قال الشيخ جميل حليم
من نصائح الولي المرشد الشيخ الهرري
الحمد لله ربّ العالمين وصلى الله على سيدنا محمد طه النبي الأمي الأمين والعالي القدر العظيم الجاه وعلى ءاله وصحبه ومن والاه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمّدًا عبده ورسوله وصفيه وحبيبه وخليله صلى الله عليه وسلم وشرف وكرم وبارك وعظّم وعلى وعلى جميع إخوانه من النبيين والمرسلين وءال كل وصحب كل وسائر الأولياء والصالحين.
حفظ اللسان يساعد على حفظ الدين
أما بعد، إخواني وأخواتي قبِل الله تعالى منكم صالح الأعمال وأعاننا وإياكم على الصيام والقيام ورزقنا وإيّاكم حسن الحال وحسن الختام.
فمن إرشادات ونصائح مولانا الشيخ المرشد الإمام الهرري رحمه الله رحمة واسعة قال:”حفظ اللسان يساعد على حفظ الدين“. أولا ينبغي أن ننتبه لهذه العبارة ولهذه الكلمة ولهذا القول الذي جمع الكثير من الفوائد والذي جمع الكثير من العناوين والمواضيع تحت هذه العبارة المختصرة حفظ اللسان يساعد على حفظ الدين لو أردنا أن نشرح هذه العبارة لبدأنا بقول الله عزّ وجلّ: {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} (سورة ق).
إذن يفكر الإنسان العاقل يقول أنا إذا أردت أن أتكلم فهذا الكلام لأي غرض لأي سبب هو لخير لمنفعة لفائدة لقراءة قرءان لذكر الله لصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الأمر بالمعروف في النهي عن المنكر في الكلام الطيب الحسن في الكلام الذي يصلح بين المتخاصمين هذا الكلام هل هو فيما يعود بالنفع والفائدة عليّ وعلى أهلي وعلى الناس إن كان من هذا القبيل وتحت هذه العناوين فليقل وليكثر.
أما إذا كان الكلام الذي يريد أن يتكلم به من نوع الحرام والكفر والغيبة والنميمة والشر والفساد وسب الناس ظلمًا وعدوانًا بغير حق والافتراء على الناس وأكل حقوق الناس وإيصال الضرر للناس ونشر الفساد في المجتمع فتذكر أن الملك يسجل عليه {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} فالكلمات والعبارات وهذا النطق أنت مسئول عنه وأنت مؤاخذ على ما كان من ذلك في الشر والحرام والمعاصي.
إذًا العاقل يفكر قبل أن يتكلم يفكر قبل النطق إذا كان هذا الكلام مما يرضي الله عزّ وجلّ فلا حرج وإن كان مما هو معصية أو محرم فالحرج كبير فلماذا يتكلم بما يعود عليه بالندامة وبالحسرة وبالويلات وبالخراب والدمار لذلك يفكر قبل أن يتكلم فما كان من شر حفظ نفسه عنه وصان لسانه ولم يتكلم لأجل أن لا يندم بعد ذلك {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} فأنت يا أخي لتسلم اعرض كلامك على الشرع قبل أن تتكلم فتصير أنت مأسورًا لهذه الكلمة وتصير تحتها وتصير حاكمة لك قبل أن تنطق بها فكّر هل هذا الكلام يرضي الله عزّ وجلّ أم لا وكما قيل: “بعض الناس شهوة يتكلمون” وهذا أيضًا مما قاله مولانا الشيخ في إرشاداته ونصائحه قال:”بعض الناس شهوة يتكلمون” فيما لا خير فيه يتكلمون يعني يتكلم لمجرد شهوة الكلام أو يتكلم أحيانًا ليلفت أنظار الناس إليه أو ليظن به النّاس أنه فهيم مطلع على الأحوال والأوضاع والأخبار فيتكلم في المجالس ولا يقف عند حد الشرع هذا هالك.
من هنا يا إخواني ويا أخواتي علينا أن نتقي الله في ألسنتنا وفي كلامنا لأننا سنسأل ولأننا سنحاسب اسمعوا إلى قول الله عزّ وجلّ:{ وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} (سورة الإسراء). ولا تقف لا تقل ولا تتبع ما ليس لك به علم القرءان نهانا عن ذلك الله يحرم علينا ذلك القرءان يحرم علينا أن نتكلم بما لا علم لنا به في أمور الدين يعني حرام علينا أن نفتي بغيرعلم يعني حرام علينا أن نتكلم في الحرام حرام علينا أن نتكلم فيما هو خلاف دين الله أو فيما حرم الله ليس لنا أن نتكلم بغير علم فنحلل ونحرم ونفتي بآرآنا ونتكلم بتفسير القرءان بأهوائنا هذا نهانا عنه القرءان {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} لا تقل ولا تتبع ما ليس لك به علم ثم ماذا قالت الآية:{إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} إشارة إلى أن بقية الجوارح أيضًا أنت مسئول ومحاسب عنها في ذكر هذه الثلاثة {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولا} إشارة إلى بقية الجوارح والأعضاء وأنك أيها المكلف مسئولا عن ذلك وستحاسب يوم القيامة فإياكم أن تعملوا بقول الجهلاء عندما يشجع بعضهم بعضًا على الكلام كيف ما اتفق ماذا يقول البعض أحكي الحكي ما عليه جمرك يشجعون بعضهم على الكلام كيف كان وكيف ما تفق هذا هلاك كبير أنتم أعملوا بقول الله تعالى:{ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} وكما قال أحد العلماء اسمعوا وانتبهوا قال محذرًا ومنبهًا وموصيًا هذا الرجل الذي ينصحه: انظر ماذا تقول يعني فكر قبل أن تقول يعني فكر قبل أن تقول فكر قبل أن تتكلم اعرض هذا الكلام على الشرع ضعه في ميزان الشرع قبل الكلام قبل القول قبل النطق قبل أن تتلبس فيه لأن هذه الكلمة ما دامت في جوفك ما دمت لم تتكلم بها فأنت تملكها فإذا تكلمت بها ونطقت بها وخرجت من لسانك وانتشرت بين الناس ملكتك ما معنى ملكتك؟
يعني صرت أنت مآخذًا بعواقبها صرت أنت مؤآخذًا بتبعاتها وتبعات هذه الكلمة إن كانت وخيمة وسيئة مهلكة فهي تعود عليك لذلك فكّر قبل أن تتكلم ماذا قال له؟
انظر ماذا تقول فإنما على أحد الملكين تملي يعني الملك يسجل ما تقول:{مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}. ملك يسجل عليك السيئات والكلام المباح وملك يسجل لك الحسنات فانتبه قبل أن تتكلم هذه النصيحة من نصائح وإرشادات مولانا الهرري رحمه الله وهي “حفظ اللسان يساعد على حفظ الدين”.
كم من أناس سلم لهم الدين وسلمت أبدانهم وسلم مالهم وسلم أهلهم بسبب أنهم حفظوا ألسنتهم من الكلام الذي يؤدي بهم إلى الكفر أو إلى المعاصي أو إلى الإفساد أو إلى ما يعود عليهم بالضرر عند الدول والحكام بعض الناس بكلمة سب رئيسًا فسجن سب فلانًا فقتله لماذا هي كلمة إذًا انتبه هذه الكلمة قد توصلك إلى جهنم وهذه الكلمة قد توصلك إلى القبر وهذه الكلمة قد تدخلك السجن وهذه الكلمة قد تكون قطيعة رحم هذه الكلمة قد تفسد بين الأحبة قد تمزق الأهل والأقرباء قد تمزق الأسر والعائلات كلمة أنت تقول هي كلمة قلناها ماذا حصل؟ ماذا حصل خراب بيت ودمار وفساد ومعاصي ومحرمات لذلك احذروا وانتبهوا قبل النطق وقبل الكلام.
يقول بعض الجهال يعني تريدون لنا أن نبتلع ألسنتنا وأن لا نتكلم بالمرة؟
نحن ما قلنا هذا نحن قلنا لكم في الخير تكلموا وأكثروا في الخير تكلموا في الليل والنهار في طاعة الله فيما يرضي الله تكلموا في الليل والنهار أما الذي ننهاكم عنه خوفًا عليكم لأجلكم لأننا نحب لكم الخير ونحب لكم النجاة ونحب لكم الفوز ونحب لكم السعادة الأُخروية لأجل هذا نحذر وننبه من الكلام الذي لا خير فيه كم من أناس بسبب كثرة الكلام وشهوة الكلام يمزح أحيانًا فيقع في الكفر كالذي يقول والعياذ بالله تعالى أنا غدًا أدخل الجنة وأنت تدخل النار فأعطيك ماء من الجنة فتطفأ النار لو كان يمزح هذا كذّب الله لأن الله ماذا قال عن النار وأهلها: {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} أنظروا كلمة تكلم بها يمزح يضحك ليضحك الناس خرج من الإسلام صار مكذبًا للقرءان ماذا قال له أدخل الجنة وأنت تدخل النار أعطيك ماء من الجنة فتطفأ النار الله يقول إن النار باقية {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} لا تنطفأ ولا يموت أهلها فيها بل يخلدون إلى أبد الآبدين {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} فكيف تنطفأ وقد نقل الحافظ السبكي الإجماع على كفر من يقول بفناء النار الذي يقول إن النار تفنى هذا كافر بالإجماع ما الذي أوصله إلى هذا الكفر كثرة الكلام والمزح وأنه لم يقف عند الشرع بل أراد أن يتكلم شهوة فتكلم بما فيه كفر.
وأيضًا من هذا القبيل ما يحصل اليوم من كثير من السفهاء يكون مثلا يزني أو يشرب الخمر أو امرأة تعمل السحاق أو رجل مع امرأة يعملون ما يسمى المساكنة يعني تزني به ويزني بها ويقولون نسميها مساكنة يعني يجربها وتجربه قبل الزواج بزعمهم ثم يعترض عليهم بعض الناس وهم يكونون على زعمهم في جلسة مباسطة فماذا يقول بعض الناس سألت الشيخ فقال حلال هذه وعملوا عليها أغنية وانتشرت في المواقع صار الواحد إذا شرب الخمر يقول سألت الشيخ فقال حلال إذا زنا يقول سألت الشيخ فقال حلال إذا عملت السحاق تقول سألت الشيخ فقال حلال وهذا تكذيب للإسلام الله ماذا قال:{وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (29) إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (30) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} (سورة المعارج).فمن كذب الله أو كذب القرءان أو الإسلام أو الأنبياء أو استهزأ بالإسلام صار من الكافرين لو كان مازحًا لو كان غاضبًا لو كان لاعبًا لو كان يتكلم ليملأ الفراغ الذي في المجلس على زعمه ليلفت أنظار الناس إليه إذًا حفظ اللسان يساعد على حفظ الدين هذا من وصايا وإرشادات الإمام المرشد الحجة المجدد المجتهد الحافظ الولي الصالح الشيخ عبد الله الهرري رحمه الله رحمة واسعة ونفعنا الله به وبعلومه وبكل الأولياء والصالحين.
والحمد لله ربّ العالمين.