fbpx

حكم الدين – الدرس 16

شارك هذا الدرس مع أحبائك

مَا الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ الْمَوْجُودَ بَيْنَنَا الْيَوْمَ لَمْ يُحَرِّف ؟ بَعْضُ الْمَلَاحِدَةِ يُشَكِّكون وَيُشَوِّشُونَ عَلَى عَقَائِدِ الْمُسْلِمِينَ يُرِيدُونَ بِذَلِكَ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَنْ يُشَكِّكوهُم فِي الْإِسْلَامِ أَوْ فِي صِحَّةِ الْقُرْآن فَيَقُولُون لَهُمُ الْقُرْآنُ الَّذِي أُنْزَلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْذُ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفٍ وَأَرْبَعِمِائَةِ سَنَةٍ عَلَى زَعْمِهِمْ هَل يُعْقَلَ أَنَّ يَبْقَى إلَى الْيَوْمِ وَلَمْ يُحَرَّف؟ فَالْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ أَوَّلًا مِنْ الْقُرْآنِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: “إنَا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ” اللَّهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَالْعَالِمُ بِكُلِّ شَيْءٍ وَاَلَّذِي لَا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ هُوَ ضَمِنَ أنْ يُحْفَظَ الْقُرْآنُ مِنَ التَّحْرِيف مِنَ التَّغْيِيرِ مِنْ التَّبْدِيلِ وَهَذَا نَصٌّ صَرِيحٌ قَطْعِيٌّ. اللَّهُ يَقُولُ “وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ” فَلَا يَسْتَطِيعُ شَيَاطِينُ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ وَلَوْ اجْتَمَعُوا وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضِهِم ظَهِيراً عَلَى أَنَّ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ لَا يَسْتَطِيعُونَ لايقدرون فَالْحَاصِل اللَّهُ تَعَالَى ضَمِنَ أنْ يَحْفَظَهُ مِنَ التَّحْرِيفِ وَهُوَ أَكْبَرُ مُعْجِزَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْتَمِرَّة إلَى الْآنَ، يَعْنِي هَذِهِ الْمُعْجِزَةِ إلَى مَا قَبْلَ قِيَامِ السَّاعَةِ، ثُمَّ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَاذَا قَالَ فِي الْقُرْآنِ انْتَبَهُوا جَيِّدًا يَقُولُ عَنْ الْقُرْآنِ: “وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا” فَكُلُّ جَحافِلِ الْكُفْرِ وَكُلُّ جُيُوشِ الْإِشْرَاكِ وَكُلُّ مِلَلِ الضَّلَالَةِ لَوْ اجْتَمَعُوا وَلَوِ اِتَّحَدُوا وَلَو تَضَافَرَت جُهودُهُم عَلَى أَنَّ يُثْبِتُوا تَنَاقُضًا وَاحِدًا فِي الْقُرْآنِ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى أَنَّ يُثْبِتُوا أَنَّ آيَةً وَاحِدَةً فِي الْقُرْآنِ مُحَرَّفَةٌ لَا يَقْدِرُونَ وَلَا يَسْتَطِيعُونَ، لِمَاذَا؟ خَبَرُ اللَّهِ صِدْقٌ وَخَبَرُ اللَّهِ حَقٌّ وَوَعْدُ اللَّهِ لَا يَتَخَلَّفُ وَإِلَّا لَأَدَّى ذَلِكَ إلَى نِسْبَةِ الْعَجْزِ إلَى اللَّهِ وَإِلَى نِسْبَةِ الْكَذِبِ وَإِلَى نِسْبَةِ التَّغَيُّرِ وَالضَّعْفِ وَهَذَا كُلُّهُ مُسْتَحِيلٌ عَلَى اللَّهِ. إذًا اللَّهُ ماذا قَالَ عَنْ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ: “وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا” وَبَعْدَ كُلِّ هَذِهِ الْمِئَاتِ مِنَ السِّنِين، أَلْفٌ وَأَرْبَعُمِائَةٍ سَنَةٍ وَشَيْءٌ إلَى الْآنَ لَمْ يَجِدُوا اخْتِلَافًا وَاحِدًا فِي الْقُرْآنِ وَلَن يَجِدُوا إلَى قِيَامِ السَّاعَةِ. ثُمَّ إنَّ اللَّهَ مَاذَا قَالَ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ انْتَبَهُوا: “كِتَابًا مُّتَشَابِهًا” قَالَ الْحَافِظُ السُّيُوطِيُّ أَيْ يُشْبِهُ بَعْضُهُ بَعْضًا فِي الْإِعْجَازِ وَالتَّصْدِيق وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَقُولُ عَنْ الْقُرْآنِ: “لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ” إذًا بَعْدَ كُلِّ هَذِهِ الْآيَاتِ الصريحات وَبَعْدَ هَذَا الْخَبَرِ الْعَظِيمِ الَّذِي أَنْزَلَهُ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ مِنْ أَيْنَ يَكُونُ التَّنَاقُضُ أَوْ التضاربُ أَو التَّحْرِيفُ فِي الْقُرْآنِ وَمَنْ أَيْنَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَأْتِيَ الْكُفَّارُ بِمَا يُشْبِهُ الْقُرْآنَ أَوْ بِمَا يَكُونُ مِثْلَ أَقْصَرِ سُورَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ؟ لَا يَقْدِرُونَ. أَلَيْسَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ اسْمَعُوا هَذِهِ الْآيَةِ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ أَلَيْسَ اللَّهُ يَقُولُ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ: “وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ” أي شَكٍّ “مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا” عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ “فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ” هَذَا للتحدّي وَلَا يَقْدِرُونَ “فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءَكُمْ مِّن دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا” قَطَع أَطْمَاعَ الْكُفَّارِ فِي ذَلِكَ لَا فِي وَقْتِهِم الَّذِينَ كَانُوا فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا فِيمَا يَأْتِي مِنَ الْأَزْمِنَةِ وَلَا فِيمَا يُسْتَقْبَلُ مِنْ الدُّهُور. مَاذَا قَالَ؟ “وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ” إذًا كَلُّ هَذِهِ الْآيَاتِ تَوَكَّدُ لَنَا أَنْ الْقُرْآنَ لَا يُحَرَّفُ وَمَحْفُوظٌ مِن التَّحْرِيفِ وَالتَّغْيِيرِ وَالتَّبْدِيلِ. وَهُنَا لَنَا سُؤَالٌ لِهَؤُلَاء الْمَلَاحِدَةِ وَالزَّنَادِقَةِ الَّذِين يُشَكِّكون فِي صِحَّةِ الْقُرْآنِ وَفِي صَدَقِ الْقُرْآنِ يُقَالُ لَهُمْ لَوْ كَانَ زُعَماؤُكُم و أسيادُكم الّذِينَ سَبَقُوا فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَالْكُفَّار عَلَى اخْتِلَافِ أنواعِهِم مَع زُعَمائِهم مَع رُؤَسَائِهِم مَع مُلُوكِهِم مَع أُمَمِهِم مَعَ شعوبِهِم مَع جُيُوشِهِم مَع شُعَرائِهم لَو اسْتَطَاعُوا لَفَعَلُوا قَبْلَكُم لَكِنْ إلَى الْآنَ مَا اسْتَطَاعُوا وَلَا أَنْتُمْ اسْتَطَعْتُم وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا لَا أَنْتُمْ وَلاَ مِنْ يَأْتِي بَعْدكُمْ مِنْ الْكُفَّارِ لَا مِنْ الْإِنْسِ وَلَا مِنْ الْجِنِّ لَن تَقْدِرُوا عَلَى ذَلِكَ. وَالسُّؤَالُ الْمُوَجَّهُ إلَيْهِمْ الْآنَ لَوْ حَصَلَ هَذَا التَّحْرِيفُ أَمَا كَانَ ظَهَرَ؟ أَيْنَ هَذَا التَّحْرِيف؟ لَا يُوجَدُ، تلكَ الْكُتُبُ المحرفةُ الَّتِي نُودِيَ عَلَى رُؤُوسِ الْأَشْهَادَ فِي الدُّنْيَا بِتَحْرِيفِهَا وَهُم أَنْفُسُهُم أَصْحَابُ تِلْكَ الْكُتُبِ الْمُزَيَّفَةِ والمحرفةِ الَّذِين غَيَّرُوا وَبَدَّلُوا مِن زُعَمائِهم وأسيادهم هُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ يَعْرِفُونَ وَفِي كُتُبِهِم الْمُؤَلَّفَة لزُعَمائِهم يَعْرِفُون أَنَّهَا مُحَرَّفَةٌ، فَإِذًا لَوْ كَانَ فِي الْقُرْآنِ تَحْرِيفٌ وَاحِدٌ أَيْنَ هُوَ؟ لِمَاذَا لَمْ يَظْهَرْ إِلَى الْآنَ؟ وَلَن يَظْهَرُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَوْجُودٍ، أَمْ عَنْ كُتُبِهِم المحرفة مَاذَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى؟ اسْمَعُوا هَذِهِ الْآيَةَ “فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ” إخْوَانِي وأخَواتي آيَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ الْآيَاتِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا تَكْفِينَا، لَكِنْ كَمْ آيَة ذَكَرْنَا وَالْأَدِلَّة الْعَقْلِيَّة أَنَّه مُعْجِزَةٌ لِلنَّبِيِّ وَلَو تَحَرَّف أَوْ جَازَ عَلَيْهِ التَّحْرِيفُ أَو اسْتَطَاعُوا أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِهِ لَأَدَّى إلَى تَكْذِيبِ اللَّهِ وَإِلَى إبْطَالِ مُعْجِزَةِ مُحَمَّد وَإِلَى الْخُلْفُ فِي وَعْدِ اللَّهِ وَإِلَى تَغَيَّرِ خَبَرِ اللَّهِ وَمَشِيئَتِهِ وَهَذَا كُلُّهُ لَا يَجُوزُ وَلَا يُعْقَلُ وَلَا يَصِحُّ ثُمَّ لَوْ كَان تَحْرِيفٌ وَاحِدٌ أَيْنَ هُوَ إلَى الْآنَ بَعْدَهُ مَا ظَهَرَ وَلَن يَظْهَرُ كَمَا قُلْت لِأَنَّهُ غَيْرُ مَوْجُودٍ وَأمَّا التَّحْرِيفَاتُ الَّتِي فِي الْكُتُبِ المُحَرَفَةِ فَطَارَت فِي الشَّرْقِ وَالْغَرْب. الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَكْرَمَنَا بِأَن جَعَلَنَا مِنْ أُمِّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هَذَا النَّبِيُّ الْعَظِيمُ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ هَذَا الْقُرْآنُ الْعَزِيزُ الَّذِي هُوَ أَعَزُّ كِتَابٍ عَلَى قُلُوبِ الْمُسْلِمِينَ فِي الدُّنْيَا وَالْأَرْض وَالَّذِي هُوَ مَحْفُوظٌ مِنْ التَّحْرِيف إلَى أَنْ يُرْفَعَ مِنْ الْأَرْضِ إلَى السَّمَاءِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

Facebook
Twitter
LinkedIn
WhatsApp