fbpx

حلية البشر – الدرس 14

شارك هذا الدرس مع أحبائك

برنامج حلية البشر للشيخ طارق اللحام اسم المادة: حلية البشر الرقم: 0014 السلامُ عليكم ورحمةُ الله وبركاتـه، ما زِلتُ أحبابي أنا وأنتم نَتذاكرُ الأورادَ وَالأذكارَ عن سيّدِ العالمينَ صلّى الله عليه وسلّم مِن كتابِ حِليَة البَشر هذا الكتابِ الصغيرِ الحجمِ لكن يحوي المنافع والأسرار العظيمة، هنيئًا لمن واظبَ على ما فيه من الخيرات. أخلصوا النوايا لله عزّ وجلّ. بسم الله والحمد لله وصلّى الله وسلّم على رسول الله، نُكملُ حيثُ وَصلْنا مِن جُملة ما كان يقولُه عليه الصّلاة والسّلام أو يُعَلِّمُه حينَ يَأوي الشخصُ إلى فِراشِه، قالَ رسولُ الله صلّى الله عليه وسلّم: “إذا أَوى أَحَدُكُم إلى فِراشِه فَلْينفُضْ فِراشَه“، هذا منَ السُّنة، يعني هذا الفِراش لَعَلَّهُ دَخَلَ إليهِ شيءٌ يُؤذيكَ عَقرب أو نحوُ ذلك. قالَ: “فَلْيَنفُضْ فِراشَه بِداخِلَةِ إزارِهِ“، الإزارُ هذا الذي يُغطّي النِّصفَ الأسفل يعني يفعلُ هكذا بالإزار وَيَنفُضُ بها الفِراش، قالَ: “فإنّه لا يَدري ما خَلَفَهُ عَليه ثمَّ يَقولُ بِاسمِكَ رَبّي وَضَعْتُ جَنْبي وَبِك أَرفَعُه إِنْ أَمْسَكْتَ نَفسي فَارْحَمْها وَإن أَرْسَلْتَها فَاحْفَظْها بِما تَحفَظُ بِه عِبادَكَ الصّالِحين“. الله الله، يعني إن أَمَتَّني يا الله، تَوَفَّيتَني، فَارْحَمْني وَإن أَبْقَيتَني حَيًّا فَارْحَمني، يعني ارْحَمني يا ربّ حيًّا وَمَيْتًا. وَرَوى أبو داود في سُنَنِه والبيْهَقيّ في الدَّعَوات وَالطّبرانِيّ وَالحاكِم في المُستَدرك عن أبي زُهَيْرٍ الأَمّارِيِّ رضيَ الله عنهُ أنَّ رسولَ الله صلّى الله عليه وسلّم كانَ إذا أَخَذَ مَضْجَعَهُ من اللّيلِ قالَ: “بِسم الله وَضَعْتُ جَنْبي اللّهم اغفِر ذَنبي وأَخْسِئ شَيطاني وَفُكَّ رِهاني وَاجعَلني في النَّدِيِّ الأعلى” وَفي رواية “واجعَلْني في المَلإ الأعلى “. وقالَ الحاكمُ هذا حديثٌ صحيحُ الإسناد. انتبهوا أولًا يا أحباب لا يقالُ عن الله الرّفيقِ الأعلى، كثيرٌ من الناس اليوم حتّى بعضُ أهلِ العَمائِم والمَشايخ أو الدّكاترة يَقولون انتَقَلَ فُلان إلى الرّفيقِ الأعلى، هذا إنْ أَرادوا الله فهذا تعبيرٌ غيرُ صحيحٍ وَإنَّما الرَّفيقُ الأعلى كما جاءَ في الحَديثِ الذي رَواهُ التّرميذِيّ هو جبريلُ وَميكائيل، المَلَأُ الأعلى هم الملائكة، السّماوات مَسْكنُ المَلائكة، فهم الملائكة يُقال فيهِم المَلأُ الأعلى، هذا الأمرُ الأول، فَإذا قال: “واجعَلني في المَلإ الأعلى” يعني جبريلَ وَميكائيلَ وَإسرافيلَ. وَهذا يا أحباب يُقالُ في هؤلاء، وَلا يُقالُ عنِ الله الرّفيق الأعلى كما بَيَّنْتُ. جبريلُ نعم ميكائيلُ نعم إسرافيلُ نعم، ملَكٌ فَيَصِحُّ أن يُضافَ إليه المكان أما الله لا يُضافُ إليه الجِهة وَلا إلى المكان. ابنُ حِبّان رَوى في صَحيحِه أنَّ الرّفيق الأعلى جبريل ميكائيل إسرافيل عليهم السّلام. قالَ النَّبيُّ عليه الصّلاة وَالسّلام: “إذا وَضَعتَ جَنبَكَ فَقُل بِسمِ الله وَضَعتُ جَنبي اللهم اغفِر ذَنبي أخسِئ شيطاني“، ما معنى أَخسِئ شيطاني؟ يعني هذا الذي هو يكون مُلازِمًا لك، القرين. وَهُنا أبَيِّنُ أحبابي أنّ قَرينَ النَّبيّ صلّى الله عليه وَسلّم أسلَم. قَرينُ النّبيِّ بَقِيَ عليه الرسولُ حتّى آمَنَ. أمّا باقي النّاس، الإنسانُ مِنّا قَرينُهُ ما أسلَمَ، هذا يَدُلُّهُ على الشَّرّ يعني يقولُ لهُ افعَل كذا مِن الشَّرّ افعل كذا، هذا يلازِمُكَ سبحان الله. لِذلك هذا إذا نِمْتَ أنتَ قُل أخسِئ شيطاني. وَالإنسانُ عند النّومِ يَأتيهِ مَلكٌ وَشيطان، الملكُ يقولُ لهُ اختِمْ يَقَظَتَكَ بِخيرٍ وَالشيطانُ يقولُ لهُ اختِم يَقَظَتَكَ بِشرٍّ أو بِكذا مِن الشَّر، فَتَرى بعضَ النّاس يكون آخِر ما يفعَلُ يكون مِن الخير وَبعضُهم يكون آخِر ما يفعل مِن الشّرِ، الله يعصِمُني وَإياكُم مِن هذا. قالَ: “وَفُكَّ رِهاني” يعني سَلِّمني مِن العُقوبة. هذا معنى فُكَّ رِهاني. “وَاجعَلني في النّدِيِّ الأعلى” كما ذَكَرتُ لَكُم النَّدِيّ وَالمَلَأ يعني جبريلُ وَميكائيلُ وَإسرافيلُ هم المَلائكة عليهم السّلام. وَرَوى مُسلم في صحيحِهِ وَأبو داودَ في السُّنَن وَالنَّسائِيُّ في عَملِ اليومِ وَاللّيلةِ وَابنُ حِبّان في صحيحِهِ وَغيرُهم عن أنَسٍ رضِي الله عنهُ أنَّ رسولَ الله صلّى الله عليه وَسلّم كان إذا أوى إلى فِراشِه قالَ: “الحمدُ لله الذي أطعَمَنا وَسقانا وَكَفانا وَآوانا فَكم مِمّن لا كافِيَ لهُ وَلا مُؤوي“. الله الله، هذا فيهِ إقرارٌ بِعظيمِ نِعمِ الله علينا. كم مِن لا كافِيَ لهُ وَلا مُؤوي، فاحمَدوا الله على ما أنتم عليه مِن النّعم وَانظُروا دائمًا يا أحبابي إلى مَن هو دونَكُم في أمرِ الدّنيا فَتَحمدون الله على ما أنتم عليه مِن النّعم، أمّا في أمرِ الدّينِ نَنظُرُ لِمَن هو أعلى مِنّا وَنَقتَدِيَ بِه حتّى نَشُدَّ الهِمّة وَنفرح لهُ وَلِنَصيرَ مثلَهُ أو أعلى. هكذا يا أحباب الإنسانُ مِنّا يُفكّر في أمرِ الدّينِ وَ الدّنيا. وَرَوى مُسلمٌ في صحيحِه وَالنَّسائيُّ في عمَلِ اليومِ وَاللّيلةِ وَأحمدُ في مُسنَدِهِ وَالبَيهَقِيُّ في الدّعاء عن ابنِ عُمرَ رضيَ الله عنهما أنَّه أمَرَ رجُلًا إذا أخذَ مَضجَعَهُ أن يقولَ: “اللهم أنتَ خَلَقتَ نَفسي وَأنت تَتَوفّاها لكَ مَماتُها وَمَحياها” يعني هذا بِتَصَرُّفِك أنت تُميتُ وَأنت تُحيي يا الله، “إن أحْيَيْتَها فاحفَظها وَإن أمَتَّها فاغفِر لها اللهم إنّي أسأَلُكَ العافية“. الله الله، وَكما ذَكَرتُ لكُم سابِقًا العافية دُعاءٌ جامِع. وَهُنا هكذا لَفتة في اللغة الدّارِجة عندهم في الجزائرِ وَالمغربِ، العافية في العامّية يَستَعمِلونها على معنى النّار يعني إذا قُلتَ لِإنسانٍ يُعطيكَ العافية يَفهمون منها -أي بَعضُهم يفهمُ- يُعطيك النّار يعني كَأنّهُ يدعو عليه لَكن ليس هذا هو المعنى في لُغةِ العربِ. سبحان الله كُنتُ مرّةً أكلّمُ واحِدًا فقُلتُ لهُ يُعطيكَ العافية يا عمّ فهكذا غضِب، الذي معي انتَبَه قال لهُ هذا شامِيٌّ مِن بِلاد الشّام عندَهم العافية هكذا، سبحان الله. وَرَوى أبو داود في سُنَنِه وَالنَّسائيُّ في عَملِ اليَومِ وَاللَّيلَة عَن نَوْفَلٍ الأَشْجَعِيِّ أنَّه قالَ: قالَ لي رَسولُ الله صلّى الله عليهِ وَسلّم: “اقرَأ قُلْ يا أيُّها الكافِرون” إلى آخِرِها “ثُمَّ نَمْ على خاتِمَتِها فإنَّها بَراءَةٌ منَ الشِّركِ“. هذا أحباب نَفعٌ عظيمٌ وَأنا أَحُثُّكُم كما أَحُثُّكُم على كُلِّ الأذكارِ لَكنْ هذه لا تَترُكوها أبَدًا. إذا مِتَّ في لَيْلَتِكَ تموتُ بِإذنِ اللهِ مَحفوظًا مِنَ الشِّركِ، مِنَ الكُفرِ. {قُلْ} يعني يا مُحمد، {يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ} أي الآن لا أعبُدُ ما تَعبُدون، {وَلا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ} أخْبَرَهُ الله أنَّ هؤلاء الذينَ يُخاطِبُهم لَيسَ كُلُّ الكافِرينَ إنَّما هؤلاء أنَّهم لَنْ يُسلِموا لَنْ يُؤمِنوا فَأَمَرَهُ أن يقولَ لهم {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ} يعني أنتم لَن تُسلِموا، الآن لَن تَعبُدوا الله، ” وَلا أنا عابِدٌ ما عَبَدْتُم ” في المُستقبل لا أعبُدُ ما عَبَدْتُم، {وَلا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ} لِأنَّهم قالوا لهُ نعبُدُ إلٰهكَ سَنَة وَإلٰهنا سَنَة يعني سَنَة مِنكَ سَنَة مِنّا، فَأنْزَلَ اللهُ هذهِ السّورة ثُمَّ في خاتِمَتِها الله تعالى أَمَرَهُ أنْ يقولَ لهُم {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}. وَهُنا يا أحباب انتَبِهوا، لَيسَ كَما يُفَسِّرُها كَثيرونَ اليومَ فَيقولونَ حُرِّيَّة العَقيدة وَكُل إنسان يعتَقِد بِما يَشاء. يا أحباب لَو كانَ كذلِك الله تعالى ما أرسَلَ الأنبياءَ. لَكُم دينُكُم الباطِل وَلِيَ ديني الصحيح هذا معناه، لَكم دينُكُم الفاسِد الذي يَجِبُ عليكُم أن تَترُكوه وَلِيَ ديني الحَقّ الإسلام الذي يَجبُ عليكُم أن تَتّبِعوه. وَهُنا انتِباه يا أحباب، هذا شيء وَالشيء الذي نَقولُهُ أنَّنا نعيشُ في البِلاد التي فيها مُسلمونَ وَغير مُسلِمينَ بِالتَّعايُشِ الحَسنِ الذي لا يُؤدّي إلى الخَرابِ وَالدَّمارِ وَنحوِ ذلك، لَكنْ نُبَيِّنُ ما جاءَ في الأحكامِ وَالقُرآنِ كما أنزَلَ اللهُ تبارَكَ وَتعالى مِن غيرِ تَحريفٍ، مِن غيرِ مُداهَنَةٍ، مِن غيرِ تَكذيبٍ لِلقرآنِ، حتّى الآياتِ الأخرى التي فيها قَولُ اللهِ تعالى :” فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤمِنْ وَمَنْ شاء فَلْيَكْفُرْ ” هذا ليسَ مَعناهُ أنَّ الله أعطى حُرِّيَّةَ الكُفْرِ لِمَنْ يَكفُر كما قالَ رجُلٌ عندنا في لبنان وَغيرُهُ كَثيرٌ الآن يَقولونَها لا. وَإنَّما مَعناهُ تِتِمَّتُها تَشرَحُها، فالذي كَفرَ وَالعِياذُ بِالله ” إنّا أعتَدْنا لِلظّالِمينَ نارًا أحاطَ بِهم سُرادِقُها ” يعني الذي كفرَ يَستحِقُّ النّار، هذا معناه. لَيسَ مَعناهُ لَكَ الخَيارُ افعَل، اكفُر إن شِئتَ، لا هذا لِلتهديدِ لِلتَوبيخِ. الله يرزُقُنا الفَهمَ السَّليم. وَفي الصَّحيحَيْنِ وَغيرِهِما عَن عائِشةَ رَضيَ اللهُ عنها أنَّ النَّبِيَّ صلّى اللهُ عليهِ وَسلَّم كانَ إذا أوى إلى فِراشِهِ كُلَّ ليلَةٍ جَمَعَ كَفَّيهِ ثُمَّ نَفَثَ فيهِما. النَّفثُ هو النَّفخُ مع شيءٍ قليلٍ مِن الرّيقِ، ليسَ بَصَقَ، هذا يُقالُ لهُ النَّفثُ، شَبيهٌ بِالنَّفخِ يعني مع شيءٍ مِن الرّيقِ، هذا يُقالُ لهُ التَّفْلُ. يعني قرأَ فيهِما وَهوَ يَجمعُ كَفَّيْهِ عليهِ الصّلاةُ وَالسّلام {قُلْ هوَ اللهُ أحَد} إلى آخِرِها وَ {قُلْ أعوذُ بِرَبِّ الفَلَق} إلى آخِرِها وَ {قُلْ أعوذُ بِرَبِّ النّاس} إلى آخِرِها ثُمَّ مَسحَ بِهما ما استَطاعَ مِن جَسَدِهِ. يَبدَأُ بِهما على رَأسِهِ وَوَجهِهِ وَما أقبَلَ مِن جَسَدِهِ. يَفعلُ ذلِكَ ثَلاثَ مَرّات. يا أحباب، يَحتَمِلُ أن يكونَ النَّفثُ قالَ العُلماءُ بَعدَ القِراءة وَيحتَمِلُ أن يكونَ قَبلَ القِراءةِ بِقليلٍ، يَحتمِلُ هذا وَيَحتمِلُ هذا، لَكِنَّ النَّبيَّ عليهِ الصّلاةُ وَالسّلامُ فَعلَ ذلِك لِيُعَلِّمَنا كذلِك أن نَفعَلَ لِأنَّكَ إذا قَرأتَ القُرآنَ هذا النَّفسُ الذي صارَ في فَمِكَ بِقراءَةِ القُرآنِ صارَ فيهِ بَركةٌ فَتَرجو اللهَ أن يَخرجَ إلى يَدَيْكَ ثُمَّ تَمسَحُ جَسدَكَ. بابُ ما يقولُ إذا تَعارَّ مِن فِراشِهِ يعني الواحدُ إذا استَيقَظَ في اللّيلِ مَثلًا، ماذا يقولُ هذا الإنسانُ لمّا يقومُ في اللّيلِ، لمّا يستَيقِظُ. رَوى البُخارِيُّ في صَحيحِهِ وَأبو داودَ وَالتِّرميذِيُّ وَابنُ ماجَه في السُّنَنِ وَالبيهَقِيُّ في الدَّعَواتِ وَغيرُهم عَن عُبادَةَ بنِ الصّامِتِ رَضيَ الله عنهُ عنِ النَّبيِّ صلّى الله عليهِ وَسلَّم أنَّهُ قالَ :” مَن تَعارَّ مِن اللّيلِ ” من استيقظَ ” فَقالَ : لا إلٰهَ إلّا الله وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، لَهُ المُلكُ وَلَهُ الحمدُ وَهوَ على كُلِّ شيءٍ قديرٍ وَالحمدُ للهِ وَسبحانَ اللهِ وَلا إلٰهَ إلّا اللهُ وَاللهُ أكبَر وَلا حَولَ وَلا قُوَّةَ إلّا بِاللهِ ثُمَّ قالَ : اللّهُم اغفِر لي أو دَعا استُجيبَ لهُ “. هذا وقتٌ يُستجابُ لكَ، فقُل هذه الكَلِمات ثُمَّ ادعُ اللهَ تعالى وَادعُ لي مَعك إن شاء الله، ” فَإن تَوضّأَ قُبِلَت صلاتُهُ “، يعني قُبِلت الصّلاةُ التي يُصلّيها بِذلِك الوُضوء يعني يكونُ لهُ ثَوابٌ بِهذه الصّلاة لِأنّ النّبيَّ كانَ عليهِ الصّلاةُ وَالسّلام يَقومُ في اللّيلِ يُصلّي ثُمَّ أحيانًا يعودُ وَيَنامُ ثُمَّ يُصلّي وَينامُ إلى أن يوقِظَهُ مؤذِّنُ الفجرِ. وَرَوى أبو داودَ في سُنَنِهِ وَالنَّسائِيُّ في عَملِ اليومِ وَاللّيلةِ وَالحاكِمُ في المُستَدرَك وَالطَّبرانِيُّ في الدُّعاءِ عَن عائشةَ رضيَ اللهُ عنها أنَّ رسولَ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وَسلّم كانَ إذا استَيقظَ مِنَ اللّيلِ قالَ :” لا إلٰهَ إلّا أنتَ سُبحانَكَ اللّهُم أستَغفِرُك لِذنبي وَأسأَلُكَ رَحمَتَك اللّهُم زِدني عِلمًا وَلا تُزِغْ قَلبي بعدَ إذ هَديتَني وَهَبني مِن لَدُنكَ رحمة إنَّك أنتَ الوَهّاب “. “ وَلا تُزِغْ قلبي ” يعني لا تُمِل قلبي عنِ الحَقِّ وَالهُدى إلى الضَّلالةِ. اللهُ مُقلِّبُ القلوب. كانَ مِن دُعاءِ النَّبيِّ صلّى اللهُ عليهِ وَسلّم :” اللّهُم مُصرِّفَ القلوبِ صَرِّف قُلوبَنا إلى طاعَتِك “، وَكانَ يقولُ :” يا مُقَلِّبَ القلوب ثَبِّتْ قلوبَنا على دينِك “. الله يُثبِّتُنا على الإسلام. وَاللهُ تعالى ما أمَرَ نبِّيَّنا أن يَطلُبَ الزِّيادَةَ مِن شيءٍ إلّا مِن العِلمِ ” وَقُلْ رَبِّ زِدني عِلمًا ” فَكانَ يدعو :” اللّهُم زِدني عِلمًا “. وَرَوى النَّسائِيُّ وَابنُ السُّنِّيِّ في عَملِ اليومِ وَاللّيلةِ وَالطَّبرانِيُّ في الدُّعاءِ وَالحاكِمُ في المُستَدركِ عَن عائشةَ رضيَ اللهُ عنها أيضًا أنَّها قالَتْ كانَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وَسلّم إذا تَعارَّ مِن اللَّيلِ، إذا أفاقَ، قال :” لا إلٰهَ إلّا الله الواحِدُ القَهّارُ رَبُّ السّماواتِ وَالأرضِ وَما بينَهُما العزيزُ الغفّارُ “. هذهِ أقصَرُ مِن تِلكَ، قولوها فَإنَّ هذا مَن قالَهُ يُغفَرُ لهُ، ثوابُها كبير. قالَ الحافِظُ ابنُ حَجَر هذا حديثٌ حَسَنٌ. اللهُ القَهّار يعني الذي غَلَبَ، خَلقَ الخَلقَ وَيَتصرَّفُ فيهِم كما يشاء. وَعلى هذا نُفسِّرُ ” استَوى على العَرش ” أي قَهَرَ العرشَ، فَاللهُ قاهِرُ العرشِ وَما دونَهُ، يتصرَّفُ في العرشِ كما يشاء. لَولا أنَّ اللهَ يُمسِكُ بِقدرَتِهِ العرشَ لَهَوى العرشُ سَقطَ، لَكنَّ اللهَ تعالى يفعلُ فيهِ ما يشاءُ. هذا معنى استَوى إذا أُضيفَت إلى الله تبارَك وَتعالى. بابُ ما يقولُ إذا استَيقَظَ مِن مَنامِهِ يعني الواحدُ إذا أفاقَ ماذا يقولُ. رَوى البُخارِيُّ في صَحيحِهِ أنَّ رسولَ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وَسلّمَ إذا أوى إلى فراشِهِ قالَ :” بِاسمِكَ اللّهُم أحيا وَأموت ” وَإذا استيقَظَ قالَ :” الحمدُ للهِ الذي أحيانا بعدَما أماتَنا وَإليْهِ النُّشور“. قُلتُ لَكُم إنَّ المَوتَ يُقالُ عنِ النَّومِ مَوتٌ على معنى المَوتَةُ الصُّغرى، أمّا الموتُ الأكبَرُ فهو حينَ تنفَصِلُ الرّوحُ عنِ الجَسدِ يعني يُفارِقُ الرّوحُ الجسدَ فَيكونُ الإنسانُ ماتَ، تَوفّاهُ اللهُ، هذا شيءٌ وَأمّا عندَ النّومِ فَإنَّ الرّوحَ لا تَنفصِلُ وَإنّما اللهُ تعالى يَجعلُ الإنسانَ كَأنَّهُ ميِّت يعني لا يُدرِك ما حَولَهُ. اللّهُم ارحمنا يا الله، اللّهُم وفّقني وَوفِّق مَن يَسمعُنا لِما تُحبُّ وَتَرضى، آمين. وَالسّلامُ عليكُم وَرحمةُ اللهِ وَبركاتُهُ.