قال الشيخ طارق اللحام حفظه الله:
أسرار ومعاني وبركات أسماء الله الحسنى
بسم الله والحمد لله وصلى الله وسلم على سيدنا محمد رسول الله وعلى ءاله وصحبه ومن والاه.
اللهمّ لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا اللهمّ ارزقنا الإخلاص في القول والعمل يا أرّحم الرّاحمين.
المتكبر
الله تبارك وتعالى من أسمائه المتكبر وهذا الاسم له معنى عظيم مبارك ومن ذكر الله تعالى به وذكره مع بعض أسمائه هذا يورث في القلب القوة وفيه بإذن الله تعالى من بركاته العزة والنصر هكذا ذكر العلماء فوائد وخواص هذا الاسم المبارك المتكبر فالله تعالى الجبار المتكبر وهذا من الأسماء إذا أُضيف إلى الله له معنى يليق بالله وإذا أُضيف إلى غير الله فهذا ذم وقدح للإنسان الذي وصف بالتكبر.
المتكبر هذا من أسماء الله الحُسنى الدالة على ما يليق به عزّ وجلّ ما معناه؟
هو العظيم المتعالي عن صفات الخلق القاهر لعتاة خلقه يعني الله تبارك وتعالى المنزه القاهر للجبابرة الظلام هذا معنى لعتاة خلقه.
الله وصف نفسه بهذا الاسم بالقرءان:{الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ} في سورة الحشر وقال الله تعالى {وَلَهُ الْكِبْرِيَاء فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (سورة الجاثية) هذا وصف مدح وليس قدحًا في حق الله تبارك وتعالى.
أما البشر حين تقول عن إنسان متكبر هذا بمعنى الذم له لأن التكبر هو رد الحق على قائله واستحقار الناس النظر إلى الناس بعين الاحتقار هذا أكبر الكبائر.
والمتكبر يحشر على أرض المحشر يوم القيامة بحجم صغير كالنمل من حيث الحجم يطأه الناس بإقدامهم والعياذ بالله تعالى فلا يجوز وصف الله تعالى بالمعنى المراد في حق البشر وكما قال الإمام الطحاوي رحمه الله:”ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر” وشيخنا رحمه الله الحافظ الهرري يقول:”الله تعالى موصوف بكل كمال يليق به” لماذا قيدت العبارة بكمال يليق به لأن من الكمال ما يكون في حقه تعالى ولكنه ذم في حق العبد ومنه ما يكون مدحًا للإنسان كالوصف بالعقل ورجاحة العقل وأما في حق الله فلا يوصف الله تعالى بالعقل.
فإذًا الله المتكبر أي العظيم المتعالى عن صفات الخلق ما معنى المتعالي؟
المنزه الله المنزه عن الإتصاف بصفات المخلوقين الإمام أبو جعفر هذا العالم السّلفي الطيب المبارك قال:”ومن وصف الله بمعنى الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر فمن أبصر هذا اعتبر وعن مثل قول الكفار انزجر وعلم أنه (أي الله) بصفاته ليس كالبشر“. فعندما أرسل الله تعالى موسى وهارون عليهما السلام لبني إسرائيل دعيا إلى عبادة الله وتوحيد الله كان جواب بني إسرائيل لموسى وهارون ما أخبر الله في القرءان الكريم.{قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ ءابَآءنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاء فِي الأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ} (سورة يونس).
يقول الرازي المفسر رحمه الله: والمعنى من كلامهم ويكون لكما الملك والعزّ في أرض مصر”. الخطاب كان لموسى وهارون عليهما السلام إذًا جاء الكبرياء هنا على معنى ما كان في الدنيا من ملك وما كان في الدنيا من العز أي جئتم تحكمون مصر.
وربّنا تبارك وتعالى يقول في الحديث القدسي:”الكبرياء ردائي” وانتبهوا هذا حديث من الأحاديث المتشابه له معنى يليق بالله عزّ وجلّ سنتكلم عليه يأتي بمعنى العظمة ويأتي بمعنى الملك الكبرياء ردائي والعظمة إزاري ليس معناه أن الله جسم يضع الرداء والإزار هذا الإزار يغطي النصف الأسفل من الإنسان والرداء يوضع على الأكتاف وليس هذا هو المراد إنما الله تعالى يقول: “فمن نازعني واحدًا منهما قذفته في النار“. الله أكبر يقول العلماء في شرح هذا الحديث الكبرياء العظمة والملك وقيل هي عبارة عن كمال الذات وكمال الوجود ذاته لا يشبه الذوات موجود لا كالموجودات فإذا عُبر بالرداء والإزار هذا لبيان أن هذا مختص بالله عزّ وجلّ وليس معناه أن الله تعالى حجم وأنه يلبس الثياب هذا لا يليق بالله يقول الشيخ ملا علي القاري رحمه الله:”فمن نازعني واحدًا منهما” معناه أي من نازعني أحد هذين الوصفين يعني تكبر بإعتبار ذاته أنه أعظم من الله أو أنه مثل الله أو عظم نفسه كتعظيمه لله فهذا يدخل النار خالدًا فيها أبدًا.
فإذًا الله تبارك وتعالى له العزة والعظمة والكبرياء والقدرة وهذا يقول العلماء استعمال هذه الألفاظ في هذا الحديث فيه الزجر عن ادعاء العزة والكبرياء والعظمة والقوة التي هي خاصة لله لأنه حقيقة لا يوصف بها غير الله تعالى على المعنى الذي يوصف الله به فهو الخالق وما سواه مخلوق.
إذًا الله تعالى المتكبر معناه انفرد بالعظمة والملكوت والجبروت قسم رقاب الجبابرة وكسر ظهور الأكاسرة طيب إذا وصف الإنسان بالتكبر هذا معناه ذم جاء في الحديث الرسول قال عليه الصلاة والسلام:”لا يدخل في الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر” الله أكبر يعني لا يدخلها مع الأولين هذا المتكبر يستحق عقاب الله لا يكون كافرًا بمجرد التكبر لكن بعض المتكبرين إنجروا إلى الكفر كأبي لهب رأى انشقاق القمر وما آمن ومات على الكفر نسأل الله العافية.
يقول النبي عليه الصلاة والسلام قال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنًا ونعله حسنة هنا هذا الرجل الصحابي يتعلم من النبي أن هل مجرد الإنسان فرح بتيابه أو بالنعل الذي يلبسه يكون متكبرًا فالنبي علمه عليه الصلاة والسلام لمجرد فرح بالثوب ليس مكتبرًا فقال له حديثًا متشابهًا معناه يليق بالله قال له:”إن الله جميل يحب الجمال” الله يعني إن الله محسن يحب الإحسان وقال بعض العلماء إن الله جميل الصفات ويحب من عباده الصفات الحسنة ومنها الثوب النظيف والبدن النظيف والخلق النظيف ثم علمه ما هو التكبر الذي هو حرام فقال عليه الصلاة والسلام:”الكبر بطر الحق وغمض الناس” الله أكبر. الكبر بطر الحق يرد الحق مثلا هو الأستاذ والذي ينصح التلميذ فلا يتقبل أو هو غني وذاك فقير أو هو مثلا مشهور وذاك خامل غير مشهور فيرد عليه الحق أو يرى نفسه أعلى من الناس ويحقر هؤلاء فهذا نوع من التكبر.
وعن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:”يبعث الله ناسًا يوم القيامة في صور الذر (يعني على صورة إنسان ولكن بحجم النمل الأحمر الصغير) يطأهم النّاس بأقدامهم فيقال ما هؤلاء في صور الذّر فيقال هؤلاء المتكبرون في الدنيا“.
فشؤم التكبر عظيم أخبر الرسول عليه الصلاة والسلام:” أن رجلا كان مما قبلنا يمشي متبخترًا (يعني كان معجبًا بنفسه وكان ينظر في جانبيه هكذا يقولون عندنا ينظر هكذا) أعجبه ثوبه وشعره وهيئة شعره (حتى بعض العلماء قالوا كان ينظر إلى ظله متعجبًا متكبرًا شوفوا والعياذ بالله النفس المريضة) قال عليه الصلاة والسلام: وبينما هو يمشي متبخترًا أمر الله تبارك وتعالى به الأرض فبلعته (انشقت الأرض بلعته) قال: فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة”. يعني يغوص في الأرض مع صوت يخرج منه الله وأعلم ما حال هذا الإنسان.
لذلك يا أحباب إيّانا والتكبر والله تعالى المتكبر معناه الذي هو عظيم قادر.
وقول يا الله يا جبار ارزقني أو يا الله يا متكبر لا يدل على النقص في حق الله أما لا يقال عن الله مخادع ناسي ماكر هذا لا يقال مستهزأ لا يقال وإنما هذا يعني لا يليق بالله أما وصف الله بالجبار مدح لله وصف الله بالمتكبر مدح لله.
اللهم يا عزيز يا جبار يا متكبر عليك بمن يتكبرون على أوليائك واحفظنا من التكبر يا الله يا أرحم الراحمين.