الشيخ رمزي شاتيلا
تفسير سورة الضُّحى
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم الحمد لله ربّ العالمين وصلَّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصَحبه الطّيبين الطّاهرين سنتكلم إن شاء الله تعالى في تفسير سورة الضُّحى
أعوذُ بالله من الشَّيطان الرَّجيم بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
﴿وَالضُّحَى﴾ أقسَمَ الله عزَّ وجلّ بالضُحى، والضُّحى هو ضوءُ النَّهار ومن العُلَماء من قال هو صَدرُ النَّهار.
وأقسَم الله عزَّ وجلَّ باللَّيل فقال سُبحانَه وتعالى ﴿وَاللَّيلِ إِذَا سَجَى﴾ أي إذا أَظلَم.
وجوابُ هذا القَّسم هو قولُ الله عزَّ وجلّ ﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾ أي يا محمَّد ما تركَكَ رَبُّك وما كَرِهَك. وسببُ نزولِ هذه السورة أنهُ انقطعَ الوَحيُ عن رسول الله صلَّى الله عليهِ وسلَّم مُدةً من الزَّمَن فقالَ بعضُ المشركين والعِياذُ بالله إن محمدًا ودَّعَه رَبُّه وقَلاه أي كَرِهه.
فأنزل الله عزَّ وجلّ هذه السورة ﴿ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾ أي ما تركك وما كرهك.
ثم قال الله عزَّ وجلّ ﴿وَلَلآخِرَةُ خَيرٌ لَكَ مِنَ الأُولَى﴾ أي خيرٌ لك من الدُّنيا لأن الذي أعدَّه الله تعالى لحبيبه محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم في الآخرة خيرٌ من الدنيا.
﴿وَلَسَوفَ يُعطِيكَ رَبُّكَ فَتَرضَى﴾ أي سيعطيك الله في الآخرةِ من الخيرات عطاءً جزيلًا فترضى بما طُعطاه.
ثم قال الله عزَّ وجلّ ﴿أَلَم يَجِدكَ يَتِيمًا فَآوَى﴾ أي ألم يَعلَم الله من حالِك يا محمَّد أنَّك صِرتَ يتيمًا بفَقدِ أبيكَ قبلَ أُمّك فآواك بأن جَعَلَ لك مأوى إذ ضَمَّك إلى عَمّكَ أبي طالِب فكفاك المؤنة.
﴿وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى﴾ أي لم تكُن تدري القُرءان وتفاصيل الشرائع فهداك الله أي أرشدك إلى معرفة القرءان وشرائع الإسلام وقد قال الله عزَّ وجلّ ﴿مَا كُنتَ تَدرِي مَا الكِتَابُ وَلَا الإِيمَانُ﴾ معناه ما كنت تعلم القرءان ولا تفاصيل الإيمان فالرسول صلى الله عليه وسلم قبل نزول الوحي عليه كان مؤمنًا بالله موحدًا لله سُبحانه وتعالى فإنَّ أنبياء الله عزَّ وجلّ قد عَصَمَهم الله عزَّ وجلّ من الكُفر قبل نزولِ الوَحي وبعد نُزول الوَحي عليهم. ومن العلماء من قالَ في تفسيرِ هذه الآية إنَّه صلَّى الله عليهِ وسلَّم ضَلَّ وهو صغيرٌ فيِ شِعابِ مكَّة فردَّه الله إلى جدّه عبدِ المطلب.
﴿وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغنَى﴾ عائِلًا أي فقيرًا فأغناهُ الله عزَّ وجلّ.
ثم قال الله عزَّ وجلَّ ﴿فَأَمَّا اليَتِيمَ فَلَا تَقهَر﴾ اليتيم هو الذي مات أبوه وهو دون البلوغ ومعنى لا تَقهر أي لا تحقِره ولا تغلِبه على ماله لِضَعفه.
﴿وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنهَر﴾ أي لا تزجره إما أن تعطيه وإما أن ترده ردًا جميلًا.
﴿وَأَمَّا بِنِعمَةِ رَبّكَ فَحَدّث﴾ معناه بُثَّ القُرءان وبلّغ ما أُرسلت به يا محمَّد فالمرادُ بالنّعمة النبوة والمرادُ بالتحدث بها تبليغها والله أعلم وأحكم.