fbpx

الدرة البهية – الدرس 4

شارك هذا الدرس مع أحبائك

الشيخ طارق اللحام النص قال المؤلف رحمه الله: ولا شَىءَ مِثلُهُ. الشرح لا يوجد شىء يماثله من جميع الوجوه أو بعض الوجوه لأن المماثلة إما أن تكون من جميع الوجوه وإما مِنْ بعض الوجوه، فقد يقال مثلاً فلان مثل فلان ويُراد به أنه يماثله في بعض الوجوه وهذه مماثلة جزئية، وقد يقال إنه مثله بمعنى أنه يَسُدُّ مسدَّه وهذه مماثلة مطلقة. وهذا بالنسبة للمخلوق، أما بالنسبة للخالق فلا يقال الله يماثل كذا في كذا. أما الاتفاق باللفظ فليس ذلك مماثلة، فليس من المماثلة أن يقال عن الله حي وعن المخلوق حي، أو الله موجود وفلان موجود، فالله تعالى وجوده ليس كوجودنا الحادث، وجوده بذاته لا يحتاج إلى شىء وكل شىء يحتاج إليه. فالمثلية المنفية عن الله المثلية في المعنى، فبطل قول الفلاسفة إنه لا يقال عن الله حيٌّ ولا دائمٌ ولا قادرٌ ولا سميعٌ ولا بصيرٌ ولا متكلمٌ وإن زعم بعضهم أن هذا يقتضي المماثلة لأن هذا ليس مماثلة بل اتفاق باللفظ، فالله تعالى يطلق عليه هذه العبارة موجودٌ حيٌّ سميعٌ بصيرٌ متكلمٌ مريدٌ عالِمٌ، ويطلق هذا اللفظ على غيره لأن هذا اتفاق في اللفظ لا في المعنى فلا يقتضي المماثلة والمشاركة. تنبيه المِثلان أي في اصطلاح علماء الكلام هما الأمران الذي يَسُدُّ كل واحد منهما مَسَدَّ الآخر، وهذا في الإطلاق الغالب، فإذا كان هناك عالِمان وكل منهما يقوم مقام الآخر يقال عنهما مِثلان. فائدة علمُ التوحيد يقال له علم الكلام وذلك لأن أكثر ما بُحث فيه في الماضي مسئلةُ الكلام فصارت معاركُ كبيرة بين أهل السنة وبين المعتزلة، حتى إن بعض الخلفاء العباسيين أخذ بكلامهم فصار يقول القرءان مخلوق ومن لم يقل القرءان مخلوق يُعذبه وذلك مما أخذه من المعتزلة ولكنه لم يأخذ عنهم أقوالهم الكفرية كالقول بخلق الأفعال. المعتزلة كانوا يقولون بنفي الكلام الذاتي، والحَشَوِيَّةُ وهم المجسمة كابن تيمية وأسلافه ومن تبعه بعد ذلك هؤلاء يقولون الله له كلام وكلامه حروف وأصوات تَحدُث ثم تنقضي ولا يزال على هذا الحال، فبزعمهم هذا جعلوه مثل البشر، تعالى الله عن ذلك. وأهل الحقّ ثبتوا على معتقدهم وهو أن الله متكلم بكلام هو صفة أزلية أبدية ليس بحرف ولا صوت، وأنزل كتبًا على بعض أنبيائه تُقرأ بحروف هي عبارات عن كلامه الذاتي الذي ليس حرفًا ولا صوتًا، لأنه لولا هذا الفرق بين الكلام الذي هو عبارة عن هذا اللفظ المنزل والكلام الذي هو صفة أزلية القائمِ بذات الله لكان من سمع هذا اللفظ كليم الله كما أن موسى كليم الله وهذا لا يجوز، ويدل على ذلك قوله تعالى {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللَّهِ} [سورة التوبة] أي أن الله أمر نبيَّه بأنه إن استجاره أحد من المشركين ليسمع القرءان أن يؤمّنه ثم بعد ذلك إذا لم يُسلم يُبَلّغْه مأمنه أي ناحيته.