fbpx

الدرة البهية – الدرس 24

شارك هذا الدرس مع أحبائك

قال المؤلف رحمه الله: وَسُؤَال مُنكَرٍ وَنَكِيرٍ في قَبرِهِ عَن رَبّهِ وَدِينِهِ ونَبيّهِ عَلَى مَا جَاءَت بِهِ الأَخبَارُ عَن رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَعَنِ الصَّحابةِ رِضوَانُ الله عَلَيهِم. الشرح أي ونؤمن بذلك أيضًا. والسؤال للبالغين المكلفين من هذه الأمة فقط، ويُستثنى الأنبياءُ وشهداءُ المعركة والأطفالُ فإنهم لا يسألون. ولا يجب معرفة كيفيةِ السؤال لكن يجب اعتقاد أن الميت يعود إليه عقله وإحساسه بعود الروح إلى الجسم. قال المؤلف رحمه الله: والقَـبرُ رَوضَةٌ مِن رِيَاضِ الجَنَّةِ أَو حُفرَةٌ مِن حُفَرِ النّيرَانِ. الشرح قوله «رَوضَةٌ مِن رِيَاضِ الجَنَّةِ» ليس المراد به أن القبر يصير مثل الجنة سواء، وكذلك قوله «أَو حُفرَةٌ مِن حُفَرِ النّيرَانِ» معناه أن فيه نكدًا والنكد أنواع كثيرة وهذا تشبيهٌ مجازي، والتقدير القبر كروضة من رياض الجنة أو كحفرة من حفر النار. قال المؤلف رحمه الله: وَنُؤمِنُ بِالبَعثِ وَجَزَاءِ الأَعمَالِ يَومَ القِيَامَةِ وَالعَرضِ والحِسَابِ وَقِرَاءةِ الكِتَابِ والثَّوَابِ والعِقَابِ والصرَاطِ وَالمِيزَانِ. الشرح أنه يجب الإيمان بما ذُكر لأن كلًّا ورد به النص الشرعي، والبعث هو بعث الله تعالى الموتى من القبور. وقوله «وَجَزَاءِ الأَعمَالِ» معناه يجب الإيمان بأن الإنسان يُجازى في دار البقاء على أعماله في الدنيا كما قال تعالى {مَالِكِ يَومِ الدّينِ} [سورة الفاتحة] أي يوم الجزاء وقد دلت الدلائل أنَّ الإيمانَ واجبٌ على التأبيد والكفرَ حرامٌ على التأبيد، ودلت الدلائل على أن جزاءهما يكون على التأبيد، وجُعلت الحياة الدنيا للعمل إلى الموت وجُعل الموت للنقل إلى الآخرة التي فيها يبعثون جميعًا للجزاء الوِفاق، ولو كان وقوع الجزاء المؤبَّد ابتداء في الدنيا لبطلت المِحنة عن اختيار وكان الإيمان اضطراريًّا بالمعاينة للعذاب، وقد قام الدليل القطعي على أن الإيمان لا ينفع عند معاينة البأس. وقوله «يَومَ القِيَامَةِ» لأن الدنيا لا تصلُح أن تكون دارَ الجزاء العام لأنها جُعلت دار العمل والآخرة جعلت دار الجزاء. وقوله «وَالعَرضِ» أي العرضِ على أسرع الحاسبين. وقوله «وَقِرَاءةِ الكِتَابِ» أي يُعرَض كتاب المرء يوم القيامة الذي كتبته الملائكة فيقال له اقرأ كتابك فيرى فيه أعمالَه. وقوله «والثَّوَابِ والعِقَابِ» تضمن معناه قوله «وجزاء الأعمال» وأعيد تأكيدًا ومبالغة. وأما قوله «والصراطِ» فلقوله تعالى {وَإِن مِنكُم إِلّا وَارِدُهَا}، ولِمَا ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يُضرب الصراط على متن جهنم. وقد اختُلف في تفسير الورود والصواب أن الورودَ على وجهين ورود دخول وورود عبور، فورود الدخول للكفار ولبعض عصاة المسلمين وورود العبور للأتقياء. وأما الإيمان بالميزان والوزن فلقوله تعالى {وَنَضَعُ المَوَازِينَ القِسطَ لِيَومِ القِيَامَةِ} [سورة الأنبياء] وللأخبار الواردة في ذلك. قال المؤلف رحمه الله: والجَنَّةُ والنَّارُ مَخلوقَتَانِ لا تَفنَيَانِ أبَدًا ولا تَبيدَانِ. الشرح يُفهم من كلامه هذا ضلال من قال بفناء الجنة والنار وهم الجهمية وكذلك من قال بفناء جهنم وهو ابن تيمية وكلا الفريقين كافر. قال المؤلف رحمه الله: وإنَّ الله تَعَالى خَلَقَ الجَنَّة وَالنَّارَ قَبلَ الخَلقِ. الشرح أنه يجب أن نؤمن بأن الجنة والنار خُلقتا قبل البشر وهم المرادون بقوله «قبل الخلق» أي قبل البشر وليس معناه قبل كل شىء خلق الله الجنة والنار. قال المؤلف رحمه الله: وَخَلَقَ لَـهُمَا أَهلًا فَمَن شَاءَ مِنهُم إلى الجَنَّةِ فَضلًا مِنهُ وَمَن شَاءَ مِنهُم إلى النَّارِ عَدلًا مِنهُ وَكُلٌّ يَعمَلُ لِـمَا قَد فُرِغَ لَهُ وَصَائِرٌ إلى مَا خُلِقَ لَهُ. الشرح أنه يجب الإيمان بأن الله خلق للجنة والنار أهلًا فمن أدخله الجنةَ فبفضله ومن أدخله النارَ فبعدله. وقوله «وَكُلٌّ يَعمَلُ لِـمَا قَد فُرِغَ لَهُ وَصَائِرٌ إلى مَا خُلِقَ لَهُ» أي أن كلًّا من العباد يعمل لما قد كتبه الله تبارك وتعالى له في اللوح. ومما يدل على أن الثواب في الجنة فضلٌ من الله تعالى قوله صلى الله عليه وسلم «لا يُنجي أحدَكم عملُه» قالوا ولا أنت يا رسول الله قال «ولا أنا إلا أن يتغمدنيَ الله منه برحمة» رواه الإمام أحمد. وقوله «عَدلا» ذلك لأن الظلم وَضعُ الشىء في غير موضعه وهو تعالى يتصرف في مِلكه ولم يتصرف في مِلك غيره فلا يُتصور منه ظلم فيعذب على ترك الأوامر وارتكابِ النواهي عدلًا وحكمةً، وهذا مفهوم من قوله صلى الله عليه وسلم «لو أن الله عذبَ أهلَ سمـواته وأهلَ أرضه لعذبهم وهو غيرُ ظالم لهم، ولو رَحِمَهم كانت رحمتهُ خيرًا لهم من أعمالهم» رواه أبو داود، فطاعة الطائع فضل من الله فإن العبدَ وعمَلَه ملك لله قال تعالى {وَلَولا فَضلُ اللَّهِ عَلَيكُم وَرَحمَتُهُ مَا زَكَى مِنكُم مِن أَحَدٍ أَبَدًا} [سورة النور] .