الشمائل المحمدية
قال الشيخ سمير القاضي حفظه الله:
0009
باب ما جاء في عمامة وباب ما جاء في إزار
وباب مشية وباب تقنع وباب جلسة الرسول
الحمد لله تعالى والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى ءاله وصحبه الطيبين الطاهرين أسأل الله أن يرزقنا النية الحسنة نكمل إن شاء الله من حيث كنّا وصلنا في كتاب الشمائل المحمدية للحافظ أبي عيسى الترمذي رحمه الله تعالى.
القارئ: بسم الله والحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله بالإسناد إلى الإمام الترمذي رحمه الله قال باب ما جاء في عمامة رسول الله صلى الله عليه وسلم
(هذا الباب معقود لبيان عِمامة النبي عليه الصلاة والسلام كيف كانت)
القارئ: قال حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن حماد بن سلمى ح قال وحدثنا محمود بن غيلان قال حدثنا وكيع عن حماد بن سلمى عن أبي الزبير عن جابر ابن عبد الله قال دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح وعليه عمامة سوداء (كانت عمامته عليه الصلاة والسلام سوداء)
وبه قال حدثنا ابن أبي عمر قال حدثنا سفيان عن مساور الوراق عن جعفر بن عمرو بن حُريث عن أبيه قال رأيت على النبي صلى الله عليه وسلم عِمامة سوداء (نعم يشبه الذي قبله)
وبه قال حدثنا محمود بن غيلان ويوسف بن عيسى قالا حدثنا وكيع عن مشاور الوراق عن جعفر بن عمرو بن حريث عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس وعليه عِمامة سوداء
وبه قال حدثنا هارون بن اسحاق الهمداني قال حدثنا يحيى بن محمد المدني (الهمداني نسبة لقبيلة همدان وهي قبيلة يمنية وهذا مختلف عما لو قيل الهمذاني فإن الهمذاني نسبة إلى مدينة يقال لها همذان في إيران).
قال حدثنا يحيى بن محمد االمدني عن عبد العزيز بن محمد عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اعتم (أي إذا لف العمامة إذا وضع إذا كوّر العمامة إذا وضع العمامة على رأسه) سدل عمامته بين كتفيه (جعل لعمامته عذبة وسدلها بين كتفيه صلى الله عليه وسلم أنزلها تركها تنزل بين كتفيه والعمامة تحصل السنة بها تحصل السنة بها إن جعل الإنسان لها عذبة مثل هذه أو لم يجعل لها عذبة تحصل السنة بها)
قال نافع وكان ابن عمر يفعل ذلك ( ابن عمر كان يجعل لعمامته عذبة ويتركها تنزل بين كتفيه) قال عبيد الله ورأيت القاسم بن محمد (القاسم هو القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق أحد فقهاء المدينة السبعة) قال عبيد الله ورأيت القاسم بن محمد وسالمًا (سالم هو سالم بن عبد الله بن عمر أيضًا من كبار فقهاء المدينة) يفعلان ذلك.
وبه قال حدثنا يوسف بن عيسى قال حدثنا وكيع قال حدثنا أبو سليمان وهو عبد الرحمن ابن الغسيل عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب وعليه عصابة دسماء (عصابة ما يشد به الرأس والمراد هنا العمامة وعلى رأسها عمامة دسما الدسماء يعني لونها مائل إلى السواد الدسمة غبرة مائلة إلى السواد بل في بعض الروايات لهذا الحديث أنه كان يضع عمامة سوداء هذا يدل أن هذا المراد بكلمة دسماء)
باب ما جاء في صفة إزار رسول الله صلى الله عليه وسلم
(هذا الباب معقود لبيان صفة إزار النبي صلى الله عليه وسلم والإزار ثوب قطعة قماش يلف على الجزء الأسفل من البدن كما هو مشهور في أيامنا بين أهل اليمن وغيرهم وبلاد أخرى كبلاد الحبشة وبلاد الصومال وغيرها وبلاد الهند وغيرها وبلاد أندونيسيا وغير ذلك يلبسون هذا الإزار قطعة قماش ثوب يلف على الجزء الأسفل من البدن يتزر به الرجل وتتزر به المرأة ).
وبه قال حدثنا أحمد بن منيع قال حدثنا إسماعيل بن إبراهيم قال حدثنا أيوب عن حميد بن هلال عن أبي بردة قال أخرجت إلينا عائشة رضي الله عنه كساء ملبدًا (الكساء هو ما يلبس يوضع يستر به الجزء الأعلى من البدن مقابل الإزار الإزار يُستر الجزء الأسفل الكساء قطعة قماش ثوب يستر به الجزء الأعلى من البدن) كساء ملبدًا ( ملبدًا له لبد يعني كساء مرقوعًا في بعض المواضع رُقع فصارت سمكته في تلك المواضع أكبر من مواضع أخرى) وإزارًا غليظًا (غليظًا المراد به هنا خشنًا ليس ناعمًا) فقالت قبض روح رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذين ( يعني هذا كان لباس النبي عليه الصلاة والسلام عندما مات قُبض عليه الصلاة والسلام في هذين وهذا يدلك على شدة إعراض النبي عليه الصلاة والسلام عن الدنيا وعدم مبالاته بها أن كساءه كان ملبدًا وأن إزاره مان خشنًا غليظًا صلى الله عليه وسلم).
وبه قال حدثنا محمود بن غيلان قال حدثنا أبو داود عن شعبة عن الأشعث بن سليم قال سمعت عمتي تحدث عن عمها أنه قال بينا أنا أمشي بالمدينة إذا إنسان خلفي يقول ارفع إزارك (ارفع إزارك لا تتركه نازلا إلى الأرض ارفعه) فإنه أنقى وأبقى (أنقى للإزار وأنقى للقلب أنقى للقلب للبعد عن الرياء وعن العجب أنقى للإزار للبعد عن الإستاخ وحمل الأقذار والنجاسات وأبقى أحفظ له يستمر عندك مدة أطول) فإذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم (فإذا هو الذي يقول لي ذلك هو النبي عليه صلاة الله وسلامه) فقلت يا رسول الله إنما هي بردة ملحاء ( هذه بردة ملحاء ليس لها قيمة كبيرة فيها بياض وسواد مختلط هذا معنى ملحاء تأنيث أملح الأملح هو الأبيض الذي فيه سواد هذه البردة هكذا ما لها قيمة عالية هذا معناه) فقال أما لك فيّ أسوة ( أما تريد أما تحب أن تتآسى بي ما لك فيّ أسوة ما تريد أن تقتدي بي) فنظرت فإذا إزاره إلى نصف ساقيه (إجعل إزارك مثل إزاري إلى نصف الساق وفيه إشارة واضحة لهذا الحديث إلى حسن الإقتداء حسن التأسي برسول الله صلى الله وان التأسي به مطلوب في اللباس ةفي الأكل وفي الشرب وفي الكلام وفي غير ذلك في اللباس وفي المشي وفي النوم وغير ذلك التأسي بالنبي عليه الصلاة والسلام في الأحوال المختلفة مطلوب قال عليه الصلاة والسلام أما لك فيّ أسوة حسنة كما قال ربنا عزّ وجلّ:{لقد لكم في رسول الله أسوة حسنة فالتأسي به عليه الصلاة والسلام في أحواله المختلفة شىء حسن مطلوب يمدح فاعله ويحث عليه ولا يعاب عليه ولا يقال ذاك زمن غير هذا الزمن أو ما يشبه هذه الكلمات الجوفاء التي لا معنى لها فإن أحسن الأدب أدب النبي عليه الصلاة والسلام وخير الهدي هدي محمد عليه الصلاة والسلام ولا أسوة أحسن من محمد صلى الله عليه وسلم ولا أفضل ولا أرفع صلوات الله ربي وسلامه عليه)
وبه قال حدثنا سويد بن نصر قال حدثنا عبد الله بن المبارك عن موسى بن عبيدة عن إياس بن سلمة بن الاكوع عن أبيه قال كان عثمان بن عفان يأتزر إلى نصف ساقيه( يجعل إزاره ينتهي من جهة تحت إلى منتصف الساق تأسًا بالنبي صلى الله عليه وسلم) وقال هكذا كانت إزرت صاحبي يعني النبي صلى الله عليه وسلم (إزرت صاحبي أي بحيث ينتهي إزار النبي عليه الصلاة والسلام من جهة تحت الإزرة حالة الإزار وهيئته على هذه الحال كان إزار النبي عليه الصلاة والسلام).
وبه قال حدثنا قتيبة قال حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن مسلم بن نُدير عن حذيفة بن اليماني قال أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعضلة ساقي ( أمسكها أمسك عضلة ساقي) أو قال ساقه (يعني الراوي شك هل قال بعضلة ساقي انا أو عضلة ساقه هو عليه الصلاة والسلام) فقال هذا موضع الإزار (هذا هو الموضع الذي المستحب أن ينتهي نزول الإزار إليه) فإن أبيت فأسفل( إذا أبيت إنزل عن هذا إلى أسفل) فإن أبيت فلا حق للإزار في الكعبين (والهيئة المستحبة أن لا يصل الإزار إلى الكعبين فأما إذا وصل إلى الكعبين فيباح ذلك ولا يكره فإن نزل عن الكعبين أسفل من الكعبين كره إذا كان الإزار نازلا أسفل من الكعبين فهو مكروه إذا كان وصل إلى الكعبين وغطاهما أو غطى جزءًا منهما فهو ليس مكروهًا لكن ليست هذه الحالة المستحبة فإذا فوق الكعبين فهذه هي الحالة المستحبة والأحسن والأكمل أن يكون إلى منتصف الساق إلى عضلة الساق)
باب ما جاء في مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم
( أي هذا الباب يذكر يتكلم فيه الترمذي رحمه الله يذكر الأحاديث التي فيها كيف كان رسول الله عليه الصلاة والسلام يمشي صفة مشيه عليه الصلاة والسلام كيف كانت)
وبه قال حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا بن لهيع عن أبي يونس عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:" ما رأيت شيئًا أحسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم(ما رأيت شيئًا أجمل منه أجمل ما رأيت هو محمد عليه الصلاة والسلام ما رأيت لا شمسًا ولا قمرًا ولا غير ذلك من خلق الله أجمل من نبي الله عليه الصلاة والسلام )
كأن الشمس تجري في وجهه ( كأنه جريان ماء الحسن في وجهه كأنه جريان الشمس في الفلك لكن عكس للمبالغة فقال كأن الشمس مثل جريان ماء الحسن كأن جريان الشمس كجريان ماء الحسن في وجهه عليه الصلاة والسلام) وما رأيت أحدًا أسرع في مشيه من رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما الأرض تطوى له (كأنما الأرض تطوى له كأن الأرض هي تقرب إليه لأن مشيه عليه الصلاة والسلام كان سريعًا ومع ذلك كان بلا تكلف بلا بذل جهد من غير تكلف كان يمشي مشية سريعة عليه الصلاة والسلام كأن الأرض هي تطوى هي تقرب إليه ) إنّا لنجهد أنفسنا (أي نحن كنا نبذل الجهد نتعب أنفسنا نبذل الجهد حتى نلحقه) وإنه لغير مكترث (غير مبال معناه لا يبذل الجهد يمشي مسرعًا كذلك من غير بذل جهد في هذا)
وبه قال حدثنا علي بن حُجر وغير واحد قال حدثنا عيسى بن يونس عن عمر بن عبد الله مولى غفرة قال حدثني إبراهيم بن محمد من ولد علي بن أبي طالب هذه أيضًا قطعة من الحديث هو حديث واحد مروي عن إبراهيم بن محمد الذي هو من ذرية سيدنا علي بن محمد ابن الحنفية رضي الله تعالى عنه حديث واحد لكن في كل باب يورد الترمذي قطعة منه تناسب الباب)
قال كان علي إذا وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كان إذا مشى تقلع (تقلع يعني يمشي مشية قوية كما وصفنا قبل يرفع رجله من الأرض بقوة ويمشي مشية قوية مشية أهل النشاط مشية قوية سريعة ثابتة في الأرض) كأنما ينحط من صبر (مع ميل إلى الأمام من النشاط في المشية كأنه في سرعته ونشاطه ينزل من فوق إلى تحت في مشيته)
وبه قال حدثنا سفيان بن وكيع قال حدثنا أبي عن المسعود عن عثمان نافع بن جبير بن مطعم عن علي بن أبي طالب أنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا مشى تكفّأ تكفئًا (تكفأ تكفئًا كما قلنا مشى بنشاط وهذا المشي بنشاط يجعله يميل إلى الأمام في المشي) كأنما ينحط من صبب (كأنما ينزل من حدور من فوق إلى تحت ينزل الذي يريد الكمال ينبغي أن يقتدي برسول الله عليه الصلاة والسلام في أحواله في مشيه وكلامه ولباسه وأكله وشرابه وغير ذلك وفي ذلك الفلاح ولا يبالي بإنتقاد بعض الناس في ذلك فإن ذلك في غير محله)
باب ما جاء في تقنع رسول الله صلى الله عليه وسلم
(كما كنّا ذكرنا هذا الباب معقود لبيان قناع رسول الله عليه الصلاة والسلام والقناع هو قطعة قماش يستر بها الرأس بعد أن يدهن بعد دهن الرأس)
وبه قال حدثنا يوسف بن عيسى قال حدثنا وكيع قال حدثنا الربيع بن صبيح عن يزيد بن ابانا عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال كان رسول الله صلى الله عليه يكثر القناع كأن ثوبه ثوب زيات ( قلنا المراد بالثوب التي يضعها هذه الخرقة التي يضعها على رأسه عليه الصلاة والسلام كأنها ثوب زيات)
باب ما جاء في جلسة رسول الله صلى الله عليه وسلم
(كيف جلس على أية كيفية جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم)
وبه قال حدثنا عبد بن حميد قال حدثنا عفان بن مسلم قال حدثنا عبد الله بن حسان عن جدتيه عن قيلة بنت مخرمة (عن جدتيه المراد صفية ودحيبة) أنها رأت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد وهو قاعد القرفصاء (وهو قاعد القرفصاء يعني قاعد على ألييه وهو ناصب لساقيه ممسك للساقين بيديه وهذه قعدة المتواضعين قعدة المساكين كان النبي عليه الصلاة والسلام قاعد في المسجد على هذه القِعدة) قالت فلما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم المتخشع في الجلسة (المتخشع الساكن الذي هو قاعد على هذه الهيئة ساكنا سكونًا تامًا) أُرعبت من الفَرق ( صرت ارتعب أرتجف من الفرق أي من الخوف خوف الهيبة خوف التعظيم الذي وقع في قلبها لرسول الله عليه الصلاة والسلام إذًا قعد النبي عليه الصلاة والسلام ويقولون هذه من أخشع الجلسات أو أخشعها أن يقعد الإنسان على هذه الهيئة على ألييه ناصبًا لساقيه ممسكًا لهما بيديه)
وبه قال حدثنا سعيد بن عبد الرحمن المخزومي وغير واحد قالوا حدثنا سفيان عن الزهري عن عباد بن تميم عن عمه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم مستلقيًا في المسجد واضع إحدى رجليه على الأُخرى (واضعًا إحدى رجليه على الأخرى هل كان ناصبًا لإحدى رجليه واضعًا الأخرى عليها أو كان مادًا لها واضعًا الأخرى عليها هذا محتمل وهذا محتمل الأقرب أنه كان ناصبًا لإحدى رجليه واضعًا الأخرى عليها طيب إذا قيل أليس ورد النهي عن فعل ذلك أي صحيح ورد النهي عن فعل ذلك إن يفعل الرجل في المسجد ونحو هذا إذا كانت تنكشف عورته بهذه الطريقة أما إذا وضع إحدى رجليه على الأخرى من غير أن تنكشف عورته فلا يدخل هذا في ذلك النهي ليس هذا هو المقصود بذلك النهي الذي نهاه النبي عليه الصلاة والسلام إذا لم يخشى إنكشاف العورة لا يكون هو المراد المراد إذا كان يخشى إنكشاف العورة وفعله النبي عليه الصلاة والسلام بيانًا لجوازه)
وبه قال حدثنا سلمة بن شبيب قال حدثنا عبد الله بن إبراهيم المدني قال حدثنا إسحاق ابن محمد الأنصاري عن ربيح بن عبد الرحمن بن سعيد عن أبيه عن جده أبي سعيد الخدري قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس في المسجد إحتبى بيديه (يعني جلس على ألييه نصب ساقيه وأمسك بيديه بساقيه الإحتباء أن يجلس على يديه وينصب ساقية ثم يمسك بساقيه إما بثوب إما بعمامة إما برداء إما بيديه النبي عليه الصلاة والسلام كان يحتبي بيديه صلى الله عليه وسلم)
نسأل الله أن ييسر لنا الإقتداء به في كل أحواله صلاة ربي وسلامه عليه ونقف هنا والله تعالى أعلم.