مقبرة المعلاة
مقبرة المعلاة أو مقبرة البقيع مقبرتان للمسلمين أما الأولى فبمكة المكرمة والثانية في المدينة المنورة أما المعلاة فدفن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجته خديجة بنت خويلد وأما الثانية البقيع فدفن فيها عددٌ كثيرٌ من المسلمين من جملتهم زوجات النبي صلى الله عليه وسلم عدا خديجة وميمونة أما المعلاة في مكة المكرمة فكانت مدفنًا للجاهليين قبل مبعث النبي عليه الصلاة والسلام بل ودفن فيها أبو طالب عم الرسول صلى الله عليه وسلم كما ودفن فيها عدد كثيرٌ من أقارب النبي عليه الصلاة والسلام ومن جملتهم ولدا رسول الله القاسم وعبد الله أما القاسم فبه كان يكنى الرسول صلى الله عليه وسلم بأبي القاسم، دفن النبي صلى الله عليه وسلم في تلك المقبرة ولديه القاسم وعبد الله ودفن خديجة بنت خويلد وخديجة توفيت قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم بأعوامٍ قليلة جدًّا وكان النبي عليه الصلاة والسلام يحبها ويعظمها وكان يجلها في حياتها وبعد مماتها فالسيدة عائشة رضي الله عنها قالت: (ما غرت على امرأةٍ ما غرت على خديجة) خديجة قالت خديجة فعلت، حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينحر أي يذبح ويتصدق على صديقات خديجة إكرامًا لخديجة والنبي صلى الله عليه وسلم كان يثني عليها خيرًا عظيما فهي التي حمته ساندته وسر لها رسول الله صلى الله عليه وسلم بل هي أول من آمن بالرسول صلى الله عليه وسلم من النساء.
ودُفن في هذه المقبرة عدد من العلماء والمشاهير الأعلام ومن جملة من دفن في هذه المقبرة أبو جعفر المنصور الخليفة العباسي وهو الذي يُروى أنه سأل مالك بن أنس عالم المدينة سأله إذا زار قبر الرسول عليه الصلاة والسلام وأراد أن يدعو الله تعالى فهل يستقبل القبلة أو يستقبل قبر الرسول عليه الصلاة والسلام، وذلك لأن الإنسان إذا وقف عند المواجهة الشريفة فإما أن يستقبل القبلة وإما أن يستقبل قبر الرسول عليه الصلاة والسلام فقال له مالكٌ: ” كيف لا تستقبله وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم إلى الله” وذلك لأنه يروى كما هو عند الحاكم أن آدم عليه السلام لما تاب إلى الله تبارك وتعالى من الذنب الصغير الذي اقترفه توسل بالنبي محمد عليه الصلاة والسلام فسُئِل آدم كيف عرفت محمدًا ولم يُخلق بعد؟ فأخبر آدم عليه السلام أنه لما خُلق نظر إلى قائمةٍ من قوائم العرش وجد مكتوبًا عليها “لا إله إلا الله محمدٌ رسول الله” قال آدم: )فعرفت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك).
وأما مقبرة البقيع فكان النبي عليه الصلاة والسلام يُكثر من زيارتها وهذه المقبرة فيها بركةٌ عظيمة دفن فيها زوجات النبي صلى الله عليه وسلم عدا خديجة فإنها دفنت في المعلاة في مكة وما عدا ميمونة فإنها دفنت في مكانٍ آخر يقال له سرف، والسيدة عائشة رضي الله عنها دُفنت في البقيع مع أخواتها من زوجات النبي صلى الله عليه وسلم كما ودُفن في تلك المقبرة الطاهرة عثمان بن مظعون وهو أول المهاجرين وفاةً بالمدينة دفن في البقيع ووضع رسول الله صلى الله عليه وسلم صخرة حجرًا كبيرًا عند قبره وقال (أتعلم بها قبر أخي) اجعلها علامةً أتعلم بها قبر أخي عثمان بن مظعون وكان رجلًا مباركًا كثير العبادة صوامًا قوامًا حتى إنه أراد أن يختصي حتى لا يكون عنده شهوة للنساء فمنعه رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك فإن ذلك حرامٌ لا يجوز ولكن هذا يدلنا على شدة تعلق هذا الرجل المبارك بالعبادة.
وأما أول من مات من الأنصار فأسعد ابن زرارة ودفن أيضًا هناك والرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي عين موضع مدفنه في البقيع وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن البقيع هي أول المقابر التي يبعث أهلها فأول من يُبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم والأنبياء وأهل المدينة وأهل مكة وأهل الطائف.
ومن لطيف ما يذكر عن سيدتنا عائشة رضي الله عنها أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يزور مقابر المسلمين أي مقبرة البقيع إذا حانت نوبتها أي جاء دورها هذا يدل على أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يكن معلق القلب بالنساء فإن السيدة عائشة وهي أجمل نسائه وأصغرهن إذا حانت نوبتها خرج الرسول صلى عليه وسلم إلى جبانة المسلمين يستغفر للمسلمين وذات يوم دخل الرسول بيته ودخل في الفراش فلما ظن أن السيدة عائشة رضي الله عنها غفت ونامت خرج الرسول صلى الله عليه وسلم من البيت من غير أن يزعج السيدة عائشة لأنه يظنها نائمةً وهذا من حسن معشر النبي عليه الصلاة والسلام، خرج الرسول إلى جبانة المسلمين إلى البقيع يستغفر لهم ولحقته السيدة عائشة تريد أن تعرف المكان الذي ذهب إليه الرسول صلى الله عليه وسلم ثم لما عرفت السيدة عائشة أن الرسول صلى الله عليه وسلم يريد الرجوع رجعت فورًا فلما دخل الرسول صلى الله عليه وسلم وجد السيدة عائشة متيقظةً فسألها عن سبب ذلك عن سبب تنفسها بسرعة وذلك لسرعة عودتها فأخبرته بما جرى معها فأخبرها النبي عليه الصلاة والسلام بأن جبريل ناداه مخافتةً أن يخرج ويستغفر للمسلمين في البقيع وكانت السيدة عائشة رضي الله عنها زارت أخاها عبد الرحمن بن أبي بكر وسُئلت عن ذلك قيل لها أليس نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن زيارة القبور فقالت “كان قد نهى عن ذلك أولًا ثم أباح ذلك” فقد قال عليه الصلاة والسلام (كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها فإنها تذكر بالآخرة ) فزيارة القبور تذكر بالموت وتذكر بالآخرة فهذا أمر استحسنه الشرع وحث عليه ولا سيما إذا كانت هذه القبور قبور الصالحين وقال عليه الصلاة والسلام (أكثروا من ذكر هادم اللذات) أي الذي يهدم اللذة وهو الموت.
في المعلاة دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجته خديجة وفي بقيع الغرقد زار رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين واستغفر لهم، هناك كان رسول الله هناك كان الحبيب.