قال المؤلف رحمه الله: وَلا إِلـهَ غَيرُهُ.
الشرح الإلـه من له الإلـهية وهي قدرة الإبداع والاختراع، فلا يُطلق لفظ الإلـه بحسب الأصل على غير الله تعالى إنما المشركون استعاروا هذا اللفظ وأطلقوا على معبوداتهم كلمة الإلـه هكذا ذكر الفيومي اللغوي في كتابه المصباح المنير حيث قال: «الإلـه المعبود وهو الله سبحانه وتعالى ثم استعاره المشركون لما عبدوه من دون الله تعالى» اهـ، وأما المُبَرّد فقال: «الإلـه من له الإلـهية، والإلـهية قدرة الإبداع والاختراع» اهـ. فلا يجوز أن يقال الإلـه هو مَن يُعبَد بحق أو بباطل. وقد عَدَّ الإمام أبو منصور البغداديُّ الإلـه مِن أسماء الله. وكلُّ هذا حجة على هؤلاء الذين يزعُمُون أن الإلـه معناه المعبود إن كان بحق أو بباطل بل الإلـه إذا أُطلق لا يُطلق إلا على المعبود بحق لا يكون إلا لله رب العالمين لذلك صح أن يقال لا إلـه إلا الله فلا يجوز إطلاق الإلـه على غير الله تبارك وتعالى، أما إذا قُيّدَ فلا إشكال فإذا قيل للكفار هذا إلـههم فهو بمعنى هذا معبودهم لا بمعنى الموافقة لهم بل بمعنى الذمّ لهم.
قال المؤلف رحمه الله: قَدِيمٌ بِلا ابتِدَاءٍ.
الشرح القديم معناه الذي ليس لوجوده ابتداء هذا معنى القديم إذا أُطلق على الله ويرادفه الأزلي، أما إذا أُطلق على غير الله فهو ما توالت عليه السِّنون الطوال وقد يقال ما تقادم عهده فيقال بناءٌ قديم.
قال المؤلف رحمه الله: دَائِمٌ بِلا انتِهَاءٍ.
الشرح هذه عبارة عن بقائه تعالى وهو بقاء لذاته ليس بقاءً بغيره كالجنة والنار، فلا يلحقه عدم.
قال المؤلف رحمه الله: لا يَفْنَى وَلا يَبِيدُ. الشرح هذا تفسير لقوله باقٍ، فلا يلحق القديمَ فناءٌ.
فمعنى قوله «لا يَفْنَى» لا يَهْلِك وكذا معنى «لا يَبِيدُ» . قال بعضهم جمع بين اللفظين تأكيدًا لدوام بقائه تعالى.
قال المؤلف رحمه الله: وَلا يَكونُ إلا ما يُريدُ.
الشرح أنه لا يدخل في الوجود من الأعيان مهما صَغُرَت والحركاتِ والسكونِ والخواطرِ وغيرِ ذلك مما سوى الله شىءٌ إلا بإرادته ومشيئته وهي صفة أزلية أبدية يُخصص الله بها الجائزَ العقلي بالوجود بدل العدم وبصفة دون أخرى وبوقت دون ءاخر، فلا فرق بين ما كان خيرًا من أعمال العباد وما كان منها شرًّا لأن الكلَّ داخلٌ في الإمكان؛ ولو كانت إرادة الله خاصةً بالخير منها لاقتضى ذلك مخصّصًا خصَّصَ إرادته بالخير، والله منزَّه عن المخصّص لأن الخيرَ والشرَّ مُستويان في الإمكان.
والإرادة هنا بمعنى المشيئة ليس بمعنى المحبة، فإرادة المحبة كقوله تعالى {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [سورة البقرة] أي يحب لكم اليسر لأنه ما جَعَلَ في دينكم من حرج.
قال المؤلف رحمه الله: لا تَبلُغُهُ الأوهَامُ.
الشرح الأوهام جمع وهم أي لا تتصوره أوهام الخلائق أي تصوراتُهم، فالإنسان وهمه يدور حول ما ألِفَهُ من الشىء المحسوس الذي له حَدٌّ وشكلٌ ولونٌ والله تعالى ليس كذلك.
قال المؤلف رحمه الله: وَلا تُدرِكُهُ الأَفهَامُ.
الشرح لا تدركه العقول أي لا تحيط به لأن ذلك يقتضي الحدوث والحدوثُ محالٌ عليه وهو كما قال ذو النون المصري «مهما تصورتَ ببالك فالله بخلاف ذلك»، روى ذلك عنه الحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق بالإسناد، وروى ذلك أيضًا أبو الفضل عبد الواحد بن عبد العزيز التميميّ عن الإمام أحمد بن حنبل، وكان ذو النون المصري وأحمدُ بن حنبل متعاصرَين.
قال المؤلف رحمه الله: وَلا يُشبِهُ الأَنَامَ.
الشرح الأنام الخلق، والشبيه ما يُشارك غيرَه ولو في وجه واحد، فنفيُ المِثل عنه يقتضي نفيَ الشبيه، فقولنا الله لا مِثلَ له أبلغُ في التنزيه من قولنا الله لا شبيه له.