fbpx

حكم الدين – الدرس 15

شارك هذا الدرس مع أحبائك

” الْكَبَائِرُ مَا هِيَ؟ وَمَاذَا يَتَرَتَّبُ عَلَى مَنْ عَمِلَهَا؟ ” الْكَبَائِرُ مَعْنَاهَا، أَنْ يَقَعَ الْإِنْسَانُ فِي ذَنْبٍ، فِي مَعْصِيَةِ، فِي إثْمٍ وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ أَوْ فِي الْحَدِيثِ أَوْ فِي الْإِجْمَاعِ، أَنَّ مَنْ فَعَلَهُ أَنَّ مَنْ عَمِلَهُ أَنَّ مَنِ ارْتَكَبَهُ أَنَّ مَنْ وَقَعَ فِيهِ يَكُونُ مَلْعُونًا أَو يَتَوَعَّد. مَثَلًا رَبُّنَا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَتَوَعَّدُ فَاعِلَ هَذَا الذَّنْبِ بِالنَّارِ، أَوْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَعَّدَه بِالنَّارِ، أَوْ لِأَنَّهُ يُقَامُ عَلَيْهِ مَثَلًا الْحَدُّ كَالزِّنَى مَثَلًا، فِي قَضِيَّةِ الْحَدِّ كَالزِّنَى أَوْ كَشُرْبِ الْخَمْرِ أَوْ كقذفِ الْمُؤْمِنَاتِ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ، يَعْنِي مَا وَرَدَ فِيهِ اللَّعْنُ وَإقَام الْحَدّ كَهَذِه الَّتِي ذَكَرْنَاهَا، أَو التَّوَعُّد بِالنَّار، التَّوَعُّد بِجَهَنَّم، هَذَا يَكُونُ مِنَ الْكَبَائِرِ يَعْنِي مَا كَانَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ أَو دَاخِلًا تَحْتَ هَذِهِ الْأُمُورِ، فَيَكُونُ مِنَ الْكَبَائِرِ. وَالذُّنُوبُ الْكَبِيرَةُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ يَقُولُ فِي مَا يُرْوَى عَنِ الْعَبَّاسِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا هِيَ إلَى السَّبْعِينَ أَقْرَبُ، أَوْ إلَى السِّتِّين. أَمَّا مَا فَعَلَهُ بَعْضٌ مَنْ الْمُؤَلِّفِينَ مِنْ أَنَّهُ أَوْصَلَهَا إلَى أربعمائة ذَنْب وَقَالَ هَذَا مِنْ الْكَبَائِرِ، أَوْ إلَى سبعمائة ذَنْب وَقَالَ كُلُّ هَذَا مِنْ الْكَبَائِرِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ هَذَا غُلُوٌّ وَمُبَالَغَةٌ بِلَا دَلِيلٍ. لِمَاذَا ؟ لِأَنَّ مَنْ الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي وَالْآثَام وَالْمُحَرَّمَاتِ مَا وَرَدَ النَّهْيُ عَنْهَا، وَمَا نَهَى الرَّسُولُ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكِنْ لَمْ يَرِدْ فِي الشَّرْعِ أَنَّ مَنْ فَعَلَهُ مَلْعُونٌ، مَطْرُودٌ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهُ، يَدْخُلُ النَّارَ، يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ كَالزِّنَى، مَا وَرَدَ ذَلِكَ فِي الشَّرْعِ وَلَا وَرَدَ بِالتَّصْرِيحِ هَذَا الذَّنْبُ كَبِيرَة، إنَّمَا يَكُونُ مَثَلًا دُونَ الْكَبِيرَةِ، فَلَا نَقُولُ لِمُجَرَّدِ آرائِنا (لا هَذَا كبيرة) لَا يَجُوزُ لَنَا أَنْ نُفْتِيَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِنَا ونُحَرِّف الْأَحْكَام، حَرَامٌ عَلَيْنَا، لأنه لَاحِظُوا الْآن نَتَكَلَّم عَنِ الْكَبَائِرِ، مِنَ الْكَبَائِرِ الْفَتْوَى بِغَيْرِ عِلْمٍ. يَعْنِي إذَا إنْسَانٌ يَدَّعِي أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَسُوقَ النَّاسَ إلَى الطَّاعَةِ، أَن يَنْهَى النَّاسَ عَنِ الْمَعَاصِي، لا يكَذِّب عَلَيْهِم وَيحَرّف الشَّرِيعَة فَيَقُول عَنْ الصَّغَائِرِ كَبَائِر، لأنه عندها يكون هو قد وقع في الكبيرة، وَيَكُونُ ذَنْبُهُ أَعْظَمُ مِنْ ذَنْبِ مَنْ وَقَعَ فِي الصَّغِيرَةِ، وَلَكِن نَحْنُ لَا نُشَجِعُ عَلَى الصَّغِيرَةِ، نَقُولُ الصَّغِيرَةُ حَرَامٌ وَالصَّغِيرَةُ مَعْصِيَةٌ إثْمٌ وَيَجِبُ أَنْ تُتَجَنَّبَ، وَلَكِنْ مَنْ وَقَعَ فِي الصَّغِيرَةِ فِي شَرِيعَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَكُونُ حُكْمُهُ كَمَن وَقَعَ فِي الْكَبِيرَةِ، حَتَّى نُمَيِّز بَيْن الْأَحْكَام، وَلِأَجْلِ أَنْ لَا نُحَرِفَ بِالشَّرِيعَةِ لِأَجْلِ أَنْ لَا نُغَيِّرَ أَحْكَامَ الدِّينِ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ أهوائِنا وَمِن تِلْقَاءِ أَنْفُسِنَا. فَالرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : “مَنْ أَفْتَى بِغَيْرِ عِلْمٍ لَعَنَتْهُ مَلَائِكَةُ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ” رَوَاهُ ابْنُ عَسَاكِرَ، يَعْنِي هَذَا مِنْ جُمْلَةِ الْكَبَائِرِ، أَنْ يُفْتِيَ الْإِنْسَانُ بِغَيْرِ عِلْمٍ. وَأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ عَلَى الْإِطْلَاقِ الْكُفْرِ بِأَنْوَاعِه ، هَذَا أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، الْكُفْرُ بِأَنْوَاعِه كَمَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّ الْعَالَمَ أَزَلِيٌّ مَعَ اللَّهِ، كَمَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّ اللَّهَ لَهُ بِدَايَةٌ كَمَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّ اللَّهَ جِسْمٌ كَمَنْ يَقُولُ اللَّهُ حَجْمٌ كَمَنْ يَقُولُ اللَّهُ جَالِسٌ عَلَى الْعَرْشِ كَمَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّ الْإِسْلَامَ بَاطِلٌ كَمَن يُحْسِن أَدْيَان الْكُفْر، هَذَا خُرُوجٌ مِنَ الْإِسْلَامِ كَمَنْ سَبَّ اللَّهَ، الْقُرْآنَ، الْإِسْلَامَ، الْمَلَائِكَةَ، كَمَنْ سَجَدَ لِلشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالشَّيْطَان، كَمَن دَاسَ عَلَى الْمُصْحَفِ، الْكُفْرُ بِأَنْوَاعِه هُوَ أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَهُوَ الذَّنْبُ الَّذِي لَا يَغْفِرُه اللَّهُ لِمَنْ مَاتَ عَلَيْهِ. فَإِذَا قُلْتَ كَيْفَ يَغْفِر الْكُفْر لِمَنْ كَانَ عَلَى قَيْدِ الْحَيَاةِ؟ يُقَالُ يُغْفَرُ لِهَذَا الْكَافِر بِالْإِسْلَام، كَيْف يَعْنِي؟ بيترُك الْكُفْر يَتَخَلَّى عَنِ الْكُفْرِ يُقْلِعُ عَنِ الْكُفْرِ وَيَتَشَهَّدُ لِيَصِيرَ مُسْلِمًا، لِيَدْخُلَ فِي الْإِسْلَامِ، هَكَذَا يَكُونُ تَابَ مِنَ الْكُفْرِ بِأَنْ رَجَعَ لِلْإِسْلَام. طَيِّب إذَا بِتْقِلّي مِنْ فِعْلِ كَبِيرَةٍ مِنْ الْكَبَائِرِ مِثْل مَاذَا؟ كَالْقَتْلِ بِغَيْرِ حَقٍّ هَذَا أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ بَعْدَ الْكَفر، قَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلَّا بِالْحَقِّ، أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ بَعْدَ الْكُفْرِ. طِيب مِثْلُ مَاذَا أَيْضًا؟ مِثْل الزِّنَى هَذَا الذَّنْبُ الثَّالِثِ يَعْنِي إذَا بَدْنا نَحْكِي بِالْكَبَائِر عَلَى التَّرْتِيبِ، فَالْكُفْرُ أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ عَلَى الْإِطْلَاقِ بَعْدَه قَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلَّا بِالْحَقِّ وَبَعْدَه الزِّنَى، وَهَذَا ثَابِتٌ فِي نَصِّ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الَّذِي رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَعَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ. طَيَّب بَعْد الزِّنَى يَأْتِي تَرْكُ الصَّلَاةِ، أكْلُ الرِّبَا، أَكْلُ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ بِغَيْرِ حَقٍّ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا، كُلُّ هَذَا مِنَ الْكَبَائِرِ، عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ مِنْ الْكَبَائِرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ مِنَ الْكَبَائِرِ شُرْبُ الْخَمْرِ مِنَ الْكَبَائِرِ أكْلُ الرِّبَا مِنَ الْكَبَائِرِ، آكِلُ الرِّبَا مَلْعُونٌ، الَّذِي يَأْكُلُ أَوِ الَّذِي يُعْطِي، يَعْنِي الَّذِي يَأْخُذُ وَاَلَّذِي يَدْفَعُ يَعْنِي الْآخِذُ والْمُعْطِي كِلاهُمَا مُرْتَكِبٌ لِلْكَبِيرَة، كِلاهُمَا مُرْتَكِبٌ لِلْكَبِيرَة، وَالرِّبَا خَبَث ومَلْعَنَة، هَا، الرِّبَا خَبَث ومَلْعَنَة. ظُلْمُ الْمُسْلِمِين، سَبُّ الْمُسْلِمِين ظلمًا وعُدْوانًا، سَبُّ الْمُسْلِمِين ظُلمًا وعدوانًا، قَال صلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلّم : “سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ”. تَرْكُ صِيَامِ رَمَضَانَ بِلَا عُذْرٍ عَلَى الْمُكَلَّفِينَ، تَرْكَ الْحَجِّ إلَى أَنْ يَمُوتَ وَكَانَ ناويًا أَنْ لَا يحجّ وَهُوَ مُسْتَطِيعٌ، مَنْعُ الزَّكَاةِ أَوْ تَأْخِيرُ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ عَنْ وَقْتِهَا وَقَدْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ بِلَا عُذْرٍ، كُلُّ هَذَا مِنَ الْكَبَائِرِ. الِاشْتِغَالُ بِالسِّحْرِ بِالنَّوْعِ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ كُفْرٌ هَذَا مِنْ الْكَبَائِرِ، وَإِنْ كَانَ ممّا يَدْخُلُه الْكُفْرُ فَصَار كافرًا خارجًا مِنْ الْإِسْلَامِ. و هَكَذَا الْكَبَائِرُ كَثِيرَةٌ، أَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، هَذَا مِنَ الْكَبَائِرِ، أَنْ يَبْقَى الْإِنْسَانُ جاهِلًا بِالْفَرْضِ العينيِّ يَعْنِي لَا يتعلّمُ قدرًا مِنْ عِلْمِ الدِّينِ اسْمُه عِلْمُ الْحَالِ، اسْمُه عِلْمُ الدِّينِ الضَّرُورِيّ، اسْمُه الْفَرْضُ الْعَيْنِيُّ، مَا تعلّم، وَمَات، هَذَا مُرْتَكِبٌ لِلْكَبِيرَةِ يَكُونُ مِنَ الْفَاسِقِينَ. غِيْبَة الْأَتْقِيَاءِ مِنَ الْكَبَائِرِ، غِيْبَةُ الْأَتْقِيَاءِ مِنَ الْكَبَائِرِ، وقَد شَبَّهَها اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ بِمَنْ يَأْكُلُ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا، فإذًا هَذَا كلُّه مِنَ الْكَبَائِرِ. وَهُنَاكَ أَشْيَاءُ كَثِيرَةٌ بَعْد، فَالْحَاصِل، أنَّ الْكَبَائِرَ مَا عرَّفناه، وَرَدَ فِيهِ اللَّعْنُ، الطَّرْدُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، الْوَعِيدُ الشَّدِيدُ كَدُخُولِ النّارِ، إقَامَةُ الْحَدِّ فِي الزَّانِي، فِي قَذْفِ الْمُؤْمِنَاتِ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ، فِي شُرْبِ الْخَمْرِ، كُلُّ هَذَا مثلًا، آكِلُ الرِّبا مَلْعُونٌ، مَانِعُ الزَّكَاةِ مَلْعُونٌ، مَنْ غَيَّرَ مَنَارَ الْأَرْضِ مَلْعُونٌ، هَذَا كُلُّهُ مِنَ الْكَبَائِرِ، هَذَا كُلُّهُ مِنَ الْكَبَائِرِ. وَخُلَاصَةُ الْمَسْأَلَةِ، يَجِبُ عَلَى المكلّفِ أَن يَتَجَنَّبَ الْكَبَائِرَ والصَّغَائِرَ، انْتَبِهُوا، نَحْنُ لَا نُشَجِّعُ عَلَى ارْتِكَابِ الصَّغِيرَة، لَكِنْ لِأَجْلِ ألّا نُحَرِّفَ الشَّرِيعَةَ، نَقُولُ هَذِهِ كَبِيرَةٌ وَهَذِه صَغِيرَةٌ، هَذَا حَرَامٌ وَهَذَا حَرَامٌ، لَكِنْ هَذَا أشدُّ، هَذَا أَعْظَمُ، هَذَا أَكْبَرُ. وتَجِبُ التّوبةُ فَوْرًا مِنَ الْكَبَائِرِ والصّغائرِ، يَعْنِي يَلِّي ارْتَكَبَ صَغِيرَةً، عَمِلَ مَعْصِيَةً، حَرَامٌ عَلَيْهِ، فَرْضٌ عَلَيْهِ أن يَتُوب فورًا، فَالتَّوْبَةُ وَاجِبَةٌ فورًا مِنَ الْكَبَائِرِ والصّغائرِ لَكِن، مَنْ مَاتَ مُسلِمًا مُجْتَنِبًا الْكَبَائِر، واقعًا فِي بَعْضِ الصّغائرِ، هَذَا لَا يُعَذِّبُهُ اللَّهُ فِي الْآخِرَةِ، لِأَنَّ اللَّهَ قَالَ فِي الْقُرْآنِ : “إنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُم سَيّئاتِكُم”، إخْوَانِي وأَخواتي، نَجْتَنِبُ الْكَبَائِرَ والصّغائرَ، نَتُوبُ إلَى اللَّهِ فورًا، مِمّا عَمِلْنَا مَنَ الذُّنُوبِ، إنْ كَانَ كبيرةً أَو صغيرةً، قَال صلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم: “التّائبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ”، اللَّهُمَّ تُبْ عَلَيْنَا، وتَقَبَّلْ مِنّا، وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ربِّ الْعَالَمِين.

Facebook
Twitter
LinkedIn
WhatsApp