قال الشيخ سمير القاضي حفظه الله
الحمد لله ربّ العالمين أصلي وأسلم على سيدنا محمّد وآله وصحبه الطيبين الطاهرين.
كلامنا إن شاء الله تعالى يكون في أو على الحديث الحادي والثلاثين من الأربعين النووية
قال إسماعيل حلاق: الحادي والثلاثون
الشرح: يعني الحديث الحادي والثلاثين
قال إسماعيل حلاق: عن أبي العباس سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه
الشرح: وهو أنصاري آخر من توفي بالمدينة من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي سنة إحدى وتسعين عن سن مائة وكان الأولى على طريقة النووي رحمه الله أن يقول رضي الله عنهما لأن والده صاحبي أيضًا.
قال اسماعيل حلاق: قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله دلني على عمل
الشرح: دلني على عمل يريد أرشدني يا رسول الله إلى عمل عظيم القدر جليل كثير الفضل يجلب الخيرات ويدفع الشرور دلني على عمل عظيم
قال إسماعيل حلاق: دلني على عمل إذا عملته أحبني الله وأحبني الناس
الشرح: ويكون صفة هذا العمل أنني إذا قمت به أحبني الله وأحبني الناس أما محبة الله تبارك وتعالى فهي إرادة الرحمة والثواب هذا معنى المحبة من الله عزّ وجلّ ومن النّاس المحبة معناها الشفقة وإرادة المنفعة.
قال إسماعيل حلاق: فقال ازهد في الدنيا
الشرح: قال له عليه الصلاة والسلام جملتين الجملة الأولى هي هذه
قال رسول الله: فقال ازهد في الدنيا
الشرح: ازهد في الدنيا، الدنيا في الأصل معناها الأرض وما عليها من جماد ونبات وحيوان هذا معنى الدنيا لكن أيضًا الدنيا تطلق على ما يذم من الأعيان والأعمال من الأحجام ومن الأعمال ما يذم من الأعيان من الذوات ومن الأعمال أيضًا يطلق عليه الدنيا أحيانًا تستعمل الدنيا بمعنى الأرض وما عليها من ناس نبات بهائم ونحو ذلك وأحيانًا تستعمل الدنيا بمعنى الشىء المذموم من الذوات ومن الأعمال هنا المراد بها المعنى الثاني وهو الشىء المذموم ازهد في الدنيا معناه أعرض عنها لا تلفت إليها لا تبالي بإقبالها ولا بإدبارها أقبلت عليك أو ذهبت عنك لا تبالي بها اشتغل فيها بما يعنيك وما يعينك على أمر آخرتك اشتغل فيها بتعظيم أمر الله وبالشفقة على خلق الله تبارك وتعالى لأن الدنيا لا قدر لها عند الله سبحانه وتعالى جاء في الحديث الذي رواه مسلم وغيره أن رسول الله عليه الصلاة والسلام كان يومًا يمر في السوق وكان معه الناس عن جانبيه فمر بجدي يعني عنز صغير بجدي أسك أذنه صغيرة وهذا لا يُرغب فيه عادة ميت فقال النبي عليه الصلاة والسلام:”من يشتري هذا فقالوا ومن يرغب فيه يا رسول الله إنه لو كان حيًا لكان أسك كيف وهو ميتا من يرغب فيه فقال:” لدنيا أهون عند الله من هذا عندكم” يعني أن الدنيا عند الله تبارك وتعالى ليس لها قدر ليس لها فضل كما صح في الحديث: “لو كانت الدنيا تساوي عند الله جناح بعوضه ما سقى الكافر منها جرعة ماء” أو كما قال عليه الصلاة السلام فمعنى الزهد في الدنيا حمل النفس على الانصراف عن متاعها لأن النفس تميل إلى الدنيا فحمل النفس عن الانصراف عن متاعها مع قدرة الإنسان عليه هذا هو الزهد في الدنيا هو قادر على نيلها ومع ذلك يصرف نفسه عنها ولا يُعلق قلبه بها ويشتغل بأمر الآخرة هذا هو الزهد في الدنيا ثمرته ماذا ينتج هذا الزهد ثمرته القناعة منها بما يعني الإنسان وبما يحتاجه الإنسان ثمرة هذا الزهد أن يقنع من الدنيا بما يحتاجه حتى يغتنم الوقت والجهد للعمل للآخرة للعمل لما بعد الموت من عرف قدر الدنيا من عرف صغارها أن ليس لها شأن من عرف تقلبها وسرعة تقلبها من عرف أنها تستحوذ على قلب طالبها إذا طلبها الإنسان يغرق فيها تسيطر على قلبه وتشغل كل وقته مع نعومة ملمسها لكن شدة سمها لا يتنبه لنعومة ملمسها لنقاعة سمها من عرف هذا وكانت نفسه لا تتعلق بالسفاسف لا تتعلق بالأمور السخيفة التي لا فائدة منها إنما تحب الارتفاع إلى المعالي أعرض عنها ولو باشرها بيده استحقرها وجعلها خلف ظهره ولو عمل فيها لأنه لا يعلق قلبه بها إنما يتخذها مطية ليصل بها إلى ما يرضي الله تبارك وتعالى الذم الوارد في الدنيا ليس لزمانها ليس الذم لليل والنهار لأ.
الذم الوارد في الدنيا ليس لمكانها وهو الأرض الذم الوارد في الدنيا ليس لما يحتاجه العباد في معايشهم بل القيام بهذا فرض كفاية كما هو معلوم الذم الوارد في الدنيا ليس متوجهًا إلى الكسب من الحلال مع حسن النية بل جاء في الحديث:”نعم المال الصالح للرجل الصالح” المال الذي يكتسب من حلال بنية صالحة بنية أن يكفي الإنسان نفسه عن مد اليد إلى الغير بنية أن ينفق النفقة الواجبة عليه بنية أن يتصدق من هذا المال وأن يصرفه في وجوه الخير هذا المال واكتسابه نعم المال ونعم العمل كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كان سيدنا عثمان تاجرًا وهو من العشرة المبشرين بالجنة وكان عبد الرحمن بن عوف تاجرًا وهو من العشرة المبشرين في الجنة كان عبد الله بن المبارك تاجرًا وهو إمام عظيم وكل من هؤلاء
كان زاهدًا في الدنيا مع اشتغاله لماذا لأن الواحد منهم كان يأخذ من الدنيا ويترك يتناول منها ويعطي لله تعالى إذا تناول تناول بالنية الحسنة وإذا أعطى أعطى بالنية الحسنة كان الواحد منهم يأخذ منها ويُعطي بما يبني به آخرته وهكذا من أخذ لله وأعطى لله فهو زاهد ولو كان في يده ملايين من الدراهم الآف الآف الدراهم وأما من كان أخذه ليس لله وأعطاءه ليس لله من كان تركه ليس لوجه تبارك وتعالى وأعطاءه ليس لوجه الله تبارك وتعالى فهو ليس زاهدًا ولو كان الذي في يده القليل إذا كان قلبه متعلقًا بالدنيا يتبعها يسعى خلفها يعمل لأجلها فهذا ليس زاهدًا في الدنيا إذا كان الإنسان لا يعلق قلبه بها إنما يستغل دنياه للعمل لأُخراه فهذا هو الزاهد في الدنيا ينبغي على الإنسان أن يبتعد عن شغل قلبه لهذه الدنيا وأن يزهد فيها لأن هذه شيمة الصالحين النبي عليه الصلاة والسلام قال:”إن الله ليحمي عبده (يحمي عبده الصالح الذي يحبه سبحانه وتعالى) إن الله ليحمي عبده الدنيا وهو يحبه كما تحمونا مريضكم الطعام والشراب تخافون عليه”. فكل ما ألهاك عن طلب الآخرة فهو متاع الغرور وما لم يلهك عن طلب الآخرة فليس متاع الغرور ولكنه متاع بلاغ يبلغك إلى ما هو خير هذا من حيث الإجمال عند التفصيل الزهد يرجع إلى أمور ثلاثة يعني مثلا حتى أبين أكثر عبد الله بن المبارك كان يتجر نعم لكن في آخر العام كان يأخذ الربح ثم يُقسم هذا الربح على أُناس من الصالحين المحتاجين إلى المال يعرفهم يُرسل إلى هذا وإلى هذا وإلى هذا حتى ينفده كله عثمان رضي الله عنه لما عرف بحاجة المسلمين إلى بعض الآبار دفع في ثمن شطره نصف هذا البئر مالا عظيمًا ثم جعله للمسلمين لما عرف أن النبي عليه الصلاة والسلام محتاج إلى النفقة لتجهيز جيش العسرة تصدق بمائة ناقة بأحلاسها وأكتابها ثم حث النبي تصدق بماء ثانية ثم حث تصدق بمائة ثلاثة لوجه الله تعالى هكذا يكون الذي ليس متعلق القلب بالدنيا أما المتعلق القلب بالدنيا لو كان الذي معه قليل فإنه يحرص عليه لا يريد أن يتصدق منه يصرف وقته في زيادته يسعى لجمعه يفكر يصرف وقته وتفكيره في هذا مثل هذا ليس زاهدًا في الدنيا ولو كان من أفقر الفقراء ومثل الذين ذكرناهما قبل يكون زاهدًا ولو كان في يده المال الكثير.
لذلك كان السيد أحمد الرفاعي يقول:” لا أقول لكم لا تعملوا لا تشتغلوا لا تباشروا الدنيا بأيديكم ولكن أقول لكم لا تعلقوا قلوبكم بها”.
ثم الزهد في الدنيا يرجع إلى أمور ثلاثة هذه الأمور الثلاثة كلها فروع عن أمر واحد وهو قوة التوكل على الله وقوة اليقين قوة التوكل على الله وقوة اليقين نتيجته الزهد في الدنيا لأن قوة التوكل وقوة اليقين ينتج عنها أمور ثلاثة:
أولها: أن يشهد الإنسان بقلبه أن يعقد قلبه ويذوق يشهد اعتقادًا وذوقًا في مختلف أحواله أن رزقه لا يأكله غيره مهما حرص عليه ما لم يكتبه الله له من الرزق لن يصل إليه ومهما تهاون ما كتبه الله من الرزق لا بد أن يصل إليه مهما كره ذلك من كرهه من الناس لأن الرزق هو بيد الله ضمن لعباده الأرزاق وتكفل بها كما قال سبحانه: {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا}. وكما قال:{فَابْتَغُوا عِندَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ} {فَابْتَغُوا عِندَ اللَّهِ الرِّزْقَ} رزقكم عند الله تبارك وتعالى إذا اعتقد الإنسان هذا بقلبه وذاقه إذا شهد شهودًا ذوقيًا هذا الأمر أن رزقه لا بد أن يصل إليه عند ذلك يغنى قلبه ويعتمد على الله ويمتنع عن الأسباب المكروهة التي لا يحبها الله وعن النيات السيئة التي لا ترضي الله تبارك وتعالى.
ثاني الأمور: أن يكون العبد إذا أصيب بمصيبة في دنياه ذهب ماله أصيب بولده أصيب بقريبه أو غير ذلك أن يكون أكثر رغبة في ثواب الصبر على المصيبة منه على ما ذهب من الدنيا أليس ذهب منه شىء من الدنيا يكون أكثر رغبة في ثواب الصبر على هذا الذي نزل به من هذا الذي هو من الدنيا وذهب منه أكثر رغبة في الثواب من أن يبقى له هذا الذي ذهب منه وهذا أيضًا ينشأ من كمال اليقين أليس نقول في الدعاء “ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا” وقد جاء هذا في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا من علامات الزهد في الدنيا وقلة المبالاة بها وقلة الرغبة فيها كما قال علي رضي الله عنه:”من زهد في الدنيا هانت عليه المصيبات”. لأن الذي يشغل قلبه العمل للآخرة
الأمر الثالث: الذي ينبني الزهد عليه أن يستوي عند العبد الحمد والذم لا يحثه طلب الحمد على فعل أمر ولا يأخره خوف الذم من أحد عن تركه الأمر الذي يطلب الشرع فعله يُقبل على فعله ولا يبالي حمده من حمده أو ذمه من ذمه والأمر الذي يطلب الشرع تركه لا يفعله ولا يقربه ولو ذمه من ذمه على تركه لا يبالي بالحمد ولا بالذم لا فعلا ولا تركًا لا يفعل لأجل حمد ولا خوفًا من ذم ولا يترك لأجل حمد من الناس ولاخوفًا من ذمهم وهذا أيضًا من علامة الزهد في الدنيا واحتقارها لأن الذي تعظم عنده الدنيا تعظم الدنيا في قلبه يفعل أشياء إذا خاف أن يذمه الناس على تركها ويترك أشياء إذا خاف أن يذمه الناس على ذلك ويفعل أشياء إذا رغب في مدح الناس له على فعلها ويترك أشياء إذا رغب في مدح الناس على تركها رجاء المدح يعمل وخوف الذم أما الزاهد في الدنيا الذي يعلق قلبه بالآخرة ويكون همه رضى الله تبارك وتعالى فإنه يعمل من غير مبالاة بمدح ولا بذم كما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه:”إن اليقين أن لا ترضي الناس بسخط الله”. عبارات السلف في الزهد تدور على هذه الأمور الثلاثة المتفرعة كلها من شدة اليقين والتوكل على الله تبارك وتعالى.
نسأل الله أن يوفقنا إليها أن تشهد شوهدًا ذوقيًا أن رزقك لا يأكله غيره وأنه لا بد أن يصل إليك أن تصبر عند المصيبة وتكون أكثر رغبة في ثواب الله من الدنيا التي ذهبت منك بهذه المصيبة.
والأمر الثالث: أن تفعل ما تفعل من الأعمال الحسنة من غير نظر إلى محـمدة الناس ولا ذمهم تفعل وتترك من غير التفات إلى محـمدة الناس ولا إلى ذم الناس.
قال إسماعيل حلاق: فقال ازهد في الدنيا يحبك الله
الشرح: هذا جواب الأمر ازهد في الدنيا ماذا يحصل لك ماذا تنال تنال محبة الله تنال ثواب الله تنال رضى الله تبارك وتعالى فيفهم من هذا أن الزهد من المقامات العليا والحالات البهية لأنه سبب للحصول على محبة الله تبارك وتعالى يفهم منه أن من علق قلبه بالدنيا ابتعد عن محبة الله تبارك وتعالى وأن من أحب دنياه أضر بآخرته ومن أحب آخرته أضر بدنياه فعلى الإنسان أن يُؤثر ما يبقى على ما يفنى آخرته هي الباقية والدنيا هي الفانية فلا ينبغي أن يضر بسبب دنياه بأُخراه وفي حديث الترمذي وغيره أن رسول صلى الله عليه وسلم قرأ قوله تعالى:{مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ} ثم قال أي رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول الله عزّ وجلّ:”ابن ءادم تفرغ لعبادتي املأ صدرك غنًا وأسد فقرك وإلا تفعل أم ملئت شغلا ولم أسد فقرك”. أملأ يديك شغلا ويبقى قلبك متلهفًا على الزيادة لا يسد ذلك فقرك حب الدنيا إذا حلّ في قلب الإنسان زاحم محبة الخالق عزّ وجلّ صار في قلب الإنسان أيضًا حب الدنيا مع محبة الخالق تبارك وتعالى فلم يتفرغ الإنسان عند ذلك للاشتغال بطاعة ربّه سبحانه وتعالى وتعظيمه ولم يذق ذواق العارفين إن الدنيا إنما هي طريق المسافر وأن متاعها هو تاركه عما قريب فصار يكثر من المتاع الذي هو ستركه قريبًا بدل أن يتخفف حتى يكون تحركه سهلا.
النبي عليه الصلاة والسلام بين لنا أن الإنسان ضيف وأن في يده من المتاع عارية والعارية مردودة والضيف عما قريب مرتحل دلت النصوص والنظر الفكر والتجربة والطباع وما تواتر عن أهل الفضل أن الاستقامة على طاعة الله تبارك وتعالى وشدة تعلق القلب بالدنيا لا يجتمعان فينبغي على الإنسان ان لا يلتفت إلى ما يشغله عن الاستقامة وأن لا يلتفت إلى ما يشغله عن طاعة الله تبارك وتعالى وأن يكون هذا الشىء مجوفًا عنده لا يقبل عليه متروكًا منه وأن يقْله أن يبتعد عنه وأن يعلم أن مثل هذا الأمر مستقذر كما قال سيدنا علي رضي الله عنه:”الدنيا جيفة فمن أرادها فليصبر على مخالطة الكلاب الدنيا جيفة وطلابها كلاب فمن أراد الدنيا فسيخالط الكلاب فليصبر على ذلك”.
هذه الوصية الأولى في حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام ازهد في الدنيا يحبك الله.
قال اسماعيل حلاق: وازهد فيما عند الناس
الشرح: ازهد بما عند الناس من المال والجاه ونحو ذلك.
قال رسول الله: يحبك الناس
الشرح: عند ذلك يحبك الناس لا تطلب ما في أيديهم لا من الجاه ولا من المال لأن من نازع اغلب الناس الجاه والمال محبوبان عندهم أغلب الناس الدنيا محبوبة عندهم أنت إذا نازعت إنسانًا في محبوبه أردت أن تأخذ منه محبوبه يجفوك ويقلوك ويكرهك وأما إذا لم تنازعه فيه وتركت له محبوبه وأعرضت عنه فإنه يحبك لأنه لا يجد سببًا حتى يبغضك لأجله الدنيا عرض زائل فلا ينبغي لك أن تجلب إلى نفسك عداوة الناس بنحو هذا العرض الزائل الشافعي رضي الله عنه أنه قال أبياتًا من الشعر:
ومن يأمن الدنيا فأني خبرتها وسيق إلي عذبها وعذابها
فما هي إلا جيفة مستحيلة ( متغيرةجيفة منتنة) عليها كلاب همهن اجتذابها
فإن تجتنبها كنت سلمًا لأهلها وإن تجتذبها نازعتك كلابها
وجاء في جامع بيان العلم وفضله أن الحجاج سأل يومًا من سيد أهل البصرة قيل له الحسن البصري قال بأيش ساد الناس وهو مولى يعني أبوه كان عبدًا كيف ساد الناس قيل له احتاج الناس إليه في دينهم واستغنى عنهم في دنياهم.
وروي عنه أي عن الحسن رضي الله عنه أنه قال لا تزال كريما على الناس ولا يزال الناس يكرمونك ما لم تعاط ما في أيديهم” ما دمت مبتعدًا عن دنياهم لم تنافسهم فيها لا تريد أن تأخذ شيئًا مما في أيديهم فإذا فعلت ذلك إذا أردت أن تتعاطى ما في أيديهم استخفوا بك وكرهوا حديثك وابغوضك وقد تكاثرت الأحاديث عن النبي عليه الصلاة والسلام بالأمر بالاستعفاف عن مسئلة الناس وأن لا يطلب الإنسان منهم سبق أن ذكرنا منها ما فيه كفاية.
الشرح: فإذًا هما وصيتان ازهد في الدنيا يحبك الله وازهد فيما بأيد الناس يحبك الناس رزقنا الله تعالى التخلق بهذا الخلق والتحلي بهاتين الصفتين.
قال إسماعيل حلاق: حديث حسن رواه ابن ماجه
الشرح: يعني النووي حكم على هذا الحديث بأنه حديث حسن رواه ابن ماجه القزوني محمد ابن يزيد صاحب السنن المتوفى سنة ثلاث وتسعين ومائتين رحمه الله
قال إسماعيل حلاق: رواه ابن ماجه وغيره بأسانيدة حسنة
الشرح: أي هذا الحديث بما تعدد من أسانيده وشواهده يرتفع إلى درجة الحُسن فيكون حسنًا فلذلك حكم عليه الحافظ العراقي أيضًا بأنه حديث حسن والحافظ ابن حجر قواه في بلوغ المرام أيضًا.
والله تبارك وتعالى أعلم وأحكم.