برنامج حلية البشر
اسم المادة: برنامج حلية البشر
الرقم: 0015
السلام عليكم ورحمةُ الله وبركاته أهلًا ومرحبًا بكم. أخلصوا النوايا لله تبارك وتعالى. سبحان الله وصلنا إلى موضعٍ يتكلَّم فيه عن السفر، وكلُّنا في سفر، هذه الدنيا نحنُ فيها في مَمَرّ و الآخرة دارُ المقرّ. هنيئًا لمن أتَّقى.
بسم الله والحمد لله وصلّى الله وسلَّم على رسول الله. بابُ القول عند الخروج إلى السفر. إذا أردتَ السَّفرَ تقول هذه الكلمات. روى مسلمٌ والبيهقي واللَّفظ له -يعني للبيهقي- عن عبد الله بن سرجسٍ أنَّه قال: كانَ النبي صلّى الله عليه وسلَّم إذا سافَرَ قال: “اللهم أنتَ الصاحب في السَّفر والخليفةُ في الأهل اللهم اصحبنا في سفرنا واخلفنا في أهلنا اللهم إنّي أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنقلب ومن الحور بعد الكور ومن دعوة المظلوم ومن سوء المنظر في الأهل والمال”.
هذه الرّواية فيها “اللَّهم أنتَ الصاحبُ في السَّفر” وليس معناهُ أنَّ الله صديق، لا يقال عن الله صديق، لا يقال عن الله تعالى أخ، أب، ابن، هذا كلُّه لا يقال، إنَّما “أنتَ الصّاحبُ في السفر” يعني الذي تحفظُنا في السفر، وهذا معنى “اصحبنا في سفرنا” أي احفظنا في سفرِنا هذا معناه، وإلا فالله منزَّهٌ عن صفاتِ المخلوقين. “اخلُفنا في أهلنا” يعني احفظ لي أهلي في سفري، وأنا فارقتُ الأهل احفظ لي أهلي. “اللهم إنّي أعوذُ بك من وعثاءِ السفر” السفر فيه نصَب، تعب يعني، هذا الإنسان منّا يتحمَّل مشاقّ. لو الآن صار في طائرات وسيارات قطارات ونحو ذلك، إلّا أنَّ النَّبيَّ عليه الصلاة والسلام قال: “السَّفر قطعةٌ من عذاب” يعني فيه مشقّات، فيه تحمُّل، وفيه فوائد هذا لا يتعارض، فيه فوائد وفيه مشقّة. فأنتَ تستعيذ بالله من التعب الذي يحصل في السفر هذا معنى “اللهم إنّي أعوذُ بك من وعثاءِ السفر”. “وكآبة المنقلَب” يعني سوء الانقلاب لأنَّ الذي يتغير يتقلَّب قد يتقلَّب إلى حالٍ سيئة فأنت تستعيذُ بالله من ذلك. “ومن الحَورِ بعدَ الكَور” يعني أستعيذُ بالله من النزول بعد الرِّفعة يعني أن أزِلَّ. والمعصية هي التي تضعُكَ تُنزلُك أمّا الرفعة فتكون بالطاعة. الطّاعة ترفعُكَ أمّا المعصية فهي التي تضعُكَ أي تُنزلُكَ. “ومن دعوةِ المظلوم” نستعيذ بالله من دعوةِ المظلوم لأنَّ المظلومَ يا أحباب دعاؤُهُ مستجاب بإذن الله تعالى فتجنَّبوا دعوةَ المظلوم يعني إيّاكم والظلم، يعني اتَّقوا الظّلمَ، الظُّلمُ ظلماتٌ يومَ القيامة. وردَ في الحديث القدسيّ بأنَّ الله تعالى يقولُ للمظلوم: “لأنصرنَّكَ ولو بعد حين” الله أكبر، لذلك الواحد منا يتَّقي الظّلم، يتجنَّب الظلم.
وروى الطَّبرانيُّ وأحمد وابنُ حبّان وغيرُهم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّه قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلَّم إذا أرادَ أن يخرجَ في سفرٍ قال: “اللهمَّ أنتَ الصَّاحبُ في السَّفر والخليفةُ في الأهل، اللَّهمَّ إنّي أعوذُ من الضَّبنَةِ في السَّفر والكآبة في المنقَلَب، اللَّهمَّ اقبض لنا الأرض وهوّن علينا السفر”. ومعنى قولِه “اللَّهم إنّي أعوذُ بك منَ الضَّبنةِ في السفر” يعني الزَّمانة، هذا المرض الذي يكسر، يعني مثل الفالج، يعني المرض الذي نسميه نحن بينعطب فيه الإنسان ويُقعدُهُ المرض، هذا هو هذا معناه. لكن أذكر لكم قصّة سبحان الله فيها عبرة أنَّ الواحدَ إذا نزل عليه البلاء ليقل الحمد لله الذي دفعَ ما هو أعظم. كان في واحد هو وولدُه مسافرَينِ، هذا الرجل كانَ على حكمةٍ، عنده حكمة، وولدُه أكيد هذا يتعلَّم من أبيهِ أمورًا، فالحاصل في السَّفر أصيب الولد بشيء فقال الأب: “الحمد لله الذي دفعَ ما هو أعظم” ثمَّ بعد مدة من السَّفر أصيب الوالد فقال: “الحمد لله الذي دفع ما هو أعظم” ثمَّ بعد وقت أُصيبت الدّابة فقال: “الحمد لله الذي دفعَ ما هو أعظم”. فبعد مدة تعرَّضَ لهم قطّاع الطرق وأخذوا لهم المال، فقال الأب: “الحمد لله الذي دفع ما هو أعظم”، فقال له الولد: “يا أبي أيّ شيء أعظم” أنا والدابة وأنت والمال، فسكتَ الأب. فلمّا وصلا المدينة التي كانت يتوجَّهونَ إليها فوجدوا المكان قد خُسِفَ بهذه المدينة، انشقَّت الأرض وبلعت ما عليها، فقال له: “رأيتَ ما هو أعظم؟” سبحان الله، معناه الشيء الذي حصلَ وأخَّرَهم كانَ سببًا أن لا يحصل فيهم الخسف، هذا يعني تبلع الأرض ما عليها. لذلك الإنسان يا أحباب، يدعو الله أن لا يصيبَه الزَّمانة، المرض الذي يكسِر. “اللَّهم اقبض لنا الأرض” ومعنى قوله: “اللَّهم اقبض لنا الأرض” يعني يا ربّ يسِّر لنا السفرَ فيها أو عليها لأنَّ بعض الناس تُطوى لهم الأرض، يعني الله يجعل الأرض عليهم يسيرًا السير عليها فيسهل عليهم السفر.
باب ما يقول إذا خرجَ من بيته، ليس شرطًا للسَّفر.
روى أبو داودَ والترميذي والنسائي وابنُ ماجة عن أمِّ سلمةَ رضي الله عنها أنَّ النبي صلّى لله عليه وسلم كانَ إذا خرجَ من بيته قال: “بسم الله توكَّلتُ على الله اللَّهم إنّي أعوذُ بكَ من أن أضِلَّ أو أُضَل أو أزِلَّ أو أُزَل أو أظلِمَ أو أُظلَم أو أجهلَ أو يُجهلَ عليّ”. “أعوذ بالله من أن أضلَّ” يعني أن أكون على الضَّلالة، والضَّلالة المعاصي والكفر. “أو أُضَل” يعني غيري يُضلُّني. قال: “أو أَزِلَّ” الزَّلل هنا يعني الوقوع في المعصية. “أو أُزَل” يعني أن يجرَّني غيري إلى الزَّلل. “أو أَظلمَ” غيري أقع في الحرام. “أو أُظلَم” غيري يظلمُني. “أو أجهلَ أو يُجهلَ عليّ” هذه الاستعاذة عظيمةُ النَّفع قولوها عند الخروجِ من البيت.
وروى أبو داوود والتِّرميذي والنَّسائيُّ وغيرُهما عن أنسٍ رضي الله عنه أنهَّ قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلَّم: “من قال -يعني إذا خرجَ من بيته- بسم الله توكَّلتُ على الله لا حولَ ولا قوَّةَ إلا بالله يقال له -يعني الملك يقول له- كُفيتَ ووقيت وهُديت وتنحى عنه الشيطان”. الله أكبر، إذا قلتَ هذه الكلمات يبتعد عنك الشَّيطان، “تنحّى” مالَ عنه. فالذي يقول هذا، الملَك يقول لهذا الانسان الذي قال هذا الورد حين خرجَ من البيت، يقول له: “كفيت ووقيت” يعني الله حفظك سبحان الله.
وروى مسلمٌ في صحيحِه عن جابرِ بنِ عبد الله رضيَ الله عنه أنَّه قال: “سمعتُ رسولَ الله صلّى الله عليه وسلَّم يقول: “إذا دخلَ الرجلُ بيتَه فذكرَ الله تعالى عندَ دخولِه” أول ما تدخل البيت قل بسم الله وعندَ إغلاقِ البيت قل بسم الله. قال عليه الصلاة والسلام: “وعندَ طعامِه -إذا وُضِعَ لك الطعام قل بسم الله- قال الشيطانُ لا مبيتَ لكم ولا عشاء” يعني لا يبيتون عندكَ في البيت ولا يأكلون من هذا الطَّعام الذي وضع وذكرتَ الله عنده. قال: “وإذا دخلَ -يعني الرجل إلى بيته- فلم يذكرِ الله تعالى عندَ دخوله وعندَ إغلاق الباب قال الشيطان أدركتُم المبيت” لأعوانه يقول، يعني سيبيتون عندك “وإذا لم يذكر الله تعالى عند طعامه قال -أي الشيطان- أدركتم المبيت والعشاء” أعوذ بالله، يعني يبيتون عندك ويأكلون. فانتبهوا أحبابي إلى هذا، مع قلَّته كثير من الناس، يعني مع قلَّته في الوقت، ولا يأخذ شيئًا من العافية بل فيه ثوابٌ عظيم وفيه هذا الحفظ يتركونَ هذا. فهذه يا أحباب فائدة عظيمة علّموها أحبابكم.
بابُ ما يقول عند الوداع، يعني عندما تريد سفرًا ماذا تقول عندما تودّع الناس.
روى البيهقيُّ عن أنسٍ رضي الله عنه أنَّه قال: جاءَ رجلٌ إلى النبي صلّى الله عليه وسلَّم فقال: “يا رسول الله إنّي أريد سفرًا فزوّدني” الله الله هذه عادة طيبة وكان كثير من أحباب الشيخ إذا جاؤوه قالوا: “أوصينا يا شيخنا زوّدنا” هذا النبي فعلَه صلّى الله عليه وسلَّم. هذا الصحابي جاءه فسأله قال له: “زوَّدَكَ الله التقوى” دعا له بالتَّقوى. وكان أحد المشايخ الطيبين يوصي أحبابَه إذا أرادوا السَّفر، يقول له: “لا تكثر من الطعام ولا تكثر النَّظر إلى مالِ غيرِك واحفظ بصرَكَ وفرجَكَ ولسانَكَ” هذه وصيةٌ عظيمة، لأنَّ أكثر المعاصي يا أحباب سببها اللسان والفرج. أما العين لأنَّها ترى فتجر أحيانًا إلى الحرام، لذلك كان يوصي بهذا. أمّا التَّقليل من الطعام، لأنَّه في السَّفر الإنسان منّا لا يُكثرُ التنعم كما في الحضر، لكن يأكل ما يحتاجه بدنه ليقومَ البدن. هذا الصَّحابي بعد أن دعا له الرسول عليه الصَّلاة والسلام وقال له: “زودك الله التقوى” قال: “زدني” يعني طلبَ منه الزّيادة، قال: “وغفر لك ذنبك” قال: “زدني بأبي أنت وأمي” يعني أفديك بأبي وأمي يا رسول الله، قال: “ويسَّرَ لك الخيرَ حيثما كنت”. الله الله، يعني دعا له بشيء عام.
وروى الترمذي والحاكم وغيرُهما عن أنس بنِ مالك رضي الله عنه أنَّ رجلًا أتى النبيَّ صلّى الله عليه وسلَّم فقال: “إنّي أريدُ سفرًا فأوصني” فأخذ النَّبي صلّى الله عليه وسلَّم بيده يعني بيد هذا الصحابي فقال له: “في حفظِ الله وفي كنفه” الكنَف الستر، يعني حفظك الله وسترك هذا معناه سبحان الله. السِّترُ هو الكنف. “زوَّدَكّ الله التقوى وغفرَ ذنبك ووجَّهَكَ في الخير حيثما كنت أو أينما كنت” يعني هذا الشك، شَكَّ سعيدٌ يعني الصحابي الذي يروي في أيّتهما قال، يعني قال حيثما كنت أو أينما كنت.
روى الترميذي وأحمد وغيرهما أنَّ عبد الله بنَ عمر رضي الله عنهما كان إذا رأى الرَّجل وهو يريدُ السفر قال له: “ادنُ منّي حتى أودِّعَكَ كما كان رسولُ الله صلّى الله عليه وسلَّم يودعنا” يعني سيدنا عمر يعمل مع المسافر ما يعملُ الرسول كان معه ومع من يسافر من الصحابة. وكان سيدنا عبد الله ابن عمر رضي الله عنه إذا أراد أن يودِّعَ إنسانًا يقول له: “ادنُ منّي حتى أودِّعَكَ كما كان رسول الله صلّى الله عليه وسلَّم يودِّعُنا” فيقول: “أستودعُ الله دينَكَ وأمانتَك وخواتيمَ عملك”. “أستودع الله” يعني أطلبُ من الله أن يحفظَ دينك، “أستودعُ الله دينك” أطلبُ من الله أن يحفظَ دينك وهذا الأعظم والأهمّ. “وأمانتَك” هنا الأمانة يحتمل أن تكونَ الدّين ويحتمل أن تكون العقيدة ويحتمل أن يكون ما معه من الأمانات، كلُّ هذا يحتمل، لكن بعض العلماء قالوا: “أمانتك” أي دينك وعقيدتك. يا سلام، يعني ثبَّتك الله على الإسلام على عقيدة الأنبياء والملائكة. “وخواتيمَ عملك” ختمَ الله لك على الحسنى على الإسلام.
وروى النَّسائي وأحمد والطَّبراني أنَّ أبا هريرةَ رضيَ الله عنه أرادَ أن يودِّعَ رجلًا فقال: “ألا أعلِّمُكَ يا ابنَ أخي ما علَّمَنيه رسولُ الله صلّى الله عليه وسلَّم أنَّه قال: “قل أستودعُكَ الله الذي لا تضيعُ ودائعُه“. ويا أحباب، إنَّ الله إذا استودِعَ أمرًا فإنَّه يحفظُهُ بإذن الله عزَّ وجلَّ. وليس شرطًا أن تضَعَ يدَكَ على الشيء الذي تستودعُهُ، وإنَّما يكفي أن تكون عندَه وتقول: “اللَّهم إنّي أستودعك هذا المنزلَ مثلًا أو هذا المنزل ومن فيه وما فيه أو إنَّي أستودعُكَ أخي هذا” ونحو ذلك.
بابُ ما يقال إذا رأى قريةً أو مكانًا وأرادَ النزولَ فيها
روى النسائيُّ والبيهقيُّ والحاكم عن صهيب رضي الله عنه أنَّ النبي صلّى الله عليه وسلَّم لم يرَ قريةً يريدُ دخولَها إلا قال حين يراها: “اللهم ربَّ السموات السبع وما أظللن”. السموات السبع، سماءٌ منفصلة عن سماء، “وما أظللن” يعني وما تحتهن. “وربّ الأرضين السبع و ما أقللن” الأرضون هي سبعة. هذه الأرض التي نحن عليها وتحتها منفصل عنها ستٌّ أخرى، سبعُ أراضٍ. “وما أقللن” يعني وما كان عليها، وما كان على الأرض. “وربَّ الشياطينِ وما أضللن” الله ربُّ الكفار ربّ الشياطين وربُّ المسلمين، الله رب كل شيء. وهنا أنبّه من عبارةٍ والعياذ بالله فيها خروج من الإسلام، يقولون عن شخص مثلًا لو كان كافرًا يقولون: “هذا لا ربَّ له” أعوذ بالله، الله ربُّ كلِّ شيء، الله ربُّ العالمين. احفظوا لسانَكم، احفظوا ألسنتكم، هذا اللِّسان يؤدي إلى المهالك، الله يسلمني وإيّاكم. وكان يقولُ عليه الصّلاة والسلام: “وربَّ الرياح وما ذَرين” الرياح هي مخلوقة لله، “وما ذرين” أي وما تحمل. أحيانًا الريحُ تحمل الخير وأحيانًا يكونُ فيها العذاب لذلك نُهينا عن سبِّ الريح. قال عليه الصَّلاة والسَّلام: “لا تَسُبّوا الريح فإنَّها مأمورة“. الله يسيرُ الريحَ، إما أن تأتي بالنعمة أو بالنقمة. لكن انتبهوا واحذروا من هذا الحديث المكذوب الذي يُفترى وفيه والعياذ بالله ضلال خروج من الإسلام، يقولون إنَّ الله قال: “لا تسبوا الريح فإنّي أنا الريح” هذا مُخرجٌ من الإسلام لأنَّ الله لا يُسمّى الريح، لا نسمي الله إلّا بما جاءَ في الشرع، إلا بما أطلقَهُ الله على نفسه، إلّا بما أطلقه رسول الله عليه، إلّا بما أجمعت الأمَّة أنَّه يطلقُ ويُضافُ إلى الله. “ونعوذُ بك من شرِّها -شر هذه القرية- وشرِّ ما فيها” هكذا كانَ النبيُّ صلّى الله عليه وسلَّم إذا أرادَ الدخول إلى قريةٍ يقول.
وروى النَّسائيُّ وابنُ ماجة وأحمد والبيهقيُّ والطبرانيُّ وغيرُهم عن خولةَ بنت حكيم رضي الله عنها أنَّها قالت: سمعتُ النبيَّ صلّى الله عليه وسلَّم يقول: “إذا نزلَ أحدُكم منزل -كان في سفر و نزلت في مكان- فليقل أعوذ بكلمات الله التامات -تمدّونها ستَّ حركات- من شرِّ ما خلق فإنَّه لا يضرُّهُ شيءٌ حتى يرتحلَ منه” يعني حتى يرتحلَ عن هذا المكان فقولوا هذا حتى لو لم تكن في سفر عوِّد نفسَك على هذا التعوذ أعوذ بكلمات الله التّامات من شرِّ ما خلق.
بابُ ما يقولُ المسافر إذا رجعَ من سفرِه
قلنا إذا سافر أو دخلَ قريةً، الآن إذا رجعَ من السَّفر ماذا يقول.
روى الطبرانيُّ عن البراء ابن عازب رضي الله عنه أنَّه قال: كانَ رسولُ الله صلّى الله عليه وسلَّم إذا قفلَ من سفر، أي إذا عاد من سفر إذا رجع، قال: “آيبون تائبون عابدون لربِّنا حامدون“. ومعنى يا أحبابي “آيبون “ ءاب رجعَ، الأوّاب هو التائب، آيبون يعني راجعون، يعني تائبون نتوب إلى الله ونعبده ونحمَدُه.
وروى الطَّبرانيُّ والحاكم وغيُرهما عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّه قال: كان رسولُ الله صلّى الله عليه و سلَّم إذا قدمَ من سفرٍ فرأى أهلَهُ، والأهل يشمَل الزوجة والأولاد ونحوَهم، قال: “توبًا أوبًا وإلى ربنا أوبًا لا يغادِرُ علينا حوبا”. “توبًا أوبًا” ما معناه؟ يعني رجوعًا إلى الله، رجعتُ إلى الله تبارك وتعالى. “أوبًا لا يغادرُ علينا حوبًا” يعني لا يعودُ الواحدُ منّا بعد أن تابَ، لا يعودُ إلى اكتساب الحَوب الذي هو المعصية، يعني تبتُ إلى الله وأسألُه أن لا يعودَ الواحدُ منّا إلى الذَّنب هذا معناه، هذا معنى “أوبًا لا يغادرُ علينا حوبًا”.
بابُ ما يقول إذا بدا له الفجرُ وهو في سفر
روى البيهقيُّ في الدَّعوات والحاكمُ في المستدرك عن أبي هريرةَ رضيَ الله عنه أنَّه قال: كانَ رسولُ الله صلّى الله عليه وسلَّم إذا كانَ في سفر فبدا له الفجر قال: “سمعَ سامعٌ بحمد الله ونعمتِه وحُسنِ بلائه علينا ربَّنا صاحبنا” ما معنى صاحبنا؟ احفظنا كما ذكرتُ لكم. الله تعالى لا يحلُّ في المكان ولا يقال عنه صديق. “ربَّنا صاحبنا فأفضل علينا” والله تعالى أفضاله علينا أي نعمُهُ علينا كثيرة. “عائذًا بالله من النار” يعني أنا مستجيرٌ بالله من النار، يقولُ ذلك ثلاثَ مرات و يرفعُ بها صوتَه. وعندَ مسلم وأبي داوود إذا كان في سفر وأسحرَ، ما معنى وأسحرَ؟ أي صارَ وقت السحر، أسحرْنا أي صرنا في السحر، والسحر ءاخر اللَّيل، وهذا وقتُ صفاءِ الروح، وقتُ الدعاء، وقتُ اللجوء إلى الله، الوقتُ الذي ينزلُ فيه الملك وينادي: “هل من داع فيستجيبَ الله له هل من مستغفر فيستغفر الله له” ليس الله هو بذاته يكونُ في علو فينزل إلى السماء الدنيا كما فهمَ المجسمة والمشبهة حديث النبي على ظاهره والعياذ بالله، توهَّموا ما ليس موافقًا لدينِ الله تبارك وتعالى واعتقدوا ما لا يليقُ بالله، فإنَّ الله تعالى يأمرُ الملَك فينادي: “هل من داع فيسجيب الله له هل من مستغفر فيغفر الله له”.
اللَّهم اغفر لنا. اللهم ارحمنا. اللهم وفِّقنا لما تحبُّ وترضى. والسَّلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته.