بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمّد خاتم النبيين وأشرف المرسلين وعلى سائر إخوانه النبيين وءال كل والصالحين.
أيها الإخوة الأكارم:
نلتقي مجددًا في شهر رمضان الكريم مع القرءان العظيم نتلو شيئًا من ءاياته ونبين بعض الأحكام التي وردت فيه ونسأل الله سبحانه وتعالى حُسن النية والقول والعمل ونسأله العفو والعافية وحُسن الختام.
سبق وذكرنا أن القرءان أُنزل على سبعة أحرف وبينا بعض الأشياء التي اختلفت القراءة فيها بين شعبة عن عاصم وبين حفص عن عاصم وكذلك برواية قالون عن نافع واليوم إن شاء الله نقرأ شيئًا برواية ورش عن نافع المدني وقالون وورش كلاهما قرأ على نافع.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا (62) أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا (63) وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا (64) فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65)} صدق الله العظيم.
أيها الإخوة الأحبة في هذه الآيات يظهر جليًا أن الله عزّ وجلّ يأمر بأداء الأمانات ويأمر بالعدل كما جاء كل الأنبياء جاءوا بمكارم الأخلاق بالأمر بأداء الحقوق إلى أهلها والله عزّ وجلّ يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي وينهى عن الظلم وعن الخيانة، وفي هذه الآيات يبين الله عزّ وجل أنه يأمر عباده بطاعة الله وطاعة الرسول وبطاعة أولي الأمر من المسلمين، لكن في هذه الأيام تُسمع العجائب ممن يظهر على إما على التلفزيون أو على شيء من الفيديوهات باسم الدّين يحرفون أشياء من الدين سمعت أحدهم يقول الله تعالى أمر بطاعة أولي الأمر، فإذا أمر ولي الأمر أمر بشرب الخمر أو أباح شرب الخمر لو قال هي حلال يقول تبقى حلال واستدل بهذه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} ثم لم يكمل ما يبين {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ} أنتم ومن؟ أطيعوا الله بما أمر في كتابه وأطيعوا الرسول بما بين في سنته وَأَطِيعُوا َأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فإن تنازعتم مع من؟! مع الله ومع الرسول؟! أكيد ليس هذا المراد،{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ} يعني مع أولي الأمر في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ارجعوا في بيان التحليل والتحريم ارجعوا إلى قول الله عزّ وجلّ وإلى قول النبي عليه الصلاة والسلام مثل هذا يجب التحذير منه، قالوا هذا الدين بين كيد أعدائه وبين جهل أبنائه وبين كثير من أبناء المسلمين عمّ الجهل لأنهم رغبوا كما علمهم أهلهم أغلب أبناء المسلمين علمهم ورباهم أهلُهم على السعي للدنيا مع ترك السعي للآخرة وهذه مصيبة كبيرة.
ثم كذلك في هذه الآيات من سورة النساء يقول الله عزّ وجلّ:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} (ورش يقرأ ظلموا بتفخيم اللام) {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاءُوكَ} (يعني جاءوا للنبي عليه الصلاة والسلام في حال حياته) {فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} وهذه الآية نزلت على النّبي عليه الصلاة والسّلام في حال حياته ولكن لفظها عام بعد مماته عليه الصلاة والسلام لو قصد مسلم قبر النبي صلى الله عليه وسلم الذي هو حي في قبره يصلي كما هو حال كل الأنبياء وقد جاء عن نبينا عليه الصلاة والسلام أن: “الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون”، فإذا قصد الإنسان قبر نبينا عليه الصلاة والسلام وقال يا رسول الله كما جاء في رواية عن أعرابي قصد قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقال: إني سمعت الله يقول يعني سمعت في القرءان قول الله عزّ وجلّ {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} وأنشأ هذا الأعرابي يقول يا رسول إني جئتك تائبًا من ذنبي مستشفعًا بك إلى ربي.
ثم أنشأ يقول أبياتًا مشهورة:
يا خير من دُفنت في القاع أعظمه فطاب من طِيبهن القاع والأكمُ
نفسي الفداء لقبر أنت ساكنـــــــــــــه فيه العفاف وفيه الجود والكرمُ
فكان رجل نائمًا قرب حجرة النبي عليه الصلاة والسلام قرب هذه الحجرة التي كانت لعائشة ودفن فيها النبي عليه الصلاة والسلام رأى رسول الله في المنام وكان سمع الأعرابي فقال نبينا عليه الصلاة والسلام في المنام لهذا العتبي قال: “الحق الأعرابي وبشره أن الله عزّ وجلّ قد غفر له”.
نسأل الله عزّ وجل أن يفقهنا في ديننا وأن يغفر لنا ذنوبنا وأن يجعلنا من العلماء العاملين المخلصين إنه سميع مجيب والحمد لله ربّ العالمين.