أجياد
مكان في مكة المكرمة هناك رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل على صورته الحقيقية وذلك لأن نبينا المصطفى الكريم لم ير جبريل على صورته الحقيقية إلا مرتين فإن جبريل كان إذا نزل على نبينا الكريم رآه متشكلا فجبريل عليه السلام كان ينزل على نبينا الكريم المصطفى صلى الله عليه وسلم كثيرا بصورة رجل من الصحابة جميل يقال له دحية الكلبي وهذا دحية كان من صحابة النبي عليه الصلاة والسلام مؤمنا به فكان جبريل يزور نبينا على صورته، ذات يوم طلب النبي عليه الصلاة والسلام أن يرى جبريل على صورته الحقيقية ومكة تحيط بها الجبال فرأى الرسول صلى الله عليه وسلم جبريل بمكان يقال له أجياد وهو مكان معروف اليوم بهذه التسمية وهو حي مشهور فيه جبل، نزل جبريل عليه السلام سادّا عُظم خلقه ما بين المشرق والمغرب تخيل هذا المشهد العظيم لو رأى الواحد منا اليوم طائرا بحجم المبنى لهاله المنظر ولفزع من ذلك فكيف بجبريل عليه السلام وقد نزل سد ما بين المشرق والمغرب سد الأفق كما ورد في القرآن {بالأفق المبين} فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم خر مغشيا عليه، فعاد جبريل إلى صورته التي كان ينزل بها على نبينا عليه الصلاة والسلام والتزم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أفاق نبينا الكريم قال: “يا جبريل ما ظننت أن الله خلق أحدا بهذه الصورة“، قال جبريل: يا محمد إنما نشرت جناحين من أجنحتي وإن لي ستمائة وإن إسرافيل له ستمائة جناح، جناح واحد من إسرافيل مثل أجنحة جبريل ستمائة. تخيل كم حجم إسرافيل عليه السلام كم هو عظيم وكلاهما ملكان كريمان على الله أما جبريل فرئيس الملائكة وأما إسرافيل فهو من الملائكة الكرام وُكِل بالنفخ في البوق وذلك أن إسرافيل عليه السلام ينفخ في البوق نفخة طويلة عند نهاية الدنيا يصعق فيها كل من يكون حيا على وجه الأرض، تتمزق قلوب البشر، إسرافيل هو ملك ضخم والبوق الذي يحمله إسرافيل هو ضخم عظيم وقد ألقم إسرافيل البوق، فعندما ينفخ إسرافيل يموت كل من كان حيا بما يشمل الملائكة والجن يقبض عزرائيل عليه السلام أرواح البشر وأرواح الجن وأرواح الملائكة ويقبض الله عز وجل بقدرته روح عزرائيل ثم بعد أربعين سنة يحيي الله تبارك وتعالى إسرافيل فينفخ النفخة الثانية فيبدأ يوم القيامة وقد رأى نبينا الكريم المصطفى صلى الله عليه وسلم جبريل على صورته الحقيقية مرة ثانية وذلك في المعراج، عُرج بالنبي المصطفى الكريم قبل الهجرة بسنوات قليلة وذلك ليرى عجائب العالم العلوي لا ليلتقي بالله تبارك وتعالى فإن الله تبارك وتعالى لا يسكن السماوات قال الله تعالى: {ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى} شجرة سدرٍ في السماء السادسة وتمتد إلى السابعة ظهر جبريل عليه السلام على صورته الحقيقية ورآه الرسول صلى الله عليه وسلم وقد نشر جبريل الأجنحة الستمائة فثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى جبريل على صورته الحقيقية بعد أن نشر كل الأجنحة وذلك لأن قلبه كان قد غُسل قبل أن يُعرج به إلى السماوات السبع فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم عجائب العالم العلوي ومنها رؤيته لجبريل فالنبي عليه الصلاة والسلام لم ير جبريل على صورته الحقيقية إلا مرتين رآه مرة في أجياد في مكة المكرمة ورآه مرة ثانية في السماوات العلى في المعراج، وهذا معنى قوله تعالى: {ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى} فالذي تدنى وتدلى هو جبريل عليه السلام دنا من الرسول محمد فرحا به لأنه لم ير من الأنبياء جبريل على صورته الحقيقية إلا محمد عليه الصلاة والسلام فهو وحده من بين الأنبياء من رأى جبريل على صورته الحقيقية ففرح به جبريل فرحا عظيما فنزل ودنا وتدلى من النبي عليه الصلاة والسلام حتى كان قاب قوسين ذراعين أو أدنى بل أقل وكان جبريل عليه السلام يزور نبينا محمدا عليه الصلاة والسلام متشكلا بصورة يعرفها فيه دائما إلا أنه مرة زار جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم في صورة لم يعرفه الرسول صلى الله عليه وسلم أنه جبريل، كان النبي عليه الصلاة والسلام في مجمع من أصحابه فدخل رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يُرى عليه أثر السفر ولا يعرفه أحد، قال: “يا محمد أدنو”؟ يعني هل تأذن لي يا محمد أن أقترب منك فتعجب الصحابة لذلك لماذا؟ لأنه يتأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يستأذنه بالاقتراب منه ومع ذلك يناديه: يا محمد، فإنا قد نهينا أن نخاطب رسول الله صلى الله عليه وسلم أمامه بقول: “يا محمد” بل نقول: “يا رسول الله أو يا نبي الله أو يا حبيب الله” فكيف قال: “يا محمد” ومع ذلك استأذنه في الدنو؟ قال: “ادنُ“، قال: يا محمد أدنو؟ قال: اُدن، قال: يا محمد أدنو؟ قال: “اُدن“، فقعد أمام نبينا عليه الصلاة والسلام وجعل ركبتيه عند ركبتي النبي عليه الصلاة والسلام أسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه بهيئة المتعلم وقال: يا محمد أخبرني عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا” قال: صدقت، فتعجبوا، يسأله ويقول له: صدقت، إذا هو يعرف الجواب قال: يا محمد أخبرني عن الإيمان، قال: “أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره” أي أن الله تعالى قدر كل شيء قدر الخير وقدر الشر فبيّن أمور الإيمان الستة والتي يجب علينا أن نتعلمها وأن نعرفها وأن نؤمن بها ثم سأله أسئلة ثم انصرف فقال النبي لبعض الصحابة الحق الرجل فلحقه فلم يدركه وكأنما الأرض ابتلعته فقال له: أتدري من السائل، قال: الله ورسوله أعلم، قال: “إنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم” وكان ذلك بعد ثلاثة أيام من زيارة جبريل لهم عرف الرسول صلى الله عليه وسلم أن هذا الزائر هو جبريل وأخبرهم أنه جاء ليعلمهم أمر دينهم وهذه القصة حدثت في المدينة المنورة في أواخر عهد حياة نبينا عليه الصلاة والسلام جاء جبريل عليه السلام ليعلم الصحابة ويرشدهم ما هو خلاصة دعوة النبي محمد عليه الصلاة والسلام وفي أجياد مكان يقال إن النبي محمدا عليه الصلاة والسلام اتكأ فيه فكان أهل مكة بعد ذلك يتتبعون المواضع التي قصدها رسول الله صلى الله عليه وسلم والتي حل فيها فكيف بمكان كان فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه ظهر جبريل على صورته الحقيقية.