غار ثور
غار ثور وخيمة أم معبد مكانان حل فيهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فحلت فيهما البركة.
قبل أن يهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة اشتد أذى قريش عليه، فكان صلى الله عليه وسلم يمر على القبائل ويدعوهم إلى الإسلام، وحصل ذات يوم أنِ التقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بقريب الستة كانوا قد جاؤوا من يثرب إلى مكة المكرمة فالتقى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعاهم إلى الإسلام وأسمعهم القرآن فآمنوا وعادوا إلى يثرب ودعوا أقوامهم إلى الإسلام، وبعد عام جاء خمسة ممن كان قد آمن أولا وجاء معهم سبعة آخرون، التقى بهم النبي عليه الصلاة والسلام وآمنوا به وبايعوه البيعة الأولى ثم انصرفوا إلى يثرب يدعون أقوامهم ويعلمونهم الإسلام، وكانوا يسمَّون بالأوْس والخزْرَج وببني القيلة، وسماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الأنصار.
ثم بعد عام جاء وفد أكبر من المدينة المنورة وكانت تسمى يثرب وبايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم البيعة الثانية ثم عاد أولئك النفر الطيبون إلى المدينة وفشا الإسلام وانتشر في يثرب المباركة ثم أمر الله تعالى نبيه بالهجرة من مكة إلى المدينة ولم يكن خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم جبنا أو هربا من الحق، بل كان تنفيذا لأمر الله تبارك وتعالى، والمنصف يرى كيف بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم دولة الإسلام في المدينة المنورة ومنها انتشر الدين في الآفاق، انطلق رسول الله من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة وفي ذلك قصة عظيمة، عرفت قريش بانتشار الإسلام في المدينة المنورة فأرادوا أن يتخلصوا من دعوة النبي عليه الصلاة والسلام وكانوا قد عرفوا بهجرة كثير من الناس من مكة إلى المدينة وكان أبو بكر دائما يسأل رسول الله صلى االله عليه وسلم الهجرة ويقول رسول الله انتظر لعل الله يجعل لك رفيقًا، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قاصدا أبا بكر وأخبره أن الله أذن له بالهجرة، فقال أبو بكر: “الرفقة يا رسول الله” أي أسألك الرفقة “عندي ناقتان أعطيك إحداهما” فقال عليه الصلاة والسلام: “نعم ولكن بالثمن“، انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم مع صاحبه أبي بكر إلى المدينة المنورة، وكان جبريل قد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكيدة قريش وهي أنهم اتفقوا على أن يختاروا من كل قبيلة رجلا جلدا قويا ليضربوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ضربة رجل واحد، حتى يتفرق دمه في القبائل، فوقفوا عند بابه وكان النبي صلى الله عليه وسلم أمر عليا أن يتسجى ببرد له، أي أن يتغطى فيه وأن ينام مكانه، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجال قريش يقفون عند الباب أخذ رسول الله حفنة تراب وذرها على رؤوسهم وقرأ قوله تعالى {يس والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين} إلى أن بلغ قول الله تعالى {فأغشيناهم فهم لا يبصرون}ْ انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذ معه أبا بكر وذهبا جنوبا والناظر في الخريطة يعرف أن اتجاه المدينة هو الشمال ومع ذلك نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم ناحية الجنوب ليذهب لغار ثور فإن غار ثور لا يقع على الطريق المعتاد بين مكة والمدينة، نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم باتجاه الجنوب ومعه أبو بكر والدليل، صعد الجبل دخل الغار وأما الغار فهو صخرة عظيمة تشبه السفينة وأما الصخرة لها بابان دخل رسول الله عليه الصلاة والسلام من باب من هذين البابين وهو الباب الذي يمكن الدخول فيه وهذا الغار لا يمكن للإنسان أن يدخل فيه لصغر حجمه، بقي النبي عليه الصلاة والسلام مع أبي بكر في هذا الغار ثلاث ليال وحلت فيه بركة عظيمة.
ومما يروى أن أبا بكر دخل الغار قبل النبي عليه الصلاة والسلام، وصار يتفقد هذا الغار، فوجد فيه بعض الثقوب فخاف أن يكون في بعضها ما يؤذي نبي الله صلى الله عليه وسلم فجعل يمزق ثوبه ويستر هذه الثقوب ووضع قدمه على ثقب منها وأدخل النبي عليه الصلاة والسلام فاستلقى صلى الله عليه وسلم ووضع خده في حجر أبي بكر ويروى أنه كان تحت قدم أبي بكر أفعى لدغت أبا بكر فآذته فدمعت عين أبي بكر حزنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأيقظت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبر أبو بكر رسول الله بما جرى فمسح بريقه الطاهر المبارك ذلك الموضع فتعافى بإذن الله تبارك وتعالى، وبعد هذه الأيام خرج النبي عليه الصلاة والسلام وأبو بكر من غار ثور وتوجها نحو المدينة ومرا على خيمة أم معبد.
وأما أم معبد فهي امرأة مباركة آمنت برسول الله صلى الله عليه وسلم زارها رسول الله وأبو بكر طالبين للطعام، فلم يجدا عندها طعاما ليشتريانه، ولكن وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم شاتا ليس في ضرعها لبن، أي ليس في ضرعها حليب فاستأذنها رسول الله بحلبها أي أن يحلبها فتعجبت وأذنت له فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم على ضرعها فاحتفل باللبن أي امتلأ به فحلبها النبي عليه الصلاة والسلام وشربوا جميعا وبقيت بقية وانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر. ولما جاء أبو معبد زوج أم معبد ووجد الحليب سأل أم معبد عن هذا الحليب فأخبرته بقدوم رجل مبارك عليها وما فعل، فقال أبو معبد إنه الرجل الذي سمعنا عنه بمكة، فآمن أبو معبد برسول الله صلى الله عليه وسلم وآمنت أم معبد فحلت البركة في خيمتها، وفي غار ثور هناك كان رسول الله هناك كان الحبيب.