fbpx

الوجيز في تفسير كتاب الله العزيز – سورة الغاشية

شارك هذا الدرس مع أحبائك

الشيخ رمزي شاتيلا تفسير سورة الغاشية بسم الله الرَّحمن الرَّحيم الحمد لله ربّ العالمين وصلَّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين، سنتكلم إن شاء الله تعالى في تفسير سورة الغاشية أعوذ بالله من الشيطان الرَّجيم بسم الله الرَّحمن الرَّحيم ﴿هَل أَتَاكَ حَدِيثُ الغَاشِيَةِ ﴾ معناه قد أتاكَ يا محمَّد حديث الغاشية أي خبر الغاشية والغاشيةُ هي القيامةُ لأنها تغشى الكُفَّار بأهوالها، فأهوالُ القيامة تُحيط بهم. ثم بيَّن الله عزَّ وجلَّ حالَ الكُفَّار فقال: ﴿وُجُوهٌ يَومَئِذٍ خَاشِعَةٌ﴾ أي وجوهُ الكُفَّارِ يومَ القِيامةِ تكون ذليلة. ﴿عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ﴾ أي بما تعالجه من السَّلاسِل والأغلال في النار، ناصبةٌ أي تعِبة بسببها. ﴿تَصلَى نَارًا حَامِيَة﴾ أي تُحرَّق في النَّار وتُقاسي حرَّها. ﴿تُسقَى مِن عَينٍ آَنِيَةٍ﴾ أي من عينٍ آن حرُّها. ﴿لَيسَ لَهُم طَعَامٌ إِلَّا مِن ضَرِيعٍ﴾ والضريع هو نبت ذو شوكٍ لاصقٌ بالأرض حتى البهائم لا ترعاه. ﴿لَا يُسمِنُ وَلَا يُغنِي مِن جُوعٍ﴾ فليس طعامًا مُغذّيًا وليس طعامًا يُغني من الجوع. ثم بيَّن الله عزَّ وجلَّ حالَ المؤمنين فقال ﴿وُجُوهٌ يَومَئِذٍ نَاعِمَة﴾ أي مُتَنعّمة ذاتُ نِعمةٍ ونَضارة. ﴿لِسَعيِهَا رَاضِيَةٌ ﴾ أي رضِيَت لعملها في الدنيا بالطاعة إذ كان ذلك العمل جزاؤُه الجنَّة. ﴿فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ﴾ هي عالية مكانًا ومكانة. ﴿لَا تَسمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً﴾ أي لا يُسمع في الجنَّة كلامٌ باطلٌ ولا إثم لا يسمعون فيها لغوًا ولا تاثيما إن قيلًا سلامًا سلاما. ثم قال الله عزَّ و جلَّ ﴿فِيهَا عَينٌ جَارِيَةٌ﴾ أي جاريةٌ بالماء والمرادُ فيها عيونٌ كثيرةٌ جاريةٌ بالماء. ﴿فِيهَا سُرُرٌ مَرفُوعَةٌ﴾ أي عاليةٌ في الهواء، و ذلك لأجل أن يرى المؤمنُ إذا جلس عليها جميعَ ما أعطاه الله عزَّ وجلَّ من النَّعيم في الجنَّة. ﴿وَأَكوَابٌ مَوضُوعَةٌ﴾ أي أكواب موضوعة على حافاة العيون مُهيأةٌ مُعدةٌ للشراب. ﴿وَنَمَارِقُ مَصفُوفَةٌ﴾ أي وسائِدُ صُفَّ بعضُها إلى جنبِ بعض. ﴿وَزَرَابِيُّ مَبثُوثَةٌ﴾ أي كل ما بُسط واتُكئ عليه وهذه البسط عِراضٌ فاخرةٌ كثيرةٌ متفرقةٌ هنا وهناك في المجالس. ثم قال الله عزَّ وجلّ ﴿أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيفَ خُلِقَت﴾ قوله تعالى أفلا ينظرون المراد به نظرُ اللاعتبار والمرادُ به كفَّار مكة وقوله تعالى إلى الإبِل ِكيف خُلقت المرادُ بالإبلِ الجِمال، وقد خصَّ الله عزَّ وجلَّ الإبل بالذكرِ دون غيرها لأنَّ العربَ لم يروا بهيمة قطُّ أعظمَ منها ولأنها كانت أنفَسَ أموالهم فإنه قد اجتمع فيها ما تفرَّق في غيرِها من المنافع من أكلِ لحمها وشربِ لبنِها والحملِ عليها والتنقلِ عليها إلى البلاد الشاسِعة وعيشها بأي نبات أكلته وتحتَمِلُ العطش إلى عشرة أيام فصاعدًا وطواعيَتِها لمن يقودها ولو لصبي صغير مع كونها في غاية القوة وتنهضُ بعد أن يُحمَل عليها الأحمال الثّقال وهي جالِسة. ﴿وَإِلَى السَّمَاءِ كَيفَ رُفِعَت﴾ أي رفعًا بعيد المدى بلا عمَد. ﴿وَإِلَى الجِبَالِ كَيفَ نُصِبَت﴾ أي نصبت على الأرض نصبا ثابتًا فهي راسخةٌ باذن الله سُبحانه وتعالى. ﴿وَإِلَى الأَرضِ كَيفَ سُطِحَت﴾ أي بُسطت ووُسّعت ثم قال الله عزَّ وجلّ. ﴿فَذَكّر إِنَّمَا أَنتَ مُذَكّرٌ﴾ أي عِظ يا محمَّد إنَّما أنت مُذكِر أي واعظ. ﴿لَستَ عَلَيهِم بِمُصيطِرٍ﴾ أي أنت لا تملِك قلوبَهم أنت لا تخلُق الهداية في قلب من أحببت له الهداية يا محمد إنما الله عزَّ وجلَّ هو الذي يخلقُ الهداية في قلبِ من شاء. ثم قال الله عزَّ وجلّ ﴿إِلَّا مَن تَوَلَّى وَكَفَرَ﴾ أي لكن من أعرض عن الإيمان وكفر بالله فإن الله قاهِرُه. فقال الله عزَّ وجلّ ﴿فَيُعَذّبُهُ اللَّهُ العَذَابَ الأَكبَرَ﴾ أي العذابَ في الآخرة أي عذابَ جهنَّم. ثم قال الله عزَّ وجلّ ﴿إِنَّ إِلَينَا إِيَابَهُم﴾ أي مرجِعُهم إلى الله. ﴿ثُمَّ إِنَّ عَلَينَا حِسَابَهُم﴾ نسأل الله عزَّ وجلّ السلامةَ والحمدُ لله ربّ العالمين وصلَّى الله على سيدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلّم والله أعلم وأحكم .