مسجد الجن
مكان كان فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عُمل بعده مسجدا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم التقى فيه بالجن ودعاهم إلى الإسلام فآمنوا به، ويُسمى أيضا مسجد البيعة، وذلك لأن الرسول عليه الصلاة والسلام بايعه الجن هناك أيضا، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو القبائل إلى الإسلام لكن قبائل مكة كانت تتمنع عن قبول دعوته، انتقل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف يدعوهم إلى الإسلام فرفض أهل الطائف دعوة النبي عليه الصلاة والسلام، ثم عاد إلى مكة وهو حزين وبعد عودة الرسول إلى مكة التقى بجن نصيبين.
ومما يُروى في ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان معه عبد الله بن مسعود فخط له رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا وأمره أن لا يتجاوز هذا الخط حتى يعود إليه النبي عليه الصلاة والسلام مهما رأى، دخل النبي عليه الصلاة والسلام وطالت الغيبة ثم رأى ابن مسعود رجالا سودا يدخلون هذا المكان الذي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ففزع عبد الله بن مسعود وأراد أن يدخل هذا المكان حتى يدافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لكنه تذكر أمر النبي عليه الصلاة والسلام فبقي مكانه ولما خرج النبي عليه الصلاة والسلام أخبره ابن مسعود بما رأى فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: “هؤلاء جن نصيبين” ونصيبين مكان بعيد وأخبره النبي عليه الصلاة والسلام أنهم آمنوا به وأنهم بايعوه واتبعوه وقالوا له زودنا يا رسول الله أي نريد الزاد الذي نأكله، فجعل لهم النبي عليه الصلاة والسلام طعام العظم أي أن العظم يُكسى لهم لحما فكان عليه الصلاة والسلام يقول عن هذا العظم “إنه طعام إخوانكم من الجن” ولم يكن عندما التقى الرسول عليه الصلاة والسلام بالجن هناك مسجد يُصلى فيه لكن المسلمين أحيوا ذلك المكان ليكون بركة باقية للأمة فبني في ذلك المكان مسجد يُعرف بمسجد الجن وهو قريب من المسجد الحرام وأنزل لله تبارك وتعالى على النبي عليه الصلاة والسلام آية في سورة الأعراف {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ} ورسول الله صلى الله عليه وسلم دعوته إلى كافة الخلق من إنس وجن إلى العالمين أجمعين لم تكن دعوته مقصورة على البشر وليست هذه الحادثة هي الحادثة الوحيدة التي دعا فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم الجن أو كلمهم أو لبوا دعوته، لما نزلت سورة الرحمن { بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ “الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الإنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ * الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ} وفي هذه السورة {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} لما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من تلاوة هذه السورة وصحابته جلوس يستمعون قال عليه الصلاة والسلام “ما لي أراكم سكوتًا، للجن أحسن مرد منكم” يعني كان رد الجن أحسن من ردكم “ما قلت {فبأي آلاء ربكما تكذبان} إلا قالت الجن ولا بشيء من آلائك ربنا نكذب” أي لا نكذب بنعمك يا ربنا نؤمن بك يا الله وهذه النعم هي منك علينا نشكرك عليها ولا نجحد نعمتك ولا نَكفُرك، وأنزل الله تبارك وتعالى على نبيه عليه الصلاة والسلام سورة الجن يقول الله تعالى قل أي يا محمد {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا *وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا} أي عظمة ربنا والله تعالى، لا يوصف بالجد بمعنى أبي الأب أو أبي الأم، ومعنى جد ربنا أي عظمة ربنا، {وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا (3) وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا} يريدون بسفيههم زعيمهم إبليس كان يقول على الله شططا أي كفرا والعياذ بالله، وانظروا ماذا قال الله تبارك وتعالى في هذه السورة قال وأنّا أي الجن تقول {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا} وذلك لأن الجن كانت تصعد إلى السماء الأولى أي إلى قربها وتسترق السمع لكن حصل شيء عجيب منعت الجن من استراق السمع فصار الجني إذا صعد يُرجم بالشهب، {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا * وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا* وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا} ما الذي حصل لماذا مُنعوا من السماع؟ فنزلوا إلى الأرض وصاروا يبحثون فيها فعرفوا أن سبب ذلك كان بعثة النبي محمد عليه الصلاة والسلام فالجن منهم من آمن بالنبي عليه الصلاة والسلام ومنهم من لم يؤمن بالنبي صلى الله عليه وسلم وهؤلاء يسمون الشياطين فرسول الله صلى الله عليه وسلم بُعث رحمة للعالمين فكما أنه رحمة للإنس هو رحمة للجن أيضا.
ومن أدلة التبرك أن المسلمون بنوا مسجد الجن قرب المسجد الحرام حتى يبقى هذا المكان أثرا للأمة الإسلامية يعرفون أين التقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجن وأين دعاهم إلى الإسلام وأين قبلوا دعوته فصلى الله على نبينا صلاة كاملة وسلاما تاما.
ونسأل الله تبارك وتعالى أن يرزقنا زيارة البقاع التي كان فيها رسول الله، هناك كان رسول الله قرب المسجد الحرام كان رسول الله حيث مسجد الجن كان حبيب الله.