fbpx

الدرة البهية – الدرس 19

شارك هذا الدرس مع أحبائك

قال المؤلف رحمه الله: وَقَد أَعجَزَ عَنِ الإِحَاطَةِ خَلقَهُ. الشرح أن الخلقَ لا يُحيط أحدٌ منهم بكل شىء من المخلوقات قال تعالى {وَمَا يَعلَمُ جُنُودَ رَبّكَ إِلّا هُوَ} [سورة المدثر] فالملائكة لا يعلم عَدَدَهم إلا الله حتى رؤساءُ الملائكة لا يُحيطون بعدد الملائكة، فإذا كان الملائكة لا يُحصيهم عددًا إلا الله فكيف بجميع الخلق. قال المؤلف رحمه الله: وَنَقُولُ إنَّ الله اتَّخَذَ إِبراهِيمَ خَلِيلًا وَكَلَّم الله مُوسى تَكلِيمًا إيمانًا وتَصدِيقًا وَتَسلِيمًا. الشرح معناه نؤمن بذلك ونصدّق ونسلّم، وليست الخُلة كالولادة لأن الولادة توجب البعضية والجزئية وهذا محال في حق القديم. ومعنى قوله «وَكَلَّم الله مُوسى تَكلِيمًا» أي أسمعه كلامَه الأزلي الأبدي الذي ليس حرفًا ولا صوتًا ولا لغة ففهم منه موسى ما شاء الله له أن يفهم فتكليم الله أزلي وموسى وسماعه لكلام الله حادثان. قال المؤلف رحمه الله: وَنُؤمِنُ بالمَلائِكَةِ وَالنَّبيّينَ والكُتُبِ المُنَزَّلَةِ عَلَى المُرسَلِينَ وَنَشهَدُ أَنَّهُم كَانُوا عَلَى الحَق المُبينِ. الشرح أنه يجب الإيمان بوجود الملائكة وهم عباد لله تعالى أجسام نورانية ذوو أرواح ليسوا ذكورًا ولا إناثًا لا يأكلون ولا يشربون ولا ينامون ولا يتزاوجون ولا يتوالدون ولا يختارون إلا الطاعة لا يعصون الله ما أمرهم كما أخبر سبحانه. وأما الإيمان بالنبيين فهو أن يؤمِنَ بأن الله ارتضاهم للنبوة واصطَفَاهم وأكرمَهُم بالسَّفَارة بينه وبين عباده بما يُوحى إليهم. وأما الإيمان بالكتب السماوية فهو أن يؤمِنَ بأنها من عند الله تعالى. ويدل كلام المؤلف على أن الكتب لا تنزل إلا على الرسول ومن كان من الأنبياء غيرِ المرسلين يتبعُ كتابًا أُنزل على الرسول. قال المؤلف رحمه الله: وَنُسَمّي أَهلَ قِبلَتِنَا مُسلِمِينَ مُؤمِنِينَ مَا دَامُوا بِما جَاءَ به النّبيّ صلى الله عليه وسلم مُعتَرفينَ ولَهُ بِكُلّ مَا قَالَهُ وَأَخبَرَ مُصَدّقينَ غَيرَ مُنكِرينَ. الشرح أننا نُطلِق على أهل قبلتنا اسمَ المسلمين والمؤمنين، ولا نقول كما تقول الخوارج «مَن ارتكب معصية ولو صغيرة فهو كافر»، ولا نقول كما تقول المعتزلة «من ارتكب كبيرة لا يسمى مسلمًا ولا كافرًا». وقوله «مَا دَامُوا بِما جَاءَ به النّبيّ صلى الله عليه وسلم مُعتَرفينَ ولَهُ بِكُلّ مَا قَالَهُ وَأَخبَرَ مُصَدّقينَ غَيرَ مُنكِرينَ» أوضحَ به ما قبله ليُعلم أن مجردَ التوجه إلى قِبلتنا لا يدل على حقيقة الإيمان بالنبي لأن كثيرًا من الناس يتوجهون إلى قبلتنا وليسوا مِنَّا ولا على ديننا. قال المؤلف رحمه الله: وَلا نَخُوضُ في الله. الشرح أننا لا نفكر في ذات الله لأن التفكر في ذات الله يؤدي إلى الحَيرة والضلال ويؤدي إلى تشبيه الله بخلقه ولذلك مُنِعنَا من التفكر في ذات الله. وليس من التفكر في ذات الله والخوضِ فيه تنزيهُه عن مشابهة الخلق بقول إن الله موجود أزلي أبدي كان قبل الزمان والمكان لا يَتصف بشىء من صفات البشر، وإنه يَرى بلا حدقةٍ ويَسمع بلا صِمَاخٍ وأذن ويَتكلم كلامًا ذاتيًّا ليس حرفًا ولا صوتًا ونحو ذلك من مقالات علماء أهل السنة من السلف والخلف، إنما هذا تنزيهٌ لله عملًا بقوله تعالى {لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ} [سورة الشورى]. إنما هَلَكَ من هَلَكَ بتشبيه الله تعالى بخلقه كقولهم بأنه مستقر على العرش وأنه يَنزل بذاته من فوق إلى أسفلَ ويصعد بذاته من أسفلَ إلى أعلى لأنهم قاسوا الخالق على المخلوق فكذَّبوا بذلك قوله تعالى {لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ} [سورة الشورى].