الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين الميامين، اللهم علمنا ما جهلنا وذكرنا ما نسينا وزدنا علما ونعوذ بك من حال أهل النار.
ما زلنا اليوم في شرف وعظمة الكلام على أشرف الكتب على الكتاب السماوي الذي هو أفضل الكتب السّماوية والذي أنزل على أفضل الأنبياء والذي هو نبي أفضل الأمم أمة سيدنا محمد عليه الصلاة والسّلام .
نتكلم اليوم بإذن الله عزّ وجل عن كيفية إنزال الوحي، كنا ذكرنا سابقا أن القرآن نزل به سيدنا جبريل عليه السلام من اللوح المحفوظ وبعض أهل العلم ذكر أنه سمع صوتاً بألفاظ القرآن وهذا الذي سمعه بألفاظ القرآن رآه في اللوح المحفوظ ونزل به على سيدنا محمد، في كل الأحوال ينبغي أن نتنبه لأمر أن القرآن ليس من تأليف سيدنا جبريل عليه السلام، بعض الناس زلّت بهم القدم فاعتقدوا بأن جبريل هو الذي ألّف القرآن هذا تكذيب للدّين مخرج من الدين، ولا هو من تأليف سيدنا محمد عليه الصلاة والسّلام إنما ربنا سبحانه هو الذي خلق هذه الحروف والأصوات وأمر سيدنا جبريل أن ينزل بها على سيدنا محمد، ونذكر أن هذه الحروف الأصوات وإن كنا نسميها كلام الله لكن ليست هي عين كلام الله الذاتي ليست هي نفس صفة الله سبحانه وتعالى لا لأن صفة الله لا تكون حرفاً ولا صوتا لأن الحرف والصوت مخلوق وصفات الله ليست مخلوقة ليس لها بداية، إنما هذه الألفاظ التي في المصاحف هي عبارة دليل على كلام الله سبحانه الذي هو صفته.
فإذاً سيدنا جبريل عليه السلام نزل بالقرآن كما ذكرنا سابقاً نزل به دفعة واحدة إلى بيت العزة ثم مفرقاً في نيف وعشرين عاماً على سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام وكذلك الكتب السّماوية نزل بها سيدنا جبريل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلّم، الله تبارك وتعالى ختم النبوة بمن؟ بسيدنا محمد عليه الصلاة والسّلام، فلا ينبأ أحد بعد سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام وكذلك ختم الكتب بالقرآن الكريم فهو آخر الكتب السماوية التي تنزل فآخر كتاب أنزل هو القرآن الكريم.
وقلنا تكلمنا سابقاً كذلك على اللوح المحفوظ، اللوح المحفوظ قلنا الله تعالى أمر القلم الأعلى أن يكتب في اللوح المحفوظ ما كان وما يكون إلى يوم القيامة، ذكرنا ليس إلى ما لا نهاية له، يعني أحوال أهل الجنة وأحوال أهل النار ليست مكتوبة في اللوح المحفوظ لأن أهل الجنة يبقون في الجنة إلى ما لا نهاية له خالدين فيها أبدا لا نهاية لوجودهم في الجنة كذلك أهل النار من الكفار باقون فيها إلى ما لا نهاية له لا يخرجون منها أبداً كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها.
نسأل الله تعالى أن يحفظنا وأن يحسن ختامنا، فاللوح المحفوظ محدود له حدود أما ما لا نهاية له ليس له حدود فاللوح المحفوظ لا يحصر ما لا نهاية له، اللوح المحفوظ جرم حجم عظيم وكذلك القلم الأعلى حجم عظيم، القلم الأعلى واللوح المحفوظ جرمان عظيمان علويان، ورد في صفة اللوح المحفوظ أنه من درة بيضاء ما معنى من ضرة بيضاء يعني من لؤلؤة، الدر هو اللؤلؤ يعني اللوح المحفوظ من لؤلؤة بيضاء حافتاه ياقوتة حمراء هكذا اللوح المحفوظ هو من لؤلؤة بيضاء حافتاه ياقوتة حمراء وورد أن مساحته كما ذكرنا سابقاً مسيرة خمس مائة عام، وقد قيل كما ذكرنا أن اللوح المحفوظ مكانه فوق العرش ومن العلماء من قال إنه تحت العرش والعرش سقف الجنة، الجنة هي تحت العرش كيف السماء هي سقف الأرض كذلك العرش سقف الجنة. فلذلك بهذا نكون أشرنا إلى أنه لا يقال بأن القرآن من تأليف جبريل ولا هو من تأليف سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فلأن الذي يقول بهذا كلامه فاسد وخروج عن جادة الصواب لأن القرآن من عند الله سبحانه وتعالى ليس من تأليف بشر ولا من تأليف ملك، فإذاً القرآن الكريم هو من عند الله سبحانه وتعالى ليس من تأليف بشر وليس من تأليف ملك، أما من يقول بأن جبريل عليه السلام سمع القرآن من الله حرفاً وصوتاً هذا شبه الله تعالى بخلقه يعني جعل الله يتكلم بالحرف والصوت، الحرف والصوت مخلوقان إذا قلت بسم الله لا ألفظ السين حتى أنتهي من الباء والباء لها نهاية معناه الباء لها نهاية والسين، باء لها نهاية بما أن لها نهاية الباء فإذاً هي لها بداية والسين لها بداية بدايتها بعد انتهاء الباء، فإذًا هذه الحروف لها ابتداء ولها انتهاء يعني هي حادثة مخلوقة فكيف يتصف الله سبحانه وتعالى بها، نسأل الله تعالى أن يحفظنا من الزلل.
بعضهم يحتج بالآية {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ} ذكرنا لكم في حلقة سابقة فإذا قرأناه أي جمعناه لك في صدرك، هذا تفسير، ويوجد تفسير آخر فإذا قرأناه أي إذا قرأه جبريل بأمرنا فاتبع قراءته، {فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ} أي فاتّبع قراءته، فهنا فإذا قرأناه ليس معناه أي قرأه الله عزّ وجل بالحرف والصوت كما يقرأ الأستاذ على تلميذه، أليس الله تعالى ليس كمثله شيء هذا أمر فرغنا منه بيناه أن الله سبحانه وتعالى لا يتصف بصفة من صفات الخلق والحرف والصوت أليس من صفات الخلق، مهم جداً، التوحيد هو إفراد القديم من المحدث هكذا قال شيخ ورئيس الصوفية في زمانه الجنيد ابن محمد البغدادي رحمه الله، التوحيد هو إفراد القديم من المحدث إذا أردت أن تتكلم عن الله فلا تقس الله بخلقه ولا تقس الخلق بالله، لا تتكلم عن الله كما لو تتكلم عن المخلوق هذا أين التنزيه وأين التعظيم نسأل الله سبحانه وتعالى السلامة، فإذاً ربنا سبحانه كلامه ليس بالآلات والحروف، سيدنا أبو حنيفة هو قال نحن نتكلم بالآلات والحروف أما الله ليس كذلك الله تعالى منزه عن كل ما هو مشابه لصفات خلقه وهنا نصل إلى سؤال قد يسأله بعض الناس فإذاً إذا قلت الله ليس يتلو القرآن على نبيه تلاوة إنما جبريل هو الذي تلاه على نبيه، كيف يوحى إلى النبي، كيف كان الوحي تقول وحي ما معنى الوحي كيف أنزل الوحي إلى النبي عليه الصلاة والسلام الله تعالى قال {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا} ثلاث كيفيات الوحي ما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أي يفيض على قلبه من غير واسطة ملك أو من وراء حجاب يعني يسمع كلام الله الذي لا يشبه كلام البشر، كما سمع سيدنا موسى عليه السلام كلام الله سبحانه وتعالى الذي لا يشبه كلام البشر ما كان يرى الله كان سمع كلام الله من غير رؤية لذات الله وكما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك كلام الله حين عرج به إلى السموات العلا وهنا ملاحظة ينبغي أن نتنبه لها الرسول عرج به إلى السماوات العلا في ليلة المعراج ليس لأن الله في جهة فوق لا، أليس سيدنا موسى سمع كلام الله أين كان سيدنا موسى أليس كان في الأرض {قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ}يعني الجبل الذي كان سيدنا موسى عليه السلام واقفا إلى جانبه الله سبحانه خلق فيه حياة بلا روح فرأى الجبل ربه لكن من خشيته لربه آنذاك ما ثبت في مكانه، طيب حين رأى الجبل ربه ليس معناه أن الله نزل إلى الأرض فرءاه الجبل لا، الله سبحانه ليس في الأرض وليس في السماء وليس فوق السماء وليس فوق العرش بالجهة والمكان الله سبحانه كما قال الإمام الرفاعي الكبير رضي الله عنه: “والله سبحانه فوق عرشه فوقية لا تزيده قرباً إلى العرش كما لا تزيده بعداً عن الأرض والثرى” احفظوا هذه العبارة قال سيدنا أحمد الرفاعي: “والله سبحانه فوق عرشه فوقيةً لا تزيده قرباً إلى العرش كما لا تزيده بعداً عن الأرض والثرى” فوقية لا تزيده قربة إلى العرش معناه أن الله ليس هكذا فوق العرش كما اليد فوق اليد، كما لا تزيده بعداً عن الأرض والثرى الذي يكون هكذا يكون أقرب إلى العرش من الأرض فإذاً سيدنا أحمد الرفاعي شأنه شأن علماء المسلمين الذين على عقيدة رسول الله كلهم على أن الله سبحانه ليس في مكان ليس في مكان واحد وليس في كل مكان أليس سيدنا أحمد الرفاعي رضي الله عنه هو الذي قال:”غاية المعرفة بالله الإيقان بوجوده تعالى بلا كيف ولا مكان” يعني أقصى ما يبلغه العبد من معرفة الله، من أكثر شيء يعرف الله؟ النبي عليه الصلاة والسلام، أليس هو قال: “أنا أعلمكم بالله وأشدكم له خشية” يعني أكثر من يعرف الله هم الأنبياء وأكثرهم سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، الله تعالى ينفعنا به، فالرسول قال: “أنا أعلمكم بالله وأشدكم له خشية” فهو أكثر علما بالله. طيب ما هو أقصى ما يبلغه من معرفة الله سبحانه قال سيدنا أحمد الرفاعي غاية المعرفة بالله الإيقان من غير أي شك بوجوده تعالى أن الله سبحانه موجود بلا كيف من غير أن يكيف الله يعني من غير أن ينسب لله الشكل والحجم والصورة والمساحة وغير ذلك واللون وغير ذلك من صفات المخلوقين، بلا كيف ماذا قال ولا مكان يعني مع تنزيه الله سبحانه عن المكان، فإذاً الله ليس في جهة فوق الله لا يتكلم بالحرف والصوت، الله كلامه ليس ككلام خلقه. طيب فإذاً كيف ينزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال أشد ما كان ينزل الأشد الحالة التي تكون الأشد، هناك حالة أشد هناك حالة أهون قال العلماء بأنه يأتيه الملك ويرافقه صوت يشبه صلصلة السلسلة على الصفوان شو يعني صلصلة السلسلة على الصفوان يعني سلسلة الحديد إذا جرت على الصفوان وهي الصخرة، أليس يطلع لها صوت يعني صوت يشبه هذا يرافق الملك، سيدنا عبد الله بن عمر رضي الله عنه سأل النبي عليه الصلاة والسلام هل تحس بالوحي؟ ماذا أجابه النبي عليه الصلاة والسلام، أنت بتقول أنا حسيت بفلان يعني سمعته مثلاً، أحسست بمجيئه، عم يسأله سيدنا عبد الله بن عمر قال النبي عليه الصلاة والسلام أسمع صلاصل ثم أسكت عند ذلك يعني تنبيه أن الوحي سيأتي، فعند ذلك يجمع نفسه كيف نحن نقول بركز يجمع نفسه لسماع الوحي ما ينزل عليه، حتى النبي عليه الصلاة والسّلام يصف حال نفسه يقول فما من مرة يوحى إلي إلا ظننت أن نفسي تقبض، تقبض يعني أموت أتوفى، فقيل: إن هذا صوت أجنحة الملك يعني بعض أهل العلم فسروا هذا، ما معنى كصوت السلسلة على الصفوان، بعضهم قال إن هذا صوت أجنحة الملك حين يأتي، ثم كما ذكرنا الحكمة في أن هذا الصوت يتقدم على سماعه الوحي هو أن يتفرغ النبي عليه الصلاة والسلام يفرغ سمعه للوحي، وقد ورد أن هذه الحالة كما ذكرنا أشد حالات الوحي، وقيل إنه كان، متى كان ينزل سيدنا جبريل هكذا بهذه الحال، أليس قلنا هو أشد حالات الوحي كما ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام، متى كان ينزل في مثل هذه الحال عندما تنزل آية وعيد تهديد، كان سيدنا جبريل ينزل بآيات فيها آيات تهديد ووعيد أكيد للكفار، فكان ينزل بمثل هذه الحال الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: “بينما أنا أمشي إذ سمعت صوتا من السماء، و هذا صوت من صوت سيدنا جبريل عليه السلام، فرفعت بصري فإذا الملك الذي جاءني بحراء” هو جبريل هو الذي أتى الرسول بحراء أول ما نزل عليه الوحي ونزل بسورة {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} إلى خمس آيات أول ما نزل عليه أول خمس آيات في هذه السورة، فقال الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض، فهنا الرسول قال فرعبت منه يعني دخله الهيبة، دخله الهيبة، الأنبياء لا يحصل لهم الخوف الذي هو من الجبن لا الذي هو خلاف للشجاعة لا، قد يحصل لهم خوف الذي هو خوف طبيعي، ماذا سيفعل هؤلاء الكفار ماذا سيفعل فلان، هذا خوف طبيعي لكن الجبن لا يكون عند الأنبياء، فهم أشجع خلق الله، فالنبي عليه الصلاة والسلام مما دخله من هذه الهيبة، ذهب إلى داره، الرسول قال: “فرجعت فقلت زملوني زملوني” فدثّروه يعني فغطوه فأنزل الله سبحانه و تعالى {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ} فبعد ذلك حمي الوحي يعني صار يتتابع يعني صار ينزل مرة تلو أخرى أكثر يعني مما كان قبل، المفسرون لما قالوا لما جبريل عليه السلام رءاه سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، الرسول محمد وقع مغشياً عليه فلما أفاق دخل إلى خديجة رضي الله عنها ودعا بماء فصبه عليه، وقال “دثروني دثروني” هكذا ورد عن بعض أهل العلم، هذا من هيبة الوحي من هيبة وعظمة سيدنا جبريل عليه السلام، هكذا النبي عليه الصلاة والسلام كان يحصل له في أوائل أمره عليه الصلاة والسلام، ثم بعد ذلك قوي النبي أكثر فأكثر، أليس قلنا يقوى النبي كلما يأتيه جبريل عليه السلام، هذه كيفية من كيفيات الوحي الذي ينزل على النبي عليه الصلاة والسلام، كيفية أخرا أنه ورد أنه ينفث الكلام في روعه الرسول قال: “إن روح القدس نفث في روعي” أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها، ما معنى “نفث في روعي” يعني ألقى في قلبي، ألقى في قلبي، روعي هنا المقصود قلبي، فهذا كذلك من كيفية الوحي، ما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً أي يلقى في قلبه أو من وراء حجاب يعني يسمع كلام الله الذاتي الذي ليس ككلام البشر أو يرسل رسولا، أهون حالات الوحي التي كانت تكون للرسول عليه الصلاة والسلام هي أن يأتيه سيدنا جبريل في صورة الرجل، كثيراً ما كان يأتيه جبريل بصورة صحابي جميل الشكل جميل الخلقة اسمه دحية الكلبي وكان يكلمه، وأحياناً يأتيه بهيئة رجل غير هيئة دحية الكلبي، فيعي النبي عليه الصلاة والسلام، الرسول قال وهو أهونه علي يعني أهون حالات الوحي على النبي عليه الصلاة والسلام، أليس ورد الحديث المشهور بين طلبة العلم في حديث جبريل، ورد عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: “بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد، يعني منو دحية الكلبي ليس على هيئة دحية الكلبي على هيئه رجل آخر و إلا كانوا عرفوه، لا يعرفه منا أحد حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه وقال يا محمد أخبرني عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام أن تشهد أن لا اله الا الله وأن محمد رسول الله” إلى آخر الحديث، وفي هذا الحديث أن الصحابة تعجبوا من أمر هذا الرجل، ومن هو هذا الرجل لا يعرفونه، ويسأل الرسول ثم يصدقه، جبريل عليه السلام كان يسأل النبي السؤال والرسول يجيبه، وجبريل يصدقه يقول له صدقت، فالصحابة تعجبوا كيف يسأله ثم يقول له صدقت، كأنه كان يعرف الجواب وهذه كانت طريقة الحكمة فيها أن تتمكن المعلومات التي يلقيها النبي عليه الصلاة والسلام من قلب الصحابة يحفظونها كانوا يحفظون ماذا يحصل، كيف حفظ الدين إلى زماننا ببركة هؤلاء الصحابة الكرام الذين حفظوا هذه الأحاديث والآيات ونقلوها إلى من بعدهم واعتنوا بها حتى وصلت إلينا. فسيدنا عمر رضي الله عنه في هذا الحديث قال له الرسول: “أتدري يا عمر أتدري من السائل؟ فقال سيدنا عمر: “الله ورسوله أعلم، فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: “فإنه جبريل أتاكم يعلمكم أمور دينكم” ثم كما ذكرنا من كيفيات الوحي كذلك أن يكلمه الله في اليقظة ليس في المنام كما ذكرنا في ليله الإسراء والمعراج، النبي سمع كلام الله الذي لا يشبه كلام البشر ليس حرفا ولا صوتا وهذا الذي سمعه ليس هو الحروف التي أنزلت على سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام القرآن، لا كما ذكرنا القرآن الذي نتلوه نحن هذه التلاوة هذه الألفاظ المكتوبة في المصاحف هذه مخلوقة، ليست صفة الله سبحانه وتعالى.
فسيدنا جبريل عليه السلام هو أمين الوحي وأمين الله على رسله، لذلك ورد أنه أول من يحاسب سيدنا جبريل لكن حسابه المقصود من ذلك إظهار أمانته، إظهاراً لأمانته، هكذا فسر لنا شيخنا رحمه الله رحمة واسعة الشيخ عبد الله الهرري رحمه الله ونفعنا به.
وهنا نختم كلامنا بفائدة وهي: أن نزول سيدنا جبريل عليه السلام على الرسول صلى الله عليه وسلم هو بأمر الله، الملائكة لا ينتقلون من مكان الى آخر إلا بأمر الله سبحانه وتعالى.
فقد ورد عن سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال مرة هو أليس ذكرنا أن الرسول كان ينسر بقدوم جبريل إليه، قال له الرسول “يا جبريل ما منعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا” يعني تعال إلينا أكثر وأكثر يعني ما شاء الله الرسول عليه الصلاة والسلام كما ذكرنا ما يشعر به نحن لا نستطيع أن نصفه، تعجز عنه العبارة، فنزل حين قال له الرسول يا جبريل ما منعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا فنزل قول الله سبحانه {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا} هذا إخبار عمن؟ عن سيدنا جبريل عليه السلام، له ما بين أيدينا وما خلفنا، وما نتنزل إلا بأمر ربك يعني جبريل الله يخبر عنه، له ما بين أيدينا يعني يكمل سيدنا جبريل، {لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} معناه أن نزولنا، يعني نزول سيدنا جبريل عليه السلام في الأحايين وقتا بعد وقت ليس إلا بأمر الله، وأن الله سبحانه وتعالى له ما قدامنا وما خلفنا من الأماكن، وما نحن فيه، فلا نتمالك أن ننتقل من مكان إلى مكان إلا بأمره ومشيئته، وهو العالم بكل حركة وبكل سكنة وما يحدث من الأحوال، لا تجوز على الله سبحانه الغفلة، وما كان ربك نسيا، لا تجوز عليه الغفلة والنسيان فأنّا لنا أن نتقلب في ملكوته إلا ما أذن لنا فيه.
نسأل الله العلي القدير أن ينفعنا بالنبي المصطفى وأن ينفعنا بسيدنا جبريل وأن ينفعنا بسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام وأن ينفعنا بسائر النبيين والملائكة والصالحين إنه على ما نسأله قدير وسبحان الله والحمد لله رب العالمين.