fbpx

هنا كان الحبيب – الحلقة: 13

شارك هذا الدرس مع أحبائك

الأبواء زار رسول الله صلى الله عليه وسلم الأبواء أكثر من مرة، والأبواء مكان فيه قبر أم الرسول صلى الله عليه وسلم آمنة بنت وهب، زارها الرسول صلى الله عليه وسلم، وكانت أولى غزوات الرسول عليه الصلاة والسلام في الأبواء، وهذه الغزوة لم يقاتل فيها النبي عليه الصلاة والسلام إنما كان صلحا صالحه النبي عليه الصلاة والسلام، كانت آمنة بنت وهب أم النبي عليه الصلاة والسلام عائدة من المدينة المنورة إلى مكة المكرمة كانت تزور أخوال الرسول عليه الصلاة والسلام هناك، أي في المدينة وكانوا من بني النجار، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن ست سنوات، وماتت أم الرسول عليه الصلاة والسلام وهي في طريقها من المدينة إلى مكة ودُفنت في الطريق في مكان يُقال له الأبواء، وكان مع آمنة حاضنة النبي عليه الصلاة والسلام وهي التي ربته واسمها بركة بنت ثعلبة، وهي المشهورة بأم أيمن وأم أيمن هي التي اعتنت بالنبي عليه الصلاة والسلام واوصلته إلى مكة المكرمة، وكان الرسول يحبها ويقول: “هي أمي بعد أمي” ربته واعتنت به كأنه ولدها والرسول عليه الصلاة والسلام كان يكثر من زيارتها حتى إن أبا بكر وعمر زاراها بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام اقتداء بالرسول عليه الصلاة والسلام فأبكتهما لأنها تذكرت رسول الله فبكيا وبكت، أم أيمن هي حبشية يقال إنها جاءت من الحبشة لما جاء أبرهة الأشرم في عام الفيل لهدم الكعبة فبقيت هناك وكانت عند والد النبي عليه الصلاة والسلام عبد الله، لكن عبد الله مات قبل أن تلد آمنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أي كان حملا في بطنها، استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه أن يزور أمه أي أن يزور قبرها فأذن له، وبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم عند قبرها وأبكى الصحابة، واستأذن رسول الله ربه أن يستغفر لها ولم يُؤذن له، وهذا لا يعني أن أم الرسول لم تكن مؤمنة، بل كانت آمنة بنت وهب أم الرسول عليه الصلاة والسلام مؤمنة صالحة، والدليل على ذلك أنها رأت العجائب عند ولادة النبي عليه الصلاة والسلام لكن الرسول عليه الصلاة والسلام مُنع أن يستغفر لأمه حتى لا يقتدي به صحابته فيستغفروا لآبائهم الذين ماتوا على غير الإسلام، لأن الله تبارك وتعالى حرم على المسلم أن يستغفر لغير المسلم ممن مات على غير الإسلام، وهذا يدلنا على بر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمه، لم يلتق رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمه كبيرا، ومع ذلك حث على بر الوالدين حثا عظيما بليغا. أحبابي في الله بروا أمهاتكم وبروا آباءكم، الرسول عليه الصلاة والسلام لم يلتق بأمه كبيرا ولكن بلغنا عن النبي عليه الصلاة والسلام ما يدلنا على عظيم بره، فاطمة بنت أسد أم الإمام علي بن أبي طالب تربى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتها وذلك لأن النبي كفله جده بعد ما ماتت أمه، وبعد ما مات جده كفله عمه أبو طالب أبو علي رضي الله عنه وأرضاه، أبو طالب كان متزوجا من امراة تسمى فاطمة بنت أسد وكانت قد آمنت وأسلمت، وكان رسول الله يحبها ولما ماتت فاطمة بنت أسد، تخيلوا معي، قعد رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأسها وقال: “رحمك الله أمي أنت أمي بعد أمي” أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بتغسيلها ثلاثا وصب رسول الله بنفسه الماء على جسدها ونزع قميصه ولفها به وكفنها فوق قميصه ولم يقتصر على ذلك أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفر اللحد، واللحد حفرة تحفر في الأرض تحفر نزولا ثم في جهة القبلة، لما حفروا الحفرة نزل رسول الله في هذه الحفرة وهو حفر اللحد بيده وصار يأخذ التراب منه ثم اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا اللحد وقال: “اللهم اغفر لأمي فاطمة بنت أسد ووسع عليها مدخلها ولقنها حجتها بحق نبيك والأنبياء من قبلي فإنك أرحم الراحمين الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر” وأنزلها رسول الله صلى الله عليه وسلم هو والعباس وأبو بكر، وهذا كله يدلنا على بر الرسول صلى الله عليه وسلم، كلنا نتمنى لو نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبورنا أو دعا لنا او استغفر لنا أو صب علينا من الماء عند تغسيلنا أو كُفنا في ثوب النبي عليه الصلاة والسلام فنالت هذه المراة بركة عظيمة لأنها ربت رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذه حليمة السعدية مرضعة النبي عليه الصلاة والسلام، يُروى في بعض القصص أن النبي عليه الصلاة والسلام كان في ناحية ذات يوم فاهتم بامراة فنظر الناس، فصاروا يسألون عن هذه المراة من هي التي اهتم لشأنها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقيل: إنها حليمة السعدية، هي مرضعة النبي عليه الصلاة والسلام، فأكرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم. رسول الله علمنا البر فينبغي أحبابي ان نأخذ العبر من فعل النبي عليه الصلاة والسلام، وأن نتعلم من النبي الرحمة والشفقة والرأفة. رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كان لم يدرك أمه وأباه كبيرا لكنه عليه الصلاة والسلام علمنا بر الأم وعلمنا بر الأب، الله تعالى ذكر بر الوالدين في القرآن الكريم مقرونا بالإيمان بالله وترك الإشراك به عز وجل {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} { وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13) وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} صدق الله العظيم، في الأبواء كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فحلت بالأبواء البركة. نسأل الله تعالى أن يرزقنا زيارة الأماكن التي كان فيها رسول الله وأن يرزقنا بر أمهاتنا وآبائنا.