الأماكن قسمان: أماكن نسكن فيها وأماكن تسكن فينا
كل مدينة تسمى باسمها إلا مدينة سكنها رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمها المدينة ببركة النبي عليه الصلاة والسلام، كلما حل مكانا حلت فيه البركة، لكل مسلم ومسلمة لكل محب لرسول الله ومحبة، تخيل نفسك في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، تخيل لو كنت ترى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأماكن، رسول الله في مكة، رسول الله في المدينة، رسول الله في المسجد، رسول الله في السوق، رسول الله في بيته، رسول الله في الغار، رسول الله ماشيا، ورسول الله قاعدا، نتخيل رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك الأيام، تخيل لو أن صحابيا أخذ بيدك، وصار يزور الأماكن التي كان فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، هنا نشأ رسول الله هنا تربى رسول الله، هنا كبر رسول الله، هنا تاجر رسول الله، وهذا السوق دخله رسول الله، هنا خطب رسول الله، هنا حصلت معجزة لرسول الله، هنا نزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أحبابي، منذ مئات السنين نبي الله محمد عليه الصلاة والسلام تنقل من مكان إلى مكان، في غار حراء نزل جبريل على النبي عليه الصلاة والسلام، ونُبأ نبينا محمد وانتشرت الدعوة في الآفاق. نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت خديجة وبعدها تنقل من مكان إلى مكان، تخيل لو كنت من هؤلاء الذين يرون رسول الله صلى الله عليه وسلم رسول الله فيهم يمشي بينهم ما الذي يكون في قلوبهم؟ ما الذي يحصل في نفوسهم هم يرون أفضل الخلق يرون حبيب الله، ويرون صفوة خلق الله، يرون رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يعلم ويتكلم ويرشد، صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السماوات، رأته ملائكة الله والملائكة ينظرون إلى أفضل الخلق، رسول الله صلى الله عليه وسلم كان معلما بحاله ومقاله، وكان الناس بعد ممات نبينا محمد عليه الصلاة والسلام يقصدون هذه الأماكن التي زارها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك ينبغي ان نتتبع هذه الامكنة وأن نعرف أين حل النبي عليه الصلاة والسلام، وأين ذهب رسول الله، أين سكن، أين ذهب، أين قعد، أين مشى، نتخيل لو أننا دخلنا المسجد وقعدنا فيه نتعلم أو نصلي وإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل إلى المسجد، ماذا كنت لتفعل أيها المحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
تخيل نفسك وأنك على أرض عرفة وقام نبي الله صلى الله عليه وسلم خطيبا يخطب بالناس وفي المسلمين كثرة صحابة رسول الله حولك وأنت تنظر إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم ونبي الله يعظ المسلمين يكلمهم ويرشدهم ويعلمهم يخطب فيهم خطبة الوداع، هو عام الوداع هو العام الذي حج فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم حجته الشهيرة.
تخيل نفسك وبلال يؤذن للمسلمين ورسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي ليؤم الناس رسول الله يصلي إمام وأنت تقف خلفه الله أكبر يكبر رسول الله ويقرأ القرآن وأنت تسمع يفتتح بفاتحة الكتاب، ما أحلى هذا الصوت، هو صوت نبينا عليه الصلاة والسلام، هي تلاوة رسول الله، يركع رسول الله صلى الله عليه وسلم ويعتدل ويسجد، وما أحلى هذا السجود يطيل في سجوده، وأنت تنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا سلم نظرت إليه أو نظر إليك فسلمت عليه او سلمت عليه فناداك باسمك فناديت لبيك يا رسول الله. ما أحلى ممشى نبينا عليه الصلاة والسلام.
تخيل نفسك وأنك في سوق والناس يبيعون ويشترون؛ هذا يتاجر وهذا يصرخ وهذا يتكلم وهذا يناقش ويفاوض، تخيل نفسك في هذا السوق والباعة يمشون، هذا بائع كذا، وذاك بائع كذا، ودخل نبي الله صلى الله عليه وسلم في هذا السوق ما الذي يحصل لهذا السوق؟ كيف ينظر إليه الناس يعلم فلانا ويرشد آخر.
تخيل انك بائع ورسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي دكانك ماذا كنت لتفعل مع نبي الله صلى الله عليه وسلم؟ تخيل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يسألك سؤالا أو يعلمك تعليما رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته، وكان الناس يقدمون بيت رسول الله عليه الصلاة والسلام حتى يمتلئ البيت بالناس والوفود. تخيل نفسك وأنك جئت هذا البيت، تخيل نفسك جئت هذا البيت والبيت مليء بالناس، أين تقعد تنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى جمال شفتيه وهو يتكلم، تنظر إلى عينيه وهو يحدق بالناس ينظر هنا وينظر هناك، وما أحلاه من مشهد إذا وقع ناظر رسول الله عليه الصلاة والسلام على وجهك فابتسم إليك فقلت: لبيك يا رسول الله، ما أحلى قدميه وهو يرفعهما ويخفضهما وهو يمشي مشية مسرعة، رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يقول: “امشوا أمامي ودعوا خلفي للملائكة”. تخيل نفسك وأنت تماشي رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألك عن حالك وعن أهلك يسألك عن معيشتك ويسألك عن عبادتك.
تخيل رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كان وحده في الغار غار يكون فيه النبي عليه الصلاة وسلم أيام وليالي وفي يوم من الأيام نزل جبريل عليه السلام وقال: “يا محمد اقرأ”، تخيل منظر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في تلك الحالة وتخيل كيف نزل نبينا عليه الصلاة والسلام إلى خديجة رضي الله عنها.
تخيل رسول الله صلى الله عليه وسلم على فراش الممات كيف حال أصحابه وكيف حال أهل بيته بعد أن فارق رسول الله صلى الله عليه وسلم الدنيا، رسول الله كان في بيته، ورسول الله كان في السوق، ورسول الله كان في المسجد، ورسول الله كان حول الكعبة، ورسول الله كان في المدينة المنورة، ورسول الله كان في السماء، ورسول الله كان في الغار، ورسول الله كان بين الناس رسول الله زار صحابته تخيل نفسك وأنت في بيتك ويُطرق الباب فتسأل من فيقول محمد رسول الله.
تخيل نفسك لو زرت المدينة نريد زيارة النبي عليه الصلاة والسلام فسألت عن المكان الذي يسكن به النبي فقيل لك: هو هناك فذهبت ودخلت في مقام مهيب اليوم تزور قبر النبي عليه الصلاة والسلام وتستشعر تلك الهيبة العظيمة وقار سكينة رحمة وهيبة عظيمة فكيف بمكان يلقاك فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وينظر إليك إذا دخلت عليه تخيل نفسك وأنت تدخل إلى ذاك المكان، ورسول الله حوله صحابته يسمعون كلامه يتعلمون منه وكأنما على رؤوسهم الطير، تدخل أنت فتسلم فينظر إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم ويرد عليك السلام، لوكنتُ ذلك الإنسان لأتيت النبي عليه الصلاة والسلام وقدمت عليه وقعدت بين يديه وقلت كما قال الشاعر:
لو كنت أبصرته حيا لقلت له لا تمشي إلا على خدي لك القدم
هو رسول الله صلى الله عليه وسلم هو حبيب الله هو نبي الله وهو حبيب قلوبنا شاء الله تعالى أن لا نكون في زمانه رضينا ييقسمة الجبار فينا رضينا بقسمة الله تعالى ولكن وغن لم نكن في زمن النبي عليه الصلاة والسلام وإن لم نكن في أماكن كان فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن حب رسول الله في قلوبنا، يُروى عن السلف الصالح أنهم كانوا إذا دخلوا مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم قصدوا حليب النوق حليب الإبل لماذا يا ترى؟ لعلها أكلت من عشب داست عليه قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المباركة فحلت البركة في ذلك العشب التي أكلته النوق فكان منه در الحليب وهذا دليل على التبرك بآثار النبي عليه الصلاة والسلام ولذلك أحبابي المسلمين يا عشاق رسول الله صلى الله عليه وسلم سوف نذهب جولة إلى الأماكن التي كان فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نعرف أين كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وحتى نقول هنا كان الحبيب.