fbpx

الدرة البهية – الدرس 16

شارك هذا الدرس مع أحبائك

قال المؤلف رحمه الله: والحَوضُ الذي أَكرَمَهُ الله تَعَالى به غِياثًا لأمتِهِ حَقٌّ. الشرح أنه يجب الإيمان بالحوض الذي يشرب منه المؤمنون يوم القيامة، أي أن الله تبارك وتعالى أعدَّ الحوضَ لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم إنقاذًا لمن كان عَطِشًا من أمته في القيامة فإنَّ مَن شرب منه لا يظمأ بعد ذلك، وأما من لم يكن أصابه عطش وهم الأتقياء فإنما يشربون تلذذًا. قوله «غِياثًا لأمتِهِ» أي مغوثةً لهم، وإنما قال غياثًا لأمته لأن الناس عندما يشتدُّ عَطشُهم عندما تدنو الشمسُ منهم ويعظُمُ كربُهم فيمرون عليه يكون غياثًا عند مِسَاسِ الحاجة في كُربات الموقف يوم القيامة. قال المؤلف رحمه الله: والشَّفَاعَةُ التي ادَّخَرَها لَـهُم حَقٌّ كما رُويَ في الأخبارِ. الشرح يجب الإيمان بالشفاعة التي ادخرها النبي لأمته، ومعنى الشفاعة سؤالُ الخير من الله تبارك وتعالى للأمة أي أن الرسول يطلب يومَ القيامة من ربّه إنقاذَ خلقٍ كثيرٍ من أمته من النار بعد أن دخلوها لبعضهم وبعدمِ دخولها لبعض ءاخرين. والذي خُصَّ به نبيُّنا صلى الله عليه وسلم من الشفاعة هو الكثرةُ التي لا تحصل لغيره من الأنبياء وليس المراد أن مَن سواه من الأنبياء لا يشفعون بل الشفاعة لهم ثابتة. قال المؤلف رحمه الله: والمِيثَاقُ الذي أَخَذَهُ الله تعالى مِن ءادَمَ وَذُريَّتِهِ حَقٌّ. الشرح أن الميثاق الذي أخذه الله على ءادم هو الميثاق الذي شمل الأنبياء قال تعالى {وَإِذ أَخَذنَا مِنَ النَّبِيّينَ مِيثَاقَهُم وَمِنكَ وَمِن نُوحٍ وَإِبرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابنِ مَريَمَ وَأَخَذنَا مِنهُم مِيثَاقًا غَلِيظًا} [سورة الأحزاب].ش أما الميثاق الذي أُخذ من ذرية ءادم فهو ما ذكره الله تعالى بقوله {وَإِذ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِم ذُرّيَّتَهُم وَأَشهَدَهُم عَلَى أَنفُسِهِم أَلَستُ بِرَبّكُم قَالُوا بَلَى شَهِدنَا أَن تَقُولُوا يَومَ القِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَن هَذَا غَافِلِينَ} [سورة الأعراف]. وهذا الميثاق أي العهد هو اعترافُهم بعد أن استخرجهم من ظهر ءادمَ بعدما نزل إلى الأرض فصوَّرهم وخلقَ فيهم المعرفةَ والإدراكَ بأنه لا إلـه لهم إلا الله فجميع ذرية ءادم اعترفوا ذلك اليوم. قال المؤلف رحمه الله: وَقَد عَلِمَ الله تَعالى فِيما لَم يَزَل عَدَدَ مَن يَدخُلُ الجَنَّةَ وَعَدَدَ مَن يَدخُلُ النارَ جُملَةً وَاحِدَةً فَلا يُزَادُ في ذلِكَ العَدَدِ وَلا يُنقَصُ مِنهُ، وَكَذلِكَ أَفعَالُـهُم فِيمَا عَلِمَ مِنهُم أَن يَفعَلُوه، وَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِـمَا خُلِقَ لَهُ. الشرح أن الجملة الأولى التي فيها بيان إحاطةِ علم الله بمن يدخل الجنة تفصيلًا وبعدد من يدخل النار تفصيلًا بيانٌ لسعة علم الله وأن علمه لا يقدَّر بمعلوم الخلائق، وحسمًا لمادة الشك في القضاء والقدر من الضَّعفة أي ضعفة الأفهام ودفعًا لتلبيس أوهام القدرية أي المعتزلة على العوام حيث قالوا كيف يعذب الله على ما قضاه وقدَّره فبيَّن الطحاوي ما يؤيد ذلك. ومعنى ذلك أن الله عَلِمَ عدد من يدخل الجنة أنهم يؤمنون ويطيعون عن اختيار وإيثار، وعَلِمَ عدد من يدخل النار أنهم يكفرون ويخالفون أوامره عن اختيار منهم عند وجودهم وكونهم بصفة البلوغ والعقل فلا يستوجبون النار عن جبر واضطرار، ويستحيل أن لا يعلم ما يكون من مخلوقاته قبل وجودهم إذ ذاك جهل والجهل في حق القديم محال، فثبت سَبقُ علمه في الأزل بما يكون من مخلوقاته. أما قول المؤلف «وَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِـمَا خُلِقَ لَهُ» هذا لفظ حديث مشهور صحيح الإسناد رواه أصحاب الكتب الستة والمعنى أنه من قُدّر أنه من أهل الجنة قُدّر له ما يُقَرّبُهُ إليها من قول وعمل وَوُفق لذلك، ومن قُدّر أنه من أهل النار قُدّر له خلافُ ذلك فأتى بأعمال أهل النار وأصرَّ عليها حتى طَوَى عليه صحيفةَ عُمُرِهِ. قال المؤلف رحمه الله: وَالأَعمَالُ بِالـخَواتِيمِ. الشرح معنى «الأَعمَالُ بِالـخَواتِيمِ» أي أن الجزاءَ يكون على ما يُختم به للعبد من العمل فمن خُتِمَ له بعمل أهل السعادة فهو سعيد ومن خُتِمَ له بعمل أهل الشقاوة فهو شقي فمن عاش كافرًا ثم أسلم ومات على عمل أهل الجنة فهو يُجازى بما خُتِمَ له به، ومَن كان على عكس ذلك فيُجَازى بحسب ما خُتِم له به. قال المؤلف رحمه الله: وَالسَّعيدُ مَن سَعِدَ بِقَضَاءِ الله تَعَالى وَالشَّقِيُّ مَن شَقِيَ بِقَضَاءِ الله تَعَالى. الشرح أن السعيدَ من خَلَقَ الله تبارك وتعالى فيه الإيمانَ والطاعةَ فجرى ذلك على يده وماتَ عليه، والشقيَّ من خَلَقَ الله تبارك وتعالى فيه الشرَّ فأجراه على يده ومات عليه.