fbpx

حكم الدين – الدرس 27

شارك هذا الدرس مع أحبائك

مَاذَا كَانَ يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي سُجُودِهِ ؟ الْجَوَابُ عَنْ هَذَا السُّؤَالِ أَوَّلاً نَبْدَأُ بِحَدِيثٍ فِيهِ بَيَّنَ الرَّسُولُ ﷺ أَهَمِّيَّةَ الْإِكْثَارِ مِنَ الدُّعَاءِ فِي السُّجُودِ. الرَّسُولُ ﷺ يَقُول “أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ” رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ. هَذَا الْحَدِيثُ مَعْنَاهُ أَنَّ أَقْرَبَ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ إلَى اِسْتِجَابَةِ الدُّعَاءِ وَهُوَ فِي السُّجُودِ يَعْنِي بِعِبَارَةٍ أُخْرَى أَنَّ السُّجُودَ إذَا دُعِيَ فِيهِ يَكُونُ أَرْجَى لِلْإِجَابَةِ يَعْنِي كَثِيرًا مَا يَتَحَقَّقُ لِلْإِنْسَانِ الْمُصَلِّي مَا يَدْعُو بِهِ فِي سُجُودِهِ. فَإِذًا مَعْنَى الْحَدِيثِ “أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ” يَعْنِي الدّعَاءُ فِي السُّجُودِ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ يَسْكُنُ الْأَرْضَ أَوْ تَحْتَ جَبْهَةِ الْمُصَلِّي حَاشَا فَاللَّهُ لَا مَكَانَ لَهُ كَمَا أَنَّهُ لَا يَسْكُنُ السَّمَاءَ وَلَا يَجْلِسُ على الْعَرْشِ وَلَيْسَ فِي الْفَضَاءِ فَهُوَ لَيْسَ حَالَّا فِي الْأَرْضِ وَإِنَّمَا هُوَ مَوْجُودٌ أَزَلًا وأَبَدًا بِلَا جِهَةٍ وَلَا مَكَانٍ. إذًا بَعدَ هَذَا الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ نُبَيِّنُ بَعْضَ الْأَوْرَادِ، الْأَذْكَارِ، التَّسْبِيحَاتِ، الَّتِي كَانَ الرَّسُولُ ﷺ يَقْرَؤُهَا فِي سُجُودِهِ وهِيَ كَثِيرَةٌ جِدًّا لَكِنْ أَنَا انتَقَيْتُ مِنْهَا وَسَأَذْكُرُ بَعْضَهَا لَا أَذْكُرُ كُلَّ مَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهَا كَثِيرَةٌ جِدًّا. مِمَّا كَانَ يَقُولُهُ ﷺ فِي سُجُودِهِ الشَّرِيف الْمُبَارَك “سُبْحَانَ رَبِّيَ الأعلى” مَعْنَاهُ تَنْزِيهٌ للهِ الْأَعْلَى عُلُوّ الْقَدْرِ والشَّأْنِ والْعَظَمَةِ ولَيْس الْمَكَانَ والْجِهَةَ والمسافةَ تَنَزَّهَ اللَّهُ. وَالرَّسُولُ ﷺ كَانَ فِي سُجُودِهِ يَقُولُ أَيْضًا “ربِّ اغفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَاجْبُرْني وارْفَعْنِي وارْزُقْنِي واهدِني” وهُنَا الرَّسُولُ ﷺ اسْتَعْمَلَ أَلْفَاظًا لَيْسَتْ مَعَ اللَّفْظِ الْأَوَّلِ يَعْنِي هِي مَزِيدُ تَضَرَّعٍ وَتَذَلَّلٍ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ وفِيهِ هَذِهِ الأَلْفَاظ الَّتِي لَيْسَتْ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ لَاحِظُوا “رَبِّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَاجْبُرْنِي وَارْفَعْنِي وَارْزُقْنِي واهدني” كَم تَشْتَمِلُ عَلَى أَنْوَاعٍ مِنَ الْخَيْرَاتِ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ الشَّرِيفَةِ الْمُبَارَكَةِ الْعَظِيمَةِ كَذَلِكَ مِنْ دَعَواتِهِ الشَّرِيفَةِ الْمُبَارَكَةِ فِي سُجُودِهِ ﷺ مَا وَرَدَ عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا سَمِعَتِ الرَّسُولَ ﷺ وهُوَ يَقُولُ فِي السُّجُودِ “سُبّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلائِكَةِ وَالرُّوح” سُبّوحٌ قُدُّوسٌ هَذَا تَنْزِيهٌ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ، الرَّسُولُ يُنَزِّهُ اللَّهَ عَنْ كُلِّ صِفَاتِ النُّقْصَانِ عَنْ كُلِّ صِفَات التَّغَيُّرِ وَالْحُدُوثِ والحَجْمِيةِ والْجِسْمِيَّةِ والْقُعُودِ والتَّغَيُّرِ وَالتَّطَوُّرِ وَهَذا يَدُلُّ عَلَى غَايَةِ تَعْظِيمِ اللَّهِ تَعَالَى فِي أَلْفَاظِ الرَّسُولِ ﷺ فَهُو يُعَظِّمُ اللَّهَ تَعَالَى ويُقَدِسُهُ غَايَةَ التَّعْظِيمِ. وكَانَ مِنْ دُعَائِهِ ﷺ أَيْضًا فِي السُّجُودِ “سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وبِحَمْدِك اللَّهُمّ اغفر لِي” هَذَا مِنْ جُمْلَةِ الْأَدْعِيَةِ وَالْأَذْكَارِ الَّتِي كَانَ يَقْرَؤُهَا الرَّسُولُ ﷺ ومِنْ جُمْلَةِ هَذِهِ الْأَدْعِيَةِ الشَّرِيفَة الْمُبَارَكَةِ كَان ﷺ يَقُولُ “اللَّهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ وبِكَ آمَنْتُ ولَكَ أَسْلَمْتُ سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ و بَصَرَه تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ” أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ يَعْنِي أَحْسَنُ الْمُقَدَّرِين، اللَّهُ تَعَالَى تَقْدِيرُه أَزَلِيٌّ أَبَدِيٌ لَا يخطئ ولَا يَتَغَيَّرُ وكَانَ أَيْضًا مِنْ جُمْلَةِ دُعَائِه ﷺ فِي السُّجُودِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ “اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي كُلَّهُ دِقَّهُ و جُلَّهُ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ وعَلَانِيَتَهُ وسِرَّهُ” هَذَا مِنْ جُمْلَةِ أَدْعِيَةِ الرَّسُولِ فِي السُّجُودِ. وكَذَلِكَ مِنْ جُمْلَتِهَا أَنَّهُ ﷺكان يَقُول “اللَّهُمّ اغفري لِي مَا أَسْرَرْتُ و مَا أَعْلَنْتُ” وكَان ﷺ يَقُولُ فِي السُّجُودِ “اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا وفِي سَمْعِي نُورًا وفِي بَصَرِي نُورًا وعَن يَمينِي نُورًا وعَنْ شِمَالِي نُورًا وأَمَامِي نُورًا وخَلْفِي نُورًا وفَوْقِي نُورًا وَتَحْتِي نُورًا واجْعَلْ لِي نُوراً” وَكَذَلِكَ كَانَ ﷺ يَقُولُ يَعْنِي مِنْ جُمْلَةِ الْأَدْعِيَةِ وَالأذكارِ الَّتِي يَقْرَؤُهَا فِي السُّجُودِ وَهَذا عَنِ السيدة عَائِشَةَ أَيْضًا “اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ وأَعُوذُ بِك مِنْك، لَا أُحْصِي ثَنَايَا عَلَيْك أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْت عَلَى نَفْسِك” فإذَا سَألَ سَائِلٌ كَيْف نَقْرَؤُهَا فِي سُجُودٍ وَاحِدٍ؟ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ إنَّمَا لَوْ وَزَّعَها الْإِنْسَانُ عَلَى أَنْوَاعِ الصَّلَوَاتِ، عَلَى عِدَّةِ صَلَوَاتٍ، عَلَى عِدَّةِ سَجَدَات، وكَانَ يَقْرَأُ فِي كُلِّ سُجُودٍ وَاحِدًا مِنْهَا أَوْ بَعْضَ هَذِهِ الْأَدْعِيَةَ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ. ومنها “سُبْحَانَك رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي” هَذَا مِنْ جُمْلَةِ أَيْضًا دُعَاءِ الرَّسُولِ ﷺ فِي السُّجُودِ. وَكَمَا قُلْتُ لَكُمْ هِيَ كَثِيرَةٌ جِدًّا اخْتَرْنَا منها هذه المَوَاضِعَ وَهُنَا يُعَلِّمُنَا الرَّسُولُ ﷺ التَّذَلُّلَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ والانكسارَ وطَلَبَ الرَّحْمَةِ والْمَغْفِرَةِ والْهِدَايَةِ والرِّزْقِ، عَلَى أَنَّ الرَّسُولَ ﷺ لَيْسَ عَلَيْهِ ذَنْبٌ وَهُو مَغْفُورٌ لَهُ وَلَا يُخْشَى عَلَيْهِ لَا مِنَ الْعِقَابِ أَوِ الْعَذَابِ لَا فِي الْقَبْرِ ولَا فِي مَوَاقِفِ الْقِيَامَة حَاشَاه، إنَّمَا بَعْضُ مَا وَرَدَ فِي تِلْكَ الْأَلْفَاظِ هُوَ تَعْلِيمٌ لِلْأُمَّةِ وَكَان تَضَرُّعًا مِنْه لِرَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ. و الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

Facebook
Twitter
LinkedIn
WhatsApp