البرنامج: عقيدة المسلمين
الشيخ: طارق اللحام
الدرس: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى
الحلقة: 0019
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
معكم الكتاب؟ افتحوا يا أحباب على السؤال التاسع والعشرين لله تبارك وتعالى، نُخلص النية، ولا تنسوا يا أحباب من كان يريد زيادة بعض الحواشي يكون معه دفتر حتى يسجل عليه.
بسم الله والحمد لله وصلى الله وسلّم على رسولِ الله.
السؤال التاسع والعشرون:
ما معنى قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} قال الإمام مالك رضي الله عنه:”استوى كما وصف نفسه ولا يقال عنه كيف، وكيف عنه مرفوع” والكيف صفة المخلوق ومِن صفة المخلوق الجلوس والاستقرار والمكان والجهة وقال القشيري رحمه الله: {اسْتَوَى} أي حفظ وقهر وأبقى ولا يجوز اعتقاد أنه جالس على العرش لأن هذه عقيدة اليهود وفيها تكذيب لقوله تعالى: {فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلّهِ الأَمْثَالَ} قال تعالى: {وَبَرَزُواْ للَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} وقال الإمام علي رضي الله عنه: “إن الله خلق العرش إظهارا لقدرته ولم يتخذه مكانا لذاته” رواه أبو منصور البغدادي رحمه الله وأيضا لأهمية هذا الموضوع فردنا هذا الدرس اليوم إن شاء الله عزّ وجلّ لأنه موضوع مهم جدا ويتعلق بالمُتشابهات والمحكمات، فالاستواء الذي قال فيه الإمام مالك، الإمام مالك من الأئمة الأربعة رضوان الله عليهم المجتهدين الذين دُوّنت مذاهبهم وهؤلاء مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد كانوا على التنزيه على التوحيد وقال الإمام مالك حين جاء رجل وسأله عن الاستواء، فقال له: يا أبا عبد الله هيدي كانت كنيته لسيدنا الإمام مالك، { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} كيف استوى هو سأل سؤالا لا يقال كيف، لأن الكيف عن الله مستحيل يعني اللي هو شكل هيئة صورة قُعود حركة إلى غير ذلك، فسيدنا مالك تضايق وصار يخرج منه العرق وقال له: “الاستواء معلوم ورد ذكره في القرآن وكيف عنه مرفوع مستحيل، والإيمان به واجب ولا أراك إلا مبتدعا فأخرجوه”، فأخرجوه كان هيدا صاحب بدعة عم يرمي السؤال أمام الناس فيه شبهة ويشوش على الناس، وهيك عمل سيدنا عمر لما كان في واحد اسمو صبيغ وهيدا صبيغ كان عم يرمي أسئلة والعياذ بالله حتى فيها تشويش بالمتشابهات كمان، بعت وراه جابه فلما ما تقبّل يعني لما حكي معه قالو من أنت؟ قال له أنا عبد الله بن صبيغ قال له: وأنا عبد الله بن عمر وضربه فلما ضربه فاق هيدا قال له يا أمير المؤمنين إن أردت قتلي فاقتلني وإلا فقد ذهب عني ما أجد” يعني أنا رجعت إلى الصواب يعني اللي هني عندن أهواء وبيرموا كلام حتى يشوشوا على المسلمين في المتشابهات كانوا العلماء يردوا عليهم ويفصّلوا للناس ويبيّنولهن حتى ما حدن يوقع بالتشبيه، فسيدنا مالك قال له: “استوى كما وصف نفسه” يعني كما ورد في القرآن، نُصدق استوى استواء يليق به ثم قال له: ولا يقال عنه كيف، ليش؟ لأن الذي كيّف الكيف لا كيف له، هيك قال سيدنا علي رضي الله عنه وأرضاه، قال: وكيف عنه مرفوع، هيدي رواه البيهقي الحافظ في الأسماء والصفات، أما رواية وكيف عنه مجهول، هيدي لم تثبت عن سيدنا الإمام مالك رضي الله عنه وأرضاه، فلو وجدناها في كتاب إحياء علوم الدين وبعض كتب الأشاعرة هيدي لم تثبت من حيث السّند والغزالي رحمه الله كان يُوحّد الله ويُنزه الله ولا يعتقد الكيفية في حق الله، أما هل هي ثابتة؟ لا منا ثابتة عن سيدنا الإمام مالك وهي بيستعملوها المجَسّمة والمشبهة في زماننا والماضي لأنو هني عندهن عقيدة أنو نحنا ما منعرف كيف هو هيدا الاستواء، هل هو قعود أو تسطيح ولّا على ضهره مربّع ولا مادِد إجريه لأنو بيعتقدوا إنو الله تعالى جسم وبيعتقدوا إنو الله تعالى بيقعد وبيعتقدوا إنو الله تعالى جالس، يا أحبابي الجلوس يكون لمن له نصف أعلى ونصف أسفل ما بكون الجلوس للأزلي الأبدي لا يقال عن الله جلسَ لو واحد قال: لا كجلوسنا ما بينفعه لأنو الجالس إلو جزئين جزء أعلى وجزء أسفل، والله تبارك وتعالى منزه عن هذا ومنزه عن الجهة والمكان، الجهة يعني الناحية فوق تحت أمام خلف يمين شمال، مين خلق هيدي الجهات؟ الله، الله كان قبلها ما كان معو جهة ولما خلقها ما تغير، كمان المكان شو يعني المكان؟ الفراغ الذي يملأه الحجم، أنا وأنت بمكان أنت جسم وأنا جسم، أما الله تبارك وتعالى لا يقال فيه هذا يا أحباب، إذًا المكان مخلوق الجهة مخلوقة، الله كان قبل الأماكن والجهات ولم يكن معه جهة ولا مكان ولا عرش ولا كرسي ولا سماء ولا أرض، وبعد أن خلقها ما تغير تبارك وتعالى، وقال الله عزّ وجلّ: {فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلّهِ الأَمْثَالَ} ما بجوز إنو الواحد يقول الله بيشبه كذا وبيشبه كذا وبيشبه كذا، الله لا مثل له لا ندّ له لا شريك له لا شبيه له لا مثيل ولا نظير له وكذلك قال الله تعالى: {وَبَرَزُواْ للَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} الله من أسمائه القهار ومن أسمائه القاهر منسمع نحنا المسلمون بقولوا: إنو منسمي ابننا عبد القهار عبد القاهر، بس ما حدن سمى إسمو أو ابنو عبد الجالس عبد القاعد ما في هيك، لأنو ما من أسماء الله ولا بيوصف بالجلوس أو يقال عنه جالس، فإذًا يا أحبابي كما قال سيدنا علي رضي الله عنه وأرضاه ورواه عنه الحافظ عبد القاهر بن طاهر التميمي البغدادي أبو منصور رحمات الله عليه في كتابه الفرق بين الفرق: إن الله خلق العرش إظهارا لقدرته ولم يتخذه مكانا لذاته، بقولولك طيب كيف أنت عمبتقول: خلقه إظهارا لقدرته” ونحنا ما شايفينو، يعني هيدا نحنا العرش ما شايفينه منقللهن الملائكة الذين حول العرش والذين عددهم أكتر من كل الملائكة اللي بالسموات وأكتر من كل البشر من إيام آدم ليوم القيامة وأكتر من كل الجنّ من إبليس ليوم القيامة وأكتر من عدد حبات الرمال المُوزعة في الأراضي والصحراء وأكتر من عدد قطرات المياه والبهائم كل هيدول أمام الملائكة اللي هني حول العرش كنقطة في جنب بحر مُحيط، الله أكبر، هيدول الملائكة لما يشوفوا هالعرش واتّساع العرش بيزدادوا إيمانًا بعظيم قدرة الله تبارك وتعالى.
فلا بدّ يا أحباب أن تكون هذه الأية: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} منسجمة يعني بيرجع لتفسيرها إلى الآيات المحكمات كقول الله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ} حكينا عن الإمام مالك، طيب هلأ ح نحكي عن الإمام الشافعي، شو قال عن آية الاستواء؟ لما سألوه رضي الله عنه سئل عن قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}، شو قال: آمنت بلا تشبيه وصدّقت بلا تمثيل، يعني بآمن أنا انو استوى ولكن ما بقول متلنا، واتّهمت نفسي عن الإدراك ، يعني لا أحيط عِلما بالله ولا بصفات الله، وأمسكت عن الخوض فيه كل الإمساك، لا أخوض الخوض الممنوع، ح إرجع عيد كلام سيدنا الشافعي قال رحمه الله: “آمنتُ بلا تشبيه وصدّقت بلا تمثيل واتّهمت نفسي عن الإدراك قال: وأمسكت عن الخوض فيه كل الإمساك، يعني لا أخوض الخوض الذي مُنع الناس منه، ويقول الإمام أحمد رضي الله عنه وأرضاه: “استوى كما أخبر لا كما يخطر للبشر، الله أكبر هذه رواها عنه الإمام أحمد الرفاعي الكبير في البرهان المؤيَد شو قال الإمام أحمد بن حنبل المنزه رضي الله عنه وأرضاه: استوى كما أخبر، صدقنا بالتنزيه صدّقنا بالاستواء بلا كيف، وقال كذلك الشافعي رحمه الله: “من قال أو اعتقد أن الله جالس على العرش فهو كافر” مين نقلها عنه هيدا ابن المعلم القرشي في كتابه نجم المُهتدي ورجم المُعتدي، هيدا كان مخطوط وطُبع فهذا يا أحباب كلام العلماء الأربعة الأئمة الأربعة وكمان مالك كما ذكرنا ما قال يا أحباب: وكيف عنه مجهول أو الكيف مجهول “ما قال هيك، إنما قال والكيف غير معقول، هيدي رواية ثابتة عنه رضي الله عنه وأرضاه، ويقول الإمام أبو حنيفة النعمان رحمه الله تعالى ورضي عنه في كتابه الوصية: نُقرّ بأنّ اللهَ على العرش استوى نحنا منعتقد هيك إنو ورد في القرآن من غير أن يكون له حاجة إليه واستقرار عليه، الله لا يحتاج إلى العرش، العرش يحتاج إلى الله، الله لا يحتاج إلى السماء، السماء تحتاج إلى الله، الله لا يحتاج إلى الأرض، الأرض تحتاج إلى الله، وهكذا كل الأماكن الله غني عنها قال: “وهو الحافظ للعرش وغير العرش يعني خلقه وحفظه وهيدا معنى يا أحباب حين نقول {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} خلقه ويتصرف فيه كما يشاء، من غير احتياج، قال الإمام أبو حنيفة: “ولو كان محتاجا إلى الجلوس والقرار فقبل خلق العرش أين كان الله تعالى؟، هنا يسأل لا ليجيب الشخص، إنما ليرجع إلى الحق إن كان على غير الحق، “تعالى الله عن ذلك عُلُوًّا كَبِيرًا” انتهى كلام سيدنا أبي حنيفة في هذه المسألة.
فإذًا تنزه الله تنزّها أكيدا عن الجلوس والاستقرار فلا يوصف بالجلوس ولا بالاستقرار.
وقال أبو حامد الغزالي رحمه الله: وأنه ( أي الله) مستو على العرش على الوجه الذي قاله والمعنى الذي أراده استواء منزها عن المُماسة والاستقرار والتمكّن والحلول والانتقال، يعني منآمن بالاستواء، لأنو لفظ استوى ورد ذكره في القرآن بس انتبهوا إنو إياك أن تعتقد إنو الله في بينو وبين العرش مماسة لأنو اللي بمس غيره بكون جسم قال ولا استقرار اللي بيوصف بالاستقرار كمان هيدا حجم قال: ولا تمكن يعني حلول بالمكان، اللي بحلِّ بالمكان هيدا حجم، والحلول لأنو الحلول صفة المخلوق، والانتقال يعني من مكان إلى آخر ترك مكان إفراغ مكان وملىء آخر هيدي صفة الأحجام.
ولا يحمله العرش هيدا كلام الغزالي رحمه الله، بل العرش وحملته محمولون بلطف قدرته العرش والملائكة حملة العرش محمولون بقدرة الله، والله لا يحتاج إلى العرش ومقهورون في قبضته يعني في تصرّفه، ما منقول إنو الله الو إيد هيك متلنا وقبضة، لأ، إنما معناه يتصرف في الخلق على ما يشاء وهو فوق العرش فوقية القهر لا المكان جهة فوق ما منقول الله يتشرّف بها كما يقول المجسمة، جهة فوق وغيرها من الجهات الله منو بحاجة لإلها، الله لا يتشرف بخلقه، الله ما بيحتاج لحدن من خلقه، ما بيحتاج للجهات ولا للأماكن ولا لغيرها من مخلوقاته.
ثم يقول الإمام أحمد الرفاعي الكبير الإمام الولي العالم الكبير رضي الله عنه: ” أي سادة نزهوا الله عن سِمات المحدَثين ما توصفوا ربّ العالمين بصفات المخلوقين وصفات المخلوقين وطهّروا عقائدكم: ما تعتقد عقيدة خبيثة طهر عقيدتك من شو؟ قال: وطهروا عقائدكم من تفسير معنى الاستواء في حقه تعالى بالاستقرار كاستوا ءالأجسام على الأجسام المستلزِم للحلول يعني إياك تعتقد إنو الله متل غيره بيقعد متلنا هيك، تعالى الله عن ذلك هيدا قاله في البرهان المؤيد، وأيضا يقول أبو القاسم الأصبهاني رحمه الله في كتابه مفردات القرآن: “إن الاستواء إذا عُدّي بعلى كان معناه الاستيلاء.
هنا مسألة مهمة يا أحباب، نحنا أهل السُنة عنا طريقتين، بالآيات المُتشابهات، متل الرّحمن على العرشِ استوى، يا منقول استوى كما أخبر بلا كيف متل ما قال سيدنا أحمد وغيره من العلماء، أو منقول استوى معناها يليق بالله، متل استولى وقهر، وهيدا ما بكون في معارضة للدّين هيدا حق وهيدا حق هيدا المسلك مزبوط وهيدي الطريقة منيحة الطريقتين قالوها السلف والخلف، ومنهم سيدنا جعفر الصادق رضي الله عنه شو بقول؟: “ومن زعم أن الله على شيء فقد أشرك”، اللي بيعتقد انو الله تعالى استقر أو حاز شيئا هيدا ما بكون مسلم، وقال الشيخ عبد الغني النابلسي في كتابه الفتح الرباني والفيض الرحماني تحت أقسام الكفر عم ببيّن “كالذين يعتقدون أن الله تعالى جسم فوق العرش” الله أكبر يعني اللي بيعتقد انو الله جسم وفوق العرش هيدي من الكفريات المركبة والعياذ بالله، وقال: “ومن كُفر اليهود التشبيه لأنهم يعتقدون التجسيم في حق الله تعالى والاستقرار على العرش، والله تعالى ليس في جهة الله تعالى لا يحلّ في الجهات ولا يستقر على العرش والغزالي رحمهُ الله في موضع آخر يقول: “العلم بأنه تعالى مستوٍ على عرشه بالمعنى الذي أراده الله تعالى بالاستواء، وهو الذي لا يُنافي وصفَ الكبرياء يعني نحنا منعتقد إنو الله تعالى يوصف بالقَهر والاستيلاء، لكن ما منعتقد إنو الله تعالى جلس، أما حين يقال عن الله تعالى متصف بالكبرياء يعني العظمة مش متل لما منقول: هيدا متكبر عن إنسان يعني هيك شايف حاله! لأ، الله تعالى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ}.
وهنا يا أحباب ما يُروى عن ابن عباس هيدا منو صحيح وهيدا افتُري عليه رضي الله عنه وأرضاه والحافظُ البيهقي قال عنها: “رواية مُنكَرة” يعني مَكذوبة وهيدا سند يقال فيه سلسلة الكذب فوجب الحذر من هذا الكتاب المنسوب لإلو كذبا بيسموه تنوير المقباس من تفسير ابن عباس، هيدي يا أحباب منو من كلامه، هذا يقولون فسّر بالاستواء بالاستقرار أعوذ بالله، ابن عباس لا يقول بالتجسيم “نفسّر ما جاء في حقه تبارك وتعالى بما يليق به”.
فإذًا ملخص الموضوع يا أحباب لما بتمرق معك آية متشابهة ظاهرها يوهم ما لا يليق بالله قل كما قال الإمام الشافعي رضي الله عنه وأرضاه عطانا قاعدة حلوة كتير ومريحة لإلنا نحنا العوام لما منسمع آية.. حديث شو بتقول: “آمنت بما جاء عن الله على مراد الله وبما جاء عن رسول الله على مُراد رسول الله” هيك بتسلم، صدّق بما ورد بدون تشبيه وبدون تعطيل، لا بوقع بالتشبيه والتجسيم ما بعتقد الله بيشبهنا أو هو جسم ولا بعطل، يعني ما بنفي ما أثبته الله تبارك وتعالى لنفسه، ودايما نُصب عينينا الآية الأم المرجع الحاكمة أم الكِتاب {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ} لا يشبه شيئا ولا يشبهه شيء.
ثبتني الله وإيّاكم يا أحباب على عقيدة التنزيه والتوحيد عقيدة الأنبياء والملائكة والصحابة وآل بيت النبي العظيم، صلّى الله عليه وسلّم، والسّلام عليكم ورحمةُ الله وبركاته.