الحمد لله ربّ العالمين صلوات الله البرّ الرّحيم والملائكة المقرّبين على سيدنا محمد خاتم النبيين وأشرف المرسلين وعلى سائر إخوانه النبيين وآل كل والصالحين.
أما بعد، فيا أحبابنا الكرام نلتقي مجددًا مع القرءان العظيم في شهر رمضان الكريم نتلو شيئًا من ءايات كتاب الله عزّ وجلّ ونبين بعض الأحكام كنا قلنا إن القرءان نزل على عدة وجوه من القراءة نقرأ اليوم إن شاء الله تعالى شيئًا من رواية قالون عن نافع المدني، ونسأل الله سبحانه وتعالى حُسن النية والقول والعمل ونسأله القبول ونسأله العفو والعافية وحُسن الختام.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
{إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى (27) وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا (28) فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (29) ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى (30) وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى (31) الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى (32) أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى (33) وَأَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى (34) أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى (35) أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (36) وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (37) أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (38) وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (40) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى (41) وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى (42) وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى (43) وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا (44) وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (45) مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى (46) وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى (47) وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى (48) وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى (49) وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى (50) وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى (51) وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى (52) وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى (53) فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى (54) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى} صدق الله العظيم سورة النجم.
في هذه الآيات يبين الله عزّ وجلّ أنّ الذين لا يؤمنون بالآخرة وأن الكافرين يسمون الملائكة تسمية الأنثى والملائكة خلق من خلق الله الله عزّ وجلّ خلقهم من نور ليسوا ذكورًا ولا إناثًا.
كان من مشركي العرب مَن يقول عن الملائكة إنّهم بنات الله والله سبحانه وتعالى: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)}.
الملائكة لم نشهد نحن خلْقَهم، الله عزّ وجلّ رد على الذين سمّوا الملائكة بتسمية الإناث {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا} الله تعالى يقول: {أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ} {أَأُشَهِدُوا خَلْقَهُمْ} {آأُشَهِدُوا خَلْقَهُمْ} يعني ما شهدوا خلقهم فكيف يدّعون أنهم ذكور أو إناث.
نبينا عليه الصلاة والسلام أخبر أنهم ليسوا ذكورًا ولا إناثًا خلقوا من النور الصافي على هيئة جناحين فأكثر وعددهم كبير جدًا وكلهم الله سبحانه وتعالى عصمهم من الكفر وعصمهم من المعاصي، قال الله تعالى عزّ وجلّ في حق الملائكة الذين هم خَزنة جهنّم وكل الملائكة على هذه الصفة:{لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}.
نعود لنبين بعض الأشياء التي تختلف فيها قراءة نافع برواية قالون عن رواية حفص عن عاصم كل ما كان من وهو فهو لهو يُسكن قالون الهاء لا يقرأ وهو إنما وهْو لهو فهو بتسكين الهاء ثم بكلمة {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى} قالون يسهل هذه الهمزة، بين الألف المدّية وبين الهمزة المحققة، أفرايت ليس أفريت ولا أفرأيت بينهما كذلك في قوله تعالى:{وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى} يقرأ عادًا الأولى وهنا يعني لا يوجد وقف عند عادًا، إذا بدأ بكلمة الأولى هذه يختبر الشيخ التلميذ فيقول كيف تبدأ لقالون بهذه الكلمة {وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى} ليس عادًا الأولى يُدغِم التنوين باللام ويهمز يجعل همزةً بعد اللام المضمومة {عَادًا الْأُولَى} وكذلك وثمود فما أبقى وثمودً فما أبقى، ثم قالون له وجه بالمد المنفصل أربع حركات وله وجه بمدّ هذا المدّ المنفصل حركتين له خلاف في ذلك.
وكما بينا قالون كان من أهل المدينة قرأ على نافع كان نافع إمام الناس في القراءة بالمدينة انتهت إليه رياسة الإقراء بالمدينة وأجمع الناس على قراءته واختياره بعد التابعين، وقالون يقال: إنه كان ابن زوجة نافع، ونافع لقّبه بقالون لجودة قراءته فإن قالون بلغة الرومي معناه جيد، وقالون قرأ على نافع وختم عليه ختمات كثيرة حتى قال له نافع: قال:” كم تقرأ عليّ أجلس إلى اسطوانة حتى أرسل لك من يقرأ عليك” وسيدنا مالك بن أنس الذي كان في المدينة يقول عن قراءة قالون وعن روايته قراءة نافع ورواية قالون يقول هي سُنة.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا لتعلم أحكام كتابه ولأداء ما أمر واجتناب ما حرّم إنه سميع مجيب والحمد لله ربّ العالمين.