تبارك وتعالى. ثم هناك درجة ثانية هي الشكر المندوب الشكر المستحب الزائد على الشكر الواجب وهو أن يستعمل الإنسان نعم الله بعد أداء الفرائض وأجتناب المحرمات بنوافل الطاعات وهذه درجة السابقين المقربين وهي التي أرشد إليها النبي عليه الصلاة والسلام في أغلب ما ذكره في هذا الحديث المتقدم وإنما قلنا الأغلب لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض كفاية كما سبق أن شرحنا وعلى هذا كان نبينا محمدٌ عليه الصلاة والسلام فإنه كان يقوم في الصلاة حتى تتورم قدماه فيقال له يا رسول الله تفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فكان يقول: “أفلا أكون عبدًا شكورا” ألا أقوم بشكر الله تبارك وتعال بالأعضاء والنعم التي أعطاني الله تبارك وتعالى إيّاها أسأل الله أن يوفقنا لشكره الشكر الواجب والشكر المندوب وأن لا يجعلنا ممن يضيع ما أنعم الله تبارك وتعالى به علينا من نعمٍ في البدن ونعمٍ في المال ونعمٍ في الولد والله تبارك وتعالى أعلم وأحكم.