fbpx

الدرة البهية – الدرس 26

شارك هذا الدرس مع أحبائك

قال المؤلف رحمه الله: وَالله تَعَالى يَستَجِيبُ الدَّعَوَاتِ وَيَقضِي الحَاجَاتِ. الشرح أن الله تعالى يستجيبُ الدعوات ويقضي الحاجات أي لمن شاءَ أن يستجيبَ له فضلًا منه وكرمًا لا وجوبًا وليس المعنى أن كل من يدعو يستجابُ له أي يتحققُ مطلوبه، فلو لم يُستجب لم يكن ذلك ظلمًا. وأما قوله تعالى {ادعُونِي أَستَجِب لَكُم} [سورة غافر] فمعناه اعبدوني وأطيعوني أُثِبكُم. قال المؤلف رحمه الله: وَيَملِكُ كُلَّ شَىءٍ وَلا يَملِكُهُ شَىءٌ، وَلا غِنَى عَنِ الله تَعَالى طَرفَةَ عَين، وَمَن [زَعَمَ أَنَّهُ] استَغنَى عَنِ الله طَرفَةَ عَينٍ فَقَد كَفَرَ وَصَارَ مِن أَهلِ الحَينِ. الشرح أن الله مالك كل شىء وأن كل شىء يحتاج إلى الله تعالى لأنه هو الذي أوجده، ومن اعتقد أنه يستغني عن الله طرفة عين فهو كافر وصار من أهل «الحَين» وهو الهلاك. قال المؤلف رحمه الله: والله يَغضَبُ وَيَرضَى لا كَأَحَدٍ مِنَ الوَرَى. الشرح أنه يجب إثبات صفة الغضب وصفة الرضى لله مع تنزيهه تعالى من أن يكون غضبُه ورضاه تأثرًا بل هما صفتان أزليتان قديمتان أبديتان، أما ما ورد في الحديث الذي رواه البخاري من أن ءادمَ وغيرَه يقولون «إن الله غَضِبَ اليومَ غضبًا لم يغضب قبلَه مثلَه ولا يغضبُ بعدَهُ مثلَهُ» فالمراد بذلك ءاثارُ الغضب وليس المرادُ الصفةَ لأن الصفةَ أزليةٌ أبديةٌ ليست طارئةً لله، معناه أن الله تعالى أعدَّ في ذلك اليوم من ءاثار الغضب ما لم يَسبِق قبلَ ذلك ولا يفعلُ بعد ذلك ما هو أشدُّ منه لأن الله تعالى شاء أن يحصُلَ ذلك اليومَ من ءاثار الغضب منتهى الآثار التي شاء أن تكون لكن الله تعالى قادر على أن يَخلقَ ما هو أشدُّ من ذلك لكنه لا يفعل، فالعذاب الذي أعدَّه لأعدائه وشاء في الأزل أن يصيبَهم في الآخرة لا يتجاوز ذلك الحدَّ الذي شاء هذا معنى ما ورد في حديث الشفاعة وليس معناه أنه تأثرَ ذلك الوقت لأن التأثر مستحيلٌ على الله لأن الذي يتأثر لا بدَّ أن يكون حادثًا. قال المؤلف رحمه الله: وَنُحِبُّ أَصحَابَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، وَلا نُفرِطُ في حُبّ أَحَدٍ مِنهُم وَلا نَتَبَرَّأُ مِن أَحَدٍ مِنهُم وَنُبغِضُ مَن يُبغِضُهُم وبِغَيرِ الخَيرِ يَذكُرُهُم ولا نذكُرُهُم إلا بِخَيرٍ وحُبُّهُم دِينٌ وإيمانٌ وإحسانٌ. الشرح أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هم من لَقُوه مؤمنين به في حياته وماتوا على ذلك وكان لقاؤهم على الوجه المُتَعارَف ليس ما يكون بطريق خرق العادة، فالأنبياء الذين اجتمعوا به ليلة المعراج في المسجد الأقصى لا يُعَدُّون صحابة لأن ذلك الاجتماعَ ليس على الوجه المُتَعَارف. أما قوله «وَلا نُفرِطُ في حُبّ أَحَدٍ مِنهُم» أي لا نتجاوز الحد في محبة أحد كما تجاوز بعض المبتدعة. ومعنى قوله «وَلا نَتَبَرَّأُ مِن أَحَدٍ مِنهُم» أي لا نكفّر منهم أحدًا. ومعنى «ولا نذكُرُهُم إلا بِخَيرٍ» هذا من حيث الإجمال أما من حيث التفصيل فنمدح ونذُم على حسب ما يقتضيه الشرع. أما قوله «وَلا نَتَبَرَّأُ مِن أَحَدٍ مِنهُم» إلى قوله «وإحسانٌ» ليس معناه أنه يساوَى بين كل من ثبتت له الصحبة في المحبة والتعظيم والإجلال فذلك غيرُ مراد إنما المراد أننا لا نَنبِذُ أحدًا ممن ثبتت له الصحبة وثبت على مقتضاها إلى ءاخر حياته أي لا نُخرج أحدًا منهم مِن حُكم الصُّحبة هذا المقصود لأن الصحبة إذا أُخذت على معنى مُطلقِ الاجتماع مع الإيمان به تشمل من قال عنه الرسول فلان في النار فإنه قال عن شخص من أهل الصفَّة وُجد معه دينار أو ديناران «كيَّةٌ أو كيَّتان» لأنه كان يتظاهر بالفقر ويُخفي مالاً ويأخذ مالاً من الغير على أنه فقير، وقال عن ءاخر كان مع الرسول في الغزو فغلَّ شملةً أي أخذها سَرِقَة قبل أن تُقسم المغانم «رأيتُ شملتَهُ تشتعل عليه نارًا» ، وكان شخص ءاخر كان يقاتل في بعض الغزوات الكفار قتالا شديدًا فأَعجَبَ بعضَ الصحابة لما رأوا من نشاطه ثم قال الرسول صلى الله عليه وسلم عنه «إنه في النار» رواه البخاري، والحاصل أنه ليس كل فرد منهم كان تقيًّا صالحًا. ثم قوله صلى الله عليه وسلم في أهل صفين الذين قاتلوا عليًّا إنهم دعاة إلى النار يشمل عددًا قليلاً من الصحابة فهؤلاء الذين قاتلوا سيدنا عليًّا قسمٌ قليل منهم من الصحابة والقسم الأكبر لم يكونوا من الصحابة إنما من الذين أسلموا من أهل الشام مِن الذين مَوَّه عليهم معاويةُ وأوهمهم أن عليًّا كان له يدٌ في قتل عثمان وعليٌّ بريء من ذلك، ثم هو أي معاوية بعد أن حصل على مطلوبه كَفَّ يدَه عن أولئك الذين قتلوا عثمان فعُلِم بذلك أنه كان يطلب الدنيا كما قال عليٌّ رضي الله عنه فيما رواه عنه مُسَدَّد في مسنده. فهؤلاء الذين نزلت مرتبتهم عن أكابر الصحابة نحبهم لاسم الصحبة باعتبار هذه الناحية ونحبهم لأنهم خدموا الدين.