fbpx

الأربعون النووية – الدرس 15

شارك هذا الدرس مع أحبائك

شرح الأربعين النووية الحديث الحادي عشر قال الشيخ سمير القاضي حفظه الله الحمد لله ربّ العالمين له النّعمة وله الفضل وله الثناء الحسن صلوات ربي وسلامه على النبي محمد وعلى ءاله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. الآن إن شاء الله سيكون كلامنا على الحديث الحادي عشر من أحاديث الأربعين النووية قال المؤلف: الحديث الحادي عشر عن أبي محمد الحسن بن علي بن أبي طالب سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم. الشرح: سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم السبط يطلق على الولد وعلى الذرية المقصود ابن بنته ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال المؤلف: سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته رضي الله عنهما الشرح: رضي الله عنهما عنه وعن أبيه ومعنى ريحانته طيب قلبه صلى الله عليه وسلم كما جاء في الحديث أنه عليه الصلاة والسلام قال عنه وعن أخيه الحسين هما ريحانتاي من الدنيا يعني يطيب قلبي بهما هذا معنى ريحانتاي يرتاح قلبي إليهما ويطيب بهما. والحسن رضوان الله عليه توفي سنة خمسين مسومًا ودُفن بالبقيع ومناقبه كثيرة جدًا حج خمسة عشرة مرة ماشيًا ولم يكن حجه ماشيًا عن قلة ذات اليد لأ. كانت النجائب تقاد بين يديه الإبل النجيبة الإبل الفارهة الحسنة تقاد بين يديه لكن هو كان يمشي يحج ماشيًا تواضعًا لله تبارك وتعالى تصدق بكل ماله مرتين وقاسم وتصدق بنصف ماله ثلاث مرات مرتين تصدق بماله كله وثلاث مرات تصدق بالنصف حتى كان يُخرج نعلا ويُمسك نعلا عنده نعلان يخرج نعلا ويمسك نعلا رضي الله عنه وكان مِزواجًا أحصن سبعين امرأة حتى قال أبوه خشيت أن يورثنا عداوة في القبائل يعني لكثرة ما يتزوج ويطلق ولم يفارق امرأة إلا وهي تهواه وتميل إليه مرة أعطى إحدى النساء بعدما طلقها أعطاها مبلغًا من المال كبيرًا تطيبًا لخاطرها فقالت له عرضٌ قليل من حبيب مفارق. يعني ماذا يكون هذا المال الذي تعطيني بالنسبة لفراقك رضي الله تعالى عنه. تولى الخلافة بعد أبيه ستة أشهر ثم تنازل عنها لمعاوية حقنًا لدماء المسلمين فتحقق فيه كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث إنه يومًا رأه فحمله ثم تكلم في الناس فقال إن ابني هذا سيد ولعل الله يصلح به بين فئتين من المسلمين عظيمتين وهكذا كان كما أخبر نبينا عليه الصلاة والسلام. قال المؤلف: قال حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم: دع ما يريبك إلى ما لا يربيك الشرح: يقول مما حفظته من النبي عليه الصلاة والسلام وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم توفي والحسن صغير السن قال حفظت دع ما يريبك إلى ما لا يريبك معناه اترك ما شككت فيه واعدل عنه إلى ما لا تشك فيه يعني ما تيقنت أنه حسن حلال خذه وما شككت هل هو حرام أو حلال هل هو حسن أو قبيح هل هو سنة أو بدعة فاتركه ولا تقربه وعلى هذا على هدي هذه النصيحة النبوية سار ومضى أئمة المسلمين وأولياؤهم يوسف بن أسباط رحمه الله كان يقول : منذ ثلاثين سنة ما حاكى في قلبي شيء إلا تركته يعني أنا على هذه القاعدة أمضي منذ ثلاثين سنة أي شيء أتردد فيه حسن أو قبيح أتركه أي شيء أتردد هل أفعله بنية صالحة أو بنية غير صالحة لا أفعله وهكذا. وروي عن حسان بن أبي سنان أنه قال ما شيء عندي أسهل من الورع قال الورع سهل ليس صعبًا أي شيء أشك فيه أتركه هل هذا حلال أو لا أتركه هل دخله حرام أو لا أتركه وقريب من هذا روي عن سفيان الثوري رحمهما الله تعالى وهذا بالنسبة إليهما سهل أما بالنسبة لكثير من الناس فهو أصعب من نقل الجبال الله تعالى يرحمنا. معنى الحديث يرجع يعني معنى هذا الحديث يرجع إلى الوقوف عند الشبهات حيث يظهر لي شبهة لا أُقدم أتوقف لا أهجم على الأمر الذي فيه شبهة إنما أتوقف وأتركه على وفق ما جاء في الحديث الذي مضى الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات إنما اقتصر على ما هو حلال محض ما أعرف أنه حلال محض تطمئن إليه نفسي أُقدم عليه هذا الذي ينبغي أن يكون عليه حال المؤمن وما لم يعرف حكمه هل هو حلال أو حرام لا يُقدم عليه وقد جاءت أمور في الشريعة الأصل فيها الحرمة فيجب في هذه الأمور أن لا يُقدم عليها الإنسان حتى يتبين له الحِل مثلا الأبضاع الأبضاع يعني الفروج الفروج لا تحل لك إلا ما أحل الله لك يعني فرج زوجتك وفرج أمتك التي هي غير مزوجة هذه هي الفروج التي تحل لك لكن الأصل أن الأبضاع محرمة فلا يجوز الإقدام عليها إلا حيث تبين الحِل. مثال آخر الأصل في اللحوم الحرمة إلا اللحم المذكى الأصل أن البهائم إذا ماتت فلحومها محرمة إلا ما كان مذكى فلا يجوز أكل اللحم إلا حيث عُلم أنه ذُبح ذبحًا حلالا وحيث شُك فيه لا يجوز الإقدام عليه كما يكون الأمر حيث شُك في الفرج هل يحل أو لا لا يجوز الإقدام عليه. واحد له في قرية أخت لا يعرفها وبنات القرية قلة سبعة ثمانية عشرة نحو ذلك لا يجوز له أن يتزوج أية واحدة منهن لأنه يعلم أن إحداهن أُخته ولا يعرف أية واحدة هي الأخت لا يجوز له أن يقدم. كذلك اللحم لا يعرف هل هذا اللحم ذُبح ذبحًا شرعيًا ذبحه مسلم أو يهودي أو نصراني على الوجه الذي يذكره العلماء أو هل هذا مات اختناقا أو هل ذبحه من لا يحل ذبحه مرتد أو مجوسي أو هل ذبح بالآلات التي تذبح أتوماتيكيًا ليس التي يحركها الإنسان عند الذبح عند كل ذبحة لأ إنما أتوماتيكيًا تذبح البهائم هذا كله لا يحل والذي يحل هو ما ذُبح من مسلم أو يهودي أو نصراني على الوجه الذي ذكره الفقهاء إذا شك في اللحم هل ذبح ذبحًا شرعيًا أو لا لا يجوز له أن يأكل منه وما أكثر النّاس الذين لا يلتفتون إلى هذا الأمر حيث وجدوا اللحم هجموا عليه هؤلاء سيسألون في الآخرة لا ينبغي أن يكون هكذا حال المسلم إنما ينظر ويتبين هل هو مما يحل أو هو مما لا يحل إن كان مما يحل أقدم عليه وإلا فلا. وكذلك الريبة والتردد يقع في العبادات كيف هذا مثلا بعض الأئمة يقول الحجامة تنقض الوضوء وبعض الأئمة يقول الحجامة لا تنقض الوضوء فإذا كان الإنسان متوضئًا ثم احتجم خير له أن يجدد وضوءه وهذا للخروج من الخلاف حتى يكون عمله موافقًا لكل الأئمة والخروج من الخلاف ما استطاع الإنسان حيث يستطيع الإنسان هذا شيء حسن بالإجماع لا خلاف فيه وربما دقق في الشبهات من ليس حاله حال أهل التقوى أهل التقوى يدققون عادتهم الأولياء يدققون كثير من الأمور المشتبهة يتركونها الأمر لو كان يجوز يتركونه حتى يعودوا أنفسهم على البعد من الحرام إذا كان الجائز يتركونه فالحرام يكونون أقوى على تركه لكن أحيانًا يدقق في بعض الأمور من يأتي المحرمات ليس من أمثال هؤلاء هو واقع في المحرمات وأحيانًا يكون واقعًا في الكبائر ثم يقول لك مثلا من أين اشتريت هذا الطعام الذي تبيعني إياه بأي مال اشتريت كذا مثل هذا لا يُسكت له إنما يوبخ ويبين له أنه عليك أولا أن تنظر فيما تأتيه من المحرمات وما تتركه من الواجبات أن تغير هذا الحال فيك قبل أن تدقق في دقائق الورع. عبد الله بن عمر رضي الله عنهما جاءه رجل من أهل العراق فسأله عن دم البعوض إذا جاء على الإنسان قليل من دم البعوض يصلي وهو عليه أو لا يصلي فقال عبد الله بن عمر انظر إلى هذا قتلوا ابن رسول الله يريد الحسين بن علي رضي الله عنهما قتلوا ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم أي ابن بنته وهو يسأل عن دم البعوض يعني هذا لا يتناسب وقع في تلك المعصية العظيمة ويسأل عن دم البعوض. قال المؤلف: رواه الترمذي والنّسائي وقال الترمذي حديث حسن صحيح. الشرح: أما الترمذي فيُسمى كذلك نسبة لمدينة قديمة على طرف نهر جيحون نهر جيحون هو نهر بلخ نهر عظيم معروف مشهور يمر في مدينة بلخ التي هي الآن في أفغانستان على هذا النهر يوجد مدينة يقال لها ترمذ هذا الترمذي أبو عيسى محمد بن عيسى الحافظ الكبير قيل له الترمذي نسبة إليها توفي سنة تسع وسبعين ومائتين. وأما النّسائي فيُسمى كذلك نسبة لمدينة نَسَا في خرسان وهو أحمد بن شُعيب أبو عبد الرحمن النّسائي من أعلام العلماء الفقهاء الحفاظ مات سنة ثلاث وثلاثمائة وكان موته أنه قيل له في دمشق قيل له خرّجت مناقب علي ولم تخرج مناقب معاوية فقال ماذا أخرج له يعني ما عنده شيء يصح عن النبي عليه الصلاة والسلام من المناقب ماذا أخرج له لا أشبع الله بطنه يعني النبي عليه الصلاة والسلام كان قال في معاوية هذه المقالة ” لا أشبع الله بطنه ” كان دعاه طلبه أرسل ابن عباس في طلبه رجع فقال يأكل ثم أرسل في طلبه رجع يقول قال يأكل مرتين أو ثلاثًا فقال النبي عليه الصلاة والسلام : ” لا أشبع الله بطنه ” فقال النسائي ماذا أخرج له ” لا أشبع الله بطنه ” فغضب الذين كلموه في هذا وضربوه بأيديهم ورفسوه بأرجهلم حتى يعني حتى أصابه ضرر كبير من ذلك ثم نُقل إلى الرملة أو إلى مكة وهو مريض ومات على أثر ذلك بسببه. والحديث كما قال الترمذي حديث حسن صحيح وهو راجع في كثير من معناه إلى ما تقدم في حديث الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات. أسأل الله أن يجعلنا من الذين يجتنبون الأمور المتشابهة والذين يقتصرون على إتيان الحلال ويبتعدون عن الحرام والله سبحانه وتعالى أعلم.