قال الشيخ جميل حليم
من نصائح الولي المرشد الشيخ الهرري
الحمد لله ربّ العالمين وصلى الله على سيدنا محمد طه النبي الأمي الأمين العالي القدر العظيم الجاه وعلى ءاله وصحبه ومن والاه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله وصفيه وحبيبه وخليله صلى الله عليه وعلى كل رسول أرسله ورضي الله عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وبقية العشرة ورضي الله عن كل الأولياء والصالحين.
الولاية بالعمل والعمل بالاستقامة والاستقامة قبل الموت”.
أما بعد، إخواني وأخواتي في الله حفظكم الله ورعاكم فمن إرشادات ونصائح وتوجهات ودرر مولانا المرشد المجتهد الحافظ ولي الله الصالح الشيخ عبد الله بن محمد الهرري رحمه الله رحمة واسعة يقول: “الولاية بالعمل والعمل بالاستقامة والاستقامة قبل الموت“. هذه العبارة وهذه الكلمة بينت من هو الولي وبينت أنه يصير وليًّا قبل الموت وبينت أن الولي لا يكون وليًا إلا بالعمل تعالوا أنا وأنتم لنرى ونعرف من هو الولي؟
الولي هو من تولاه الله بعنايته هو المسلم الذي تعلم الفرض العيني أدى الواجبات واجتنب المحرمات وأكثر من نوافل الطاعات هذا شرط الولي وهذا يكون بالتطبيق والتنفيذ والعمل والعمل يكون قبل الموت وليس بعده وبغير هذا الشرط لا يصل الإنسان إلى الولاية يعني إذا ترك هذا الشرط لا يكون وليًا من أولياء الله مهما أتعب نفسه بصور العبادات ومهما أتعب نفسه بالأوراد والأذكار وبقيام الليل وصيام النهار مهما انتسب للمشايخ وأخذ الطرق مهما زار من المقامات وتردد إلى حلقات الذكر مهما تغنى بكرامات الأولياء والصالحين لكنه لم يلتزم بالشرط الذي ذكرناه ولم يتحقق فيه هذا الشرط فهذا لو بقي إلى مائة سنة لا يكون وليًا.
إذًا الشرط الذي لابد منه ليصير وليًا ليصل إلى الولاية ليدخل في الولاية أولا الإسلام لماذا؟
لأن الإسلام شرطٌ في صحة وقبول الأعمال الصالحة يعني لو أردنا أن نتكلم عن الوضوء عن الصلاة عن الزكاة عن الحج عن الذكر عن الصدقات عن قراءة القرءان عن كل الحسنات عن كل الطاعات لا بد أن يكون الذي قام بهذه الطاعات والحسنات مسلمًا فإذا جاء من هو مرتد والعياذ بالله من كان على الردة من كان كافرًا وادعى زعم أنه من المسلمين ثم عمل صور الطاعات والعبادات فإنها لا تصح منه ولا تقبل وبما أن الولاية شرطها الإسلام شرطها الأول الإسلام شرطها الاساس الإسلام ليصح من هذا الإنسان بعد ذلك الطاعات والعبادات فكان الشرط الأول هو الإسلام في الولي وفي باقي المسلمين لتصح وتقبل منهم الأعمال الصالحة.
لأن من الناس من يكون والعياذ بالله تعالى على غير الإسلام وليس شرطًا أن ينتسب إلى اليهودية والبوذية والمجوسية ليس شرطًا أن يقول أنا نصراني إنما لو هو ادعى الإسلام لو هو انتسب للإسلام لكنه كان يعتقد عقيدة أو يقول كلامًا أو يعمل أعمالا تكذب الإسلام كالذي يعتقد والعياذ بالله تعالى أن نبيًا من الأنبياء كان على غير الإسلام كالذي يقول أو يعتقد بأن الله تعالى يتغير وأن العبد هو يخلق أفعال نفسه الإختيارية وليس الله يخلقها كالذي يعتقد أن الله حلّ في الكعبة أو أن الله يسكن السماء أو أن الله يجلس على العرش أو أن الله له كمية أو امتداد كالذي يعتقد أن الله حلّ في الجنة أو حل في الأولياء أو في الأنبياء هذا ليس من المسلمين كالذي إذا غضب أو لعب أو مزح سب الله سب الإسلام هذا ليس من المسلمين وعليه أن يرجع للإسلام بالشهادتين.
فإذًا هذا الإنسان الذي كان مرتدًا كان كافرًا ولو كان يزعم أنه مسلم لو كان يعتقد في نفسه أنه على الإسلام ولو كان يقول بلسانه عن نفسه إنه مسلم هذا عند الله كافر لأنه كان سب الله ولم يتشهد سب موسى أو عيسى ولم يتشهد شبه الله بخلقه نسب لله القعود الجلوس المكان التغير ولم يترك هذه العقيدة الكفرية ويرجع للإسلام بالشهادتين فهذا على الكفر ولو ادعى الإسلام ثم بعد ذلك لو على زعمه صام وصلى وجاء بصور كل العبادات لا تصح منه ولا تقبل.
عرفنا لماذا الشرط الأول في الولي هو الإسلام لأجل أن تصح منه وتقبل الأعمال الصالحة.
ومن الدليل القرءاني على أن الإسلام شرط في ذلك على أن الإيمان شردط في ذلك هذه الآية: { وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ} (سورة الكهف) انتبهوا ما قال ويبشر كل الناس هنا شرط بينته الآية وهو الإيمان {يُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ} بعد أن كانوا مؤمنين ماذا فعلوا قاموا بالأعمال الصالحة لاحظوا الآية:{وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا (2) مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا} هذا القرءان ولاحظوا إلى قول الله تعالى:{ وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا} (سورة النساء) هذا دليل قرءاني آخر والآيات كثيرة.
فإذًا أما من الحديث فما قاله صلى الله عليه وسلم:”أفضل الأعمال إيمان بالله ورسوله” صلى الله عليه وسلم وفي حديث آخر:”أفضل الأعمال إيمان لا شك فيه” إذًا الإيمان هو أساس هو شرط الإسلام شرط أساس وقد ورد في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم كان تهيأ للغزو تهيأ للقتال فجاء أحد المشركين وكان قد تقنع قال يا رسول الله أأسلم أم أقاتل وكان ما زال على الشرك لم يتشهد لم يدخل في الإسلام قال يا رسول الله أأسلم أم أقاتل قال:”أسلم ثم قاتل”. وما معنى كان مقنعًا يعني كان لبس ثياب القتال وأراد أن يدافع عن رسول الله لكنه كان على الشرك لم يكن قد دخل في الإسلام فانتبهوا لسؤال هذا الرجل يقول يا رسول الله أأُسلم أم أقاتل أرشده صلى الله عليه وسلم للأصل للأساس قال:”أسلم ثم قاتل” أسلم الرجل وكان صادقًا قاتل فقتل فقال صلى الله عليه وسلم:”عمل قليلًا وأُجر كثيرًا“.
فالإسلام هو الأصل وهو الأساس إذًا هذا الشرط الأول الإسلام ما هو الشرط الثاني؟
أن يتعلم الفرض العيني قدرًا من علم الدين يقال له علم الدين الضروري ويقال له علم الحال ويقال له الفرض العيني يعني فرض على كل مكلف بعينه أن يحصل هذا القدر من علم الدين يتعلق بالعقيدة وبالطهارة والصلاة بالأمور الضرورية وإذا كان يبيع ويشتري أو عنده مال أو يريد أن يتزوج عليه أن يتعلم الأحكام الضرورية من ذلك أيضًا فإن لم يتعلم وبقي جاهلًا لا يصير وليًّا لأنه يكون ضيع شرطًا أساس فرضًا مؤكدًا وهو هذا القدر من علم الدين الذي يقال له علم الدين الضروري أو علم الحال يحتاجه كل مكلف بالحال لا يستغني عنه فمن ترك هذا الفرض لم يتعلم هو فاسق ظالم لنفسه وقد ينجر إلى الكفر والعياذ بالله تعالى.
هذا الشرط الثاني أن يتعلم وقد قال صلى الله عليه وسلم:”طلب العلم (لاحظوا قال طلب العلم) فريضة على كل مسلم”. إذًا هذا العلم الذي تكلم عنه فرض واجب مؤكد على كل مكلف سواء تخرج من المدرسة أو لم يدخل الكتّاب سواء دخل الجامعة أو لم يعرف الابتدائية لكنه مكلف ولو كان لا يعرف القراءة والكتابة الأصل أن يسمع فيفهم هذا الأصل وهذا سهل جدًا المرأة الفلاحة البدوية تسمع وتفهم تعمل فتصير ولية وتقية وصالحة هذا الأصل ليس شرطًا أن تتخرج من الجامعة أن يكون مهندسًا أو أن يدخل المعاهد هذا لا شرط ولا ركن في ذلك.
فإذًا أن يكون مسلمًا أن يتعلم الفرض العيني ثم يؤدي الواجبات ويجتنب المحرمات مع الإخلاص ما هو الشرط الرابع؟
أن يُكثر من نوافل الطاعات ما هي النوافل النوافل يعني الأمور التي هي في مقابل الفرائض بعد أن أدى كل الفرائض التي عليه أكثر من السنن من النوافل الطاعات الزائدة على الفرائض فيكثر ولو أكثر من نوع واحد لا يشترط أن يكثر من كل أنواع النوافل لو أكثر من نوع واحد من أنواع النوافل يكفي كالصلاة النافلة أو الصيام أو الذكر مثلا يقول في اليوم مائة ألف تهليلة فالمهم أن يكون إكثارًا هذه هي شروط الولي من أخلَّ بواحدة منها من أخلّ بشرط بواحد من هذه الشروط فلا يكون وليًّا ولا يصل إلى الولاية وإذا كان فاسقًا ومات وهو فاسق بعد الموت لا يصير وليًّا.
إذًا نرجع إلى ما بدأنا به قال مولانا الشيخ رحمه الله:”الولاية بالاستقامة” ما معنى الاستقامة ملازمة الشريعة باطنًا وظاهرًا كما قال مولانا الغوث الإمام العظيم السيد الرفاعي الكبير رضي الله عنه وأرضاه وأمدنا بمدده قال:”طريقنا علم وعمل” ثم ماذا قال:”الاستقامة عين الكرامة“.
فإذًا قال رضي الله عنه:”الولاية بالاستقامة والاستقامة بالعمل والعمل قبل الموت“.لذلك اعملوا اجتهدوا في تحصيل العلم ثم بالعمل بالتطبيق مع الإخلاص وأكثروا من نوافل الطاعات هذا طريق الولاية وهو ممكن ليس مستحيلا.
نسأل الله تعالى أن يرزقنا وإيّاكم العلم والعمل مع الإخلاص وأن يرزقنا الاستقامة والكرامة والولاية إنه على كل شىء قدير والحمد لله ربّ العالمين.