بسم الله الرحمن الرحيـم
الحمد لله ربّ العالمين وصلى على سيدنا محمد
وعلى ءاله وصحبه الطيبين الطاهرين.
سنكمل إن شاء الله تعالى في تفسير سورة الذاريات أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ} هل أتاك يعني أتاك هؤلاء ملائكة أتوا إلى سيدنا إبراهيم ولكنهم أتوا متشكلين الملائكة ليسوا ذكورًا ولا إناثًا لا يأكلون ولا يشربون لا يتناكحون لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون قد يتشكل الملك بصورة رجل ولكن بغير ءالة الذكورة أتى هؤلاء الملائكة إلى سيدنا إبراهيم متشكلين في البداية ما عرفهم ما عرف أنهم ملائكة سيدنا إبراهيم كسائر النبياء يكرمون الضيف فقال الله عزّ وجلّ {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ} نعم هم ملائكة مكرمون عند الله وكذلك إبراهيم عليه الصلاة والسلام أسرع إلى إكرامهم لأنه ظنهم من البشر
{إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلامًا} دخلو على إبراهيم فقالوا سلاما {قَالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ} هو رد عليهم السلام ولكن قال لهم أنتم قوم منكرون أي انتم لا أعرفكم معناه عرفوني بأنفسكم {فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاء بِعِجْلٍ سَمِينٍ} ماذا فعل سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام لأنه كما ذكرنا أراد أن يكرمهم لأنه ظنهم من الإنس فذهب ليحضر الطعام فراغ إلى أهله من غير أن يشعر ضيوفه لأنه من أدب وكرم المضيف أن يخفي عن ضيفه ما يريد أن يجهزه له كي لا يكفه الضيف عن ذلك لذلك سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام ذهب في خيفة ليحضر ما يكرم به ضيفه { فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاء بِعِجْلٍ سَمِينٍ } طبخ لهم عجلا سمينًا وأتى به لكي يأكلوا {فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلا تَأْكُلُونَ} قرب العجل إليهم فوجدهم لا يأكلون كما قلنا الملائكة لا يأكلون وهو لا زال لا يعلم انهم ملائكة قال ألا تأكلون تعجب من العادة إذا دخل عليك ضيف عليك لا سيما إن كان مسافرًا يأكل من طعامك إذا لم يأكل من الطعام كانوا يحذرونه إذا أكل من طعامهم يأمنونه إن لم يأكل يتعجب منه فلذلك سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام ألا تأكلون من العادة ان يأكل الضيف {فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً} أي اخف منهم خيفة لأنه كما قلنا إذا أكل الضيف طعامك أمنته هكذا كانت عادتهم أما إذا دخل عليك وأنت هيأت الطعام ولم يأكل هذا كان لا يأمنونه عندما رأى الملائكة ذلك من إبراهيم عليه الصلاة والسلام{قَالُوا لا تَخَفْ} قالوا له لا تخف نحن ملائكة نحن أرسلنا الله إليك {وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ } بشروه أنه سيولد له غلام يبلغ ويصير عليمًا بغلام عليم وهو إسحاق عليه الصلاة والسلام من سمع ذلك سمعت زوجته بذلك{ فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ} فأقبلت امرأته أقبلت زوجة إبراهيم متعجبة في صرة أي في صيحة صاحت ارتفع صوتها فصكت وجهها ضرب بأطراف أصابعها جبهتها كما يفعل المتعجب إن سمع شيئًا تعجب منه أو رأى شيئًا تعجب منه فهي أقبلت وكانت تتكلم ومتعجبة من أنه سيولد لها ولد وكانت كبيرة السن وضربت بأطراف أصابعها جبهتها فعلت فعل المتعجب فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم أي أنا عجوز عقيم لا ألد قالت ذلك متعجبة { قَالُوا كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكِ} هكذا قال ربّك وهذا ما أراده الله سبحانه وتعالى والله لا يعجزه شىء {إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ} هو سبحانه وتعالى الحكيم في فعله والعليم بكل شىء وهو القادر على كل شىء بعد ذلك بعد هذه البشارة سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام سأل الملائكة {قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ} معناه إبراهيم عليه الصلاة عليه السلام يسألوهم أنتم أتيتم فقط لأجل البشارة لتبشروني بإسحاق أم هنا أمر آخر {قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ} قالوا إنّا أُرسلنا لإنزال عقابًا بقوم مجرمين من هم هؤلاء هم قوم لوط عليه الصلاة والسلام
{لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن طِينٍ} أي لنرسل على هؤلاء القوم حجارة من طين وصف الله عزّ وجلّ هذه الحجارة فقال{مُسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ} ما معنى مسمومة كان على كل واحد من هذه الحجارة مكتوب ماذا مكتوب اسم الذي يهلك بها الذي يُصاب بها نسأل الله السلامة {فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} أي أخرجنا من كان في هذه القرية من المؤمنين كم وجد الملائكة فيها من المؤمنين {فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ الْمُسْلِمِينَ} لم يجدو إلا بيتًا واحدًا كما قال عزّ وجلّ: { فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ الْمُسْلِمِينَ } الله لا يخفى عليه شىء الله عالم بكل شىء الملائكة عندما ذهبوا ما وجدوا فيها إلا بيتًا واحدًا من المسلمين كما قال الله عزّ وجلّ {فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ الْمُسْلِمِينَ} وهو بيت لوط عليه الصلاة والسلام {وَتَرَكْنَا فِيهَا ءايَةً لِّلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الأَلِيمَ} ترك في هذه القرية أو في القرى ءاية أو علامة تذكر بمن رءاها بما حلّ بهؤلاء القوم المجرمين الكافرين ءاية للذين يخافون العذاب الأليم.
نسأل الله عزّ وجلّ أن يحفظنا جميعًا من الكفر نسأل الله عزّ وجلّ أن يثبتنا على الإيمان والله سبحانه وتعالى أعلم وأحكم.