fbpx

الدرة البهية – الدرس 12

شارك هذا الدرس مع أحبائك

قال المؤلف رحمه الله: وَهُوَ المَـبعُوثُ إلى عَامَّةِ الجِن وَكَافَّةِ الوَرَى بِالحَقّ وَالهُدَى وَبِالنُّورِ والضّيَاءِ. الشرح أن سيدنا محمدًا صلى الله عليه وسلم مرسلٌ إلى الإنس والجن وليس إلى جميع الخلق من ملائكة وبهائم وجن وإنس، وبعضهم يقولون مرسلٌ إلى الملائكة رِسَالةَ تشريف. قال المؤلف رحمه الله: وإنَّ القُرءانَ كلامُ الله مِنهُ بَدَا بلا كَيفِيَّةٍ قَولا. الشرح أن القرءان من الله بَدَا أي ظَهَرَ أي إنزالًا على نبيه، وليس المراد من كلمة «بَدَا» أنه خرج منه تلفظًا كما يخرج كلام أحدنا من لسانه تلفظًا كما تقول المشبهة، وليس معنى «مِنهُ بَدَا» أنه نطق به كما ينطق الواحد منا بكلامه بعد أن كان ساكتًا بدليل قوله «بلا كَيفِيَّةٍ» أي ليس بحرف ولا صوت لأن الحرف والصوت كيفيةٌ من الكيفيات. قال المؤلف رحمه الله: وَأَنزَلَهُ عَلـى رَسُولِهِ وَحيًا، وَصَدَّقَهُ المُؤمِنُونَ عَلَى ذَلِكَ حَقًّا، وَأَيقَنُوا أَنَّهُ كَلامُ الله تَعالـى بالحَقِيقَةِ لَيسَ بِمَخلُوقٍ كَكَلامِ البَرِيَّةِ، فمَن سَمِعَهُ فَزَعَمَ أنَّه كلامُ البَشَرِ فَقَد كَفَرَ، وَقَدْ ذَمَّهُ الله وعَابَهُ وأَوعَدَهُ بسَقَرَ حيثُ قالَ تعالى {سَأُصْلِيهِ سَقَرَ} [سورة المدثر]. الشرح أن الله أنزل القرءان على سيدنا محمد وحيًا، والوحي يُطلق على ما يأتي به المَلَك من الخبر عن الله تبارك وتعالى إلى النبي، ويُطلق على ما يُنزله الله تعالى على قلب النبي بلا واسطة ملَك، ويُطلق على الكلام الذاتي كما سمع موسى وكما سمع سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج بعد أن وصل إلى المستوى الذي كان يسمع فيه صريفَ الأقلام كل ذلك يقال له وحي. وأما قوله «وإنَّ القُرءانَ كلامُ الله» إلى قوله «أَنَّهُ كَلامُ الله تَعالـى بالحَقِيقَةِ لَيسَ بِمَخلُوقٍ كَكَلامِ البَرِيَّةِ» فظاهره يُوهِم أن كلامَ الله تعالى حادثٌ لأن كلمة: «مِنهُ بَدَا» توهم ذلك، وليس مراد الطحاويّ رحمه الله ذلك فليس مراده عقيدة الصوتيين الذين يقولون كلام الله بصوت وحرف ولا يعتقدون لله كلامًا غير ذلك فإن هؤلاء مشبهة والطحاوي نفى ذلك بقوله «بلا كَيفِيَّةٍ قَولا» فنفى أن يكون كلام الله الذاتي حرفًا وصوتًا لأن الحرف والصوت كيفية من الكيفيات. فإن قيل ما معنى قوله «مِنهُ بَدَا» قيل معناه أن الله أظهره لمن شاء من خلقه بأن أسمعه من غير أن يكون الكلام حادثًا، وإنما الحدوث لسماع مَن شاء الله من خلقه فسماع أولئك حادث أما مسموعهم فليس حادثًا، كما أنه يُري المؤمنين يوم القيامة ذاتَه الأزلي الأبدي ورؤيتهم له حادثة. أما الوهابية حين يقرؤون هذا الكتاب فيعجبهم منه قوله «مِنهُ بَدَا» ولا يفهمون معنى «بلا كَيفِيَّةٍ» على حسب مراد المؤلف، ويعجبهم أيضًا قوله «بالحَقِيقَةِ»، فيقال لهم مراده بالحقيقة أن القرءان يطلق على الكلام الذاتي وعلى اللفظ المنزل لأن قولَ الله يُطلق على هذا وعلى هذا إطلاقًا من باب الحقيقة لأن كلا الإطلاقين حقيقةٌ شرعيةٌ، وليس مرادهُ أن اللفظَ المنزلَ قائم بذات الله لأن ذلك ينافي قوله السابق «بلا كَيفِيَّةٍ»، فهذه العبارة فيها غموض، الوهابي يتعلق بها لجهته والسني يتعلق بها لجهته، الوهابي يقول «مِنهُ بَدَا بلا كَيفِيَّةٍ قَولا» هذا هو اللفظ، ويقول الإنزال لا نعرف كيفيته لكن هو الله تبارك وتعالى يتكلم بحرف وصوت، أما أهل السنة فيقولون «بلا كَيفِيَّةٍ قَولا» يعني تكلُّمه به بلا حرف وصوت لأن الحرف والصوت كيفية وهو مراد المؤلف وهو مذهب أهل الحق لأن أبا حنيفة ذكر في بعض رسائله أن الله يتكلم لا كتكلمنا، يتكلم بلا حرف ولا صوت، والطحاوي من أهل مذهبه أليس قال في ابتداء الكتاب «على مذهب فقهاء الملة أبي حنيفة النعمان» إلى ءاخره