fbpx

حكم الدين – الدرس 20

شارك هذا الدرس مع أحبائك

مَا هِيَ الْغِيبَة المُحَرَّمة؟ الْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ، قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : “الغيبة هِي ذِكْرُكَ أَخَاك الْمُسْلِم ، بِمَا فِيهِ ، بِمَا يكره”الآن نُعَرِّف الْغِيبَة المُحَرَّمة ، الْغِيبَةِ الْمُحَرَّمَةِ هِيَ أَنْ يتكلَّم الْإِنْسَانِ فِي مُسْلِمٍ فِي خَلْفِهِ أَيْ لَا يَكُونُ حاضرًا مَعَه ، بِمَا فِيهِ وَهُوَ لَا يَرْضَى ، يَتَأَذَّى ، لَا يَقبل ، يَنْزَعِج ، لَو عَلِمَ لَكَرِهَ ذَلِك ، بِمَا لَا يَجُوزُ شرعًا ، يَعْنِي لِغَيْرِ سَبَبٍ شَرْعِيٍّ ، إذَا الْغِيبَة ذِكْرُك أَخَاك الْمُسْلِمِ بِمَا فِيهِ هَذَا الْأَمْرِ هُوَ فِيهِ ، فِي خَلْفِهِ هُوَ لَيْسَ حاضرًا ، وَهَذِه الْغَيْبَةِ لَمْ تَكُنْ لِسَبَب شرعيّ فَهَذِه الْغِيبَة مُحَرَّمة ، وَهَذِه الْغِيبَة لَو كانت فِي حقِّ الْأَتْقِيَاء فَهِيَ مِنْ الْكَبَائِرِ بِاتِّفَاقٍ العُلماء ، يَعْنِي أجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْغِيبَةَ إذَا كَانَتْ فِي شَخْصٍ تقيّ فَهِيَ مِنْ الْكَبَائِرِ أَيْ ذَنَبٌ عَظِيمٌ ، وَاَللَّهُ تَعَالَى حذَّرَنا مِنْ الْغِيبَةِ تحذيرًا بَالِغًا ، مَاذَا قَالَ فِي الْقُرءان الكريم ﴿أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ﴾ في أَوَّلِ الْآيَةِ مَاذَا قال ﴿وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ﴾ تَخَيَّلوا أَنْتُم وَاحِد مَثَلًا لَدَيْه أَخ مَاتَ وَهُوَ أمامه قَعَد يَأْكُلُ مِنْ لَحْمِهِ ، هَذَا الْأَمْرِ كَمْ هُوَ مُنَفِّر ، كَمْ هُوَ مُزْعِج ، كَمْ هُوَ مُخِيف ، كَمْ هُوَ مُقْلِق ، إذَا أَنْتَ عِنْدَمَا تَشْتَغِل بِغَيْبَة عَلى الْمُسْلِمَ لَوْ كُنْت أَنْتَ لَا تُحِبُّه ، لَا صَدَاقَة بَيْنَك وَبَيْنَهُ ، مَعَ ذَلِكَ لَا يُوجَدُ سَبَبٌ شرعيّ لِتَقَع أَو لتشتغل أَنْت بِغَيْبَتِه ، حَرَامٌ لَا يَجُوزُ ، وقُلنا إذَا كَانَ بِلَا سَبَبٍ شرعيّ ، أَمَّا إذَا كَانَ لِسَبَبٍ شرعيّ يَعْنِي مِنْ بَابِ التَّحْذِير الْوَاجِب فَهُنَا لَا تَكُونُ مُحَرَّمةً كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ أنَّ صَحَابِيَّة يُقال لَهَا فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْس ، قَالَت : “يا رَسُولُ اللَّهِ إنَّ أَبَا جَهْمٍ ومُعاوِية خَطَباني”الرسول ﷺ حَذَّرها ونبَّهها مِمّا يَعْرِف فِيهِمَا ، لِأَنَّهَا طُلِبَتْ مِنْهُ النَّصِيحَة فَقَالَ لَهَا : “فأمّا أَبُو جَهْم فَهُو ضَرّاب لِلنِّسَاء لَا يَضَعُ الْعَصَا عَنْ عاتقه”يعني كثيرًا مَا يَضرِب النِّسَاء “وأما مُعاوِية فَهُو صِعلوكٌ لَا مَالَ له” وانتبهوا “صعلوكٌ لَا مَالَ له” هذا لَيْس استخفافًا ، وَهَذَا لَيْسَ استهزاءً بِه وتحقيرًا ، إنَّمَا يُبَيِّن لَهَا أنّهُ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُؤَمِن لَهَا النَّفَقَةُ الْوَاجِبَةِ ، وَهُنَا لَا يَتَكَلَّمُ عَن البُحبوحة وَعَن الزَّوَائِد ، لَا يتكلَّم عَن التوسُّع فِي الملذّات وَالنَّعِيم ، إنَّمَا فِي الْقَدْرِ الَّذِي يَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ ، لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُؤَمِن لَهَا هَذَا القَدْر ، فإذًا حذَّرها مِنْهُمَا وأرشدها ، قَال : “اِنكحي أُسامة” يعني تَزَوَّجي أُسامة ، فِي مِثْلِ هَذَا يَجُوزُ ، أَو مثلًا إنْسَانٌ يَبِيع ويَغُش النَّاس فِي الْبَيْعِ ، فِي الطَّعَامِ ، فِي الشَّرَابِ ، فِي اللِّبَاسِ ، فِي الدَّواء ، أَو يُوَزِّع العُملة الزّائفة بَيْنَ النَّاسِ ، فِي مِثْلِ هَذَا نَصَحته لَمْ يُقْبَلْ النَّصِيحَة ، تُحذِّر مِنْه ، هُنَا لَا تَقُولُ يَنْزَعِج ، يَتَأَذَّى ، يَتَضَايَق هَذَا تَحْذِيرٌ وَاجِبٌ ، كَذَلِك مَثَلًا طَبِيب يُؤذي النَّاس ، يَلْعَب بالأطفال ، يُؤذيهم يُلحِقُ بِهِم ضررًا ، هَذَا أَيْضًا يَجِبُ التَّحْذِيرِ مِنْهُ ، وَهَكَذَا الَّذِي يَغُشّ النَّاسُ فِي دِينِهِمْ ، ويُفتي بغيرعِلمٍ ، فَهَذَا غَيْبَتِهِ لَا تَكُونُ مُحَرَّمة ، بَلْ هِيَ وَاجِبَةٌ ، يَعْنِي هُنَا التَّحْذِيرِ مِنْهُ لَا يَكُونُ مُحَرَّما بَلْ هَذَا أمرٌ وَاجِبٌ ، وأمثلة عَنْ الْغِيبَةِ المُحَرَّمة مَثَلًا هُوَ هَذَا الرَّجُلُ أَعْرَج ، أَعْمَى ، هُو مَثَلًا قَصِيرٌ ، هُو بَدِين ، هُو أكُولٌ ، حَقِيقَةً هُوَ هَكَذَا وَهَذِه الصِّفَات هِيَ فِيهِ ، لَكِنْ هُوَ لَا يَرْضَى ، لَا يَقْبَلُ ، يَتَأَذَّى ، مَعَ ذَلِكَ أَنْتَ قُلْت : “هذا الأكول” أو “فلان يَأْكُلَ وَلَا يَشبع” أو “فلان يَظَلّ نائمًا” وهو لَا يَرْضَى ، لَا يقبل “فلان زَوْجَته تَضْرِبْه ، زَوْجَته تَصْرُخ عَلَيْه ، يَخَافُ مِنْ زوجته” ، “فلانة بَيْتِهَا وَسِخ ، قَلِيلِه التَّرْبِيَة ، لَا تَعرف أن تُربي أولادها” ، “فلان لَا يعْرَفُ كَيْفَ يُدير زوجته” هم هَكَذَا لَكِنْ لَا يَرضَوْن ، أَمَّا مَا وَرَدَ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ عَنْ الْأَعْرَجِ كَذَا فَهَذَا مِنْ بَابِ التَّعْرِيفِ وَصَار للتَعريف وَهُو يَرضى ، لَيْس حرامًا ، أَمَّا مَا ذَكَرْنَاهُ كَان أَنْتَ كُنْتَ تَعْرِفُ فُلَان بديِن ، فُلَان قَصِيرٌ ، فُلَان دَمِيم الخِلقة ، فُلَان يَخَافُ مِنْ زَوْجَتِهِ ، فُلَان يَنَام كَثِيرًا ، فُلَان يَأْكُل كثيرًا ، فُلَان أَوْلَاده قليلو التَّرْبِيَة ، وَأَنْت صِرتَ تذْكُرُهم بِمَا فِيهِمْ وَهُمْ لَا يَرْضَوْن ، لَا يَقْبَلُونَ ، فِي خَلْفَهُم ، وَأَنْت تعرِف هَذَا حَرَامٌ لَا يَجُوزُ ، هَذِه الْغِيبَة المُحَرَّمة ، بَعْض الجُهّال مَاذَا يَقُولُونَ ، يَقُولُون : أَعْوَر ، أَعْوَر بِعَيْنك أَنَا أَقُولُهَا لَهُ بِوَجْهِهِ لَوْ كَانَ غَيْرَ مَوْجُودٍ . إذَا أَنْتَ جَاهِلٌ وَلَا تَخَافُ مِنْ اللَّهِ ، لَا تَصِيرُ الْغِيبَة حَلَالٌ لَك ، لَا هِيَ حَرَامٌ ، لَا تَصِيرُ حلالًا لَك ، إذَا أَنْتَ كُنْتَ جاهلًا بِالْأَحْكَام ، أَوْ كُنْت وَقِحًا جِرِّيئا عَلَى الْمَعْصِيَةِ ، تَقُول: “أنا أَقُولُ فِي وجهه” هذا لَا يجْعَلُ الْغِيبَة حَلَالًا لَك ، فَاتَّقُوا اللَّهَ وانتبهوا لِأَنْفُسِكُم ، انْتَبَهُوا لزوجاتكم ، لأولادكم ، لبيوتكم ، لِأَنَّ الْغِيبَةَ لَلْأَسَف كَثُرت وَانْتَشَرَت صَارَتْ فِي مُعظم الْمَجَالِس وهنيئا لِمَن حامَى وَدَافِع عَن عِرضِ إخْوَانِهِ الْمُؤْمِنِينَ فِي غِيَابُهُم ، لَهُ أَجْرُ عَظِيمٌ ، يُسكت هَذَا الْإِنْسَانُ الَّذِي يَقَعُ فِي الْغِيبَةِ ، لَا يَقْبَلُ ، لَا يَأْذَنُ ، لَا يُساعد ، لَا يَفْرَح ، لَا يُشَجِّع ، قَال ﷺ : “من ردَّ عَن عِرضِ أَخِيهِ بِالْغَيْبِ ردَّ اللَّهِ عَنْ وَجْهِهِ النَّارَ يَوْمَ القيامة” رواه التِّرْمِذِيّ . وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ .

Facebook
Twitter
LinkedIn
WhatsApp