fbpx

24 :تفسير جزء قد سمع – الحلقة

شارك هذا الدرس مع أحبائك

التغابن بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ} يُسَبِّحُ لِلَّهِ أي ينزه الله عن كل سوء ونقص ويمجّده مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ. لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ له الملك فهو المالك لكل شئ فنحن وما نملك ملك لله تعالى فهو سبحانه متصرف في ملكه كيف يشاء لا شريك له فيه وله الحمد لأن النعمَ كلَها منه سبحانه وتعالى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فلا يعجزه شىء سبحانه وتعالى {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} هُوَ الله تعالى الذي خلقكم أي أبرزكم من العدم إلى الوجود {فَمِنْكُمْ كَافِرٌ (بالله) وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ} به سبحانه وتعالى. {وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} أي عالم بما تعملون من خير أو شر {خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِالحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ} خلق الله السماوات السبعَ وما فيها وخلق الأرض وما فيها بالحق أي بالحكمة البالغة وصوركم أي خلقكم على الهيئة والصفة التي أرادها سبحانه وتعالى فأحسن أي أتقن وأحكم صوركم من حيثُ المنظرِ وحسنِ القامةِ والمناسبةِ في الأعضاء فجعل الله الإنسان منتصبًا غير منقلبٍ على وجهه {وَإِلَيْهِ المَصِيرُ} أي إلى الله مرجع الناس كلِهم يوم القيامة يبعثون من قبورهم فيُجازِي الله كلًّا بعمله. {يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ} يعلم الله ما في السماوات وما في الأرض ويعلم ما تسرون من قول وعمل وخواطر ويعلم ما تعلنون أي تظهرون {وَاللهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} أي بما تضمرون في أنفسكم فلا تخفى عليه خافية {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ فَذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} الخطاب لكفار مكة ألم يأتكم خبر الذين كفروا من قبلكم من الأمم الماضية ذُكّروا بما حلَّ بالكفار قبلَهم كقوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم ولوط {فَذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ} أي عُوقبوا ومسَّهم عذابُ الله في الدنيا جزاءَ أعمالهم {وَلَهُمْ} أي ولهؤلاء الكفار في الآخرة {عَذَابٌ أَلِيمٌ} أي موجع ومؤلم في نار جهنم. {ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالبَيِّنَاتِ فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا} ذلك العذابُ الذي أصابهم في الدنيا وعذابُ الآخرة الذي أُعِدَّ لهم بسبب أنه كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالبَيِّنَاتِ فيكفرون بهم ويكفرون بالمعجزاتِ والدلائلِ الواضحةِ على صِدق الرسل فقال الكفار استكبارًا وإنكارًا وتعجبًا. {أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا} أي أناسٌ مثلنا يَهْدُونَنَا فأنكروا أن يكون الرسولُ من البشر أنكروا الرسالة في البشر ولم ينكروا العبادة للحجر وقال الكفار نحن متساوون في البشرية فكيف يكون لهؤلاء تمييزٌ علينا بحيث يصيرون هداة لنا فَكَفَرُوا بالله وجحدوا رسالةَ رسله الذين بعثهم الله إليهم وَتَوَلَّوْا أي أعرضوا وأدبروا عن الإيمان فلم يقبلوه وَاسْتَغْنَى اللهُ وَاللهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ واستغنى الله عنهم والله غني عن إيمانهم وطاعتهم وهو سبحانه وتعالى حميد أي مستحق للحمد والثناء والمدح فالله لا يحتاج إلى خلقه فلا ينتفع بطاعة الطائعين ولا يلحقه ضررٌ بكفر الكافرين. {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا} ادّعى الذين كفروا أنهم لن يُبعثوا أي أنكروا الخروج من قبورهم بعد مماتهم {قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ} قل يا محمد لمنكري البعث يوم القيامة بلى وربي هذا قسم أكد به الجواب أي لتُبْعَثُنَّ أي لَتُخْرَجُنَّ من قبوركم أحياءً ثم لَتُنَبَّؤُنَّ أي لَتُخْبَرُنَّ بأعمالكم التي عملتموها في الدنيا {وَذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ} أي البعث والحساب سهل على الله {فَآَمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا} أمرهم بالإيمان بمحمد لأن الإيمان بالله وحده لا يكفي ما لم يُقْرَن باعتقاد أن محمدًا رسول الله {وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا} وهو القرءان وهو نور يهتدى به من ظُلمة الضَّلَال {وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} لا يخفى على الله من أعمالكم شىء لَتُنَبَؤُنَّ بأعمالكم يوم يجمعكم أي يوم يجمع الأولين والآخرين {لِيَوْمِ الجَمْعِ} وهو يوم القيامة. {ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ} {ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ} أي يوم القيامة يقال غَبَنْتَ فلانًا إذا بايعتَه أو شاريتَه فكان النقصُ عليه والغَلَبةُ لك يومُ التغابن يومَ غَبَنَ أهلُ الجنة أهلَ النار أي لكون أهل الجنة بايعوا على الإسلام بالجنة فربحوا ولكون أهل النار امتنعوا من الإسلام فخسروا فشُبهوا بالمتبايعين يَغْبِنُ أحدُهما الآخرَ في بيعه ويؤيد ذلك ما روي عن أبي هريرة لا يدخل أحد الجنة إلا أُرِيَ مقعده من النار لو أساءَ ليزداد شكرًا ولا يدخل أحد النار إلا أُرِيَ مقعده من الجنة لو أحسن ليكون عليه حسرة. {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وبرسوله محمد صلى الله عليه وسلم {وَيَعْمَلْ صَالِحًا} أي بطاعة الله سبحانه وتعالى يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ يمحو الله عنه ذنوبه. وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ أي تجري من تحت أشجارها الأنهار خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا أي لابثين فيها أبدًا لا يموتون ولا يخرجون منها. {ذَلِكَ الفَوْزُ العَظِيمُ} أي تكفيرُ السيئات وخلودُ المؤمنين في الجنات هو الفَوْزُ العَظِيمُ {وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا} وَالَّذِينَ كَفَرُوا أي جحدوا وحدانيةَ الله ولم يؤمنوا برسوله وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا أي القرءان أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا أي ماكثين فيها أبدًا فلا يخرجون منها {وَبِئْسَ المَصِيرُ} أي وبئس الشىء الذي يصار إليه وهو جهنم.