fbpx

حكم الدين – الدرس 19

شارك هذا الدرس مع أحبائك

التفريغ ما حُكْمُ تارِكِ الصَّلاةِ عَمْدًا مَعَ الدَّليل؟ الجوابُ عَنْ ذَلِك لِيُعْلَمْ أَوَّلاً، أنَّ الصَّلاةَ أَمْرُها عَظيمٌ في الإسْلام، وَأنَّها أَعْظَم وَأعْلى وَأَفْرَض وَأَجَل وَأوْجَب الواجِبات بَعْدَ الإيمانِ باللهِ ورَسولِهِ، فَأَفْضَلُ الأَعْمالِ مُطْلَقًا الإيمانُ باللهِ وَرَسولِهِ، بَعْدَ الإيمانِ الذي هُوَ الأَصلُ والأَساسُ تَأْتي الصَّلاة، والصَّلاةُ عَمودُ الدّين، وكَم في الآياتِ القُرْآنِيَّة مِنَ الأمْرِ بالصَّلاة:﴿وَ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ فالذي يَتْرُكُ الصَّلاةَ عَمْدًا يَكونُ مُضَيِّعًا لِهَذا الفَرْضِ المُؤَكَّدْ، الذي يَتْرُكْ الصَّلاةْ يَكونُ ضَيَّعَ الفَرْضَ العَظيمَ الذي جاءَ في القُرْءانِ في آياتٍ كَثيرةٍ وَ مَرّاتٍ عَديدَةٍ ضَيَّعَ الفرض المُؤَكَّد في كثيرٍ مِن أَحاديثِ رسول الله ﷺ، ضَيَّعَ الفرض المُؤَكَّد التي أَجْمَعَتْ عليه الأُمَّة، مِن هُنا قالَ العُلَماء: “مَنْ أَنْكَرَ فَرْضِيَّةَ الصّلاةِ كَفَر” اُنْظُروا، لأنَّه أمْرٌ عَظيمٌ نَصَّ عَلَيْهِ القُرْءانُ وَالحَديثُ والإِجْماع، فالذي يُنْكِرُ فَرْضِيَةَ الصَّلاةِ يَكونُ صارَ مُعانِدًا لِلدّينِ مُكَذِّبًا لِلقُرْءانِ فَهُوَ كافِرٌ، كذا الذي يَسُبُّ الصَّلاةَ بَعْضُ السّاقِطينَ الماجِنينَ اليَوْم يَسُبّون الصَّلاةَ أوْ يَسْتَهْزِئون أو يَضْحَكون، على زَعْمِ بَعْضِ النّاسِ اليَوْم في الجامِعات، في المَطارات، في الأَماكِن الرَّسْمِيَّة أو في بَعْضِ الأَماكِنِ التي لها شُهْرَةٌ دُنْيَوِيَّة ماذا يَقولونَ بِزَعْمِهِمْ: “شوفوا هَيْدا المُتَخلِّف” أو يَقولونَ و العِياذُ بالله: “مُعَقَّد أو موضَة قَديمَة أَوْ دَقَّةٌ عَتيقة أو يَقولون شوف هَيدْا الأَهْبَلْ” أَعوذُ باللهِ العَظيم، هَؤُلاءِ كَفَروا بِرَبِ العالَمين؛ الصَّلاةُ شِعارُ الأَنْبِياء، الصَّلاةُ شِعارُ الدّين، فَمَنْ سَبَّها، استخفَّ بها، حقَّرها، مَنِ اسْتَهْزَأَ بها، مَن ضَحِكَ عَلَيْها، مِنْها، مَنْ أَنْكَرَ فَرْضِيَّتَها لَيْسَ مِنَ المُسْلِمين، هذا عَدُوُّ اللهِ يَكونُ مُكَذِبا للهِ والإسْلامِ والقُرْءان. الحاصِل، هذا الذي تَرَكَ الصَّلاةَ عَمْدًا يَكونُ فاسِقًا، عاصِيًا، مُجْرِمًا، ظالِمًا، مَلْعونًا، يُخْشى عَلَيْهِ مِنْ سوءِ الخاتِمة، هذا مَنْ، إِنْ كانَ يَعْتَبِرُ أَنَّها فَرْضٌ لا يُنْكِرُ فَرْضِيَةَ الصَّلاة، لا يَسُبُّ الصَّلاةْ، لا يَسْتَهْزِئُ بالصّلاةِ يُقِرُّ بِفَرْضِيَتِها لكن يَقولُ أنا كَسولٌ، أنا مُقَصِّرٌ، أنا حالَتي حالَة اللهُ يَتوبُ عَلَيَّ، أنا لا أُصلّي لكن هي فَرْضٌ؛ هذا لا يُكفَّر، هذا مُسْلِمٌ فاسِقٌ يُخشى عَلَيْهِ مِنْ سوءِ الخاتِمَة. أَمّا ما وَرَدَ في بَعْضِ الأحاديثِ: “العَهْدُ الذي بَينَنا وبَيْنَهَمْ الصَّلاة فَمَنْ تَركَها فَقَد كَفَر” هذا مَعناهُ قارب الكُفْر أو مِنْ حَيْثُ الظّاهِر صار يُشْبِهُ الكُفّارَ لأنَّه إذا أَحْضَرْتَهُ وأَحْضَرْتَ شَخْصًا كافِرًا و أَجْلَسْتَهُما قُرْبَ بَعْضِهِما بِحَسَبِ الظّاهِر هذا المُسْلِمُ العاصي التاركُ للصّلاة لا يَقومُ و يُصَلّي فَمِن حَيْثُ الظّاهِرِ صارَ يُشْبِهُ ذاك الكافر، إذًا هذا الحَديثُ لَهُ تَأْويلٌ لِأَنَّ جَماهيرَ عُلَماءِ المُسْلِمينَ يَقولونَ أَنَّ تارِكَ الصَّلاةِ مُسْلِمٌ فاسِقٌ، بَعْضُ النّاسِ يَتَشَدَّدونَ ويَقولون: “لا، كافِر و ذَبيحَتُهُ حَرامٌ ولا يَصَلّى عَلَيْه ولا يُغَسَّلُ ولا يُكَفَّنُ ولا يُدْفَنُ في مَقابِرِ المُسْلِمينَ ولا يُزَوَّجُ مِنْ مُسْلِمَة. كَيْفَ تَرُدّون عَلَيْهِم؟ الجّوابُ في الرّدِ عَلَيْهِم سَهْلٌ جدًا، مِثْلَ ما قالَ الإِمامُ الشّافِعِيُّ لِلإِمامِ أحمد، قالَ لَهُ لَوْ كُنْتَ تَعْتَبِرُ تارِكَ الصَّلاةِ كافرًا كَيْفَ يُسْلِمُ وَهُوَ يَتَشَهَّد، هُوَ مُقِرٌّ بالشَّهادَتَيْنِ ويَقولُ الشَّهادَتَيْنِ وما أَنْكَرَ الشّهادَتَيْنِ ولا كَذَّبَ مَعْنى الشَّهادَتَيْنِ فَكَيْفَ يُسْلِمُ إذا كانَ كافرًا، هُوَ يَقولُ الشَّهادَتَيْنِ هُوَ يَنْطِقُ بالشَّهادَتَيْنِ ويَقولُ الشَّهادَتَيْنِ ولا أَنْكَرَهُما ولا كَذَّبَ ما فيهِما مِنَ المَعاني، فَكَيْفَ يَرْجِعُ للإسلام؟ فإذا قالَ لكَ شَخْصٌ يُصلّي فَيَرْجِعُ للإِسلْام، فَتَقُولُ لَهُ وهَلْ تَصُحُّ الصَّلاةَ مِنْ كافِر، فَإِذا كانَ هذا بِزَعْمِكَ كافِرًا كَيْفَ يُصَلّي، فالكافِرُ لا تَصِحُّ مِنْهُ الصَّلاة، إذَا قالَ إذًا بالشَّهادَتَيْن، تَقول: هُوَ يَقولُ الشَّهادَتَيْن. رَأَيْتُمْ ،هذا ردٌّ سَريعٌ أَنَّ تارِك الصَّلاة لَيْسَ كافرًا تارِكُ الصَّلاة مُسْلِمٌ عاصٍ، أيْضًا الإِجْماعُ الذي نَقَلَهُ الحافِظُ النَّوَوِيّ في شَرْحِ مُسْلِمْ و في المَجْموعِ أَنَّهُ (أي تارك الصلاة) مُسْلِمٌ فاسِقٌ عاصٍ لَيْسَ بِكافرٍ، ثٌمَّ هُناكَ إجْمَاعٌ آخَر كُلُّكُم تَعْرِفُونَه مِنْ عَهْدِ الصَّحَابَةِ إلَى الْيَوْمِ أَنْ الْمُسْلِمَ تَارِك الصَّلَاةِ يُصلى عَلَيْه ، إذَا لَيْسَ كَافِرًا لَوْ كَانَ كَافِرًا كَيْفَ يُصَلِّى عَلَيْهِ ، حَسَنًا ، يُوَّرَّثونه أَمْ لَا مِنْ أَبِيهِ الْمُسْلِم ؟ بَلَى لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ وَ وَالِدِه مُسْلِم، يتزوَّج مَسْلَمَة يَكُون زَوَاجُه صَحِيحٌ مَعَ أَنَّهُ لَا خَيْرَ فِي تَزْوِيجِهِ، أَيْ أَنَّهُ إذَا أَتَى شَخْصٌ لَيَتَزَوَّج بِنْتًا تقربكم و هُوَ لَا يُصلي لَا تزوجوه ، هَذَا خَبِيث مَلْعُونٌ لعنات اللَّه تَنْزِلُ عَلَيْهِ . إذَا لَيْسَ كَافِرًا بَلْ مُسْلِمٌ عَاص مِنْ أَهْلِ الْكَبَائِرِ يُخْشَى عَلَيْهِ مِنْ سُوءِ الْخَاتِمَةِ خَبِيث مَلْعُونٌ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاء فَوْرًا، لَكِن انْتَبَهُوا لَا يَكُونُ خَارِجًا مِنْ الْإِسْلَامِ بِدَلِيلِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ مَاذَا عَلِمْنَا ومَاذَا قَالَ وَمَاذَا فَعَلَ فِي أَمْرِ مَسْأَلَةِ الصَّلَاةِ ، جَعَلَهَا فَرْعًا و لَمْ يَجْعَلْهَا أَصْلًا ، أَلَيْس عدّها فِي الْأُمُورِ الَّتِي بُنِيَ عَلَيْهَا الْإِسْلَامَ ، يَعْنِي لَيْسَتْ هِيَ الشَّهَادَتَيْن يَعْنِي تَارِكُهَا لَا يَكُونُ كذّب الْإِسْلَامِ أَنَّ كَانَ مُقِرًّا بِفَرْضِيَّتِهَا ، الْإِجْمَاعِ أَنَّهُ مُسْلِمٌ عَاص مِنْ أَهْلِ الْكَبَائِرِ ، ظَالِم ، فَاسِقٌ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتُوبَ فَوْرًا ، يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَبْدَأَ بِالْقَضَاء ، لَكِنَّهُ إذَا مَاتَ يَغْسِل و يُكَفَّن و يُصَلَّى عَلَيْهِ وَ يُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَ يُتَرَحّمُ عَلَيْهِ وَ يُدْعَى لَهُ وَ يُسْتَغْفِرُ لَهُ ، يَكُونُ كَافِرًا عِنْدَمَا يَسُبّ الصَّلَاة ، يَكُونُ كَافِرًا إنْ أَنْكَرَ فَرْضِيَّةُ الصَّلَاةِ ، إذَا بِتَارِيخ الصحابة وتَارِيخَ الْمُسْلِمِينَ إلَى الْيَوْمِ منْ مَاتَ تَارِكًا لِلصَّلَاةِ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ، وإذَا قُلْت كَافِرًا أَقُولُ لَك كَيْفَ يُسلِمُ وَ هُوَ مُسْلِمٌ ، كَيْفَ يُسَلِمُ وَ هُوَ يَنْطِقُ بِالشَّهَادَتَيْنِ، إذَا لَيْسَ كافرًا بَلْ هو مُسْلِمٌ عَاص يَتُوبُ إلَى اللَّهِ، والرَّسُول ﷺ قَال : “التائب مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ.” و الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

Facebook
Twitter
LinkedIn
WhatsApp