fbpx

علوم القرءان – الدرس 9

شارك هذا الدرس مع أحبائك

بساتين القرآن الكريم الحمدُ لله ربّ العالمين له النّعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، صلوات الله البرّ الرّحيم والملائكة المقربين على سيدنا محمَّد وعلى آله وصحبه الطّيبيبن الطاهرين الميامين وبعد، ما زلنا في رحاب كتاب الله العظيم في بساتين القرآن الكريم في هذا البحر العظيم الّذي هو زاخرٌ بالخيرات والبركات والعجائب وهو معجزة وهو أفضل معجزات النبيّ المصطفى صلَّى الله عليه وسلَّم وأعظمها. القرآن كما ذكرنا سابقًا نزل متفرّقًا آياتٍ آيات يعني في غالب الأمر ما كانت تنزل سورة كاملة، أحيانًا تنزل سورة كاملة لكن في الغالب ينزل آيات متفرقة ذكرنا أنّ هذا من حِكَمِهِ أنّه يكونُ أسهل للحِفِظ. فإذًا أمرٌ مهمٌ أن نتببَّه له المصحف الذي بين يدينا الآن ننظُر مثلًا نرى الفاتحة نرى البقرة بعده نرى آل عمران بعده نرى سورةَ النّساء بعده نرى سورة المائدة بعد سورة النّساء، هل القرءان نزل هكذا على هذا الترتيب؟ الفاتحة ثمّ البقرة ثمّ آل عمران؟ لا. طيّب أمر آخر نرى سورًا طوال، نرى سورًا أقصر، ونرى سورًا أقصر، هل كذلك إنو كان ترتيبُهُ لأجل هذا؟ لا. لأنَّ كذلك إن بحثنا بين السّور قد نجد السورة التى تلي أطول من السورة التى كانت قبلها. فإذًا ترتيبُ القرآن ليس على حسب كِبَر السّور طول السور، لا، وليس ترتيب القرآن على حسب نزول الآيات والسّور، لا، إنّما ترتيبُ القرآن هذا بوحيٍ من الله سبحانه وتعالى. فإذًا ترتيب القرآن كان بوحيٍ من الله سبحانه وتعالى، كان ينزلُ سيّدنا جبريل عليه السَّلام إلى الرّسول صلَّى الله عليه وسلَّم وهو يعلمّه تضع هذه الآية في هذا الموضع من السّورة تضع هذه السّورة في هذا الموضع. ورد بإسنادٍ حسن روى الإمام أحمد إبن حنبل رحمه الله رحمة واسعة بإسنادٍ حسن عن عثمان بن أبي العاص الصحابيّ رضي الله عنه أنَّه قال “كُنتُ جَالِسًا عِندَ رَسولِ الله صلَّى الله عليهِ وسلَّم إذْ شَخَصَ بِبَصَرِهِ” يعني نظر ببصرِهِ صوَّبَ بصرَهُ ثمَّ قال النبيّ عليه الصلاة والسَّلام: “أتاني جبريل” لاحِظوا “أَتَانِي جبريل فأمرني أن أضعَ هذه الآية في هذا الموضعِ من هذه السّورة” أن أضع هذه الآية، أي آية؟ ﴿إنَّ الله يَأْمُرُ بِالعَدْلِ وَالإِحسانِ وإِيتآء ذِي القُرْبَى﴾ هذه الأية بسورة النَّحِل الآن هي في سورة النّحل، لكن هي ما نَزَلَت مع سورة النَّحل، لا، نزلت مُنفردة لكن سيّدُنا جبريل عليه السَّلام هو علَّم رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بأمرٍ من الله تبارك وتعالى أن يَضَعَ هذه الآية في ضمن هذه السورة التي هي سورة النَّحل ﴿إنَّ الله يَأْمُرُ بِالعَدْلِ وَالإِحسانِ وإِيتآء ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَن الفَحشَاءِ والمنْكَرِ والبَغِي يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون﴾ وهكذا قال أهل العلم إبن الحصّاب هذا كان من أكابر العلماء المعروفين باعتنائهم بعلوم القرآن هو قال “ترتيبُ السّور ووضعُ الآياتِ مواضِعَها إنّما كان بالوَحي” إنما كان ترتيب السّور ووضع الآيات بمواضعها في مواضعها التي هي عليه الآن كان كلّ ذلك بالوحي يعني جبريل يُبلغ رسول الله بأمرٍ من الله تبارك وتعالى، يعني هذا الأمر ليس أنّ الصحابةَ هم رتبوه بعد ذلك، لا، إنَّما هذا كلّه يُقال له في الشرع التّوقيف بالتّوقيف بالوحيّ، بالوحيّ رتّب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم هذه الآيات في السّور وهذه السّور في هذه المواضع من القرآن نسأل الله تعالى أن يعلمنا ويثبتنا على العلم، نتكلم نحن عن السّور توضع السورة، ما هي السورة؟ السورة هي قرآن يشتمل على آيات وهذه السورة لها فاتحة يعني ابتداء وله خاتمة وأقلّ السورة تكون ثلاث آيات يعني مثلًا ﴿إنَّا أَعْطَيْنَاكَ الكَوْثَرْ﴾ ﴿فَصَلّ لِرَبّكَ وَأْنحَرْ﴾ ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَر﴾ هذه ثلاث آيات، هذه تُعدّ سورة. البقرة سورة جزأين وزيادة فوق الجزأين سورة والثلاث آيات كذلك سورة.كذلك هذا كما ذكرنا كلّه بالوحي بالتوقيف سيدنا جبريل عليه السَّلام هو علَّم النبيّ عليه الصَّلاة والسَّلام هذا الأمر. وسميَّت سورة من باب تشبيهها بسور المدينة، كيف أنَّ المدينة لها سور يحيط بها؟ كذلك هذه السورة سمّيت سورة لأنَّها جامعة لآيات تحيطُ بآيات وتجمَع آيات كاجتماعِ البيوت داخل السّور في ضمن السّور. فلذلك سُمّيت السورةُ بهذا الاسم. ثمّ السُّوَر لها أسماء نرى مثلًا الفاتحة نرى البقرة، نرى مثلًا سورة آل عمران، سورة نوح، وغير ذلك من أسماء السُّور فلها حِكَمْ يعني هذه الأسماء لماذا سمّيت هذه السّور بهذه الأَسماء؟ مثلًا يوجد سور بأسماء الأنبياء كاسم سيّدنا محمَّد، سورة محمَّد، سورة يوسف، سورة إبراهيم. وبعض السّور بأسماء بعض الحيوانات يعني البهائم مثل سورة النَّحل، سورة النَّمل، سورة البقرة إلى آخره. فيوجد سورة تسمّى سورة النّساء، يوجد سورة تسمّى سورة الأنعام. طيب لماذا؟ فسنذكر بعض أسماء السّور، نذكر بعض السّور لماذا سميت بهذه الأسماء. يعني مثلًا سورة البقرة لماذا سمّيت هذه السّورة بهذا الاسم سورة البقرة؟ لماذا؟ لأنَّ فيها قصَّة البقرة المذكورة فيها وعجيب الحكمة فيها ﴿وَلَقَدْ عَلِمْتُمْ الَّذِينَ إعْتَدَوْا مِنْكُمْ في السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِين فَجَعَلنَاهَا نَكَالًا لما بَينَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً للمُتَقِين﴾ ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُم أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَة قَالُوا أَتَتَخِذُنَا هُزُوَا قَالَ أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الجَاهِلِين﴾ ﴿قَالوا ادْعُو لَنَا رَبَّكَ يُبَيّنْ لَنَا مَا هِي﴾ صَارُوا يَسألوه ويُكثروا من السؤال، والهدف من هذه البقرة أنَّ أُناسًا منهم كانوا قتلوا قريبًا لهم. فالله سبحانه وتعالى أَوحى إلى سيّدنا موسى أن يأمرهم بذبح بقرة ﴿فَقُلْنَا اضربوه بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحيِي اللهُ الموْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونْ﴾ يعني أن يضربوه بهذه البقرة فيرجِعُ حيًّا حتّى يَذْكُرَ مَن الّذي قَتَلَهُ من أقربائه. فهذه القصّة العجيبة التي وردت في هذه السّورة المباركة العظيمة سورة البقرة، لذلك سمّيت هذه السورة بهذا الاسم، سورةُ النّساء لماذا سمّيت بسّورة النّساء؟ لأنّها أليس ورد فيها الشئ الكثير من أحكام النّساء؟ فسُمّيت بسّورة النّساء،كذلك سورة الأنعام ورد فيها تفصيل أحوال الأنعام فلذلك سمّيت بهذا. ذُكرت أحكام الأنعام وأحوالهم. فلأجل ذلك سميَّت هذه السّور بهذه الأسماء ﴿وَمِنَ الأَنْعَامْ حَمُولَةً وَفَرْشَا﴾ إلى قوله تعالى﴿أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَآء﴾ مع أن الأنعام تردد هذا اللّفظ في أكثر من سورة لكن سميت سورة الأنعام بهذا الاسم لأنّ التفصيل الذي ورد في الأنعام في هذه السورة لم يرد في غيرها من السّور. كذلك سورة النّساء التفصيل الذي ورد في أمر النّساء لم يرد في غيرها. كذلك سورة المائدة سميت بذلك لأنه لم يرد ذكر المائدة في غير هذه السورة فسُمّيت هذه السورة بما يخصها. ثمّ قد يرِد سؤال لماذا وردت السّور بعض السّور بأسماء بعض الأنبياء مع أنَّ أسماء الأنبياء تكررت في عدّة سور، يعني مثلًا في سورة هود ورد ذكر نوح وصالح وإبراهيم ولوط وشعيب وموسى، لماذا سميت بإسم نبيّ الله لوط عليه الصَّلاة والسَّلام مع أنّ قصة نوح فيها أوعب وأطول. فالجواب كما ذَكَر السيوطيّ تكررت هذه القِصص في سورة الأعراف في سورة هود في سورة في سورة الشعراء بأوعب مما وردت في غيرها لكن لم يتكرر في واحدة من هذه السور الثلاث اسم نبيّ الله هود كتكرهه في سورته. فلأنه تكرر في هذه السّورة في أربع مواضع. لذلك سمّيت باسم نبيّ الله هود. كذلك لو قيل مثلًا قد تكرر اسمُ نبيّ الله نوح في هذه السّورة بسورة هود في ستّة مواضع، فالجواب لماذالم تسمى هذه السورة بسورة نوح بدل أن تسمّى بسورة هود؟ أليس ورد هناك أُفْرِدَ لذِكْر نوح وقصته مع قومه في سورة برأسها؟ ولم يقع استيعاب هذه القصة في غيرها من السّور لذلك سمّيت سورة نوح حيث ذُكرت قصَّة نوح مع قومه على وجهٍ أَوْعَبْ على وجهٍ فيه تفصيل أكثر كانت أحرى بأنّ تُسمّى باسم نبيّ الله نوح عليه السّلام. هلأ قد يسأل السائل مثلًا ما هي الحكمة من تسوير القرآن سورًا يعني لماذا جعل سورًا سورًا وهناك سورًا طوالًا وهناك سورًا أوساطًا وهناك سورًا قصارًا، ما الحكمة من هذا التسوير؟ الحكمة من ذلك تحقيق كون السورة بمجردها معجزة. أليس ذكرنا أنّ القرآن والنّبيّ عليه الصَّلاة والسَّلام تحدَّى المشركين أن يأتوا بأقصر سورة من القرآن؟ معناه السورة بمجردها معجزة، يعني ليس شرطًا كل القرآن. هو كلّ القرآن معجزة، لكن كل سورة من القرآن هي كذلك بحدّ ذاتها معجزة، وهي آية هذه السورة آية من آيات الله دليل على صدقِ النبيّ عليه الصَّلاة والسَّلام. فالإشارة إلى أنَّ كُلَّ سورة نمط مُستقل يعني هذا الأمر لما تكون سُوَرًا سوَرًا مفردة هيدا فيها أنَّ كل سورة من السّور نمطها مستقل عن السّور الأخرى فمثلًا سورة يوسف لتترجم عن قصة نبيّ الله يوسف، سورة براءة تترجم عن أحوال المنافقين وأسرارهم. وكما ذكرنا سوّرت هذه السّور سورًا طوالًا، أوساطًا، قصارًا، لماذا؟ تنبيهًا على أنَّ الطول ليس من شرط الإعجاز، فكما ذكرنا سورة الكوثر أليست ثلاّث آيات؟ هي معجزةٌ إعجازَ سورة البقرة كما أنَّ البقرة معجزة كذلك سورة الكوثر معجزة، كذلك حكمة تسوير السّور طوالًا وأوساطًا وقصارًا التّدرج في تعليم الأطفال من السّور القِصار إلى ما فوقها هيدا تيسير من الله سبحانه وتعالى على عباده حتّى يُحفظَ كتابُ الله سبحانه وتعالى، يعني إذا أردت تعليم الصّغير القرآن من أين تبدأ له؟ تبدأ من السور القصار. ثمَّ إذا اعتاد على الحفظ تيسَّر له بعد ذلك حفظ السّور الطوال لأنَّه اعتاد على أن يحفظ السور، وهذا ميزة القرآن لم يكن الكتب الماضية التي أُنزلت على الأنبياء السابقين كالقرآن، لماذا؟ لأنّ القرآن نزل للإعجاز، الكتب السابقةلم تنزل للإعجاز. القرآن تلاوته عبادة هو بحدّ ذاته لإعجاز المتحدّين. إنَّما المعجزات التي كانت للأنبياء السّابقين ليس بحد ذات الكتاب الّذي أُنزل عليهم. ثم القرآن حين تقسَّم هذه التقسيمات، سور قصار وطوال وأوساط، أليس هذا فيه تيسير للحفظ، فلذلك الله سبحانه وتعالى يسَّر القرآن للحفظ. الكتب الماضية لم تُيَسَرَ للحفظ، التوراة من حيث كِبَرِ الحجِم أكبر بكثير أعظم بكثير من القرآن، فالله تعالى لم يُيسر حفظَهُ لعامَّة النَّاس كما القرآن، القرآن قد يكون الولد عمره سبع سنين، ثمان سنين يحفظ القرآن، أمّا الكتب السَّابقة، لا، التوراة الله تعالى يسَّر حفظه لعُزير بعد أن كان التوراة انتفى من بين النَّاس حين بختنصَّر فعل ما فعل ببني إسرائيل وأسرهم وأحرق كُتبَهم فأصبحوا من غير التّوراة. وكان سيدنا عُزير عليه السَّلام كما ورد في القرآن ﴿فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ﴾ إلى آخر الآية فسيدُنا عُزير عليه السَّلام كان يحفظُ التّوراة، فحين رجع إلى بلده من حيث كان وقد أماته الله تعالى مائة عام، عاد تلا التّوراة من حفظه على النّاس فأعاد النّاس تدوينه بعد أن إن كان انتفى من بين النّاس بسبب سيدنا عزير. من هنا نشأ أنَّ بعض النّاس والعياذ بالله تعالى اعتقدوا بعزير أنّه ابن الله، قالوا لو لم يكن ابن الله ما تلا التّوراة من حفظه والعياذ بالله ﴿وَقَالَتْ اليَهُودُ عُزَيْرٌ إبنُ الله﴾، نسألُ الله السَّلامَة. الله تعالى يهدي من يشاء يفتح على قلب من يشاء يجعل فَهم أحدِهم أعظم من فهمِ الآخر، الله تعالى يفتحُ على قلب من يشاء من عباده. فإذًا كذلك قد يطرأ سؤال ما الفائدة في تفصيل القرآن وتقطيعه سورًا كثيرة؟ يعني يوجد مائة وأربعة عشرة سورة في القرآن. أولًا نقول الفائدة من ذلك أنَّ الجنس إذا انطَوَتْ تحته أنواع وأصناف، هذا أليس يكون أحسن وأفخم؟ من أن يكون كلّه بابًا واحدًا؟ أليس يكون أدعى لمن يقرأه يُنهيَ نوعًا ينتقل إلى نوعٍ آخر من أين يكون كلّه بابًا واحدًا ليس متنوعًا. الأمر الآخر القارئ إذا ختم سورة أو ختم بابًا من الكتاب، ثمّ أخذ في سورة أخرى، أليس هذا يكون أنشطَ له؟ وأبعث على التحصيل من القرآن مما لو استمرَّ على الكتاب بطوله؟ فلذلك هذا فيه تسهيل، يحفظ سورة ينتهي منها ثم يحفظ السورة التي تليها وهكذا. فالحافظ إذا حفظ السورة اعتقد أنه أخذ من كتاب الله طائفةً مستقلة بنفسها فيَعظُمُ عنده ما حفظه، وورد في الحديث حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال “كان الرّجل إذا قَرأَ البَقَرَة وَآلِ عِمران جَدَّ فينا” يعني عَظُم فينا، يعني في الصحابة كانوا إذا الواحد قرأ البقرة وآل عمران يعتبرونه شيئًا عظيمًا، لذلك هذا من الحِكم في تقطيعِ القرآن وتقسيمه إلى أنواع متنوعة وكلّها، كلّ واحدة منها فيها نمطٌ معيّن فحين يشتغلون بها هذا يكون أدعى إلى حفظ القرآن، ثمّ أمر مهم نتنبّه له أنَّ قراءة القرآن لا بدّ لها من علم، لا بدّ من أخذ القرآن بالتلقي مُشافهة من العالم الثّقة، السُيوطيّ قال “القراءةُ على الشيخ هي المُستعمَلةُ سلفًا وخلفًا” يعني لا يكفي القراءة من المصحف من غير تعلّم الأحكام، أحيانًا تكون الكلمة مكتوبة على حسب رسم المصحف غير الطريقة التي عادة النّاس تكتب بها الكلمات، مثلًا كلمة “الحياة” لو فتحنا المصحف نقرأ متكوبة “حيواة” يعني بالواو والتاء المربوطة، لكن تُقرأ “الحياة”، وهناك حكمة لماذا كُتبت وهذا سنأتي عليه عندما نتكلّم على جمع القرآن وكيف جُمع القرآن وكيف رُسم القرآن، فإذًا إذا واحد لم يتلقى قد ينظر إلى هذه الكلمة يقرأها “حيوات” بدل أن يقرأ “حياة”، فالذي لم يأخذ القرآن بالتلقي قد لا يقرأ على الوجه الصواب والمؤمن حين يريد أن يَتْلُوَ القرآن أليس يريد الثواب؟ فكيف يحصل الثّواب إذا كان يقرأه على غير وجهه؟ لذلك لا بدَّ من التلقي، وكذلك سائر العلوم يعني الفقه، العقيدة، الحديث، التفسير، النّحو لا بدّ فيه من التلقي من أفواه العلماء الثّقاة، لذلك الرَّسول صلّى الله عليه وسلّم هو قال “أيُّها النَّاس تَعَلَّمُوا وَإنَّمَا العِلْمُ بالتَّعَلُمْ والفِقْهُ بالتَّفَقُه” يعني يتفقه على عالم يتعلم على عالم يقع عليه يبيّن له ما خفي من المعاني حتى يفهم على الوجه الصحيح يتحقق أنه فهم فهمًا صحيحًا. كم من أناسً يقرأ شيئًا ويفهمه على خلاف وجهه. ثمّ أَختِمُ كلامي بفائدة جميلة جدًا من بركات القرآن والأمور العظيمة الجليلة التي في القرآن والفوائد العظيمة. يُروى عن الإمام الجليل أبي القاسم القُشيري رحمه الله هيدا كان من الأكابر في زمانه من أكابر الصوفيَّة ومن أكابر المفسرين والعلماء وأولاده علماء كذلك من أكابرهم. أبو القاسم القُشيري رحمه الله هو قال “مَرِضَ ولدي مرضًا شديدا حتى أيستُ من شفائه واشتدّ الأمر عليّ” صَعُبَ عليه الأمر. قال “فرأيت النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في منامي فقال له الرّسول صلّى الله عليه وسلّم “ما لي أراك محزونا؟” فقال “ولدي قد مَرِض واشتدّ عليه” اشتدّ عليه الحال اشتدّ عليه المرض، فقال له النبيّ الأعظم صلّى الله عليه وسلّم “أين أنت من آيات الشّفاء؟” يعني لماذا لا تقرأ آيات الشّفاء؟ ما هي آيات الشّفاء؟ في القرآن ﴿وَيَشْفِي صُدُورَ قَوْمٍ مُؤمِنِيْن﴾ هذه بسورة التوبة. كذلك الآية الأخرى ﴿وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُور﴾ هذه في سورة يونس. كذلك ﴿فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنّ فِي ذَلِك لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَرُونْ﴾ هذه في سورة النّحل. كذلك ﴿وَنُنَزّلُ مِنَ القُرآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِين﴾ في سورة الإسراء ﴿وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينْ﴾ في سورة الشعراء ﴿قُلْ هُوَ للّذِينَ آمَنُوا هُدًى وشِفَآء﴾ في سورة فصّلت. فالإمام القُشيري رضي الله عنه قرأ هذه الآيات على ولده ثلاث مرات فبرأ وتعافى بإذن الله تبارك وتعالى. فهذه الآيات احفظوها واستعملوها فيها خير كبير، القرآن فيه شفاء من الأمراض الحسيّة التي تصيب البدن وكذلك فيه شفاء من الأمراض المعنويّة الباطنية، أمراض القلوب لأنّ القرآن قراءته وحفظه سبب لتنوير القلب بنورٍ معنويّ يصير يشعر الإنسان برغبة في الإقبال على الطّاعات والمبرات وبرغبة في الازدياد من علم الدّين. نسأل الله تعالى أن يجعل القرآن ربيعًا لقلوبنا ونورًا لأبصارنا إنه على ما نسأله قدير وسبحان الله والحمد لله ربّ العالمين.