الحمد لله ربِ العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه الطيبين ، اللهم عَلِمنا ما جَهِلنا و ذَكِرنا ما نَسِينا و زِدنا علمًا و نَعوذُ بكَ من حالِ أهل النار .
ما زلنا في الكلام على كتاب الله العظيم ، هذا المعجزة المُستَمِرة على تعاقُب السنين التي أكرَمُ الله سبحانه وتعالى أُمَةَ نبيه المُصطَفى أن كان هذا القرءان بينهُم مُستَمِرا لأنه هذا هو سببُ الهُدى و هذا سبب الخَيْر ، اسمعوا معي إلى هذا الحديث المُبارَك وَرَدَ في سُنَن الترمذي في جامِع الترمذي رحمه الله عن سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال:”سَمِعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( ستكونُ فِتَنٌ )” الرسول يعني قَبل أكثر من ألف و أربع مائة عام الله تعالى أَوحى إليه أنهُ سيكونُ فِتَن و نحن في زماننا شاهَدنا و نُشاهِد من هذه الفِتَن الكبيرة الشديدة الخطيرة ، فسيدنا علِي رضي الله عنه ماذا قال ؟ قال:” فما المَخرَجُ مِنها يا رسول الله؟” – ماذا قال النبي عليه الصلاة والسلام ؟- الرسول قال:” كِتابُ الله.” أي المخرَجُ منها كتاب الله فيه نَبَأُ من قَبلَكُم و خَبَرُ ما بعدَكُم و حُكمُ ما بينِكُم و هو الفَصُل ليس بالهَزِل ، من ترَكَهُ من جَبّارٍ قسَمَهُ الله و من ابتَغى الهُدى في غيرهِ أضَلَهُ الله و هو الحَبلُ المَتين و هو الذِكرُ الحكيم و هو الصراطُ المُستقيم و هو الذي لا تَزيغُ به الأهواء و لا تلتَبِسُ به الألسِنة و لا تشبَعُ منهُ العلماء و لا يَخلَقُ على كَفرَةِ الرَد و لا تنقضي عجائبُه من قال بهِ صَدَق و من عَمِلَ بهِ أُجِر و من حَكَمَ بهِ عَدَل و من دعا إليه هُدِيَ إلى صِراطٍ مُستقيم ، فإذا أُنظروا هذا الحديث العظيم ، لنتكلم عن بعض معاني هذا الحديث المُبارَك الشريف الذي نَطَقَ بهِ من لا يُنطِقُ عن الهَوى ، الذي نَطَقَ بهِ من قال إنَ جبريل كان يَنزِلُ عَلَيَّ بالسُنة كما يَنزِلُ عليَّ بالكِتاب من نَطَقَ به من أوتِيَ جوامِع الكَلِم سيدُنا و حبيبُنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فالرسول سألَهُ سيدنا علِي حين قال الرسول ( ستكونُ فِتَن ) ماذا قال سيدُنا علِي ؟- قال:” فما المَخرَجُ مِنها؟” يعني ما السبيل حتى نخرُجَ من هذه الفِتَن بسلامة ، ماذا قال ؟- قال:” كِتابُ الله ” معناه اعمَلوا بكتابِ الله ، اعمَلوا بالقرآن ، القرآن جَمَعَ القواعِد ليس كل التفاصيل موجودة بالقرآن ، لا، لكن القرآن جَمَعَ القواعِد و أرشَدَنا أن اذا شيء لم نجِدهُ مُفَصَلاً في القرآن أين نَجِدُهُ؟ القرآن أليس ذَكَرَ وجوب الصلاة و وجوب الصيام مثلاً و وجوب الزكاة لكن هل ذُكِرَ في القرآن كم عدد ركعات صلاة الظهر ؟- ما ذُكِر. كم عدد ركعات صلاة المغرب؟- ما ذُكِر في القرآن. إنما و أقيم الصلاة مثلاً و ذُكِر أحياناً بعض الأوقات ، أوقات الصلوات لكن ما ذكر كل التفاصيل ، كذلك أحكام الحَج أفعال الحَج هل ذُكِرت كلها بالتفصيل ؟- لا، إنما القرآن نَزَلَ بالقواعد ما نَزلَ بكل التفصيل لماذا ؟- لأسباب أذكُرُ منها شيئاً أنه لو نزل بكل هذه التفاصيل لكان يَصعُبُ علينا أن نحفظ القرآن و لكن أليس الله تعالى يَسَّرَ القرآن للحفظ لذلك الله تعالى نَزَلَ القواعد في القرآن و قال:” وَ ما أتاكُم الرسول فخُذوه و ما نَهاكُم عنهُ فانتَهُوا” و ما أتاكُم الرسول فخذوه معناه الرسول عليه الصلاة والسلام لا غَناءَ عن اتباعِ ما تكلَمَ بهِ من ما هو إرشادٌ لأُمَتِهِ لفَهمِ آيات القرآن مثلاً ، لفهمِ الأحكام الشرعية ، لفهم كيف يتعاملون فيما بينهم و كيف يَخرُجونَ من الفِتَن معناه القرآن لوَحدِهِ من غير أن نستعين بما قاله الرسول و قد قال الله سبحانه وتعالى عن الرسول لتبين للناس ما نُزِلَ إليهم ، معناه عندنا هاتين الآيتين و يوجد غيرها ( وَ ما أتاكُم الرسول فخُذوه و ما نَهاكُم عنهُ فانتَهُوا) لتُبيِنَ للناس ما نُزِلَ إليهم و هذه جزء من الآية معناه لا بُدَ لمعرفة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ليَتَبَينَ لنا ما نتلوه من القرآن ، معاني القرآن ، كيف نتعامل مع الآيات في القرآن . بعض الناس ماذا يقولون ؟ هذا في هذا الزمان و كانوا قبل لا بُدَ من التَنَبُأ ؛ يقولون يوجد أحاديث ضعيفة و أحاديث موضوعة فنحن لا سبيلَ لنا إلى معرفة الحديث الصحيح من غيره لذلك نترُكُ الحديث و نمشي على القرآن ، نتَبِعُ القرآن القرآن هذا ما فيه تحريف و الله تعالى قال:”إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ” ، و القرآن ما فيه تحريف فاذا نحن نكتفي بالقرآن يكفينا القرآن و قد يحتَجُ بمثل هذا الحديث الذي ذكرناه أن الرسول عليه الصلاة والسلام حين سألَهُ سيدنا علي :” فما المَخرَجُ منها يا رسول الله ؟”- قال:” كِتابُ الله ” ، قد يحتَجُ بمثل هذا الحديث حتى يقول فقط القرآن لكن هم فاتَهُم ، القرآن نعم ذَكَرَ القواعد لكن أليس القرآن ذَكَرَ لتُبَيِنَ للناس ما نُزِلَ إليهم فاذا تركتم العملَ بالحديث خالفتُم القرآن ، إذا تركتم العمل بالحديث كيف تفهمون كثير من الآيات في القرآن و في كتب الحديث معقود كتاب اسمهُ كتاب التفسير يعني ما وَرَدَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من تفاسير لآيات القرآن الكريم و كذلك ما وَرَدَ عن أصحابهِ الكِرام الذين هم أفهم منا بما وَرَدَ في القرآن و ما وَرَدَ في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فاذا هذه البِدعة التي ظهرت من بعض الناس أنهم يقولون ( نحن نعمَلُ بالقرآن – نحن الحديث لا سبيل إلى معرفته ) هؤلاء في الحقيقة يريدون أن يجُروا الناس إلى ترك القرآن لأنه من العمَلِ بالقرآن أن تعمَلَ بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم و الله عز و جل قد حَفِظَ هذه الأُمَة بعلماء الحديث و الصحابة رضوان الله عليهم بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام و التابعون كذلك اهتموا بجمعِ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك ترى كتب الحديث و ترى علوم الحديث الزاخرة بحديث النبي عليه الصلاة والسلام و الزاخرة ببيان أحوال الرجال من الذي كان يضبط ، من الذي كان حافِظَتُهُ قوية بحيث يوثَقُ بما يرويه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم و من ليس كذلك من ما هو أدنى منه ، من الذي كان يكذِبُ على رسول الله يتعمَد الكذِب هذا أكيد ليس من الصحابة ، الصحابة رضوان الله عليهم كلهم عدولٌ فيما يروونه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني إذا صحابي قال:” قال رسول الله صلى الله عليه وسلم …” فهو صادقٌ في رِوايتِه عن رسول الله لا يكذب و هذا الذي الله سبحانه وتعالى جعلهُ لنبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم أن جَعَلَ أصحابه الكرام لا يكذبون على رسول الله فيما يروونه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لكن يبقى بعد الصحابة ينظر علماء الحديث الذي روى عن الصحابي كيف صفته ، كيف حافِظَتُهُ هل يُعتمد قولُهُ أم لا يُعتمد روايتُهُ و نحو ذلك… يعني يوجد جوهرجي الحديث ، كيف اذا عندك حلية ذهبية عندك ألماس مثلًا بدك تعرفها صحيحة أم غير صحيحة ماذا تفعل؟ أليس تذهب إلى أهل الاختصاص الذي معروفٌ بين الناس أنه لا يغُش تذهب إليه و تعرضها عليه ( قل لي هذا ذَهَب حقيقي أم لا؟) – (قل لي هذا ألماس حقيقي أم لا؟)فإن قال لك حقيقي أليس تصدقُهُ فكيف الذي كان يقول لك أن هذا الحديث صحيح هو ثِقَة ، يؤدي الواجبات و يجتنب المحرمات قد تذهب إلى جوهرجي يمكن يكون لا يُصَلي ، يمكن يكون حالُهُ ليس مِن ما يُعجِب ومع ذلك بعض الناس يؤخذون بقوله مع أن الأصل أن تأخذ بمن هو ثِقَة عَدِل هذا الأصل تأخذ بقوله فاذا الله سبحانه وتعالى جعل سبيلًا إلى معرفة الحديث الصحيح ، فالقرآن نعم إليه يُرجَع لمعرفة ما هو الهُدى من الباطل نعم بالقرآن و كما ذكرنا بالقرآن ذَكَرَ أن نرجع في أمورنا إلى الحديث كذلك ذكر في القرآن ( فاسئلوا أهل الذِكرِ إن كنتم لا تعلمون ) أهل الذِكِر من هم؟- هم الذين تعلموا علم الدين و بلغوا في العلمِ درجةً صاروا أهلًا لأن يستنبطوا الأحكام من الكتاب والسنة و أن يُعطون الأحكام مثل : الإمام الشافعي – أبو حنيفة – الإمام مالك – الإمام أحمد ابن حنبل رضي الله عنهم و رحمهم رحمةً واسعة و غيرهم مِن مَن بلغوا هذه الدرجة العظيمة في العلم هؤلاء الذين يُسألون ( فاسئلوا أهل الذِكرِ إن كنتم لا تعلمون ) يعني القرآن أمر مهم ينبغي أن نتنبه له ، ليس أي واحد فينا هو يُفسِر القرآن من عند نفسه ، لا هناك أصول للتفسير هناك مَراجِع يُرجَعُ إليها في تفسير القرآن ، فلذلك القرآن يُفَسِرُهُ من؟- هؤلاء أهل الذِكِر ، أهل العلم الذين بلغوا درجة في العلم . لماذا نرى الناس يتحرجون في مساءل مثلًا: الكيمياء و الفيزياء و الرياضيات و الطِب و نحو ذلك… يتحرجون أن يتكلموا بغير عِلِم بينما في أمر الدين ، في أمر القرآن نرى كثير من الناس يتجرأون و هم ليسوا أهلًا لم يتعلموا كما ينبغي لم يتلقوا العلم من أهله و لا نجدهم يتحرجون أن يتكلموا بغير علم بل يُنافحون و يُجادلون عن أقوالهم و إن كانت مخالفةً للإجماع نسألُ الله تعالى أن يُسَلِمَنا ، فاذا الرسول عليه الصلاة والسلام قال :” المَخرَج هو كِتابُ الله ” يعني معناه كِتابُ الله على الأصول الصحيحة التي تُؤهلنا أن نأخذ منه الأحكام هكذا نكون اتبعنا كِتاب الله يعني من حيث كيف استنبطَ العلماء الأحكام من القرآن و دونوا ، ذكروا كيف نُصلي صلاة صحيحة ، كيف نبيعُ و نشتري بيعًا و شراءً صحيحًا و غير ذلك… كيف الزواج يكون … كل هذا نعم مأخوذٌ أولُهُ من القرآن و هناك متفرعات تفرعت القرآن أشارَ إليها و أمَرَ باتِباعها ، منها حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم و منها إجماعُ الأُمَة و منها قياسُ الذين يستنبطون الأحكام من القرآن لعَلِمَهُ الذين يستنبطونهُ كما وَرَدَ في القرآن . و الرسول وصف هذا الكتاب العزيز العظيم قال:” فيهِ نَبَأُ مَن قَبلَكُم” الأمم السابقة تكلم عن بن اسرائل، تكلم عن سيدنا آدم كيف كان في الجنة و كيف نزَلَ من الجنة ، تكلم عن الشيطان إبليس ، إبليس ليس ملكًا إنما من الجِن و كان على الإيمان ثم كَفَر و طُرِدَ من الجنة و غير ذلك… (فيهِ نَبَأُ مَن قَبلَكُم و خَبَرُ ما بعدكُم) القرآن أخبَر ببعض الأمور التي تحصل بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم و حَدَثَ كما أخبَر القرآن العظيم و حُكمُ ما بينِكُم الأحكام التي يحتاجها الناس كما ذَكرنا هناك قواعد في القرآن و هناك تفصيل في الحديث و هناك قياس العلماء و هناك إجماعُ الأُمَة وكل هذه مع بعضها نفهَمُ الأحكام التي نحتاج أن نتَبِعَها فيما بيننا . و هو الفَصلُ ليس بالهَزِل هذا الكتاب العظيم هو الفصُل هو الحَق هو الذي يَهدي للتي هي الأقوَم هذا القرآن ، و هو ليس بالهَزِل من ترَكَهُ من جَبار قسَمَهُ الله الذي يتجَبَر يتكَبَر عن اتباع القرآن هذا يقسِمُهُ الله سبحانه قد يظهَرُ أثرهُ في الدنيا و قد يظهَرُ ذلك في الآخرة و من ابتغى الهُدى في غيره في غير القرآن ، في غير الشرع الذي أُنزِلَ على رسول الله صلى الله عليه وسلم أضَلَهُ الله و هو حبلُ الله المتين شُبِهَ بالحبِل لأنه به من يتمسك به ، كيف يكون التَمَسُك به يعني العمل بتعاليمه اتباع أحكامه من تمسك به هذا يكون من المُهتَدين و هو الذِكرُ الحكيم و هو الصِراطُ المُستقيم يعني هو الطريق القويم هو يدُلُ على الطريق القويم يعني هو يدُلُ على الإسلام ، الصِراطُ المُستقيم يعني الإسلام (اهْدِنا الصِراط المُستَقيم) معناه يا رب ثبِتنا على دين الإسلام ، نحن الحمد لله مُهتَدون إلى نحن على الإسلام لكن لماذا نقرأ في القرآن (اهْدِنا الصِراط المُستَقيم) يعني يا رب ثبِتنا عل الصِراط المُستقيم يعني ثبِتنا على الإسلام و هو الذي لا تزيغُ به الأهواء و لا تلتبسُ به الألسِنة و لا تشبَعُ منهُ العلماء و لا يَخلَقُ على كَفرَةِ الرَد ، يعني مهما كررتَ القرآن لا تَمَل بل يكون تستأنِسُ بتلاوته و كثرة قراءته و لا تنقضي عجائبه فيه من العجائب العظيمة فيه من العلوم الكثيرة جَمَعَ العلماء من علوم القرآن الأعداد الكثيرة و هذه من أراد أن يتبحَرَ فيها يوجد كثير من الكتب التي تتكلم في مثل هذا الأمر الرسول قال:” من قالَ بِهِ صَدَق” من قال بالقرآن بتعاليم القرآن بإرشادات القرآن و من عمِلَ بهِ أُجِر و من حَكَمَ بهِ عَدَل و من دعا اليه هُدِيَ إلى صِراطٍ مُستقيم .
أسأل الله العلي القدير أن يُثَبِتَنا على هُدى القرآن و أن يُكرِمَنا بحِفظِ القرآن و أن يجعَلَنا من الذين يسيرون على هَديِ القرآن إنه على ما نسألُهُ قدير و سبحان الله و الحمد لله رب العالمين.