fbpx

حكم الدين – الدرس 1

شارك هذا الدرس مع أحبائك

مَاذَا نَفْعَل لِتَوْقِيف تَأْثِير الْهَاتِف وَمَوَاقِع التَّوَاصُل الاجْتِمَاعِيّ عَلَى أدائنا الْعِبَادَة وَخَاصَّةً أَدَاءِ الصَّلَاةِ ؟ أَوَّلًا، قَالَ الْعُلَمَاءُ يَنْبَغِي عَلَى الْمُصَلِّي أَنْ يَدْخُلَ فِي الصَّلَاةِ وَقَدْ تَخَلَّى وَأَفْرَغَ قَلْبَهُ عَنْ الْأُمُورِ الْمُلْهِيَة الَّتِي تَشْغَلُه عَنْ الْخُشُوعِ. فَيَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ بِقَصْدِ التَّذَلُّلِ وَالْعِبَادَةِ وَالْخُشُوعِ، فَإِذَا كبَّر، يَبْدَأ بِاسْتِحْضَار الْخُشُوعِ فِي قَلْبِهِ. وَالْخُشُوع مَعْنَاهُ أَنَّ يَسْتَحْضِرَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ، أَوْ يُعَظِّمُ اللَّهَ، الْخَوْفُ مِنْ اللَّهِ أَيْ مَا يَكُونُ فِيهِ إجْلَالٌ وَتَعْظِيمٌ وَتَقْدِيسٌ وتجليلٌ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. لَيْسَ مُجَرَّدَ الْخَوْفِ مِنْ النَّارِ، لَا، إنَّمَا يَخَافُ مِنْ اللَّهِ، اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هُوَ الْخَالِقُ الْعَظِيم، وَهُوَ الَّذِي يَسْتَحِقُّ أَنْ يُعْبَدَ. وَنَحْن نَعْبُدَ اللَّهَ لِأَنَّهُ أَهْلٌ لَأَنْ يُعْبَد ، وَيَسْتَحِقّ أَن يُعْبَد، أَلَيْسَ قَالَ فِي الْقُرْآنِ {لَا إلَهَ إلَّا أَنا فاعْبُدونِ}. ثُمَّ الْإِنْسَانُ فِي الصَّلَاةِ إذَا اسْتَحْضَرَ مَحَبَّةَ اللَّهِ تَعَالَى وَتَعْظِيمَ اللَّه وَالْخُشُوعَ وَالْخَوْفَ مِنْ اللَّهِ، هَذَا يُسَاعِدُهُ عَلَى أَنَّ يَسْتَمِرَّ فِي هَذَا الْخُشُوعِ الَّذِي فِيهِ لَذَّةٌ عَظِيمَةٌ، فِيهِ لَذَّةٌ عَجِيبَةٌ، لِذَلِكَ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ “حيث وَجَدْتَ قَلْبَِك فِي الصَّلَاةِ فَقِف عنده”. مَا مَعْنَى هَذِهِ الْعِبَارَةِ؟ مَعْنَاهُ إذَا كُنْت فِي الْقِيَامِ وَأَنْتَ تَقْرَأُ، حَصَلَ لَك خُشُوع، لَا تَسْتَعْجِلْ فِي الْقِرَاءَةِ بَلْ اسْتَمَرَّ، وَاقْرَأ وَأَطِل مَعَ اسْتِحْضَارِ هَذَا الْخُشُوع لِأَنَّهُ تَعْظِيمٌ لِلَّهِ، تَجْلِيل، تَقْديس، تَمْجيد لِلَّه ، مَحَبَّةٌ للَّهِ تَعَالَى وَهَذَا ثَوَاب عَظِيمٌ، وَأَجْر كَبِيرٌ، وَهَذَا يُرَقِّق الْقَلْب، وَهَذَا يُرَقِّق الْقَلْب. فَإِذًا تُطيلُ فِي الْقِرَاءَةِ وَلَا تَقْطَعُ عَلَى نَفْسِك، لَا تَقْطَع عَلَى نَفْسِك. بَعْضُ الصَّحَابَةِ وَبَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ، تَخَيَّلُوا مَعِي، كَانَ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ الْكَرِيمَ فِي رَكْعَةِ الْوِتْرِ، كَعُثْمَان بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ، كَالْإِمَام الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ، كَأَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ، عَدَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ، مِنْ التَّابِعِينَ، كَانُوا يختمون الْقُرْآنَ فِي رَكْعَةِ الْوِتْرِ. وَأَحْيَانًا مِنْهُمْ مَنْ يَقُومُ اللَّيْلَ بِآيَةٍ وَاحِدَةٍ، قَد أَنْت هُنَا الْآن تَسْأَل “كيف يَعْنِي يَقُومُون اللَّيْلَ فِي آيَةِ وَاحِدَةٍ؟ ” أَيْ يَكُونُ هُوَ فِي الصَّلَاةِ يُصَلِّي، أَنْهَى الْفَاتِحَة، ثُمَّ بَدَأ يَقْرَأُ مِنْ الْقُرْآنِ، فَيَصِل عِنْدَ آيَةٍ فَيَأْخُذُه الْبُكَاء والْخُشُوع، ثُمَّ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَتَجَاوَزَهَا لِلَّتِي بَعْدَهَا. مَثَلًا أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حَصَلَ لَهُ ذَلِكَ وَكَانَ مِنْ بُكَائِهِ جِيرَانُه يرحمونه، يُشفِقون عَلَيْهِ يَعْنِي، تَصَوَّرُوا يُصَلِّي الْفَجْرَ بِوُضُوءِ الْعِشَاءِ، أَرْبَعِينَ سَنَةً عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ. مَا مَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ؟ أَيْ لَا يَنَامُ اللَّيْلَ، فَإِذًا “حيث وَجَدْت قَلْبَك فَقِف عنده”، مَعْنَاه أَطِلْ فِي الْقِرَاءَةِ، إذَا كُنْت فِي الرُّكُوعِ وَحَصَل لَك الْخُشُوع أَطِل، إذَا كُنْت فِي الِاعْتِدَالِ، فِي السُّجُودِ أَطِل. وَاشْتَغِلْ بِالدُّعَاء، بِالذِّكْر، كُلّ رُكْنٍ مَا يُنَاسِبُ أَنْ تَشْتَغِلَ فِيه، مَثَلًا أَنْتَ فِي السُّجُودِ أكثِر مِنْ الدُّعَاءِ، وَأَطِل فِي الْقِيَامِ أكثِر مِنْ الْقِرَاءَةِ، فِي الرُّكُوعِ أكثِر مِنْ تَعْظِيمِ اللَّهِ، سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيم سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ وَهَكَذَا. أَيْ يَنْبَغِي أَنْ تَغْتَنِم هَذِه اللَّحَظَات، لَحَظَات الْخُشُوعِ مِنْ الصَّادِقِينَ، مِن المتذللين، مِن الْمُتَوَاضِعِين، الصَّلَاة مُتَضَمِّنَةٌ لِمَعْنَى الْخُشُوع، الصَّلَاةُ يَعْنِي تَعْظِيم لِرَبِّ الْعَالَمِينَ، عِبَادَة لِلَّهِ تَعَالَى، فَإِيَّاكَ أَنْ تَشْغَلَ قَلْبَك فِي الصَّلَاةِ بِالهَاتِف والتلفون وَالرَّسَائِل والمسج والفيس بوك، مَاذَا رَأَيْت مَاذَا سَتَرَى مَاذَا أَرْسَلْت مَاذَا سترسل، الْآن مَاذَا جَاءَكَ مِنْ الرَّسَائِلِ فِي الصَّلَاةِ، كُلُّ هَذَا إيَّاكَ أَنْ تَلْتَفِتَ إلَيْهِ. عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، تَخَيَّلُوا أَنْتُم الْآنَ هَذَا الْمَوْقِف، كَانَ يُصَلِّي، وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ وَقَعَتْ عَلَيْهِ حَيَّةٌ مِنْ السَّقْفِ، مِنْ سَقْفِ بَيْتِهِم ، حَيَّة وَقَعَتْ عَلَيْهِ مِنْ سَقْفِ بَيْتِهِم ، لَمْ يَتَأَثَّرْ، لَمْ يَتَحَرَّكْ، لَمْ يَتْرُكِ الصَّلَاةَ. بَعْضُ مَنْ فِي الْبَيْتِ هَرَب وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ مَا زَالَ خَاشِعًا، مُسْتَمِرًّا فِي الصَّلَاةِ، لَا تَأَثَّر وَلَا تَرَكَ الصَّلَاةَ وَلَا هَرَب. وَهُوَ نَفْسُهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يُصَلِّي عِنْدَ الْكَعْبَةِ، وَكَانَ الْحَجَّاجُ يَقْصِف الْكَعْبَة وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ، هَذَا أَيَّام فِتْنَةِ الْحَجَّاج، تَخَيَّلُوا أَنْتُم الْمَشْهَد الْآن، هُوَ يُصَلِّي عِنْدَ الْكَعْبَةِ ثُمَّ رَكَعَ، وَجَاء الْحَجَرُ الْكَبِيرُ، الَّذِي يُرْمَى بِالْمِنْجَنِيق، أَيْ أَحْيَانًا يَكُون شَبَه صَخْرَة صَغِيرَة، أَيْ رُبَّمَا هدَّت، أَوْ هَدَمَتْ جِدَارًا، أَيْ إذَا أَصَابَتْ إنْسَانًا فِي رَأْسِهِ تَقْتُلَه، تَقْتُلَه. الْحَاصِل، عِنْدَمَا رَكَع جَاءَتْ هَذِهِ الْحَجْرَة، أَوْ هَذَا الْحَجَرُ الْكَبِيرُ وَوَقَعَ فِي الْأَرْضِ بَيِّنَهُ وَبَيْنَ وَجْهِهِ وَهُوَ فِي الرُّكُوعِ، لَمْ يَرْفَعْ ، لَمْ يَرْفَعْ. تَخَيَّلُوا أَنْتُم قَصْف بِالصُّخُور، بِالْحِجَارَة، لَمْ يَتَحَرَّكْ، لَمْ يَتَزَحْزَحْ. هَذَا حَالُهُم، مِنْ شِدَّةِ الْخُشُوع، هَذَا حَالُهُمْ مِنْ شِدَّةِ الْخُشُوع. مَرَّةً أَبُو حَنِيفَةَ كَانَ فِي مَجْلِسِ الْعِلْمِ وَالْإِقْرَاء وَالْفِقْه، فَحَصَلَ أَنْ وَقَعَتْ حَيَّة، ثُعْبَانٌ، وَقَعَ عَلَى النَّاسِ فِي الْمَجْلِسِ، وَأَيْن نَزَلَت؟ فِي ثَوْبِ أَبِي حَنِيفَةَ. يَعْنِي بَيْنَ النَّاسِ وَهُوَ فِيهِمْ ، وَكَان مُتَرَبِّعًا فَنَزَلَتُ عَلَى ثَوْبِهِ، يَعْنِي بَيْنَ رِجْلَيْهِ. بَعْضُ مَنْ فِي الْمَجْلِسِ هَرَب، وَبَعْضُ مَنْ فِي الْحَلقَةِ هَرَب، أَبُو حَنِيفَةَ لَمْ يَزِدْ عَنْ أَنْ قَامَ وَنَفْض ثَوْبَه، يَعْنِي نَفَض الثُّعْبَان، تَخَيَّلُوا، ثُمَّ جَلَسَ وَأَكْمَل. اُنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ حَالُهُمْ مِنْ شِدَّةِ الْخُشُوعِ وَالسَّكِينَةِ وَهَذَا خَارِجَ الصَّلَاةِ. يَعْنِي أَنَّه كَانَ خَارِجَ الصَّلَاةِ وَكَانَ يَعْنِي فِي هَذَا الْمَوْقِفِ الْعَظِيمِ مِنْ الثَّبَاتِ وَالسَّكِينَة، مِنْ الثَّبَاتِ وَالسَّكِينَة. فَإِذا الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا كَبَّرَ بَكَى، وَإِذَا قَرَأَ بَكَى، حَتَّى تَنْحَدِر دُمُوعُه الزَّكِيَّة الشَّرِيفَة الْمُبَارَكَة عَلَى لِحْيَتِهِ ثُمَّ عَلَى الْأَرْضِ. وَكَانَ إذَا رَكَعَ بَكَى، وَإِذَا رَفَعَ بَكَى، وَإِذَا سَجَدَ بَكَى، حَتَّى يَبْتَلّ التُّرَابُ الَّذِي عَلَى الْأَرْضِ مِنْ دُمُوعِهِ الشَّرِيفَة، مِنْ شِدَّةِ الْخُشُوع لِرَبِّ الْعَالَمِينَ. مَاذَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ “وأصلي وَلَا أَشْبَع وَأُصَلِّي وَلَا أشبع” وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ “وجُعِلَتء قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصلاة” يَعْنِي غَايَة لذتي وأنسي وسروري وفرحي فِي صَلَاتِي لِرَبِّي. فَإِذًا يَا إخْوَانِي وَيَا أخواتي إذَا دَخَلْتُمْ فِي الصَّلَاةِ فاستحْضِروا الْخُشُوع، وتذكروا أَنَّكُمْ فِي عِبَادَةٍ لِلَّهِ، وَقَدْ تَكُونُ آخِرَ صَلَاةٍ، قَدْ تَكُونُ آخِرَ صَلَاةٍ، قَدْ يَكُونُ آخِرَ رُكُوع، قَدْ يَكُونُ آخِرَ سُجُود، قَدْ تَكُونُ آخِرَ قِرَاءَة لَك، فأطل فِيهَا، وَحَسِّنْهَا وَجَمِّلْهَا واخشع فِيهَا، وَإِيَّاكَ أَنْ تُضَيع هَذِه اللَّحَظَات الرَّائِعَة الْجَمِيلَة الْحُلْوَة، الَّتِي فِيهَا لَذَّة عَجِيبَة مِنِ الْخُشُوعِ وَالْخُضُوعِ وَالسَّكِينَة وَالذُّلِّ وَالِانْكِسَارِ، إيَّاكَ أَنْ تُضِيع هَذَا عَلَيْك بِسَبَب الواتس آب والفيس بوك والتلفون والهاتف والمسج وَالرَّسَائِل، إيَّاك. هَذَا أإن بَقِيَتْ عِنْدَك وَقْت أَنْ تَرُدَّ أَوْ أَنْ تَنْظُرَ مِنْ أَرْسَلَ لَك أَوْ مَاذَا سترسل. أَمَّا الصَّلَاةُ فَاسْتَحْضِر أَنَّهَا لَذَّةٌ الْمُتَّقِين، وَقَدْ لَا تُدْرِكُ صَلَاة أُخْرَى، فاخشع فِيهَا مَا اسْتَطَعْت وَإِيَّاكَ أَنْ تَتْرُكَ الشَّيْطَانَ أَنْ يخدعَك وَأن يَلْعَبَ بِك وَأنْ يَشْغَل قَلْبَك عَنْ الْخُشُوعِ بالتلفون، بالتلفزيون، بالواتس آب، بِالطَّعَام بِالشَّرَاب، بالنزهة، مَاذَا ستفعل فِي الْمَقْهَى، مَاذَا ستأكل فِي الْمَطْعَمِ، إيَّاك كُلُّ هَذَا أَنَّ تَشْغَلَ قَلْبَك بِهِ فِي الصَّلَاةِ، واخشع لِلَّه وَكُن خَاشِعًا ذَاكِرًا، كُنْ يَعْنِي مُتَذَلِّلًا فِي صَلَاتِكَ لِرَبِّك، هَذَا يَرْفَعُك فِي الْمَقَامَاتِ وَالدَّرَجَات، رَزَقَنِي اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ الْخُشُوعَ وَالْخُضُوعَ وَالسَّكِينَة وََن نُطِيل فِي صَلَاتِنَا وَأن نخشع فِيهَا وَأنْ لَا ننشغل فِيهَا عَنْهَا بِأُمُورٍ أُخْرَى كالتلفون والهاتف والفيس بوك والواتس آب نَسْأَلُ اللَّهَ السَّلَامَةَ نَسْأَلُ اللَّهَ النَّجَاة، نَسْأَلُ اللَّهَ التَّوْفِيقَ وَالسَّدَادَ لَنَا وَلَكُمْ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.