بيرحاء أو بئر حاء
هو بئر في المدينة المشرفة، بستان كان يدخله النبي عليه الصلاة والسلام يستظل فيه من حر الشمس، فيه بئر يستعذبه النبي عليه الصلاة والسلام ويشرب منه، يملكه رجل اسمه أبو طلحة الأنصاري، من هو أبو طلحة وما قصة هذا البئر؟
أما أبو طلحة الأنصاري فكان من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأنصار بل وكان أكثر الأنصار مالًا، كان ذا نخل كبير عظيم له بساتين فيها آبار منها بيرحاء، وكان أبو طلحة الأنصاري أولًا غير مسلم، وقصة إسلامه أنه أراد أن يخطب امرأة تسمى أم سُليم، وهي كانت عند رجل يسمى مالك وابنها هو أنس بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل “خدمت رسول الله تسعة سنين في السفر وفي الحضر، فما قال لي أفٌ قطُّ ما قال لي لشيء فعلته لم فعلته؟ ولا لشيء لم أفعله هلّا فعلته، ما لمست ديباجا ولا حريرا ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا شممت ريحًا ولا عطرًا أطيب من ريح رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن أمرني بشيء فقصرت لم يعاتبني وإن عاتبني أحد من أهله قال: “دعوه واتركوه، لو قُدّر شيء كان“.
في بعض الروايات كان أنس بن مالك يقول: “والله خدمني رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر مما خدمته”. فهذا أنس قد نال شرف خدمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان قد دعا له النبي بكثرة المال وبكثرة الولد وبطول العمر فعمّرَ كثيرا ورُزق مالا كثيرا؛ فإن نخله كان يثمر في العام مرتين، ونخل المدينة يثمر في العام مرة، ورزق من الأولاد كثيرًا جدًّا، حتى إنه قيل إنه رُزق مائة وعشرين ذكرا، أم أنس يقال لها أم سُليم وهي امراة فطنة ذكية مباركة هي التي وضعت ابنها أنس عند رسول الله لخدمته، ذات يوم خطبها أبو طلحة الأنصاري فتمنعت، فظن أنها تريد المال، أنها تريد مهرا كبيرا، فقالت له: “يا أبا طلحة من مثلك لا يُرد، ولكنك امرؤ كافر غير مسلم، ولا يحل للمرأة المسلمة أن تتزوج إلا من مسلم”، فعرضت عليه الإسلام وجعلت مهرها إسلامه أي لا تريد المال وستكتفي بإسلامه، فأسلم أبو طلحة الأنصاري، فإنه يقال أن أم سُليم جُعل لها أعظم مهر في التاريخ فليس هناك ما هو أعظم من الإسلام، وأبو طلحة آمن بالنبي عليه الصلاة والسلام وحسن إسلامه، وكان رجلًا شجاعا يدافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى قيل إنه ذب ودافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في مواقف عديدة، ومنها أُحُد فكان رجلا شجاعا عظيما، وكان أبو طلحة يصوم كل الأيام بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام إلى أن مات أبو طلحة الأنصاري.
وما قصة هذا البئر؟
أما بيرحاء فهر بئر في بستان يملكه أبو طلحة الأنصاري، وذات يوم سمع أبو طلحة رسول الله وهو يخطب ويقول قول الله تعالى {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} انظروا معي يا أحبابي إلى فعل أبي طلحة الأنصاري، من منا مستعد ليدفع أحب المال على قلبه نفقة في البر والخير لينال البر من الله؟ لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وما هي أحب الأموال إلى طلحة؟ بيرحاء وهي بئر في بستان يدخلها النبي صلى الله عليه وسلم فيستظل في شجرها ويستعذب ماءها يشرب منه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بالله عليكم إن كنت تملك بيتا دخله رسول الله أو تملك أرضا دخلها رسول الله أو شيئا لمسه رسول الله أو تناوله هل كنت لتفرط فيه أو تستغني عنه؟ لا والله لكن أبو طلحة الأنصاري يريد البر من الله تبارك وتعالى، لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون، ذهب أبو طلحة الأنصاري إلى النبي عليه الصلاة والسلام وقال: “يا رسول الله إن أحب الأموال إلي بيرحاء جعلتها لله ورسوله ضعها حيث شئت يا رسول الله”، فقال النبي عليه الصلاة وسلم: “بخٍ بخٍ” وهذه كلمة إعجاب تستعملها العرب “بخ بخ ذلك مال رابح، ذلك مال رابح قبلناه منك يا أبا طلحة ورددناه عليك تصدق به على ذوي رحمك“، رده رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي طلحة الأنصاري فصار أبو طلحة يتصدق به على أقربائه على ذوي رحمه ولم يتركه عنده لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره بذلك، فأراد البر من الله تبارك وتعالى. فهنيئًا لأبي طلحة، وهنيئا لكل مسلم أنفق من ماله ما يحبه امتثالًا لقول الله تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} وكان بيرحاء بئر في المدينة المشرفة بقرب المسجد النبوي من أحب المال إلى أبي طلحة جعل صدقة في وجه الخير حتى ينال أبو طلحة برّ الله تبارك وتعالى.