مسجد القبلتين
مسجد القبلتين ويسمى مسجد بني سلمة، هو مسجد في المدينة المنورة صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى القبلتين إلى بيت المقدس وإلى الكعبة الشريفة فما قصة هذا المسجد؟
في مكة المكرمة اُمر أن يستقبل بيت المقدس أي المسجد الأقصى في فلسطين هذا أمرُ الله، وكان النبي عليه الصلاة والسلام يمتثل أمر الله ويطيع في ما أمر ولكن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم معلق القلب بالكعبة الشريفة، فكان يحب استقبال الكعبة وكان يتيسر للنبي عليه الصلاة والسلام أن يستقبل القبلتين يعني يستقبل بيت المقدس ويستقبل الكعبة المشرفة، فإن الكعبة لها أربع زوايا ركنان من جهة الشمال من جهة الشام، ركنان شاميان وركنان جنوبيان من جهة اليمن، ركنان يمانيان كان النبي عليه الصلاة والسلام يقف بين الركنين اليمانيين وبذلك يستقبل الكعبة ويستقبل بيت المقدس ولما اُمر نبينا عليه الصلاة والسلام بالهجرة من مكة إلى المدينة المشرفة كان يستقبل بيت المقدس استقبل بيت المقدس ستة عشر شهرًا أو سبعة عشر ولما سكن المدينة لم يعد في وسع النبي عليه الصلاة والسلام أن يستقبل القبلتين ذلك لأن المدينة بين مكة والشام، بين مكة وبيت المقدس فإما أن يستقبل بيت المقدس وإما أن يستقبل الكعبة المشرفة. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمتثل أمر الله يطيع الله فكان يستقبل بيت المقدس لكنه كان يكثر من الدعاء أن يتوجه نحو الكعبة الشريفة قال الله تعالى: {قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ ۖ} فإن الله تبارك وتعالى يرى كل شيء برؤيته الأزلية الأبدية التي ليست بحدقةٍ جارحة، الله يرى كل شيء ولا يخفى عليه شيء، يعلم كل ما يكون بعلمه الأزلي الأبدي، لكن هناك بعض الأحكام تنزل لمدة معينة ثم ترفع أي تنسخ وينزل حكمٌ جديد، وهذا لا يعني أن الله تبارك وتعالى ظهر له ما كان خافيًا عليه فإن هذا لحكمةٍ يعلمها الله تبارك وتعالى، فإن المريض قد يذهب إلى طبيب فيصف له الطبيب دواءً لمدة ويكون في علم الطبيب أنه بعد مدةٍ سيغير له هذا الدواء، فالله تبارك وتعالى لحكمة يعلمها ينسخ بعض الأحكام، يرفع أحكامًا وينزل أحكامًا {قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} كان نبينا عليه الصلاة والسلام يدعو الله تبارك وتعالى ويُقَلِب وجهه في السماء لأنها قِبلة الدعاء لا لأن الله يسكنها فالسماء قِبلة الداعين والكعبة قِبلة المصلين حبيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم قِبلةُ السالكين النبي عليه الصلاة والسلام كان يقلب وجهه في السماء قال تعالى: {فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} ستعطى يا محمد قِبلةً تحبها {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} أُمِر النبي عليه الصلاة والسلام أن يستقبل الكعبة الشريفة، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجد بني سلمة والذي سمي بعد ذلك بمسجد القبلتين.
في النصف من شعبان يوم الثلاثاء عند صلاة الظهر صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين متوجهًا نحو بيت المقدس وأُمِر وهو في صلاته كما قال بعضهم أن يتوجه نحو الكعبة الشريفة فتحول رسول الله صلى الله عليه وسلم ناحية الكعبة الشريفة وتحول المسلمون خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو الكعبة الشريفة فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الظهر ركعتين نحو بيت المقدس وركعتين نحو الكعبة الشريفة وصار المسلمون يخبر بعضهم بعضًا بأن الله تبارك وتعالى أنزل في القرآن تحويل القِبلة فصار المسلمون يصلون نحو الكعبة الشريفة.
ومن اللطيف ما يذكر أن مسجد قباء وهو مسجدٌ قديمٌ صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو المسجد الذي أسس على التقوى كما قيل أتى وافدٌ من النبي عليه الصلاة والسلام يخبرهم أن القبلة قد تحولت وكان الخبر قد وصلهم عند صلاة الفجر نزل تحويل القبلة في صلاة الظهر وبلغ ذلك أهل قباء عند صلاة الفجر فصار المسلمون يتحولون إلى الكعبة الشريفة وأما ما يقال إن بيت المقدس هو أولى القبلتين فليس ذلك دقيقًا؛ إذ إن النبي عليه الصلاة والسلام استقبل بيت المقدس أولًا واستقبل الكعبة الشريفة ثانيًا ولكن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد سبق بأنبياء كثيرين استقبلوا الكعبة الشريفة كنبي الله إبراهيم فإن نبي الله إبراهيم عليه السلام كان يستقبل الكعبة الشريفة وكان الرسول عليه الصلاة والسلام يحب التوجه نحو الكعبة الشريفة وسئِل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم عن الصحابة الذين ماتوا ولم يستقبلوا الكعبة يعني ماتوا وقد توجهوا نحو بيت المقدس فأنزل الله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} يعني ما ضاع عملهم بل كان عملهم مقبولًا وذلك لأنهم أطاعوا الله تبارك وتعالى في ما أمر.
وكان تحويل القبلة امتحانًا واختبارًا يظهر من يطيع الله تبارك وتعالى ومن يعصي الله تبارك وتعالى ولا يطيعه وليس معنى الاختبار أن الله تبارك وتعالى لا يعلم بالنتائج بل الله تعالى عالم الغيب والشهادة لا يخفى عليه شيء الله تعالى يعلم ما كان وما يكون وما سيكون ويعلم الله تعالى ما لا يكون أن لو كان كيف كان يكون فالله تعالى يعلم الصالح ويعلم الطالح ومع ذلك أمر الله تبارك وتعالى المسلمين أن يتحولوا في صلاتهم عن استقبال بيت المقدس إلى استقبال الكعبة امتحانًا واختبارًا. وأما قوله تعالى: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ} فليس معناه أن الله تبارك وتعالى يكون قبالتنا، فإن الله لا يحل في الأماكن، كان قبل المكان وقبل الكون وهو خلق الكون وسبحان الذي يغير ولا يتغير، فالله يغير في الكون ولا يتغير عز وجل فلم يسكن فيه، فمعنى قوله تعالى: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ} أي فأينما توجهتم في صلاة النفل في السفر فتلك الوجهة التي توجهتم إليها هي قِبلةٌ لكم لماذا؟ لأن المصلي إذا أراد أن يصلي النفل وكان عنده وردٌ يصلي فيه النفل وأراد أن يستقبل الكعبة فيكون مقصده في غير جهة القبلة فإذا توجه نحو القبلة تعسر عليه سفره وإذا توجه نحو المسجد ولم يصلي يفوته هذا الورد فأنزل تبارك وتعالى رحمةً منه للمصلين أن يسقبلوا وجهتهم أي أن يسقبلوا الوجهة التي يتوجهون إليها، في صلاة النفل لا في صلاة النفل على الدابة فصاروا يتوجهون إلى مقصدهم وهذا معنى قوله تعالى: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ الله} أي فتلك القبلة التي توجهتم إليها هي قِبلةٌ لكم، فوجه الله أي قِبلة الله.
في مسجد بني سلمة صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى القبلتين، هناك كان رسول الله..