بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد للهِ ربِّ العالمين، والصلاة والسّلام الأتمّان الأكملان على سيدنا محمدٍ خاتم النبيين وأشرف المُرسلين وعلى سائرِ إخوانه النبيينَ وآل كلّ والصالحين.
إخوة الإيمان نلتقي مجددا مع القرآن العظيم في شهر رمضان الكريم، نتلو شيئا من كتاب الله عزّ وجلّ ونبيّن بعض الأحكام التي يعيننا الله على بيانها، ونسأل الله سبحانه وتعالى حسن النية والقول والعمل ونسأله العفو والعافية وحسن الختام.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
{اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ (1) وَإِن يَرَوْا ءايَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ (2) وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ (3) وَلَقَدْ جَاءهُم مِّنَ الأَنبَاء مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ (4) حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ (5) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَىْءٍ نُّكُرٍ (6) خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ (7) مُّهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ (8) كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ (9) فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ (10) فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاء بِمَاء مُّنْهَمِرٍ (11) وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاء عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (12) وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ (13) تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاء لِّمَن كَانَ كُفِرَ (14) وَلَقَد تَّرَكْنَاهَا ءايَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ (15) فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (16) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْءانَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ (17) كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (18) إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ (19) تَنزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ (20) فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (21) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْءانَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ (22) كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ (23) فَقَالُوا أَبَشَرًا مِّنَّا وَاحِدًا نَّتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَّفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ (24) أَؤُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ (25) سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَّنِ الْكَذَّابُ الأَشِرُ (26) إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ فِتْنَةً لَّهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ (27) وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاء قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُّحْتَضَرٌ (28) فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ (29) فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (30) إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ (31) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْءانَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ (32) كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ (33) إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلاَّ ءالَ لُوطٍ نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ (34) نِعْمَةً مِّنْ عِندِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَن شَكَرَ (35) وَلَقَدْ أَنذَرَهُم بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ (36) وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ (37) وَلَقَدْ صَبَّحَهُم بُكْرَةً عَذَابٌ مُّسْتَقِرٌّ (38) فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ (39) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْءانَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ (40) وَلَقَدْ جَاء ءالَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ (41) كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُّقْتَدِرٍ (42) أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِّنْ أُوْلَئِكُمْ أَمْ لَكُم بَرَاءةٌ فِي الزُّبُرِ (43) أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ (44) سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (45) بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ (46) إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ (47) يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (48) إِنَّا كُلَّ شَىْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49) وَمَا أَمْرُنَا إِلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ (50) وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ (51) وَكُلُّ شَىْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ (52) وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ (53) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ (55}
صدق الله العظيم.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من المتقين المنعّمين فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ.
إخوة الإيمان هذه السُورة سُورة القمر فيها آية عجيبة دلّت على صدق النبي صلى الله عليه وسلّم وأنه مُرسل من الله عزّ وجلّ.
{انشَقَّ الْقَمَرُ} بإشارة النبي صلى الله عليه وسلّم إلى نصفين حتى رأى أهل مكة المسلمون والمشركون رأوا هذه الآية ولكن من أضله الله سبحانه وتعالى مهما ما رأى من الآيات ومهما رأى من العجائب التي تدلّ على وحدانية الله وعظمته وقدرته وعلى صِدق أنبيائه من أضلّه لله عز وجلّ لا تجد من يهديه، وهذه السورة فيها ذكر ما حصل مع سيدنا نوح ومع سيدنا هود ومع سيدنا صالح ولوط ومع النبيّ عليه الصلاة والسلام وما حصل مع سيدنا موسى وفرعون، وأنّ الله عز وجلّ أهلك الأمم السابقة الذين كذّبوا رسلهم خسروا الدنيا والآخرة، ويقول الله عز وجلّ {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} كل ما خُلق، الله عزّ وجلّ خلقه بقدر، قدّر في الأزل ما يكون من أعمال العباد وما يكون من مما يحصل في هذه الحياة الدنيا علم الله عزّ وجلّ في الأزل ما يكون من أحوال العباد، وخلق قبل خلق الناس خلق الجنة والنار وخلق لهما أهلا، وعلمَ الله سبحانه وتعالى أن أناسا إذا خلقوا يعملون بمعصية الله بالكفر وبالشرّ وهؤلاء خلقهم الله عزّ وجلّ للنار، يقول تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ} هؤلاء لو رأوا الآيات ولو تفكّروا في أحوال هذه الدنيا ولو سمعوا من الأنبياء ما يُبيّن طريق الهُدى ولكن عَلِمَ الله عزّ وجلّ منهم في الأزل أنهم من أهل النار، خلقهم للنار وخلق كل شيء بقدر، والمؤمن يؤمن بالقدر خيره وشرّه، بالقدر هنا معناه بالمقدور الذي هو المخلوق، أعمال العباد فيها خيرٌ وفيها شرّ، أما القدرُ الذي هو تقدير الله سبْحانه وتعالى فتقدير الله عزّ وجلّ حَسن، خلق الله سبحانه وتعالى للمؤمن والكافر للأخيار والأشرار وكل ما خلقه الله سبحانه وتعالى لا يُعترض عليه ولا يقال لماذا خلق الله إبليس ولماذا خلق الله في هذه الدنيا من يتعدّون على الناس يقتلون ويسرقون ويعملون المعاصي الله عز وجلّ يفعل ما يشاء لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ والعباد يُسْأَلُونَ.
خلق كل شيء بقدر، القدرُ خلق الأشياء على وجه مُطابق لعلم الله الأزلي ومشيئته الأزلية وكل ما في هذه الحياة الدنيا ما نراه على ما هو عليه بتقدير الله عزّ وجلّ الذي هو تقدير حسن.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من المتقين في جنات ونهر، ونسأله سبحانه وتعالى أن يختم لنا بالحسنى إنه سميع مجيب والحمد لله ربّ العالمين.