fbpx

علوم القرءان – الدرس 11

شارك هذا الدرس مع أحبائك

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمّد خاتم النّبيين وأشرف المرسلين وخاتم المرسلين وعلى سائر إخوانه النبيين وآل كل والصالحين. أيّها الأحبة الكرام نلتقي مجددًا في شهر رمضان الكريم مع القرءان العظيم نتلو شيئًا من ءاياته ونبين بعض أحكامه ونسأل الله سبحانه وتعالى حُسن النية والقول والعمل ونسأله العفو والعافية وحسن الختام. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم {لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (18) أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (19) الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ (20) وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (21) وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24) وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (25) اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ (26) وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ (27) الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28) الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآَبٍ (29)} صدق الله العظيم. الحمد لله الذي أنزل الكتاب هاديًا مبشرًا للمؤمنين بجنات النّعيم، والله سبحانه وتعالى لم يجعل المؤمنين كالمجرمين {أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى} لا يتساويان إنما يتّذكر ويتعظ أولو الألباب أصحاب القلوب والعقول النيرة. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يثبتنا على الهدى. أيّها الأحبة الأكارم: بينا أن القرآن نزل مفرقًا على نبينا صلى الله عليه وسلم وأن القرآن كان يُكتب على ما تيسر لهم من عظم أو شيء من النخل أو أي شيء من الجلد وكان مع الصحابة وكان نبينا عليه الصلاة والسلام يقول لهم “ضعوا ءاية كذا في موضع كذا”. ثم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم سيدنا عمر أشار على أبي بكر بجمع القرءان وطلبوا من زيد بن ثابت وجمع من الصحابة ما كان معهم مكتوبًا ثم في زمن سيدنا عثمان جاء سيدنا حذيفة بن اليمان وقال لسيدنا عثمان: “أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا كما اختلفت الأمم السابقة” لأن القرءان نزل على عدة وجوه من القراءة فكان يقرأ كلٌ من الصحابة أو ممن سمع شيئًا من القرءان يقرأ بحسب ما تعلم وتلقّى وكان يقول بعضهم لبعض قراءتي خير من قراءتك، فطلب سيدنا عثمان من سيدنا زيد بن ثابت أن يعيد جمع القرءان أخذوا الصحف التي كانت عند سيدنا عمر ثم كانت بعد وفاته عند ابنته حفصة ونسخوا منها عدة نسخ وأرسلوا إلى الأمصار، الصحيح أنها ستة مصاحف أُرسل مصحفٌ إلى مكة وأُبقي مصحف في المدينة وأُرسل مُصحفٌ إلى الكوفة وإلى البصرة وإلى بلاد الشام وأبقى سيدنا عثمان رضي الله عنه لنفسه مصحفًا. اختلفوا في القراءة لأن القرءان أُنزل على سبعة أحرف فقد جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: “نزل القرءان على سبعة أحرف” نزل القرءان على سبعة أحرف هذا الحديث رواه جمع من الصحابة منهم أُبي بن كعب وأنس بن مالك وحذيفة بن اليمان وزيد بن الأرقم ويصل العدد إلى واحد وعشرين صحابيًا، وقد نص أبو عبيدٍ على تواتر هذا الحديث. ثم إن سيدنا عثمان قال على المنبر فيما أخرجه أبو يعلى في مُسنده قال: “أذكر الله رجلا سمع النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إن القرءان أُنزل على سبعة أحرف كلها شاف كاف لمّا قام” يعني يطلب سيدنا عثمان منهم أن يقوموا ويصدقوا كلامه أنهم سمعوا هذا الحديث من النبي صلى الله عليه وسلم فقاموا حتى لم يحصوا فشهدوا بذلك فقال: “وأنا أشهد معهم”. ومعنى هذا الحديث “أن القرءان أُنزل على سبعة أحرف” المراد منه أنّ القرءان أُنزل من حيث اللفظ على عدة وجوه وليس على وجه واحد. وقد جاء أن سيدنا عمر رضي الله عنه صلى مرة مع هشام بن حكيم فسمعه يقرأ قراءة لم يتعلمها من النبي صلى الله عليه وسلم سيدنا عمر، وسيدنا عمر وهشام بن حكيم كلاهما قرشي فأخذه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فطلب النّبي عليه الصلاة والسلام من هشام أن يقرأ فقرأ قراءته التي سمعها منه عمر وأنكرها عليه لأنه سمع خلافها من النبي عليه الصلاة والسّلام، فقال النبي عليه الصلاة والسّلام لهشام: “هكذا أُنزلت” ثم طلب من سيدنا عمر أن يقرأ فقرأ كما تعلم قال عليه الصلاة والسلام: “هكذا أُنزلت” وبيَن أن القرءان ُأُنزل على سبعة أحرف على عدة وجوه من هذه الوجوه وهذه الاختلافات ما هو خلاف بين القراء العشرة في الأصول يعني في أحكام مضطردة، ومنها ما هو في الفرش يعني في كلمات هذه الكلمات موجودة مفترشة في القرءان وليس فيها قاعدة عامة. لذلك في هذه المصاحف التي كلها عثمانية وقلنا إنها ستة سمعوا القراءة من القُراء المشهورين يسمع أحيانًا أنهم يقرأون بعدة وجوه هذا لأن هذه المصاحف كلها وإن اختلفت لهجة القارئ بحسب اختلاف لهجات الصحابة لأنهم ليسوا كلهم من قبيلة واحدة فتوسع حتى لا يكون الأمر ضيقًا على الرجل الكبير على المرأة على الطفل الصغير الذي اعتاد على لغة أهل بلده وعلى لهجاتهم تُوسع فيها وكان كله كما علم النبي صلى الله عليه وسلم وكما أُنزل. ثم إن للقراءة المعتبرة شروط منها أن يوافق النحو فما خالف النحو وما خالف قواعد اللغة وأصولها لا يكون من القرءان وكذلك ما خالف رسم المصحف يُعتبر شاذًا. في زمن سيدنا عثمان حينما كتب المصحف كتبت المصاحف وأرسلت إلى الأمصار هذه المصاحف لم تكن منقوطة ولا مشكولة إنما بعد فترة وضع وأُحدث هذا النقط وهذا الشكل وكذلك الرسم بغير النقط والشكل يختلف أحيانًا في بعض الرسوم فما خالف رسم المصحف لا يكون من القراءات المتواترة إنما يكون شاذًا. ذكرنا شرطين أن توافق القراءة وجهًا من وجوه النحو لا أن تكون مخالفة لأصول اللغة وقواعد النحو وأن توافق الرسم وأن يصح سندها يقول ابن الجزري: فكل ما وافق وجه نحوي وكان للرسم احتمالا يحوي وصح إسنادًا هو القرءان فهذه الثلاثة الأركان بهذا اعتمد علماء المسلمين من زمن الصحابة إلى أيّامنا هذه وعرفوا أن ما كان من القراءات المتواترة هو هذه القراءات السبع التي ليست هي المذكورة في حديث “أُنزل القرءان على سبعة أحرف (أو) نزل القرءان على سبعة أحرف” سبعة أحرف” المراد منها وجوه متعددة في القراءة وليس المراد القراء السبع الذين ليسوا من الصحابة إنما جاءوا بعد ذلك بفترة لم يعنِ النبي صلى الله عليه وسلم القراءات السبع ولا القراءات العشر إنما وجوه متعددة وهذه الأحرف السبعة موجودة ضمن القراءات العشرة. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا لتعلم أحكام القرءان تعلم أحكام تلاوته وفهمه والعمل بأحكامه إنه سميع مجيب والحمد لله ربّ العالمين.